علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
الأحاديث القدسيّة
علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
مذاهب العلماء في حذف بعض الحديث ورواية باقيه
المؤلف:
أبو الحسن علي بن عبد الله الأردبيلي التبريزي
المصدر:
الكافي في علوم الحديث
الجزء والصفحة:
ص 592 ــ 597
2025-08-03
55
[[مذاهب العلماء في حذف بعض الحديث ورواية باقيه]]
السادس: اختلف في حذف بعض الحديث، ورواية باقيه، فمنهم من منع مطلقًا، بناءً على امتناع النقل بالمعنى.
ومنهم من منع تجويزه مع تجويزه النقل بالمعنى (1)، إذا هو قد رواه مرّة على التمام، ولم يعلم أنّ غيره رواه على التمام.
ومنهم من جوّز ذلك مطلقًا، ولم يُفصِّل (2).
[[الصحيح من ذلك]]
والصحيح التفصيل، وهو أنّه إن كان عارفًا بما تركه، غير متعلّق بما رواه، بحيث لا تختلف الدلالة، ولا يختل البيان فيما نقله بحذف الباقي يجوز، وإن قلنا بعدم جواز الرواية بالمعنى؛ لأنّ المرويّ والمحذوف حينئذٍ كخبرين منفصلين (3).
ولا فرق بين أن يكون رواه قبل ذلك على التمام أو لم يروه (4).
هذا إذا كان الراوي [رفيع] (5) القدر لا يتّهم.
[[حالات المنع]]
وأمّا من روى حديثًا على التمام، فخاف إن رواه ثانيًا أن يتّهم بزيادة فيما رواه أو بنقصان، أو بنسيان وسهو لقلّة ضبطه، وكثرة غلطه، فلا يجوز له النقصان (6).
وكذا إن اختلَّ معنى الباقي بسبب الحذف كما إذا ترك الاستثناء في قوله ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ: "لا تبيعوا البرّ بالبرّ..." (7) الحديث، والغاية في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تبيعوا الثمار..." (8)، فإنّه لا يجوز قطعًا.
[[تقطيع الحديث وتفريقه على الأبواب]]
وأمّا تقطيع المصنّف الحديث وتفريقه على أبواب الاحتجاج فهو إلى الجواز أقرب، وقد فعله مالك (9)، والبخاريّ (10)، وغير واحد من أئمّة الحديث (11).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قال الغزالي في "المستصفى" (1/ 168): "رواية بعض الخبر تمنع عند أكثر من منع نقل الحديث بالمعنى، ومن جوّزه شرط هنا أن يرويه مرّة بتمامه، ولم يتعلّق المذكور بالمتروك تعلّقًا يغيّر معناه، فأمّا إذا عُلِّقَ به كشرط العبادة، أو ركنها، فنقل البعض تحريف وتلبيس".
وتعجبني عبارة ابن الحاجب في "مختصره" (2/ 72): "حذف بعض الخبر جائز عند الأكثرين إلّا في الغاية والاستثناء ونحوه".
(2) هكذا صنع ابن الصلاح ومن تبعه، كالمصنّف، وقبله: النووي في "الإرشاد" (1/ 468) وشيخه ابن جماعة في "المنهل الروي" (100) وفيه إشكال فإنّه يقتضي أنّ قولاً للعلماء بجوازه مطلقًا، وبالمنع مطلقًا، حتّى لا يترك الاستثناء والشرط والغاية وهذا لا يقوله أحد، وإنّما يحمل التفصيل على جملة حالاته، ويتقيّد القولان بما إذا لم يكن المحذوف متعلّقًا بالمروي، ولذا قال مسلم في "مقدّمة صحيحه" (1/ 49): "أو أن يفصل ذلك المعنى من جملة الحديث على اختصاره إذا أمكن"، أفاده الزركشي في "نكته" (3/ 612)، والجواز متعيّن لا سيما مع الشكّ، وكان مالك يفعله كثيرًا، بل كان يقطع إسناد الحديث إذا شكّ في وصله، ولذا النقصان من الحديث أحسن من الزيادة فيه، وأسند الخطيب في "الكفاية" (190) عن مجاهد قوله: "أنقص من الحديث، ولا تزد فيه". وممّن نقل عنه الجواز بشرطه غير مجاهد: ابن معين، كما في "الكفاية" (189)، وانظر: "محاسن الاصطلاح" (397)، "التبصرة والتذكرة" (2/ 171)، "فتح المغيث" (2/ 222).
(3) فعل هذا أبو داود السجستاني في "سننه"، قال في "رسالته إلى أهل مكّة" (24): "وربّما اختصرت الحديث الطويل؛ لأنّني لو كتبته بطوله، لم يعلم بعض من سمعه، ولا يفهم موضع الفقه منه، فاختصرته لذلك".
قال أبو عبيدة: مراده أن يكون الحديث طويلاً، وفيه عدّة أحكام، واستدلّ به لحكم وجه الدلالة على منزعه في التبويب منه خفية، فآثر الاقتصار عليه، ليزداد وضوحًا، وانظر لشرح هذه العبارة "الإيجاز شرح سنن أبي داود" للنووي، وتعليقي عليه، نشر الدار الأثريّة، الأردن. فلاحظ أنّ تعلّق أبي داود بالجواز هو عين حجّة من منع، ولذا كان الصواب التفصيل.
(4) اشترط روايته مرّة على التمام: الغزالي في "المستصفى" (1/ 168) وسبق نقلي لكلامه قريبًا.
(5) غير واضحة في الأصل، وأثبتها من "مقدّمة ابن الصلاح" (398 – ط: بنت الشاطئ).
(6) قال الغزالي في "المستصفى" (1/ 168): "أمّا إذا روى الحديث مرّة تامًّا، ومرّة ناقصًا نقصانًا لا يضر فجائز، بشرط ألّا يتطرّق إليه سوء الظن بالتهمة، فإن علم أنّه متّهم باضطراب النقل وجب الاحتراز منه".
وانظر: "نكت الزركشي" (3/ 614)، "فتح المغيث" (2/ 224)، "المنهل الروي" (100).
(7) لعلّه يريد حديث عمر بن الخطاب رفعه: "البر بالبر ربا إلّا هاءً وهاءً...".
أخرجه البخاري (2134، 2170، 2174) ومسلم (1586).
(8) أخرج مسلم (1538) عن أبي هريرة رفعه: "لا تبتاعوا الثمار حتّى يبدو صلاحها".
(9) قال يعقوب بن شيبة: "كان مالك لا يرى أن يختصر الحديث إذا كان عن رسول الله ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ". كذا في "الكفاية (225)، قلت: ولكنّه واقع في "موطئه" كما قال المصنّف، والأمثلة عليه كثيرة، من أشهرها حديث جعفر بن محمد في الحج؛ فإنّه قطعه في مواضع منه، فذكره في (باب القران في الجج: 246) و(باب قطع التلبية: 247) و(باب الرحل في الطواف: 263) و(باب البدء بالصفا في السعي: 267 - 268) و(باب ما استيسر من الهدي: 274) و(باب العمل في النحر: 278).
والأمثلة على ذلك كثيرة، ذكر منها. ابن عبد البر في "الاستذكار" (26/ 282 - 283 – ط: قلعجي) مثالا آخر، وقال: "فإنّ مالكًا ربّما اختصر الحديث، وربّما جاء به بتمامه". والذي كان يكثر منه مالك ويفعله تورّعًا: حذف زيادة مشكوك فيها، بل كان يقطع إسناد الحديث إذا شكّ في وصله. ونقله عبد الغني بن سعيد في "أدب المحدّث" عن إسماعيل ابن عليّة. ومحل حذف الزيادة المشكوك فيها، زيادة لا تعلق للمذكور بها، فإن تعلّق ذكرها مع الشك ليعلم. مثاله: ما في "الموطأ" "البيوع: باب ما جاء في بيع العرية 620) من قول داود بن الحصين في حديث: "الرخصة في العرايا في خمسة أوسق أو دون خمسة أوسق" فشكّ، ولكن لمّا كان المشكوك فيه ممّا لا يسوغ حذفه، ذكره على الشكّ. ففعل مالك في الاختصار والتقطيع ينبغي أن يسلم له فيه؛ لأنّه إنّما فعله لقصد صحيح، يظهر رجحانه، والمنع في غير ذلك، وهذا عندي أحسن ممّا ذهب إليه السخاوي في "فتح المغيث" (2/ 225) في التوفيق بين صنيعه وقول يعقوب بن شيبة السابق: "إلا أن يفرّق بين الرواية والتأليف"! فتأمّل.
وينظر في هذا: "نكت الزركشي" (3/ 618) - ونقل فيه عن "أدب المحدّث" للحافظ عبد الغني قوله عن صنيع مالك في تقطيع حديث جعفر بن محمد في الحج: فصله في مواضع وترك منه أكثره، فلم يذكره، وذكر منه فصلاً آخر خارج "الموطأ"- "محاسن الاصطلاح" (399)، والمسألة تحتاج إلى تتبّع ومعرفة منهج مالك في ذلك، واقتصر د. مشعل الحدادي في كتابه "الإمام مالك وأثره في علم الحديث النبوي" (449 - 450) على ذكر كلام ابن الصلاح والنووي والسيوطي في "التقريب" و"التدريب" (2/ 99)!
