علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
الأحاديث القدسيّة
علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
فروع خاتمة للفصل
المؤلف:
أبو الحسن علي بن عبد الله الأردبيلي التبريزي
المصدر:
الكافي في علوم الحديث
الجزء والصفحة:
ص 543 ــ 572
2025-07-29
77
* [الاعتناء بضبط الملتبس من الأسماء]
الأول: ينبغي أن يكون اعتناؤه بضبط الملتبس من الأسماء؛ لأنّها لا تستدرك بما قبل وما بعد (1).
* [ضبط المشكل وطريقته]
الثاني: يستحب في الألفاظ المشكلة أن يضبطها في متن الكتاب، ثم يكتبها قبالة ذلك في الحاشية مفردة مضبوطة، فإنّ ذلك أبلغ في إبانتها.
مثلا: يكتب في "حنبش": ح ن ب ش.
* [شر الكتابة وأجودها]
ويحقّق الخط دون المشق (2) وتعليقه (3).
قال عمر بن الخطاب: "شر الكتابة المشق، وشر القراءة الهذرمة (4)، وأجود الخط أبينه" (5).
ويكره الخط الدقيق (6) إلّا من عذر، بأن لا يجد سعة في الورق، أو رحالا يحتاج إلى تخفيف حملها (7).
* [ضبط الأحرف المعجمة والمهملة]
وكما تضبط الحروف المعجمة بالنقط، ينبغي أن تضبط المهملة بعلامة الإهمال.
والناس فيه (8) مختلفون، منهم من يقلب النقط، فيجعل النقط التي فوق المعجمات تحت ما يشاكلها من المهملات (9)، فينقط تحت الدال، والراء، والصاد، ونحوها من المهملات التي لها مشاكل من المعجمات.
ومنهم من يجعل علامة الإهمال فوق الحروف المهملة كقلامة الظفر مضجعة على قفاه (10).
ومنهم من يجعل تحت كل مهمل حرفا صغيرا من جنسه، كالحاء الصغيرة تحت الحاء، وغير ذلك (11).
* [عدم الاصطلاح مع النفس بما لا يفهمه الغير]
الثالث: ينبغي ألّا يصطلح مع نفسه في كتابه بما لا يفهمه غيره، كفعل من يجمع في كتابه روايات، ويرمز إلى رواية كل راوٍ بحرف أو حرفين من اسمه (12)، فإن بيّن في أول الكتاب مراده فلا بأس به، والأولى أن يجتنب الرمز مطلقا (13).
* [الفصل بين كل حديثين أو كلامين وكيفيته]
الرابع: أن يجعل بين كل حديثين دارة تفصل بينهما (14)؛ اقتداء بالسلف (15)، واستحب الخطيب (16) أن تكون الدارة غفلا، فكل حديث يفرغ من عرضه ينقط في الدارة التي تليه نقطة. قال: "وقد كان بعض أهل العلم إنّما يعتد بالسماع، إذا كان كذلك" (17).
* [كراهة فصل المتضايفين ونحوهما]
الخامس: كلّ أسماء مشتملة على تعبيد (18) لله، كعبد الله، وعبد الرحمن، وعبد الرحيم يكره كتابة عبد في آخر السطر، واسم الله في أول سطر آخر.
وكذا يكره أن يكتب في قال رسول الله ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ رسول في آخر سطر، والله في أول سطر آخر (19).
* [آداب النسخ والكتابة]
السادس: ينبغي أن يحافظ على كتب الصلاة والتسليم على رسول الله ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ عند ذكره، لا يسأم من تكريره، ومن أغفل ذلك حرم حظا عظيما(20)، وما يكتبه من ذلك فهو دعاء لنبيه (21) لا كلام يرويه، فلا يتقيد بالرواية، ولا يقتصر فيه على ما في الأصل (22).
* [اتباع لفظ الجلالة بما يعظم به]
وهكذا في الثناء على ذكر الله عز وجل، نحو: سبحانه، أو تعالى، أو عز وجل، أو ما أشبه ذلك.
وإذا وجد شيئا من ذلك قد جاءت به الرواية كانت العناية بإثباته وضبطه أكثر.
* [التحذير من اختصار الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم -]
وليتجنب عن النقص في الكتاب بأن يرمز إلى ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ بمثل هذا "صلعم" (23)، وإلى الثناء على الله عز وجل بمثل "تع"، وعن النقص في أحد اللفظين من الصلاة والسلام.
* [الترضّي والترحّم على الأكابر]
قال الشيخ محيي الدين: "وكذا الترضي (24) والترحم على الصحابة والعلماء وسائر الأخيار"، فتثبته، ولا تنقص، ولا ترمز إليها (25).
* [المقابلة]
السابع: على الطالب أن يقابل كتابه بأصل سماعه (26)، وإن كان إجازة (27).
* [أفضل أنواعها]
وأفضل المقابلة أن يمسك الطالب بكتابه والشيخ كتابه حال السماع (28)، ويستحب أن ينظر معه من الحاضرين من لا نسخة معه، لا سيما إن أراد هو أيضا النقل من هذه النسخة.
[[أمور لا تشترط في المقابلة]]
ولا يشترط في صحة السماع نظر الشيخ في أصله، بل يصح السماع وإن لم ينظر أصلا في الكتاب حال القراءة، خلافا ليحيى بن معين ومن تابعه (29).
ولا يشترط أيضا أن يقابله بنفسه، بل تكفيه المقابلة بأصل الشيخ، وإن كان في غير حال القراءة، لكن إذا قابله من يوثق به بأصل الشيخ أو بفرع قوبل بأصله (30).
[[الرواية من الكتاب غير المقابل]]
وأمّا إذا لم يعارض كتابه أصلا، فقد أجاز الرواية منه الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني، وأبو بكر الإسماعيلي، والبرقاني، والخطيب (31)، ولكن بشرط أن تكون نسخة الطالب منقولة من الأصل، وأن يبيّن عند الرواية أنّه لم يعارض، وأن يكون ناقل النسخة صحيح النقل، قليل السقط (32).
[[أمور ينبغي مراعاتها في المقابلة]]
ثم ينبغي أن يراعي في كتاب شيخه بالنسبة إلى من فوقه مثل ما ذكرناه في كتابه، ولا يكون كطائفة من الطلبة إذا رأوا سماع شيخ لكتاب قرأوه عليه من أي النسخ اتفقت(33).
[اللحق]
الثامن: إذا خرج الساقط في الحواشي، ويسمّى اللحق، بفتح اللام والحاء، فيخط من موضع سقوطه خطا صاعدا قليلا معطوفا بين السطرين عطفة يسيرة إلى جهة اللحق(34).
وقيل: (35) يمد العطفة إلى أول اللحق (36) ثم يكتب اللحق قبالة العطف.
وجهة اليمين إن اتسعت أولى إلا أن يسقط في آخر السطر، ويكتبه صاعدا إلى أعلى الورقة، ثم يكتب في أثناء اللحق "صح".
وقيل: يكتب معها: "رجع" (37).
وقيل: يكتب في آخر اللحق الكلمة المتصلة به داخل الكتاب (38)، وليس هذا بمرضي؛ لأنّ بعض الكلمات تجيء مكرّرات، فيوهم أنّ ذلك التكرار من ذاك(39).
[[كيفيّة التخريج للحواشي ونحوها]]
وأمّا ما يخرج في الحواشي من شرح أو تنبيه على غلط، أو اختلاف رواية، أو نسخة، أو نحو ذلك ممّا ليس من الأصل، فقال القاضي عياض: "لا يخرج لذلك خط تخريج، لئلا يحسب من الأصل، لكن على الحروف المقصودة علامة، كالضبة إيذانا به"(40).
والمختار استحباب التخريج ليدل على المقصود أكثر، ويجعل هذا التخريج على نفس الكلمة المخرج لها، لا يكتب [آخرها في...] (41) ما خرجه: "صح"، بخلاف التخريج الأول، فإنّه يكون بين الكلمتين، بينهما سقط شيء، ويكتب في اللحق "صح"؛ فافترقا(42).
[فن تصحيح الكتاب]
التاسع: من شأن الحذاق المتصيّنين (43) العناية بالتصحيح والتضبيب والتمريض، فهذه ثلاثة أمور يستعملونها:
[[التصحيح]]
أمّا التصحيح فهو أن يكتب "صح" على كلام صحيح رواية ومعنى، إلا أنّه عرضة للشك، والخلاف، فيكتب عليه "صح"، ليعرف أنّه لم يغفل عنه، وأنّه قد ضبط وصحّ على ذلك الوجه.
[[التضبيب]]
وأمّا التضبيب، ويسمّى التمريض أيضا، فيجعل على ما صحّ وروده من جهة النقل كذلك، إلا أنّه فاسد لفظا أو معنى، أو ضعيف، أو ناقص، مثل أن يكون غير جائز من جهة العربية، أو يكون شاذّا عند أهلها، أو مصحّفا، أو ينقص من جملة الكلام كلمة أو أكثر، وما أشبه ذلك، يمد خط أوله مثل الصاد، ولا يلزق بكلمة معلمة عليها لئلا يظنّ ضربا، فكأنّه صاد التصحيح (44) كتبت كذلك ليفرّق بين ما صحّ مطلقا، وبين ما صحّ رواية فحسب (45)، نحو هذا "صـ" (46)، ويسمى ضبة لكون الكلمة مقفلة بها (47)، ولأنّها على كلام محتمل كالضب على الكسر (48).
قلت: ويجوز أن تكون هذه العلامة إشارة إلى ضبة، ليوافق صورتها معناها (49)، والله أعلم.
[[المواضع التي يضببون فيها]]
ومن المواضع التي يضبّبون فيها كثيرا موضع الإرسال (50) الذي وقع في الإسناد.
ويوجد في بعض أصول الحديث القديمة في الإسناد الذي يجتمع فيه جماعة معطوفا بعضهم على بعض علامة تشبه الضبة بين أسمائهم، فيتوهم من لا خبرة له أنّها ضبة، وليست بضبة، كأنّها إعلام (51) وصل فيما بينها، أثبتت تأكيدا للعطف (52)، وربّما تختصر علامة التصحيح فتصير صورتها تشبه صورة التضبيب، والفطن يميز بينهما.
[[الضرب والمحو والحك والمفاضلة بينهم]]
العاشر: إذا وقع في الكتاب ما ليس منه، فينفى عنه بالضرب أو الحك (53)، أو المحو(54)، والضرب خير منهما (55) لاحتمال صحّته في رواية أخرى (56).
[[كيفيّة الضرب]]
ثم اختلفوا (57) في كيفيّة الضرب، فالأكثرون على أنّه يخط فوق المضروب عليه خطا دالا على إبطاله، بحيث يمكن أن يقرأ ما خط عليه (58)، ويكون مختلطا بالكلمات المضروب عليها، ويسمى هذا الشق (59) أيضًا.
وقيل: لا يخلط (60) بالكتابة، بل يكون فوقها معطوفا على أوله وآخره (61).
وقيل: يحوق على أوله نصف دارة، وعلى آخره نصف دارة (62).
وقيل: (لا) في أوله و(إلى) في آخره (63)، ومثل هذا يحسن فيما صح في رواية أخرى (64).
وإن وقع كلمة مكرّرة (65) الضرب على الثاني (66).
وقيل: يبقي أحسنهما، وأبينهما صورة (67).
وقيل: إن كانا في سطر، ضرب على الثاني، وإن كان في آخره فعلى الأول صيانة لأول السطور وآخرها.
وإن كان أحدهما في أول السطر والآخر في آخر السطر، ضرب على ما في آخره(68).
وإن كان المتكرّر في المضاف والمضاف إليه، أو الصفة والموصوف، أو نحو ذلك(69) لم يراع أول السطر وآخره، بل يراعي الاتصال بين المضاف والمضاف إليه، والصفة والموصوف، ولا يفصل بالضرب بينهما.
[[مفاسد الحك والكشط]]
وأمّا الحك والكشط والمحو فكرهها أهل العلم؛ لأنّها تهمة (70)، وربّما تفسد الورقة وما ينفذ إليه والمحو مسود للقرطاس (71).
[[ما يراعى فيه]]
فإذا أصلح شيئا قال الخطيب: "يبشره بنحاتة الساج، ويتقي التتريب" (72).
[[طريقة تصحيح الكتاب]]
وإذا اختلفت الروايات في كلمة، فيجعل متن كتابه على رواية (73)، ثم ما كانت من زيادة ألحقها في الحاشية، أو نقصان أعلم عليه، ويذكر اسم من رواه بتمامه (74).
وروي عن سحنون بن سعيد المالكي أنهّ ربّما كتب الشيء، ثم لعقه (75).
وإلى هذا يومئ ما روي عن إبراهيم النخعي أنّه كان يقول: "من المروءة أن يرى في ثوب الرجل وشفتيه مداد" (76).
[[اختصار بعض الألفاظ]]
الحادي عشر: غلب على كتبة الحديث الاقتصار على الرمز في "أخبرنا" و"حدثنا" وشاع، فيكتب من "حدثنا": "ثنا" الثاء والنون والألف، ومن "أخبرنا": "أنا" الهمزة والنون والألف.
وقد يكتب في "أخبرنا" راء بعد الألف، وفي "حدثنا" دال في أولها، ووجد الدال في خط الحاكم أبي عبد الله، وأبي عبد الرحمن السلمي، والحافظ البيهقي (77).
وإذا كان للحديث إسنادان فأكثر، كتبوا عند انتقال السند إلى آخر: (ح) مهملة (78)، ولم يوجد تنبيه لأمرها.
ووجد بخط جماعة من الحفاظ (79) في موضعها "صح"، وهذا يشعر بكونها رمزا إلى "صح".
وقيل: إثبات "صحّ" هاهنا لئلا يتوهّم أنّ حديث هذا الإسناد سقط، ولئلا يركب الإسناد الثاني على الأول فيجعلا (80) إسنادا واحدا.
وقيل: إنّها حاء مهملة من التحويل من إسناد إلى إسناد آخر (81).
وقيل غير ذلك (82).
وقال بعض العلماء: إذا انتهى إليها في القراءة يقول: "ح" ويمرها، وهذا هو المختار الأجود (83) والأعدل.
قلت: لم يتحقق معناه، فلا يمكن أن تكون أعدليّته بالنسبة إلى ما ذكرنا، بل مراده أن يمر عليها ولا يبحث عن معناه (84)، والله أعلم.
[[أمور ينبغي مراعاتها لكاتب السماع]]
الثاني عشر: قال الخطيب: "ينبغي للطالب أن يكتب بعد البسملة اسم شيخه، المسمع الكتاب وكنيته، ونسبه، ثم يسوق ما سمعه منه، ويكتب فوق التسمية (85) أو في حاشية أول ورقة تأريخ السماع، ومن سمعه معه، ولا بأس بكتابة طبقة السماع في آخر الكتاب، وحيث لا تخفى، ولتكن الطبقة بخط ثقة معروف الخط، وعند ذلك فلا بأس بأن لا يصحّح عليه الشيخ (86)، ولا بأس أن يكون سماعه بخط نفسه إذا كان ثقة، ونقله الثقات" (87).
قلت: وممّا رأيته طبقة السماع للشيخ الحافظ أبي طاهر السلفي بخطه، والشيخ زكي الدين عبد العظيم (88)، والله أعلم.
وعلى كاتب السماع التحرّي والاحتياط، وبيان السامع والمسمع والمسموع بلفظ بين واضح.
وعليه أن يجتنب التساهل في اسم من يثبته، والحذر من إسقاط بعض السامعين لغرض فاسد (89).
وإن كان مثبت السماع غير حاضر (90) فأثبت معتمدا على إخبار من يثق بخبره من حاضريه (91) فلا بأس.
[[من أحكام استعارة الكتب]]
ومن يثبت سماعه في كتاب غيره (92)، فقبيح بصاحب الكتاب كتمانه ومنعه من نقل سماعه، ونسخ الكتاب، وإذا أعاره إيّاه فلا يبطئ به.
وإن استعار من كان سماعه مثبتا في كتابه نظر، فإن كان سماعه مثبتا برضى صاحب الكتاب لزمه إعارته، وإلّا فلا يلزمه، هكذا قاله الأئمة الجلة في أزمانهم: القاضي حفص بن غياث الحنفي، والقاضي إسماعيل المالكي، وأبو عبد الله الزبيري الشافعي(93)، وهو الصحيح خلافا لبعض (94)؛ لأنّه كالشهادة تعيّنت له عنده، فعليه أداؤها كما في متحمّل الشهادة، وإن كان فيه بذل المشي إلى مجلس الحكم (95).
[نقل السماع إلى الكتاب المنسوخ لا يكون إلا بعد مقابلته]:
وإذا نسخ الكتاب فلا ينقل سماعه إلى نسخته إلا بعد المقابلة، وكذلك في كل نسخة يراد أن (96) ينقل إليها سماع لا ينقل إلا بعد المقابلة، اللهمّ إلا أن يبيّن عند النقل أنّ النسخة غير مقابلة (97).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: "الكفاية" (242)، "الإلماع" (154 - 155)، "فتح المغيث" (2/ 148)، "الإرشاد" (1/ 430)، "المنهل الروي" (92)، "الدر النضيد" (444).
(2) المشق: هو سرعة الكتابة مع بعثرة الحروف. انظر "الصحاح" (4/ 1561)، "النهاية" (4/ 334)، "الدر النضيد" (432)، "نكت الزركشي" (3/ 572 - 573).
(3) قيل: إنّ وزن الخط مثل وزن القراءة، فأجود الخط أبينه، كما أن أجود القراءة أبينها، قاله إبراهيم بن العباس الصولي في "أدب الكتاب" (54).
والتعليق: خلط الحروف التي ينبغي تفريقها.
فقد كره العلماء ذلك للحديثي عند النسخ وكذا الكتابة بالخط الدقيق، ليتسنى له حسن الضبط، وليتمكن الطلبة من المقابلة على نسخه.
ولا يدرك هذا إلا من يتعنى النظر في المخطوطات، ومن المشهورين بالتعليق يوسف بن عبد الهادي، وقد نسخ الكثير، وكثير من كتبه محفوظة بخطه في المكتبة الظاهرية، ويجد محققوها صعوبة شديدة في ترسم كلماتها، وقد يقع التعليق مع جودة الخط، كما في خط يحيى بن محمد الكرماني في كتاب شيخه البلقيني "الفوائد الجسام" وهو مما أملاه عليه عند قراءته عليه "قواعد العز بن عبد السلام"، وهو نسخة وحيدة فريدة فرغت - ولله الحمد - من نسخها بعد جهد جهيد، ووقوف طويل على كثير من الكلمات، ووزعتها في محالها على "قواعد العز" وسترى النور - إن شاء الله تعالى - قريبا.
(4) الهذرمة: سرعة القراءة مع تخليط، انظر "النهاية" (5/ 255) وفي هامش الأصل: "الهذرمة: بالذال المعجمة ثم الراء المهملة ثم ميم".
(5) علّقه ابن قتيبة في "غريب الحديث" عن عمر، وأخرجه من طريقه الخطيب في "الجامع" (1/ 262)، وانظر "كنز العمال" (29547).
(6) لأنّه لا ينتفع به، أو لا يكمل به الانتفاع لمن ضعف بصره، وربّما ضعف نظر الكاتب نفسه بعد ذلك، فلا ينتفع به، كما قال الإمام أحمد بن حنبل لابن عمه حنبل بن إسحاق - ورآه يكتب خطا دقيقا -: لا تفعل، فإنه يخونك أحوج ما تكون إليه. ووقع للعواقي أنّه ابن أخيه، وهو سبق قلم.
انظر: "الجامع لأخلاق الراوي" (536)، "أدب الإملاء والاستملاء" (1/ 583 رقم 497)، "المنهل الروي" (93).
(7) قيل لبعض الطلاب: لماذا تقرمط في الكتابة؟ قال: لقلّة الورق والورق، والحمل على العنق. انظر "أدب الإملاء والاستملاء" (503).
(8) أي في طريقة ضبط المهملات غير المعجمة.
(9) ينقطها من أسفل بنحو نقط نظيرها المعجم من أعلي، فينقط الراء والدال مثلا من أسفل نقطة، والسين من أسفل ثلاثا، ثم بعضهم يجعل الثلاث تحتها كالأثافي، والأنسب أن يكون ثنتين ثم واحدة تحتهما، وبعضهم يجعلها صفا، واختاره جماعة، قالوا: لئلا يزاحم بعض النقط بالسطر الذي يليه، فيظلم، وربما يلتبس. واستثنى البلقيني والعراقي منها الحاء، فلا تنقط من أسفل، لئلا تشتبه بالجيم وهو ظاهر، انظر "الدر النضيد في أدب المفيد والمستفيد" (446 - 447)، "محاسن الاصطلاح" (371)، "التقييد والإيضاح" (206)، "نكت الزركشي" (3/ 475).
(10) كذا في الأصل، وصوابه: "قفاها"، وانظر: "المنهل الروي" (93)، "الإرشاد" (1/ 431)، "الدر النضيد" (447) وفيه: "أن يكتب على المهمل شكلة صغيرة كالهلال، أو كالقلامة مضجعة على قفاها".
(11) هذا عمل بعض أهل الشرق والأندلس، انظر: "الإلماع" (157).
ومنهم: من يخط خطا صغيرا، قال ابن الصلاح: "موجود في كثير من الكتب القديمة، ولا يفطن له كثيرون"، ومنهم من يجعل تحت الحرت المهمل مثل الهمزة.
انظر لما سبق: "الإلماع" (157)، "مقدمة ابن الصلاح" (371 - ط: بنت الشاطئ)، "التقييد والإيضاح" (207)، "رسوم التحديث" (121)، "فتح المغيث" (2/ 154)، "توضيح الأفكار" (2/ 366)، "الدر النضيد" (446 - 447).
(12) يفعل هذا كثيرا عبد الرحيم بن المهتر النهاوندي، وهو ناسخ مشهور، كتب الكثير، فوجدته في النسخة الألمانية من "تأويل مختلف الحديث" لابن قتيبة يعتمد أكثر من نسخة قيمة ويرمز لكل واحدة منها برمز، ويعرف بها ولم يذكر اسمه عليها! وهكذا فعل في كتاب "الطبقات" للإمام مسلم، في نسخة المتحف البريطاني برقم (13050)، انظر مقدمة تحقيقي له (1/ 65 - 71).
(13) لئلا يوقع غيره في حيرة، أما إذا بين، فالأولى أن يكتب عند كل رواية اسم راويها بكماله مختصرا ولا يقتصر على العلامة ببعضه، ولا سيما قد تسقط الورقة أو المجلد، الذي فيه البيان فيتحير الواقف عليه.
انظر: "مقدمة ابن الصلاح" (371 - ط بنت الشاطئ)، "الإرشاد" (1/ 432)، "المنهل الروي" (93)، "الاقتراح" (295)، كتابي "البيان والإيضاح" (134 - 135).
(14) ولا يوصل الكتابة كلها على طريقة واحدة، لما فيه من عسر استخراج المقصود، وتضييع الزمان فيه ولا يغفل ذلك إلا غبي جدا، قاله الغزي في "الدر النضيد" (459).
(15) ممن استحبه: أبو الزناد، وأحمد، والحربي، وابن جرير الطبري، والرواية عنهم في "الجامع لأخلاق الراوي" (573) وعن أبي الزناد في "المحدث الفاصل" (606).
(16) في "الجامع" (1/ 273).
(17) الجامع لأخلاق الراوي (1/ 273).
وانظر: "فتح المغيث" (2/ 157)، "المنهل الروي" (93)، "رسوم التحديث" (122)، "الدر النضيد" (459 - 460)، "البيان والإيضاح شرح نظم العراقي للاقتراح" (135) بقلمي، نشر الدار الأثرية.
(18) في الأصل "تعبيدا"!!
(19) جعله العراقي في "التقييد والإيضاح" (208) من الواجبات، واستحسنه في "نظم الاقتراح" (135 - مع شرحي "البيان") تبعا لابن دقيق العيد، ونقل الخطيب في (1/ 268) عن ابن بطة قوله: "هذا كله غلط قبيح، فيجب على الكاتب أن يتوقاه، ويتحفظ منه"، قال الخطيب عقبه: "وهذا الذي ذكره صحيح، فيجب اجتنابه".
وقال الأبناسي في "الشذا الفياح" (1/ 335): "ولا يختص ذلك بأسماء = الله تعالى، بل أسماء النبي ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ وأسماء الصحابة" قال: "وينبغي أن يجتنب أيضا ما يستبشع، ولو وقع ذلك في غير المضاف إليه" وانظر: "الإرشاد" (1/ 433)، "نكت الزركشي" (3/ 575)، "المنهل الروي" (93)، "تدريب الراوي) (2/ 74)، "فتح المغيث" (2/ 158)، "الدر النضيد" (437 - 438).
(20) بين الإمام ابن القيم في "جلاء الأفهام" (ص 612 - 626 - بتحقيقي) في الباب الخامس: في الفوائد والثمرات الحاصلة بالصلاة عليه ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ الحظ والفوائد المترتبة على الصلاة على النبي ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ على وجه مستوعب، وبسط فيه النفس بما يعجب ويغرب، ويجعل الواقف عليه يقول: "سبحان الوهاب"!
(21) ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ، ذكر البخاري في "صحيحه" (8/ 532 - 533 - مع "الفتح") معلقا بصيغة الجزم عن أبي العالية قال: "صلاة الله على رسوله ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ ثناؤه عليه عند الملائكة"، وأخرجه عنه القاضي إسماعيل في "الصلاة على النبي - صلى الله عليه [وآله] وسلم -" (95) موصولا بإسناد حسن، ولفظه: "صلاة الله عز وجل ثناؤه عليه، وصلاة الملائكة عليه الدعاء" وهذا أصح ما قيل في ذلك، وعزاه في "الدر المنثور" (6/ 649) لعبد بن حميد.
(22) مال ابن دقيق العيد في "الاقتراح" (42 - 43) أن يتبع الأصول والروايات، ولا يزيد على ما في الأصل، ولذا فعليه حين النطق بالصلاة على النبي ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ أمران: الأول: أن ينوي أنه هو المصلي، لا حاكيا عن غيره.
والآخر: أن يأتي بقرينة تصاحب النطق، تدلل على أنها ليست فيه، مثل: أن يرفع رأسه من الكتاب الذي يقرأ فيه. وانظر: "الباعث الحثيث" (136)، كتابي "البيان والإيضاح" (136)، "الدر النضيد" (431)، واستظهر غير واحد أن المذكور مذهب أحمد. انظر: "محاسن الاصطلاح" (374)، "نكت الزركشي" (3/ 579) خلافا لمغلطاي في "إصلاح كتاب ابن الصلاح" (ق 39/ أ).
(23) نقل أحمد تيمور باشا في "التذكرة التيمورية" (ص 229) عن "فتاوى ابن حجر الهيثمي" (1/ 168) عدم جواز هذا الاصطلاح، وقال: "بل الواجب التصلية والتسليم" قال: "وهذا يدل على أن هذا الاختصار، أو النحت الممقوت من زمن ابن حجر". قلت: بل قبله كما تراه هنا، ووصف الفيروزآبادي في "الصلات والبشر" (ص 114) من يفعل ذلك بقوله: "يفعله بعض الكسالى والجهلة وعوام الطلبة". وقال الغزي في "الدر النضيد" (428 - 429): "ولا يختصر الصلاة" في الكتاب، ولا يسأم من تكريرها ولو وقعت في السطر مرارا، كما يفعل بعض المحرومين المتخلفين من كتابة (صلعم) أو (صلع) أو (صلم) أو (صم) أو (صلسلم)، فإن ذلك خلاف الأولى؛ بل قال العراقي إنه مكروه ويقال: إن أول من كتب (صلعم) قطعت يده". وقال العلامة أحمد شاكر في تعليقه على "مسند أحمد" (7/ 5087) عن (صلعم): "وهي الاصطلاح السخيف لبعض المتأخرين في اختصار الصلاة على رسول الله ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ "!
(24) في الأصل "الرضى" والمثبت من "الإرشاد" (1/ 434)، "التقريب" (3/ 320 - ط العاصمة مع "التدريب")، "الأذكار" (1/ 136) كلها للنووي.
(25) انظر: "الجامع لأخلاق الراوي" (2/ 103 - 107)، "تذكرة السامع والمتكلم" (175)، "رسوم التحديث" (122)، "المنهل الروي" (94) - وعبارته: "ويكره الرمز بالصلاة، والترضي في الكتابة بل يكتب ذلك بكماله" -، "فتح المغيث" (2/ 164)، "الدر النضيد" (428 - 432).
(26) من أهم المهمات، وأوجب الواجبات في كتابة الحديث مقابلة المنسوخ بأصل السماع وإصلاح ما يوجد من فروق أو تحريف أو تصحيف أو زيادة أو نقص، وتسمى النسخة القديمة الأصل، وتسمى النسخة الجديدة الفرع. وكذا مقابلة ما نشر على أصول خطية عند إعادة الطبع، ولا سيما أن تحصيل عدة نسخ خطية للكتاب كان أمرا عسرا، يحتاج المحقق - قبل - إلى السفر إلى عدة بلدان، أو يطلب من مسافر إلى تلك البلدة أن ينسخ له المخطوط، بخلاف اليوم، الذي أصبح فيه من الممكن تصوير المخطوطات وجمع نسخها، ومشاهدة صورها بعيني رأس المحقق نفسه، وإن اعترى هذا بعض السلبيات، مثل: خفاء بعض معالم المخطوط - ولا سيما الهوامش - في التصوير، وعدم ظهور بعض الكلمات أحيانا ولا سيما التي أثبتت بلون مغاير، ويفوت المحقق تقدير عمر المخطوط من حالة الورق، ونوع المداد، والإصلاحات والترميمات التي طرأت عليه، وما شابه.
والأحسن أن تكون مقابلة في أحاديث في حالة السماع حين يحدث الشيخ، أو يقرأ عليه، إذا تيسر ذلك، لتثبت الراوي في القراءة، وإلا فالاختيار تقديم المقابلة؛ لأن الأصل متى قوبل كان أيسر في حالة السماع، ويسهل الوقوف على التصحيف، واكتشاف الغلط، وإثبات الساقط.
(27) هذه عبارة النووي في "الإرشاد" (1/ 435 - 436) وابن جماعة في "المنهل الروي" (94) وهي مشكلة! ولذا علق محقق "الإرشاد" أخونا الشيخ عبد الباري السلفي بقوله: "كلام المصنف هنا ليس بمستقيم؛ لأنه كيف يكون السماع بالإجازة، وهما قسيمان فيما بينهما"!
قلت: اختصار العبارة على النحو المذكور ترتب عليه هذا الإشكال، وعبارة ابن الصلاح: "على الطالب مقابلة كتابه بأصل سماعه وكتاب شيخه الذي يروبه عنه، لإن كان إجازة".
(28) مقابلة الشخص - بنفسه لمنسوخه على الأصل، فقد قيل: إنه أصدق المعارضة، لما يجتمع من الإتقان بسبب ذلك، وهو من أفضل الوسائل للوصول إلى ما في الأصل بضبط وإتقان.
وقال ابن دقيق العيد في "الاقتراح" (263): "وعندي أن ذلك يختلف باختلاف الشخص، فمن كان من عادته ألّا يسهو عند نظره في الأصل والفرع، فهذا يقابل بنفسه، ومن عادته - لقلة حفظه - أن يسهو، فمقابلته مع الغير أولى أو أوجب"، وقال السخاوي في "فتح المغيث" (2/ 168): "والحق ما قاله ابن دقيق العيد"، وأيده قبلة الزركشي في "نكته" (3/ 583). وأولاه وأفضله كما قال المصنف ما كان جمع مصنفه، ثم - ما كان مع غيره من أصل بخط المصنف، ثم بأصل قوبل معه لا سيما إذا كان عليه خطه، ثم بما قوبل على نسخته مع غيره، ثم غير ذلك مما هو صحيح؛ مقابل محرر، لأن الغرض المطلوب أن يكون كتابه مطابقا لأصل المصنف، فسواء فيه حصل ذلك؛ بواسطة أو بغيرها، وفي معنى مقابلته عنى أصل المصنف، وما ذكر بعده مقابلته في الكتب، والأجزاء الحديثية، ونحوها التي ترام روايتها على أصل الشيخ الذي يرويها عنه، أو أصل أصله الذي قوبل أصله عليه وإن علا، أو فرعه المقابل عليه، أو فرع فرعه، هكذا، وإن ترك لحصول المطلوب، = = كما مر، سواء عارض مع نفسه أم عارض هو أو ثقة فقط غيره مع شيخه، أو ثقة فقط غيره، وقع حال السماع أم لا، لحصول المطلوب، لكن خير العرض ههنا؛ ما كان مع إسناده بنفسه في حالة السماع منه، أو عليه، أو قراءته هو عليه، لما في ذلك من الاحتياط التام، والإتقان من الجانبين.
وبالجملة؛ فمقابلة الكتاب الذي يرام النفع به على أي وجه كان بما يفيد الصحة، وحصول الغرض متعينة، لا بد منها، انظر "الدر النضيد" (439 - 440).
وتسمح قوم من المغاربة وبعض المشارقة بجواز المقابلة بأصل شيخ الشيخ، لا بأصل سماعه من الشيخ.
وأباه المحقّقون من العلماء، ووجهه: أنّه يحتمل أن يكون الذي يريد أن يرويه غير مسموع لصاحبه، وإن كان في أصل شيخ الشيخ، فيكون في روايته له مبلغا ما لم يتحمل. قال أبو عبيدة: نرجو أن يكون ذلك واسعا بانضمامه إلى الإجازة، أفاده الذهبي في "السير" (16/ 389).
(ملاحظة) في تحقيق المخطوطات عند فقدان نسخة المصنف أو نسخة منقولة عنها لا بد من جمع النسخ، والنظر فيها، وفي بعض الحالات يجب أن يكون ذلك مع وجود نسخة المصنف، وذلك- مثلا - عند زيادة المصنف على كتابه، ولم تقف على نسخته المزيدة، وبالوقوف على عدة نسخ يظهر الصواب، وترى مثلا عليه في "تعجيل المنفعة" (ترجمة بكر بن كنانة).
وليحرص المحقق على الوقوف على أكمل النسخ وأضبطها، فمثلا كتاب السخاوي "فتح المغيث" له نسخ خطية عديدة، وتمتاز نسخة الحرم المكي بزيادات عديدة قد تصل إلى الثلث، ولكتاب "الجمهرة" لابن دريد اللغوي (ت 321 هـ) نسخ عديدة، بينها النديم في "الفهرست" (67) قال عنه: "مختلف النسخ، كثير الزيادة والنقصان، لأنه أملاه بفارس، وأملاه ببغداد من حفظه، فلما اختلف الإملاء، زاد ونقص، ولما أملاه بفارس علامة يعلم من أول الكتاب، والتامة التي عليها المعول هي النسخة الأخيرة، وآخر ما صح من النسخ نسخة أبي الفتح عبيد الله بن أحمد النحوي، لأنه كتبها من عدة نسخ وقرأها عليه".
وكذلك "تفسير ابن كثير" فجل المطبوع من إملائه، وخطه على النسخة الأزهرية، وكتاب "غاية المقصد في زوائد المسند" للهيثمي، له نسخ عديدة، وخطه على نسخة مكتبة البلدية بالإسكندريّة، ونصّ على أنّها هي التي قام بتعديلها، وأنّها هي المعتمدة. وهنالك مواد أجنبية تضاف على أصول الكتب، والمصنف منها بريء، فلا يغررك انتشارها وكثرتها، كما حصل في "الكبائر" للذهبي، فالمطول منه فيه خرافات وأوابد يجل عن مثلها الإمام الذهبي، ومن دونه من المحررين النابهين، وهكذا، ومعذرة على هذا الاستطراد إلا أني رأيته مهما للمشتغلين بعلم الحديث والعناية بكتبه ومخطوطاته هذه الأيام، والمذكور غيض من فيض، وهو شبه عري عن الإفراد بالتصنيف، ولا قوة إلا بالله. انظر كتابي "البيان والإيضاح" (138 - 139).
(29) حكاه الخطيب في "الكفاية" (238 - 239) عن ابن معين ومحمد بن مسلم بن وارة، والعمل على خلاف هذا الشرط في العصور المتأخرة، لذا قال ابن الصلاح في "المقدمة" (ص 377 - ط بنت الشاطئ) عنه: "من مذاهب أهل التشديد في الرواية"، وقال النووي في "الإرشاد" (1/ 437): "وهذا مذهب شاذ متروك"، وصحح ابن جماعة في "المنهل الروي" (94) القول الآخر بعد أن حكى قول ابن معين، ووجهه السخاوي في "فتح المغيث" (2/ 170) بقوله: "يمكن أن يخص الاشتراط بما إذا لم يكن صاحب النسخة مأمونا موثوقا بضبطه، ولم يكن تقدم العرض بأصل الراوي، فإنه حينئذ لا بد من النظر".
قال أبو عبيدة: وهذا فحوى قول السابقين، فقد نقل عباس الدوري في "تاريخه" (2/ 525): "كان ابن أبي ذئب يحدث، فيقرأ عليهم كتابا، ثم يلقيه عليهم، فيكتبونه، ولم ينظروا في الكتاب".
وقال الخطيب عقب نقله عمن تقدم: "ويجوز أيضا ترك النظر في النسخة رأسا حال القراءة، إذا كان قد تقدم مقابلتها بأصل الراوي، فأما إذا لم يكن عورض بها فلا تجوز الرواية منها، إلا أن تكون نقلت من الأصل، ويلزمه أيضا بيان ذلك".
(30) قال ابن جماعة في "المنهل الروي" (94): "والصحيح أنه يكفي مقابلة ثقة أي وقت كان، ويكفي مقابلته بفرع قوبل بأصل للشيخ، وبأصل أصل الشيخ المقابل به أصل الشيخ". قلت: سبق تحقيق مسألة المقابلة بـ (أصل أصل) الشيخ، وانظر لها "نكت الزركشي" (3/ 585).
(31) حكاه عنهم الخطيب في "الكفاية" (239) أو (2/ 108 - ط دار الهدى)، وقال عن البرقاني: "روى لنا أحاديث كثيرة، وقال فيها: أنا فلان، ولم يعارض بالأصل".
(32) الشرط الأخير: "أن يكون ناقل النسخة. . ." عند ابن الصلاح ومختصري كتابه، والمصنف نقل عبارة النووي في "الإرشاد" (1/ 438)، ونحوها في "المنهل الروي" (94)، وعبارة الجعبري في "رسوم التحديث" (123): "إن غلب صواب الناقل".
والشرط الثاني: "أن يبين عند الرواية أنه لم يعارض"، اشترطه الثلاثة غير الإسفرائيني.
والشرط الأول، اشترطه القاضي عياض في "الإلماع" (ص 159) وقبله الخطيب في "الكفاية" (239).
قال أبو عبيدة: أضعفها الثالث، وأقواها الأول، وسيأتي في فقرة رقم (157) ذكر عن الحاكم أن فاعل ذلك مجروح، وفي فقرة رقم (159) خلاف ما قرره هنا، فتنبه.
(33) انظر: "مقدمة ابن الصلاح" (378 - ط بنت الشاطئ)، "الإرشاد" (1/ 438)، "المنهل الروي" (94).
(34) يعالج الناسخ السقط الذي يطرأ له سهوا في المقابلة، أو بعد = تجاوز الموضع، ثم أراد أن يستدركه فله طرق مصطلح عليها، يعرفها من تعنى التحقيق، والنظر في النسخ الخطية.
فمن الخطأ إقحام السقط بين السطور، وإنما يوضع في حاشية الصفحة، ويشير إلى مكانه من النص بما يسمى (علامة الإلحاق) أو (الإحالة)، وهي عبارة عن خط رأسي مائل نحو اليمين إلى الجهة العليا، ويكتب الاستدراك على الحاشية اليمنى فإذا وقع سقط آخر في السطر نفسه وضع الإلحاق نحو اليسار، ويكتب الاستدراك على الحاشية اليسرى للصفحة، وهذا فائدة كون الأول على اليمين، وأما فائدة كونها إلى الجهة العليا فالحذر من أن يقع سقط آخر أسفل من الموضع الأول، فلو كتب الأول إلى أسفل، لاختلط بالثاني. ومنه يظهر ما في عبارة المصنف، والأدق منها قوله: "إلى جهة الحاشية التي يكتب فيها اللحق". والمذكور عبارة النووي في "الإرشاد" (1/ 439) وابن جماعة في "المنهل الروي" (94 - 95).
(35) قائله الرامهرمزي في "المحدث الفاصل" (606)، وذلك للإيضاح، وانظر "الإلماع" (164).
(36) لم أره هكذا عند النساخ! ويعجبني تعليل النووي في "الإرشاد" (1/ 439) في رده، قال: "والمختار أنه يقتصر على العطفة اليسيرة، لئلا يسود الكتاب، ويوهم الضرب على بعض المكتوب". ثم وجدته مأخوذًا من ابن الصلاح، وعبارته في "المقدمة" (379 - ط بنت الشاطئ) عقب نسبته للرامهرمزي: "وهذا أيضا غير مرضي، فإنّه وإن كان فيه زيادة بيان، فهو تسخيم للكتاب، وتسويد له ولا سيما عند كثرة الإلحاقات، والله أعلم"، ثم وجدت نحوه للقاضي عياض في "الإلماع" (164).
نعم، إن لم يكن ما يقابل محل السقوط خاليا، واضطر لكتابته بمحل آخر مد حينئذ الخط إلى أول الساقط، أو كتب قبالة المحل يتلوه: كذا في المحل الفلاني، أو نحوه من رمز وغيره، كيما يزول اللبس، ذكره العراقي، قال: "ورأيت في خط غير واحد ممن يعتمد إيصال الخط إذا بعد الساقط عن محل السقوط، وهو جيد حسن". انظر "فتح المغيث" (323) للعراقي، "الدر النضيد" (457).
(37) وبعضهم يقتصر على "رجع" كما قال ابن حجر، وبعضهم يكتب: "انتهى اللحق"، أي: بدل "صح" و"رجع".
انظر "الإلماع" (162)، "فتح المغيث" (2/ 174).
(فائدة) إن ضاقت الحواشي، فيضع (فرخة) بين الورقتين، وكتب موضعه: (انتقل إلى الفرخة) وآخرها (ارجع إليه) قاله الجعبري في "رسوم التحديث" (124) وهذا كثير العمل به في المخطوطات.
(38) هو اختيار جماعة من أهل المغرب، وجماعة من أهل المشرق، منهم الرامهرمزي، انظر: "المحدث الفاصل" (606 - 607)، "الدر النضيد" (458).
(39) انظر: "الإلماع" (163)، "فتح المغيث" للعراقي (323)، "فتح المغيث" (3/ 173) للسخاوي، "الدر النضيد" (458)، "البيان والإيضاح" (142)، "المنهل الروي" (95) - وعبارته: "وليس بمرضي، لأنه تطويل موهم"- و"رسوم التحديث" (124).
(40) الإلماع (164) بنحوه.
(41) ما بين المعقوفتين غير ظاهر في الأصل، وأثبته بناء على ترسم بعض حروف متبقية من الكلمتين، وبقيت كلمة غير واضحة ألبتة!
(42) وبعضهم يكتب على أول المكتوب في الحاشية من ذلك: "حاشية" أو "فائدة" أو صورة (حـ)، وبعضهم يكتب ذلك في آخره، ولا ينبغي أن يكتب إلا الفوائد المهمة المتعلقة بذلك الكتاب أو المحل.
انظر: "مقدمة ابن الصلاح" (380 - ط بنت الشاطئ)، "الإرشاد" (1/ 440 - 441)، "المنهل الروي" (95) - وفيه: "ولا يكتب الحواشي بين الأسطر، ولا في كتاب لا يملكه إلا بإذن صاحبه"-، "رسوم التحديث" (124)، "الدر النضيد" (464 - 465).
(43) كذا في الأصل، وفي "مقدمة ابن الصلاح" (380 - ط بنت الشاطئ) و"الإرشاد" (1/ 441): "المتقنين".
(44) بمدّتها دون حائها، انظر "الاقتراح" (300)، "نكت الزركشي" (3/ 587).
(45) قاله عياض في خطبة "مشارق الأنوار" (1/ 4) ثم في "الإلماع (167).
قال أبو عبيدة: وفي هذه التدابير وغيرها دلالة واضحة على ضرورة احترام النص، وعدم العبث به وتغييره، لأي سبب من الأسباب، وإذا بدا خطأ فيه لناسخه فلا يقدم على تصحيحه، إلا إذا تبين وجه الصواب فيه ووجوب الإشارة إلى ما كان في الأصل، وتمييزه عما صححه، وفق طريقة متبعة، متعارف عليها. انظر كتابي "البيان والإيضاح" (140).
(46) أشاروا بكتابة الضبة نصف (صح) إلى أن الصحة لم تكمل فيما هي فوقه مع صحة روايته أو مقابلته مثلا، وإلى تنبيه الناظر فيه على أنه متثبت في نقله، غير غافل، فلا يظن أنه غلط فيصلحه، قاله الغزي في "الدر النضيد" (449)، والعلموي في "المعيد في أدب المفيد والمستفيد" (136).
وقد يضع الناسخ الحاذق علامة (كذا) ويكتب فوق الكلمة، وهي الأخرى تدل على معنى فاسد عنده، وهي الشك والتردد، أو تكون تنبيها منه على تيقظه عند نسخه للكتاب، وأنه هكذا وجده في الأصل المنقول عنه، وقد يضع بعض النساخ علامة (ط) إشارة إلى أنه يرى أن ما في الأصل غلط، انظر "مفتاح السعادة" (1/ 115) لطاش كبرى زاده، كتابي "البيان والإيضاح" (140، 143).
(47) هذا التعليل لأبي القاسم إبراهيم بن محمد بن زكريا اللغوي، المعروف بـ (ابن الإفليلي) أسنده عنه الحميدي في "جذوة المقتبس" (152) وابن صمدون في "جزء جمعه"- كما في "نكت الزركشي" (3/ 588) - والقاضي عياض في "الإلماع"(168). ومعناه: أن ضبة القدح جعلت جابرة للكسر الذي هو فيه، وضبة الكتابة جعلت منبهة على أن فيه خللا، وهذا أولى من القول الآتي. وانظر: "محاسن الاصطلاح" (381)، "الدر النضيد" (449) - وفيه: "أو بضبة الباب لكون المحل مقفلا بها، لا تتجه قراءته كما أن الضبة يقفل بها"-.
(48) هذا كلام ابن الصلاح في "المقدمة" (381) وعبارته: (قلت: ولأنها لما كانت على كلام فيه خلل؛ أشبهت الضبة التي تجعل على كسر أو خلل، فاستعير لها اسمها"، قال: "ومثل ذلك غير مستنكر في باب الاستعارات". وانظر "الدر النضيد" (449).
(49) هذا التوجيه من زيادات المصنف، ولذا نقله عن التاج التبريزي (المصنف) السخاوي في "فتح المغيث" (2/ 177) أو (3/ 72 - ط المنهاج)، وزاد: "وقرأت بخط شيخنا ما حاصله: مقتضى تسميتها ضبة: أن تكون ضادها معجمة، ومقتضى تتميمها بـ (جاء) (صح): أن تكون مهملة" قال: "لكن لا يمتنع مع هذا أن تكون معجمة"، وانظر "رسوم التحديث" (124).
(50) أي: الانقطاع الذي في الإسناد، ولو في طبقة الصحابي، وهو داخل في النقص المذكور، انظر "الإرشاد" (1/ 443)، "فتح المغيث" (2/ 179)، "توضيح الأفكار" (2/ 367).
(51) أي: علامة، وهي في مقدمة ابن الصلاح (382 - ط بنت الشاطئ)، و"الإرشاد" (1/ 443) و"المنهل الروي" (95).
(52) خوفا من أن تجعل (عن) مكان الواو، قاله ابن الصلاح.
(53) ويسمى (الكشط) و (البشر)، وهو سلخ الورق بسكين ونحوها، وهو أولى في إزالة نقطة أو شكلة ونحو ذلك. انظر "الدر النضيد" (449).
(54) وهو الإزالة بغير سلخ إن أمكن، بأن تكون الكتابة في لوح أو رق أو ورق صقيل جدا في حال طراوة المكتوب، وأمن نفوذ الحبر، وهو أولى من الكشط، لأنه أقرب زمنا، وأسلم من فساد المحل غالبا، انظر "الدر النضيد" (450).
(55) ولا سيما في كتب الحديث، ولأن الحك والمحو يضعفان الكتاب، وانظر "الإلماع" (170)، "فتح المغيث" (2/ 181)، "الدر النضيد" (451).
(56) لأنّ ما يبشر (يكشط) ربما يصح في رواية أخرى، وقد يسمع الكتاب مرة أخرى على شيخ آخر يكون ما بشر صحيحا في روايته، فيحتاج إلى إلحاقه بعد أن بشر وهو إذا خط عليه- مثلا- في رواية الأول، وصح عند الآخر، اكتفى بعلامة الآخر عليه بصحته، حكاه القاضي عياض في "الإلماع" (ص 170) عن بعض الشيوخ.
(57) على خمسة أقوال، انظرها في "الدر النضيد" (451).
(58) بنحوه في "المحدث الفاصل" للرامهرمزي (606) وعنه الخطيب في "الجامع" (1/ 278) وقال الزركشي في "نكته" (3/ 589): "رأيت بخط الحافظ اليعموري (لعله ابن سيد الناس) قال بعض العلماء: قراءة السطر المضروب جناية".
(59) ذكر (الشق) القاضي عياض في "الإلماع" (171) وقال العراقي في "التقييد والإيضاح" (216): "الشق: بفتح الشين المعجمة، وتشديد القاف، وهذا الاصطلاح لا يعرفه أهل المشرق، ولم يذكره الخطيب في "الجامع" ولا في "الكفاية"، وهو اصطلاح لأهل المغرب وذكره القاضي عياض في "الإلماع" ومنه أخذه المصنف، وكأنه مأخوذ من الشق وهو الصدع، أو من شق العصا وهو التفريق، فكأنه فرق بين الكلمة الزائدة وما قبلها من الصحيح الثابت بالضرب عليها، ويوجد في بعض نسخ "علوم الحديث": (النشق) بزيادة نون مفتوحة في أوله وسكون الشين؛ فإن لم يكن تصحيفا من النساخ فكأنه مأخوذ من نشق الظبي في حبالته إذا علق فيها، فكأنه إبطال لحركة الكلمة بجعلها في صورة وثاق يمنعها من التصرف، والله أعلم".
وقال الغزي في "الدر النضيد" (451) عن (الشق): "وأجوده ما كان رقيقا بينا يدل على المقصود، ولا يسود الورق، ولا يطمس الحروف، ولا يمنع قراءتها تحته".
(60) أي: الخط الدال على الضرب.
(61) أي: منعطفا طرفاه على أول المبطل وآخره كالباء، ومثاله هكذا: ومنهم من رأى هذا والذي قبله تسويدا وتطليسا، انظر "الإلماع" (171)، "الدر النضيد" (453).
(62) أي: يكتب في أول المبطل وفي آخره نصف دائرة، ومثاله هكذا (....)، فإن ضاق المحل جعل ذلك في أعلى كل جانب.
انظر "المنهل الروي" (96)، "الإرشاد" (1/ 444)، "فتح المغيث" (2/ 183) "الدر النضيد" (452).
(63) أي: أن يكتب لفظة "لا" أو لفظة "من" فوق أوله ولفظة "إلى" فوق آخره، ومعناه: "من هنا ساقط إلى هنا" أو: "لا يصح مثلا هذا إلى هنا". ومثاله هكذا: لا (....) إلى أو هكذا: من (... .) إلى ورأيت من جمع بين "من" و"لا" في أوله، فيكتبها هكذا: "لا. . . من" ومعناه ظاهر مما مر، أي لا يصح من هنا فيسقط إلى هنا.
وممّا فات ابن الصلاح والمصنّف: أن يكتب في أول المبطل وفي آخره صفرا وهو دائرة صغيرة سميت بذلك لخلو ما أشير إليه بها من الصحة، كتسمية الحساب لها بذلك لخلو موضعها من عدد، ومثاله هكذا: °. . .. °. .
فإن ضاق المحل جعل ذلك في أعلى كل جانب كما مر في نصف الدائرة، أفاده الغزي في "الدر النضيد" (ص 452) وزاد: "ورأيت ابن جماعة (شيخ المصنف) ذكر شيئا آخر يصلح أن يكون قولا سادسا، وهو: أن يصل بالمبطل ويخلط به مكان الخط نقطا متتالية، وقد رأيته في خط كثير من الأئمة... فليعلم".
(64) قاله القاضي عياض في "الإلماع" (171)، وقال الجعبري في "رسوم التحديث" (124): "وحسن في المحتمل".
وما ذكر جميعه هو فيما إذا كان الكلام المبطل سطرا أو دونه، فإن كان المبطل كلمة واحدة، فيتأتى جميع ما ذكر، إلا أنه في الأخير عند المصنف يقتصر على لفظة (لا) على الكلمة المبطلة.
(65) سهوا، وكذا لو أكثر من كلمة، وفي الأصل "وقع" وصوابها "وقعت".
(66) لوقوع الأولى صوابا في موضعها، انظر: "المحدث الفاصل" (607)، "الإلماع" (172)، "الجامع" للخطيب (1/ 276).
(67) أي: أدل على القراءة، لأنه المراد من الخط، وانظر: "الإرشاد" (1/ 445)، "فتح المغيث" (2/ 84)، "الدر النضيد" (453).
(68) انظر: "الإلماع" (172)، "الدر النضيد" (453)، "المنهل الروي" (96).
(69) كالمتعاطفين، أو المبتدأ والخبر، فمراعاة عدم التفريق بين الأمور المذكورة والضرب على المتطرف من المتكرر لا على المتوسط، لئلا يفصل بالضرب بين شيئين بينهما ارتباط، أولى من مراعاة الأول، أو الأخير، أو الأجود، إذ مراعاة المعاني أحق من مراعاة تحسين الصورة في الخط. انظر "المحدث الفاصل" (607 - 608)، "الإلماع" (172)، "الدر النضيد" (453 - 454).
(70) أي: تحتمل التغيير، وهذا في الحك والكشط، انظر "المنهل الروي" (96).
(71) العبارة لابن جماعة في "المنهل الروي" (96)، وينظر: "فتح المغيث" (2/ 182) وما قدمناه سابقا.
(72) الجامع (1/ 278) وعنه في "المنهل الروي" (96) وفيه بدل "التتريب": "التهذيب" وهو خطأ، فليصوب.
والمراد: استعمال التراب، وفيه حديث منكر جدا، أخرجه الترمذي في "جامعه" (2713) وغيره ولفظه: "إذا كتب أحدكم كتابا، فليتربه، فإنه أنجح للحاجة" واستنكره، وانظر "العلل المتناهية" (1/ 82)، "نكت الزركشي" (3/ 591).
(73) أي: لا يجعله ملفقا من روايتين، لما فيه من الالتباس، قاله السخاوي في "فتح المغيث" (2/ 187)، وهكذا ينبغي أن يصنع في التحقيق إن كانت الأصول صحيحة موثوقة، وإلا فيضطر المحقق من رداءتها وتأخرها للانتقاء.
(74) قال عياض في (باب ضبط اختلاف الروايات) من "الإلماع" (189): "وأولى ذلك أن يكون الأم على رواية مختصة، ثم ما كانت من زيادة الأخرى ألحقت، أو من نقص أعلم عليها، أو من خلاف خرج في الحواشي، وأعلم على ذلك كله بعلامة صاحبه: من اسمه أو حرف منه للاختصار لا سيما مع كثرة الخلاف والعلامات، وإن اقتصر على أن تكون الرواية الملحقة بالحمرة، فقد عمل ذلك كثير من الأشياخ وأهل الضبط كأبي ذر الهروي وأبي الحسن القابسي وغيرهما، فما أثبت لهذه الرواية كتبته بالحمرة، وما نقص منها مما ثبت للأخرى حوق بها عليه".
قلت: الكتابة بالحمرة أحسن لأنه قد يمزج بحرف واحد، وقد تكون الكلمة الواحدة بعضها متن، وبعضها شرح، فلا يوضح ذلك بالخط إيضاحه بكتابة الحمرة، ونحو ذلك واقع كثيرا في المخطوطات.
وكذلك لا بأس بالحمرة في الرموز لنحو ما مر ولأنواع ولغات وأعداد ونحو ذلك، وقد رمز بالأحمر جماعة من المحدثين والفقهاء والأصوليين وغيرهم لقصد الإيضاح مع الاختصار، فإن لم يكن ما ذكرناه من الأبواب والفصول والتراجم ونحوها بالحمرة أتى بما يميزه عن غيره من تغليظ القلم وطول المشق واتحاده في السطر ونحو ذلك ليسهل الوقوف عليه عند قصده، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب، انظر "الدر النضيد" (465 - 466).
(75) "الإلماع" (174)، وانظر "آداب المعلمين" لمحمد بن سحنون (87).
(76) أخرجه القاضي عياض في "الإلماع" (173) ومحمد بن سحنون في "آداب المعلمين" (88)، وانظر: "نكت الزركشي" (3/ 589 - 591)، "توجيه النظر" (2/ 790 - ط المحققة)، كتابي "المروءة وخوارمها" (42 - ط الثانية).
(77) رآه ابن الصلاح في خطوطهم، نقله في "مقدمته" (385 - ط بنت الشاطئ) وكذا وجد في خط الحافظ أبي طاهر السلفي، انظر "التبصرة والتذكرة" (2/ 153 - 154)، "فتح المغيث" (2/ 189).
(78) مفردة مقصورة.
(79) وجده ابن الصلاح بخط الحافظ أبي عثمان الصابوني، والحافظ أبي مسلم عمر بن علي الليثي النجاري، والفقيه المحدث أبي سعد الخليلي، وانظر: "فتح المغيث" (2/ 193) "رسوم التحديث" (122 - 123)، "الدر النضيد" (463).
(80) كذا في "مقدمة ابن الصلاح" (386 - ط بنت الشاطئ) و"الإرشاد" (1/ 450) وفي الأصل: "فيجعل"!
(81) المشهور منها هذا الوجه، انظر: "شرح مقدمة صحيح مسلم" (1/ 38) للنووي، "الدر النضيد" (462).
(82) مثل: من قولهم "الحديث"، وهو المنقول عن أهل المغرب، وقيل: مختصرة من (حائل)، لأنها حالت بين الإسنادين، وهو رأي الحافظ عبد القادر الرهاوي. وقيل: يريدون (حاجز)، وقد قرأ على بعض الحفاظ المغاربة فصار كلما وصل إلى (ح)، قال: "حاجز" وقيل: إن بعض المحدثين يستعملها بالخاء المنقوطة، يريد بها أخبر أو خبر. انظر: "مقدمة ابن الصلاح" (386 - ط بنت الشاطئ)، "الإرشاد" (1/ 450 - 451)، "نكت الزركشي" (3/ 595)، "رسوم التحديث" (123)، "المنهل الروي" (96)، "فتح المغيث" (7/ 193)، "الدر النضيد" (462 - 463).
