علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
الأحاديث القدسيّة
علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
حكم كتابة الحديث
المؤلف:
أبو الحسن علي بن عبد الله الأردبيلي التبريزي
المصدر:
الكافي في علوم الحديث
الجزء والصفحة:
ص 536 ــ 541
2025-07-28
68
الفصل الثالث: في كتابة الحديث وكيفيّة (1) ضبط الكتاب وتقييده.
* [حكم كتابة الحديث]:
اختلف الصدر الأول في كتابة الحديث، فمنهم من كره كتابة الحديث، وأمروا بحفظه، كعمر (2) وابن مسعود (3)، وزيد بن ثابت (4)، وأبي موسى (5)، وأبي سعيد (6).
واحتجّوا بحديث أبي سعيد أنّ النبي - صلى الله عليه [وآله] وسلم - قال: "لا تكتبوا عنّي شيئًا إلا القرآن، ومن كتب عنّي شيئًا غير القرآن فليمحه".
أخرجه مسلم في "صحيحه" (7).
ومنهم من أجاز ذلك وفعله، كعلي [عليه السلام] (8)، وابنه الحسن [عليه السلام](9)، وأنس (10)، وعبد الله بن عمرو بن العاص (11) في آخرين من الصحابة (12)، لقوله - صلى الله عليه [وآله] وسلم - عام الفتح: "اكتبوا لأبي شاة" (13).
ولعلّه - صلى الله عليه [وآله] وسلم - نهى عن الكتابة في الأول حين خاف عليهم اختلاط ذلك بصحف القرآن، ثم أذن في ذلك حين أمن من ذلك الاختلاط (14).
وأجمع المسلمون على إباحة الكتابة (15)، ولولا تدوينه لدرس في العصر الأخير (16).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في هامش الأصل: "بلغ سماعًا من لفظ مصنّفه إلى هنا، نفعه الله تعالى، ونفع به".
(2) أخرج عبد الرزاق في "المصنّف" (11/ 257 - 258) وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (1/ 274 - 275 رقم 343) والهروي في "ذمّ الكلام" (581) والخطيب في "تقييد العلم" (49) من طريق الزهري عن عروة بن الزبير: أنّ عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنن، فاستشار في ذلك أصحاب رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم -، فأشاروا عليه أن يكتبها، فطفق عمر يستخير الله فيها شهرًا، ثم أصبح يومًا،...، فقال: "إنّي أردت أن أكتب السنن، وإنّي ذكرت قومًا كانوا قبلكم كتبوا كتبًا، فأكبّوا عليها، وتركوا كتاب الله تعالى، وإنّي - والله - لا ألبس كتاب الله بشيء أبدًا".
ورجاله ثقات، إلّا أنّه منقطع، عروة لم يسمع عمر، نعم، جعل بعضهم (عبد الله بن عمر) بينهما، ولكنّه وهم في ذلك، انظر روايته عند الخطيب في "التقييد" (49 - 50) وتعليقه عليه.
نعم، وردت الكراهة عن عمر في أخبار كثيرة، من طرق متعدّدة، تدلّ على أنّ لذلك أصلاً، كما تراه عند: ابن أبي حاتم في "التفسير" (7/ 2100) رقم (11324) والعقيلي في "الضعفاء" (2/ 21) وأبي يعلى في "المسند الكبير" - كما في "المقصد العلي" (رقم 62) - وأبي خيثمة في "العلم" (26) وابن عبد البر في "الجامع" (345)، وينظر لزامًا "محاسن الاصطلاح" (362) ففيه نقل عن الرامهرمزي بإسناد ذكره عن عمرو بن أبي سفيان أنّه سمع عمر يقول: "قيّدوا العلم بالكتاب" وفي هامشه بخط البلقيني: "هذا الكلام مناقض لما قبله، فتأمّل".
يعني: في هذا جواز الكتابة، وما تقدم فيه كراهة ذلك. والأثر الذي فيه الجواز صحّحه الحاكم في "المستدرك" (1/ 156) وأخرجه هو والدارمي (1/ 103) وابن أبي شيبة (9/ 49)، والرامهرمزي في "المحدث الفاصل" (377) والخطيب في "التقييد" (87 - 88) وبوّب عليه (باب ذكر من روي عنه من الصحابة أنّه كتب العلم أو أمر بكتابته). وإسناد هذا الأثر ضعيف، ففيه ابن جريج قال: حدّث عبد الملك بن عبد الله بن أبي سفيان عن عمّه عمرو بن أبي سفيان به.
وابن جريج مدلّس، وقوله: "حدّث…" صريح في ذلك، وهو لم يسمع منه على اضطراب فيه! وانظر "نكت الزركشي" (3/ 556 - 558).
واقتصر ابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" (ص 472) ذكر الكراهة عن عمر وأبي سعيد، قال: "وجماعة".
(3) أخرج ابن أبي شيبة (9/ 52) وابن عبد البر (346) والخطيب في "التقييد" (38 - 39) بسند صحيح عن أبي الشعثاء المحاربي (سليم بن أسود) أنّ ابن مسعود كره كتابة العلم، وله عند الخطيب طريقان آخران يفيدان ذلك ولكن إسنادهما ضعيف.
ولكن أخرج ابن أبي شيبة (9/ 50) وابن عبد البر في "الجامع" (399) بإسناد صحيح عن معن قال: "أخرج إليّ عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود كتابا، وحلف لي إنّه خطّ أبيه بيده". وانظر لتحقيق مذهبه: "الجامع" (رقم 358).
(4) أخرج أحمد (5/ 182) وأبو داود (3647) وابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" (رقم 629) وابن عبد البر في "الجامع" (336) والخطيب في "التقييد" (35) عن زيد بن ثابت قال: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرنا ألّا نكتب شيئًا من حديثه"، وفي رواية: "أنّ النبي - صلى الله عليه [وآله] وسلم - نهى أن يكتب حديثه"، وإسناده ضعيف، المطّلب بن حنطب أرسل عن زيد، قاله أبو حاتم في "المراسيل".
وأخرج ابن سعد (2/ 117) وابن أبي شيبة (9/ 53) والدارمي (1/ 122 - 123) وابن عبد البر (349) وابن عساكر (19/ 329) بسند صحيح عن الشعبي أنّ مروان دعا زيد بن ثابت، وقوم يكتبون، وهو لا يدري، فاعلموه، فقال: "أتدرون، لعلّ كل شيء حدّثتكم به لشيء كما حدّثتكم" وهذا النهي معلّل بعلّة، وليس على إطلاقه كما ترى.
(5) أخرج الدارمي (1/ 133) وابن أبي شيبة (9/ 53) وأبو خيثمة في "العلم" (153) وابن عبد البر في "الجامع" (356، 473) والخطيب في "التقييد" (40 - 41) بأسانيد بعضها صحيح إلى أبي بردة قال: كنت كتبت عن أبي كتابا فدعا بمركن ماء، فغسله فيه، وفي رواية: فمحاه، وقال: "يا بني احفظ كما حفظت".
(6) أخرج ابن أبي شيبة (5219) والدارمي (1/ 133) وأبو خيثمة في، العلم (95) وابن عبد البر في "الجامع" (338، 339، 340) والهروي في "ذم الكلام" (578) والخطيب في "التقييد" (36، 37) بأسانيد صحيحة عن أبي نضرة قال: قلت لأبي سعيد: أكتبنا. قال: "لن أكتبكم، ولكن خذوا عنّا كما كنّا نأخذ عن رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم - " وفي رواية: "أتتخّذونه قرآنًا؟ اسمعوا كما كنّا نسمع"، وهذا اللفظ أقوى في المنع.
قال الزركشي في "نكته" (3/ 758): "بل جاء عن أبي سعيد أنّه استأذن النبي - صلى الله عليه [وآله] وسلم - في كتب الحديث، فلم يأذن له، رواه الخطيب في "تقييد العلم" انتهى. قال أبو عبيدة: لا معنى لتخصيص أبي سعيد، فكذلك جاء عن زيد بن ثابت كما تقدّم، وإسناد الخطيب ضعيف فيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، والحديث عند الترمذي (2665) والدارمي (1/ 119) وابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" (128) والرامهرمزي في "المحدث الفاصل" (379) بإسناد صحيح عن أبي سعيد بنحوه، فالاقتصاد على عزوه للخطيب قصور لا يخفى، وانظر ما سيأتي.
(7) برقم (3004). وأخرجه من حديثه أحمد (3/ 12، 21، 39، 56) والنسائي في "الكبرى" (8058) والدارمي (1/ 130 - 131) وابن حبان (64) وأبو يعلى (1288) والحاكم (1/ 126 - 127) وابن عبد البر في "الجامع" (335) والهروي في "ذم الكلام" (576) وجماعة.
(8) كان عنده صحيفة معلّقة في سيفه، فيها عن النبي - صلى الله عليه [وآله] وسلم - أسنان الإبل، وشيء من الجراحات، أخرجه البخاري (3172، 3179، 6755، 7300) ومسلم (1370).
(9) أخرج الدارمي (1/ 140) وابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 438 أو 6/ 633 - ط المحققة) والبيهقي في "المدخل" (632، 772) والخطيب في "الموضح" (2/ 475 - 476) و"التقييد" (91) وفي "تاريخ بغداد" (7/ 441) وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (13/ 259) من طريق شرحبيل بن سعد - وهو صدوق اختلط بأخرة - قال: كان الحسن بن علي [عليهما السلام] يقول لبنيه وبني أخيه: "يا بني وبني أخي تعلّموا العلم، فمن لم يستطع منكم أن يحفظه - أو قال: يرويه - فليكتبه، وليضعه في بيته".
