فتح الأثارب (1)
المؤلف:
أ.د. محمد سهيل طقوش
المصدر:
تاريخ السلاجقة في خراسان وإيران والعراق
الجزء والصفحة:
ص 234 ــ 235
2025-09-27
328
لم تكد سنة (524هـ / 1130م) تنتهي حتى كان عماد الدين زنكي قد أنهى معظم مشكلاته وحروبه ضد أمراء دياربكر، وامتدت سيادته المطلقة على بلاد الشام حتى جنوبي حمص، فانتهز فرصة اختلال أوضاع أنطاكية وقرر البدء بمهاجمة المواقع الصليبية مستهدفاً أدناها وأشدها خطراً على كيانه السياسي في حلب، فخرج على رأس جيشه وعسكر أمام الأثارب الذي فقده رضوان بن تتش في عام (504هـ / 1110م) وهو أمنع الحصون الصليبية المتاخمة لحلب حيث دأب الصليبيون على مضايقة الحلبيين وكانوا يقاسمونهم أعمالها الغربية كافة، ويقومون بغارات مستمرة عليهم، وقد حشدوا فيه خيرة فرسانهم نظراً لخطورة موقعه وأهميته بالنسبة لأهدافهم في المنطقة(2).
ارتأى عماد الدين زنكي بعد وقوفه على الوضع العسكري أن يخوض المعركة بعيداً عن الحصن، ففك الحصار عنه وابتعد من أمامه فتبعه الصليبيون الذين فقدوا بهذه الحركة عنصري القوة والحماية اللذين كان سيوفره لهم، واصطدم الطرفان في رحى معركة ضارية انتهت بانتصار المسلمين ومصرع عدد كبير من عساكر الصليبيين، ووقع في الأسر من بقي حيا (3).
توجه عماد الدين زنكي بعد المعركة إلى الحصن ودخله عنوة وأسر أفراد حاميته، ثم أمر بتخريبه كي يقطع على الصليبيين كل أمل باستعادته واتخاذه قاعدة تُهدد أمن المسلمين في حلب (4) ثم تقدم نحو حارم (5) الواقعة على طريق أنطاكية، وضرب الحصار عليها، فبذل له أهلها نصف دخل بلدهم، والتمسوا مهادنته، فأجابهم إلى ذلك ثم قفل عائداً إلى حلب (6)، ليستعد لجولة أخرى مع الصليبيين، وقد ذاعت شهرته على أنه بطل المسلمين في جهادهم ضد الصليبيين (7).
...................................................................
(1) الأثارب: قلعة بين حلب وأنطاكية، بينها وبين حلب ثلاثة فراسخ. الحموي: ج1 ص89.
(2) ابن الأثير الكامل في التاريخ : جـ 9 ص 22.
(3) المصدر نفسه.
(4) ابن الأثير: التاريخ الباهر: ص 39، 40.
(5) حارم حصن وكورة تجاه أنطاكية. الحموي: جـ 2 ص 205.
(6) ابن الأثير: التاريخ الباهر ص 42.
(7) Stevenson: pp 128, 129.
الاكثر قراءة في الدولة العباسية *
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة