علامات حبّ الجاه
المؤلف:
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
المصدر:
الأخلاق في القرآن
الجزء والصفحة:
ج3/ ص18-19
2025-01-08
1290
يمكن معرفة الأفراد الذين يحبون الجاه والمقام عن طريق حركاتهم وكلماتهم وسلوكهم ، فكل ما يفعلوه من خير يرغبون في اظهاره والإعلان عنه ، حتى تكون لهم المنزلة والمقام عند الناس.
وعلى هذا فالذين يحبّون الجاه يتحرّكون في سلوكهم الأخلاقي نحو الرياء غالباً ، لأنّ حبّهم للجاه لا يمكن اشباعه إلّا بالرياء ، ولذلك فإنّ بعض كبار علماء الأخلاق ، ادرجوا عنوان الرياء وحب الجاه سويةً في كتبهم ([1]).
وكثير من الذين يحبّون الجاه يحبّون أن يحمدوا بما لم يفعلوا وبهذا جاءت الآية الشريفة : (يُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا)([2]) فهدفهم الشهرة والوجاهة والإشارة إليه بالبنان ، عن أي طريق كان ، وليس هدفهم من الوجاهة هو التحرك باتّجاه تفعيل الخير في المجتمع من موقع الإصلاحات الاجتماعية ، ولكن الهدف هو مدح الناس وخضوعهم لهم والإشارة إليهم بالبنان كما قلنا ، فهم يسعون للأعمال التي فيها الشهرة وإن كان مردودها قليلاً ، ولا يسعون أبداً للأعمال التي لا تحقق لهم الوجاهة والسمعة وإن كانت تلك الأعمال تعود بالنفع الكثير للمجتمع.
محبو الجاه يتوقعون أن يُمدحوا دائماً ، ولا يرغبون بالنقد والتأنيب وينتظرون الاحترام من الجميع في المجالس وغيرها ولا يحبون أن يجلس أحد في مكان أعلى منهم ، أو يقاطعهم في أثناء كلامهم ويجب أن يكون كلامهم هو الكلام الأول والأخير ، ومن قدّم إليهم صنوف المدح وآيات الاحترام والتبجيل فهو إنسان شريف ويعترف بالجميل ، ومن لم يكن كذلك فهو لئيم وناكر للجميل ، ولذلك فإن مثل هؤلاء الأشخاص غالباً ما يكونون منبوذين ومكروهين ، ورجوع بعض المحتاجين إليهم هو من باب الإجبار وعدم الحيلة.
مثل هؤلاء الأفراد يعرفون بسرعة ، وجاء في حديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) : «إنَّ شِرارَكُم مَن أَحبَّ أن يُوطّأ عَقِبَهُ» ([3]).
ونقرأ في حديث آخر عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) : «مَنْ أَحبَّ أن يُمثّل لَهُ الرِّجالُ فَليَتَبَوءَ مَقعَدَهُ مِنَ النَّارِ» ([4]).
ومن العلامات الاخرى لهم ، أنّهم يعيشون في حالة الوهم والشخصية الخيالية الضاربة في أحلام اليقظة ، فما لا يحصلونه في عالم الواقع من المنزلة والجاه والاحترام يجدونه حاضراً في عالم الوهم والخيال.
[1] المحجة البيضاء ، ج 6 ، ص 106 وما بعدها حيث بحثت المسألة بما يقارب المائة صفحة.
[2] سورة آل عمران ، الآية 188.
[3] اصول الكافي ، ج 2 ، ص 299 ، ح 8.
[4] مكارم الأخلاق ، ج 1 ، ص 26.
الاكثر قراءة في حب الدنيا والرئاسة والمال
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة