عجباً لفئة باغية محسوبة على الإسلام تدعي أنها من أمة محمد صلى الله عليه واله وسلم ثم تبادر بكلّ ما أوتيت من قوة إلى ظلم آله وسبطه؟
لقد لاقى الحسن عليه السلام ظلماً وجوراً من أمة جده المصطفى في حياته وبعد مماته, فلم تكتفِ هذه الفئة الباغية من بني أمية بإرسال السم إليه عن طريق زوجته اللعينة جعدة بنت الأشعث وإنما حاربته هذه الفئة في اختيار مكان دفنه!
إذ كانت وصيته عليه السلام أن يدفن بجنب جده المصطفى صلى الله عليه واله وسلم فهو أولى الناس به, فخرج الحزب الأموي يتقدمهم مروان بن الحكم وتساندهم في ذلك إحدى زوجات النبي وهي تركب على بغلة شهباء وتنادي: "لا تدخلوا في بيتي من لا أحب؟! إن دفن الحسن في بيتي لتجز هذه وأومأت إلى ناصيتها".(1)
والسؤال كيف أصبح بيت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بيتها وحدها ولها حق التصرف فيه؟!
ألم تزعم هذه المرأة وأبوها أن النبي صلى الله عليه واله وسلم قال: "إنّا معاشر الأنبياء لا نورث ذهباً ولا فضة ولا داراً ولا عقاراً"(2)، فهل كان هذا الحديث مخصوصاً لكي تحرم فاطمة بضعة الرسول صلى الله عليه واله وسلم من إرثها في فدك وغيره ! ومن المعروف أن للنبي تسع زوجات فكيف تملكت هي البيت وحدها وصدق من قال:
لكِ التسع من الثمنِ ... وبالكلِّ تملكتِ
ولا يخفى أن الزوجة لا ترث من زوجها شيئاً في الأرض انما ترث من العمارات أي من الابنية المشيدة في البيت وليس من اصل مساحة الأرض , ولكن ما حجب بني هاشم من عدم دفن الحسن عليه السلام بجوار جده صلى الله عليه واله وسلم هو الوصية التي أوصى بها الحسن فلقد كان حليماً في حقه حتى بعد مماته وأوصى بأن لا تراق قطرة دم في دفنه, وأليس من الغرابة أن زوجة الرسول صلى الله عليه واله وسلم لا تحبذ ريحانته وسبطه إذ ترفض دفنه في بيت النبي صلى الله عليه واله وسلم !
والغريب من ذلك أنها عرضت على عبد الرحمن بن عوف أن يدفن بالقرب من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم إذا وافته المنية ! كأن البيت بيتها وكأن عبد الرحمن بن عوف أقرب إلى رسول الله من ريحانته وسبطه؟
ولقد استاء المؤمنون من هذا الموقف المُعارض, لدفن الإمام الحسن عليه السلام بالقرب من جده وخاصة بني هاشم وأشهروا سيوفهم, فنهاهم الإمام الحسين عليه السلام عن ذلك عملاً بوصية أخيه الحسن عليه السلام , ولفظاعة هذا الموقف من الحزب الأموي اهتزت مشاعر أبي هريرة الذي سجّل له التاريخ هذه الوقفة الكريمة والعجيبة ! من شخص عرف بولائه لملذاته ولكن تمادي الفئة الباغية في ظلمها حرك ساكن أبي هريرة وأخذ ينادي بأعلى صوته: أريتم لو مات ابن لموسى بن عمران أما كان يدفن مع أبيه؟ وأني سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول: "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة".(3)
ولكن لا جدوى فلا حياة لمن تنادي ودفن عليه السلام في البقيع وتم بناء قبره ولم يسلم الإمام الحسن من ظلم أعدائه حتى بعد مواراة جثمانه الطاهر؟ واستكثروا أن تكون عليه قبة تليق ببعض الشيء به وبمكانته من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم, فهو الامتداد الطبيعي لرسول الله وسبطه, فراموا إلى تهديم قبره عليه السلام في السنة 1220هـ وبعد إعادة البناء مرة ثانية عن طريق تبرعات المؤمنين عمد أعداء آل محمد إلى هدم القبور مرة أخرى بعد تعريض القبر الشريف للاعتداء لجميع مكوناته وذلك في عام 1344هـ تصريحاً واعترافاً منهم بأنهم أبناء تلك الفئة الباغية وأن حقدهم قد ورثوه عن آبائهم الأمويين والله لا يهدي القوم الظالمين.
....................................
(1) شرح ابن أبي الحديد في النهج: ج16، ص50.
(2) موسوعة أهل البيت (ع) : ص492.
(3) موسوعة أهل البيت (ع): ص494.
وفاء عمرعاشور







وائل الوائلي
منذ 6 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN