علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
الأحاديث القدسيّة
علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
رواية الحديث وشروط أدائه
المؤلف:
أبو الحسن علي بن عبد الله الأردبيلي التبريزي
المصدر:
الكافي في علوم الحديث
الجزء والصفحة:
ص 573 ــ 577
2025-07-30
34
الفصل الرابع: في رواية الحديث وشروط أدائه.
[هل تشترط الرواية من الحفظ؟]
اعلم أنّ قومًا شددوا فأفرطوا في الرواية، وقالوا: لا حجّة إلّا فيما رواه من حفظه.
وروي عن مالك (1)، وأبي حنيفة (2).
[[الرواية من الكتاب الذي في اليد]]
وقال بعضهم (3): تجوز الرواية من كتابه إلّا إذا خرج من يده بالعارية ونحوها، فحينئذٍ لا يجوزه.
[[الرواية من النسخ غير المقابلة]]
وقوما تساهلوا بالنسخ (4) غير مقابلة بأصولهم، فجعلهم الحاكم من المجروحين.
قال: "وهذا كثر في الناس، وتعاطاه قوم من أكابر العلماء المعروفين بالصلاح"(5).
ومنهم: عبد الله بن لهيعة (6)، ولذلك ترك الاحتجاج بروايته مع جلالته، وقد تقدّم ممّا ذكرنا أنّ الرواية جائزة من نسخة غير مقابلة بالشروط المذكورة، فلعلّ الحاكم أراد بذلك إذا لم توجد تلك الشروط، أو أنّه يخالف الجماعة في تلك المسألة.
[[الرواية بالوصيّة والإعلام والمناولة المجرّدة]]
وقال بعض المتساهلين: تجوز الرواية بالوصيّة، والإعلام، والمناولة المجرّدة، وغير ذلك ممّا ذكرنا (7) أنّه لا يجوز.
والصواب ما عليه الجمهور، وهو التوسّط بين الإفراط والتفريط.
[[متى تجوز الرواية من الكتاب؟]]
فإذا قام الراوي في التحمّل بما تقدّم، وقابل كتابه على ما سبق؛ جاز له الرواية منه، وإن خرج الكتاب عن يده إذا غلب على ظنّه سلامته من التغيير، لا سيما إذا كان ممّن لا يخفى عليه في الغالب التغيير؛ لأنّ الاعتماد في الرواية على غلبة الظنّ، فإذا حصلت لم يشترط مزيد عليه (8).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرج ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2/ 27) والخطيب في "الكفاية" (227) وأبو الفضل السليماني في "الحث على طلب الحديث"- كما في "فتح المغيث" (2/ 202) - بسند صحيح عن أشهب قال: سئل مالك: أيؤخذ ممّن لا يحفظ وهو ثقة صحيح، أتؤخذ عنه الأحاديث؟ فقال: "لا يؤخذ عنه، أخاف أن يزاد في كتبه بالليل".
(2) أخرجه الخطيب في "الكفاية" (231) بسند ليّن عن ابن معين قال: "كان أبو حنيفة يقول: لا يحدّث إلّا بما يعرف ويحفظ"، ولفظ الحاكم في "المدخل إلى الإكليل" (89) بسنده إليه: "لا يحل للرجل أن يروي الحديث إلا إذا سمعه من فم المحدّث فيحفظه، ثم يحدّث به".
ونقله ابن الصلاح في مقدّمته" (390 - ط بنت الشاطئ) عن أبي بكر محمد بن دؤاد الصيدلاني المروزي (ت 427 هـ) من أصحاب الشافعي. وانظر: "الإلماع" (139)، "التبصرة والتذكرة" (2/ 161)، "المنهل الروي" (98)، "فتح المغيث" (2/ 204)، "طبقات الشافعيّة" (4/ 31).
(3) نقله الخطيب في "الكفاية" (235) عن يحيى بن سعيد وإسماعيل بن العباس (جدّ شيخه أبي بكر الإسماعيلي)، ثم قال: "والذي عندي في هذا أنه متى غاب كتابه عنه، ثم عاد إليه، ولم يرَ فيه أثر تغيير حادث من زيادة أو نقصان، أو تبديل، وسكنت نفسه إلى سلامته، جاز له أن يروي منه، وعلى هذا الوجه يحمل كلام يحيى بن سعيد القطّان في مثل هذه المسألة".
(4) المراد برواية النسخ.
(5) "المدخل إلى الإكليل" (130) وفيه: "والمعروفين بالصلاح، وكل من طلبه في زماننا عاينه".
(6) أخرج ابن حبّان في "المجروحين" (2/ 13) من طريق نعيم بن حمّاد: قال سمعت يحيى بن حسّان، يقول: جاء قوم ومعهم جزء، فقالوا: سمعناه من ابن لهيعة، فنظرت فيه، فإذا ليس فيه حديث واحد من حديث ابن لهيعة، فقمت فجلست إلى ابن لهيعة، فقلت: أيّ شي ذا الكتاب الذي حدّثت به؟ ليس هاهنا في هذا الكتاب من حديثك، ولا سمعتها أنت قط! قال: فما أصنع بهم يجيئون بكتاب، فيقولون: هذا من حديثك فأحدّثهم به. وقال سعيد بن أبي مريم: رأيت ابن لهيعة يعرض ناس عليه أحاديث من أحاديث العراقيّين: منصور، وأبي إسحاق، والأعمش وغيرهم، فأجازه لهم، فقلت: يا أبا عبد الرحمن؛ ليست هذه من حديثك. قال: هي أحاديث صرّت على مسامعي. فلم أكتب عنه بعدها. انظر "الجرح والتعديل" (5/ 146)، و"الكامل" (4/ 1462)، "الميزان" (2/ 477)، "السير" (8/ 19).