(83) العبارة للنووي في "الإرشاد" (1/ 451) بهذا اللفظ، وعنده "الأحوط" بدل "الأجود" وأصلها لابن الصلاح بلفظ: "وأختار أنا -والله الموفق- أن يقول القارئ عند الانتهاء إليها: (حا) ويمر، فإنه أحوط الوجوه وأعدلها".
انظر: "فتح المغيث" (2/ 193)، "المنهل الروي" (96)، "نكت الزركشي" (3/ 595).
(84) وقيل: ينطق بأصلها المختصرة منه، وهو الحديث أو صح، إذ القائل به هو القائل بأن الأصل الحديث أو صح، فليعلم، قاله الغزي في "الدر النضيد" (463).
(85) حكى ابن الجزري عن بعض شيوخه: أن الأولى من جهة الأدب عدم الكتابة فوق البسملة، لشرفها، ووافقه عليه السخاوي. انظر "فتح المغيث" (2/ 195).
(86) بمعنى: ألّا يكتب المسمع خطه بالتصحيح، قال الجعبري في "رسوم التحديث" (125): "وتصحيح الشيخ بركة مسمع".
(87) الجامع لأخلاق الراوي (1/ 268) بتصرف.
(88) يريد: إن الاقتصار على إثبات السماع بخط نفسه، دون المسمع عليه، فعله الثقات، منهم: المذكوران.
وقرأ عبد الرحمن بن أبي عبد الله بن منده جزءا على أبي أحمد الفرضي، وسأله خطه، ليكون حجة له، فقال له أبو أحمد: يا بني! عليك بالصدق، فإنك إذا عرفت به لا يكذبك أحد، وتصدق فيما تقول وتنقل، وإذا كان غير ذلك، فلو قيل لك: ما هذا خط أبي أحمد الفرضي، ماذا تقول لهم؟ نقله ابن الصلاح في "المقدمة" (387 - ط بنت الشاطئ).
وانظر: "فتح المغيث" (2/ 196)، "رسوم التحديث" (125).
(89) "المنهل الروي" (97) - والمذكور عبارته- وبنحوه في "الإرشاد" (1/ 452 - 453) للنووي، وقال السيوطي في "التدريب" (2/ 90) محللا فعل ذلك: "فإن ذلك مما يؤدي إلى عدم انتفاعه بما سمع".
(90) أي: في جميعه، قاله ابن الصلاح.
(91) وكذا بإخبار الشيخ، انظر: "المنهل الروي" (97)، "فتح المغيث" (2/ 196)، ومما ينبغي معرفته أن موظفا كان في القرن الثامن (عصر المصنف والتاسع) وما بعدهما يسمى (كاتب الغيبة) وهو مخصص في أصل شرط الواقف ليكتب اسم من يتخلف عن الحضور ويسمى كاتب الغيبة، يكتب اسم من يتخلف عن الحضور ويرفعه إلى الناظر أو نائبه فيخصم عليه من راتبه بمقدار ما تخلف إن رأى مصلحة بذلك. ويكون عند قراءة الكتاب كاتب غيبة أيضا، فعندما يغيب الطالب يكتب اسمه واسم الباب الذي فاته....
وحينما تكتب الإجازة للحاضرين والمستمعين يذكر فيها أسماؤهم ويكتب للمتغيب اسمه وإلى جانبه "وفاته من باب كذا إلى كذا" وقد يجمل فيكتب اسمه وإلى جانبه "مع فوت" وتكتب هذه الشهادة في آخر صفحات الكتاب يذكر فيها أسماء جميع الحاضرين، واسم كاتبها، ولوقع الشيخ في آخرها بعد أن يؤرخها وبذكر المكان الذي قرئت فيه كاسم المسجد أو المدرسة أو داره أو البستان أو القرية أو سطح المسجد أو نحو ذلك وتسمى طبقة، وجمعها طباق وهي المراد بما يرد كثيرا في تراجم بحض العلماء "وكتب الطباق" وهو وصف مدح، أي أن المترجم كاتب ضابط ثقة حسن الخط، وتحفظ النسخة التي عليها الطباق بمسجد أو مدرسة كسجل لأسماء الطلاب الذين قرأوا الكتاب على الأستاذ وسمعوه بحضوره، وكثيرا ما يلجأ المؤرخون إلى هذه الطباق لمعرفة مشايخ من يريدون ترجمته وما سمعه من الكتب، وحينما يدعي شخص سماع كتاب يطالب بنص الطبقة؛ ليبرزها إن كان الشيخ كتب له ذلك على نسخته الخاصة، وإلا فعليه أن يعين المكان الموجود فيه نسخة من هذا الكتاب وفي آخره شهادة الشيخ بحضوره السماع، وكثيرا ما يزور بعض الناس هذه الطباق فيمحي أو يحك اسم أحد السامعين للكتاب ويضع مكانه اسم نفسه، ولكن العلماء ينتبهون إلى ذلك ويبينون تزويره ويطعنون في أمانته ويصمونه بأنه كذاب، أما إذا اضطر الكاتب إلى حك كلمة فعليه أن يكتب إلى جانبها صح ويوقع الشيخ باسمه إلى جانبها. قاله العلامة محمد أحمد دهمان في تقديمه لـ "القلائد الجوهرية" لابن طولون (21 - 22).
(92) برضى صاحب الكتاب وإلا ندب له بعد تصحيحه إعارته لمن له فيه سماع لنحو نسخ، انظر: "المحدث الفاصل" (589)، "الجامع لأخلاق الراوي" (1/ 241)، "الإلماع" (222)، "المنهل الروي" (97)، "الإرشاد" (1/ 453 - 454)، "رسوم التحديث" (125)، "فتح المغيث" (2/ 197).
(93) أسنده عنهم: الرامهرمزي في "المحدث الفاصل" (ص 589) والخطيب في "الجامع" (1/ 241 - 242) والقاضي عياض في "الإلماع" (222 - 223) وهنا ملاحظات مهمات:
الأولى: حكم به القاضيان المذكوران، وعلق القاضي عياض في "الإلماع" (223 - 224) على قضاء حفص بأن إباحته للانتساخ دليل رضاه، قال: "إن وإن العرف عندهم هذا فنعم، وإلا فلا"، فرد المسألة على العرف، فسلك بالمسألة مسلك الأصوليين.
الثانية: أما حكم القاضي إسماعيل، ففي "الجامع" للخطيب (1/ 241 - 242) على لسانه: "إن كان سماعه في كتابك بخطه، فأنت بالخيار في دفعه ومنعه، وإن كان سمعه في كتابك بخطك، فعليك أن تخرجه إليه"، وهذا يخالف ما حكاه ابن الصلاح عنه، وتبعه المصنف وجماعة؛ مثل: النووي في "الإرشاد" (1/ 453 - 454) وابن جماعة في "المنهل الروي" (97) والجعبري في "رسوم التحديث" (125)، وانظر "نكت الزركشي" (3/ 595 - 598).
(94) نقله الرامهرمزي في "المحدث الفاصل" (589) وعنه القاضي عياض في "الإلماع" (223) عن أبي عبد الله الزبيري، ثم قالا: "وقال غيره: ليس بشيء".
(95) وجهه البلقيني في "محاسن الاصطلاح" (388 - 389) بأن مثل ذلك من المصالح العامة المحتاج إليها مع وجود علقة بينهما، تقتضي إلزامه بإسعافه في مقصده، أصله: إعارة الجدار لوضع جذور الجار بالعارية، مع دوام الجذوع في الغالب، فلأن يلزم صاحب الكتاب مع عدم دوام العارية أولى.
قال أبو عبيدة: هذا من (الإحسان الإلزامي)، وله فروع كثيرة جدا، جمعها الأستاذ محمد الحبيب التجكاني في كتابه "الإحسان الإلزامي في الإسلام" وهي مطبوعة في المغرب، وانظر "نكت الزركشي" (3/ 598 - 599).
(96) سبق قلم الناسخ فأثبت "لم" بدل "أن"!
(97) زاد ابن جماعة في "المنهل الروي" (97): "وإذا قابل كتابه علم على مواضع وقوفه، وإن جاء في السماع كتب: بلغ في المجلس الأول أو الثاني، إلى آخرها"، وانظر "نكت الزركشي" (3/ 599)، "فتح المغيث" (2/ 200).
الاكثر قراءة في علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