وعلّقه البخاري في "التاريخ الكبير" (8/ 407)، وله طريق أخرى يصح بها - إن شاء الله تعالى - أخرجها أحمد في "العلل" (2965) والخطيب في "الكفاية" (1/ 229) وابن عبد البر في "الجامع" (484) وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (13/ 259).
(10) ثبت في "صحيح البخاري" (424، 425، 667، 686، 838، 1186، 4009، 5401، 6423، 6938) و "صحيح مسلم" (33) أنّ أنسًا قال عقب سماعه لحديث عن عتبان بن مالك: "فأعجبني هذا الحديث، فقلت لابني: اكتبه، فكتبه".
والإذن بالكتابة ثابت عنه من طرق، وبألفاظ مختلفة، انظر "الجامع" لابن عبد البر (395، 410)، "سنن الدارمي" (1/ 127)، "العلم" لأبي خيثمة (120)، "المعجم الكبير" للطبراني (246)، "المستدرك" للحاكم (1/ 106)، "المحدث الفاصل" (ص 368).
(11) أخرج البخاري في "صحيحه" (113) عن أبي هريرة قال: "ما من أصحاب النبي - صلى الله عليه [وآله] وسلم - أحد أكثر حديثًا عنه منّي، إلّا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنّه كان يكتب ولا أكتب".
(12) ذكر منهم الخطيب في "تقييد العلم" (الفصل الثاني: باب ذكر من روي عنه من الصحابة أنّه كتب العلم أو أمر بكتابته): أبا بكر، وعمر بن الخطاب - وانظر ما قدّمناه عنه - وابن عباس، وأبا سعيد الخدري، وانظر: "الإلماع" (146)، "الناسخ والمنسوخ" (ص 472) لابن شاهين، "محاسن الاصطلاح" (362 - 365)، "إصلاح كتاب ابن الصلاح" (ق 37/ ب - 38/ أ)، "فتح الباري" (1/ 207)، "فتح المغيث" (2/ 142 - 145).
(13) أخرجه البخاري (2434، 6880) ومسلم (1355) من حديث أبي هريرة.
(14) قال الخطيب في "التقييد" (ص 93) عقب إيراده الإباحة عن أبي سعيد، وهو الذي رفع النهي عن النبي - صلى الله عليه [وآله] وسلم - وتقدّم حديثه: "قلت: وأبو سعيد هو الذي روي عنه أنّ رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم - قال: "لا تكتبوا عنّي سوى القرآن، ومن كتب عنّي غير القرآن فليمحه"، ثم هو يخبر أنّهم كانوا يكتبون القرآن والتشهّد. وفي ذلك دليل أنّ النهي عن كتب ما سوى القرآن، إنّما كان على الوجه الذي بيّناه: من أن يضاهي بكتاب الله تعالى غيره، وأن يشتغل عن القرآن بسواه؛ فلمّا أمن ذلك، ودعت الحاجة إلى كتب العلم، لم يكره كتبه، كما لم تكره الصحابة كتب التشهّد، ولا فرق بين التشهّد وبين غيره من المعلوم، في أنّ الجميع ليس بقرآن…". وللعلماء وجوه متعدّدة في التوفيق بين النصوص، فمنهم من قال: يكون الإذن لمن خاف النسيان، والنهى لمن وثق بحفظه، وخاف عليه الاتّكال على الكتاب. انظر: "المحدث الفاصل" (382)، "نكت الزركشي" (3/ 558 - 665)، "محاسن الاصطلاح" (367 - 369)، "فتح المغيث" (2/ 145)، "تأويل مختلف الحديث" (93)، "فتح الباري" (1/ 204)، "الإرشاد" (1/ 427)، "صحائف الصحابة" (39 - 48) لأحمد الصويان، "توثيق السنة في القرن الثاني الهجري" (43 - 55) لرفعت فوزي، "كتابة الحديث بأقلام الصحابة" (ص 19 - 39).
(15) حكى الإجماع غير واحد من العلماء، انظر: "شرح النووي على صحيح مسلم" (1/ 312 و9/ 129)، "المنهل الروي" (92)، "محاسن الاصطلاح" (369) - وعبارته: "والآن فهو مجمع عليه، لا يتطرّق خلاف إليه" - "موسوعة الإجماع" (2/ 569) لسعدي أبو حبيب.
(16) لله درّ الشافعي لمّا قال: "اعلموا - رحمكم الله - أنّ هذا العلم يندُّ، كما تندُّ الإبل"، فاجعلوا الكتب له حماة، والأقلام عليه رعاة" انظر "تقييد العلم" (ص 114).
الاكثر قراءة في علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