وقال يعقوب الفسوي في "المعرفة والتاريخ" (2/ 185): "سمعت ابن أبي مريم يقول: كانت كتب حيوة بن شريح، عند وصي له، قد كان أوصى إليه، وكانت كتبه عنده، فكان قوم يذهبون فينسخون تلك الكتب، فيأتون به ابن لهيعة، فيقرأ عليهم"، وذهب الإمام الحافظ أحمد بن صالح المصري - فيما حكاه عنه يعقوب الفسوي في "المعرفة" (2/ 434) - إلى أنّ سبب وجود الخطأ في مرويّات ابن لهيعة هو من النّاس وليس منه، قال: "...يقولون سماع قديم وسماع حديث؟ فقال: ليس من هذا شيء، ابن لهيعة صحيح الكتابة، كان أخرج كتبه فأملى على النّاس حتّى كتبوا حديثه إملاء، فمن ضبط كان حديثه حسنًا صحيحًا، إلّا أنّه كان يحضر من يضبط ويحسن، ويحضر قوم يكتبون، ولا يضبطون، ولا يصحّحون، وآخرون نظارة، وآخرون سمعوا مع آخرين، ثم لم يخرج ابن لهيعة بعد ذلك كتاب، ولم يرَ له كتاب، وكان من أراد السماع منه ذهب فانتسخ ممّن كتب عنه، وجاء فقرأه عليه، فمن وقع على نسخة صحيحة فحديثه صحيح، ومن كتب من نسخة ما لم تضبط جاء فيه خلل كثير، ثم ذهب قوم فكل من روى عن عطاء بن أبي رباح فإنّه سمع من عطاء، وروى عن رجل وعن رجلين وعن ثلاثة عن عطاء، فتركوا من بينه وبين عطاء، وجعلوه عن عطاء. وقال يعقوب: كتبت عن ابن رمح كتابًا عن ابن لهيعة، وكان فيه ممّا وصف أحمد بن صالح". وقال في "المعرفة" (2/ 184): "سمعت أحمد بن صالح يقول: كتبت حديث ابن لهيعة، عن أبي الأسود في الرق، وكنت أكتب عن أصحابنا في القراطيس، وأستخير الله فيه، فكتبت حديث النضر بن عبد الجبّار في الرقّ، قال: فذكرت له سماع القديم وسماع الحديث، فقال: كان ابن لهيعة طلابا للعلم، صحيح الكتاب. قال: وظننت أنّ أبا الأسود كتب من كتاب صحيح، فحديثه صحيح، يشبه حديث أهل العلم".
من هذا كلّه يتبيّن لك صحّة ما قاله ابن الصلاح وتابعه عليه المصنف، ونقل الزركشي في "نكته" (3/ 600) عن المزّيّ قوله متعقّبًا ما حكاه ابن الصلاح ما قدمته عن يحيى بن حسان، قال: "قال الحافظ المزي: هذه الحكاية فيها نظر؛ لأنّ ابن لهيعة من الأئمّة الحفّاظ لا يكاد يخفى عليه مثل هذا، وإنّما تكلّم فيه من تكلّم بسبب من الرواة عنه، فمنهم من هو عدل كابن المبارك ونحوه، ومنهم من هو غير عدل؛ فإن كان الذي روى عنه عدل فهو جيد، وإلّا كان غير عدل فالبلاء ممّن أخذه عنه" انتهى كلام الزركشي. ولم أظفر بكلام المزّيّ في "تهذيب الكمال" (15/ 487 - 503) ولا حكى ما نقله ابن الصلاح عن ابن حسان، ولذا استدركه عليه مغلطاي في "إكمال تهذيب الكمال" (8/ 144) ولم يتعقّبه بشيء لا فيه ولا في "إصلاح كتاب ابن الصلاح"، ونقله ابن حجر في "التهذيب" (5/ 330) في زياداته عليه متابعا – كعادته - مغلطاي، والذي أراه أنّ كلام ابن الصلاح صحيح، وتعقّب المزّيّ صحيح، وأكثرنا من ذكر ما يدلّ على الأمرين، وتحتمله عبارة المصنّف بخلاف حصر ابن الصلاح الدليل على ما رماه به في القصة التي ذكرت عن يحيى بن حسّان.
وممّا يدلّل على صحة كلام ابن الصلاح أيضًا ما قاله عنه ابن سعد في "طبقاته" (7/ 516) قال: "وأمّا أهل مصر، فيذكرون أنّه لم يختلط، ولم يزل أول أمره وآخره واحد، لكن كان يقرأ عليه ما ليس من حديثه، فيسكت عليه، فقيل له في ذلك، فقال: ما ذنبي! إنّما يجيئون بكتاب فيقرأونه ويقومون، ولو سألوني لأخبرتهم أنّه ليس من حديثي". وقال ابن قتيبة: كان يقرأ عليه ما ليس من حديثه، يعني: فضُعِّف بسبب ذلك، انظر "تهذيب الكمال" (8/ 144)، "التهذيب" (5/ 330).
(7) في (النوع السادس) و(النوع السابع) والقسم الثاني من (النوع الرابع) وهي في الفقرات (138، 140، 141).
(8) انظر ما علقناه على (ص 574).
الاكثر قراءة في علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