(10) اشتهر هذا من صنيع البخاري في "صحيحه" وأهمل السخاوي التنبيه عليه في "عمدة القاري والسامع"! وذكر ابن حجر في "الفتح" (1/ 78 – ط: بولاق) تحت (باب كفران العشير وكفر دون كفر): "إن البخاري يذهب إلى جواز تقطيع الحديث، إذا كان ما يفصله منه لا يتعلّق بما قبله ولا بما بعده تعلّقًا يفضي إلى فساد المعنى، فصنيعه كذلك يوهم من لا يحفظ الحديث أنّ المختصر غير التام، لا سيما إذا كان ابتداء المختصر من أثناء التّام". قال: "فمن أراد عدَّ الأحاديث التي اشتمل عليها الكتاب يظنّ أنّ هذا الحديث حديثان أو أكثر، لاختلاف الابتداء". قلت: انظر ما قدّمناه في التعليق على (ص 140) من ضرورة مراعاة ذلك في العدّ، وسبق هناك بيان وقوع ذلك في "صحيح مسلم" في مواطن منه، وخطأ ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي، ولذا فالاعتماد في تخريج أحاديث "الصحيحين" على أرقام الأحاديث ليس بجيّد، ولا حسن، وللترقيم اعتبارات عديدة، وقارنه – لزامًا - بعبث محقّق "إعلام الموقّعين" في هذا (ص 10 – ط: طيبة) وانتقاده لي في ذكري الكتاب والباب في تخريج أحاديث "الصحيحين" مع كذبه الصراح عليَّ في زعمه أنّ الذي خرّج أحاديثه غيري! فسبحان الله ما أشدَّ جهله! وهكذا شأن الباطل، فإنّ كذبه وتناقضه فيه، وهو واهٍ وميت، ولولا رعونة النفوس، وطيش العقول، وخفّة الدين، لما عبأ به أحد! وممّا ينبغي ذكره أنّ صنيع مسلم الغالب عليه في "صحيحه" عدم التقطيع والتكرار، وذكر هذا رشيد العطّار في مواطن من "غرر الفوائد المجموعة" انظرها في (234، 252، 293، 294، 316)، وينظر كتابي "منهج الإمام مسلم في صحيحه وأثره في علم الحديث" (2/ 531). بقي التنبيه على أنّ البخاري يقطّع الأحاديث في الأبواب تارة، أو يقتصر منه على بعضه أخرى، فالأولى؛ لأنّه إن كان المتن قصيرًا، أو مرتبطًا بعضه ببعض، وقد اشتمل على حكمين فصاعدًا، فإنَّهُ يعيده بحسب ذلك مراعيًا مع ذلك عدم إخلائه من فائدة حديثيّة، وهي إيراده عن شيخ سوى الشيخ الذي أخرجه عنه قبل ذلك، فيستفاد من ذلك تكثير الطرق لذلك الحديث، فإن كان المتن مشتملاً على جمل متعدّدة، لا تعلّق لإحداها بالأخرى، خرج كلّ جملة منها في باب مستقل، فرارًا من التطويل.
والثانية: وأمّا الاقتصار على بعض المتن مع عدم ذكر الباقي في موضع آخر، فقد يقع ذلك حيث يكون المحذوف موقوفًا على الصحابي، وفيه شيء قد يحكم برفعه، فيقتصر على الجملة التي يحكم لنا بالرفع، ويحذف الباقي؛ لأنّه لا تعلّق له بموضوع كتابه. انظر "هدي الساري" (15) "فتح الباري" (1/ 14) وعبارته: "وهو كثير جدًّا في "الجامع الصحيح" فلا يرتاب من يكون الحديث صناعته أنّ ذلك من تصرّفه؛ لأنّه عرف بالاستقراء من صنيعه"، (3/ 51 و4/ 189 – ط: بولاق) كلاهما لابن حجر، "فتح الباري" لابن رجب (2/ 104 - 105/ ط: الغرباء).
(11) فعله أحمد ونعيم بن حمّاد وأبو داود والنسائي، انظر: "الكفاية" (193 - 194)، "التبصرة والتذكرة" (2/ 173)، "تدريب الراوي" (2/ 105) وعبارته: "فقد فعله الأئمّة: مالك، والبخاري، وأبو داود، والنسائي، وغيرهم".
الاكثر قراءة في علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
