الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
من لسان الدين إلى اليتيم
المؤلف:
أحمد بن محمد المقري التلمساني
المصدر:
نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب
الجزء والصفحة:
مج6، ص92-94
2024-08-12
757
من لسان الدين إلى اليتيم
فأجبته بهذه الرسالة، وهي ظريفة في معناها : « يا سيدي الذي إذا رفعت راية ثنائه تلقيتها باليدين 2، وإذا قسمت سهام وداده على ذوي اعتقاده. كنت صاحب الفريضة " والدين ، دام بقاؤك لطرفة تبديها ، وغريبة تردفها بأخرى تليها ، وعقيلة بيان تجليها ، ونفس أخذ الحزن بكظمها ، وكلف الدهر بشت نظمها ، تؤنسها وتسليها ، لم أزل أشد على بدائعك يـد الضنين ، وأقتني
92
درر كلامك ، ونفثات أقلامك ، اقتناء الدر الثمين ، والأيام بلقائك تعد ولا تسعد ، وفي هذه الأيام انثالت علي سماؤك بعد قحط ، وتواترت لدي آلاؤك على شحط ، وزارتني من عقائل بيانك كل فاتنة الطرف ، عاطرة العرف ، رافلة في حلل البيان والظرف ، لو ضربت بيوتها بالحجاز ، لأقرت لها العرب العاربة بالإعجاز ، ما شئت من رصف المبنى ، ومطاوعة اللفظ لغرض المعنى ، وطيب الأسلوب ، والتشبث بالقلوب ، غير أن سيدي أفرط في التنزل ، وخلط المخاطبة بالتغزل ، وراجع الالتفات ، ورام استدراك ما فات ، ويرحم الله تعالى شاعر المعرة فلقد أجاد في قوله ، وأنكر مناجاة الشوق بعد انصرام حوله :
أبعد حول تناجي الشوق ناجية هلا ونحن على عشر من العشر" ه ولقد تجاوزت في الأمد ، وأنسيت أخبار صاحبك عبد الصمد ، فـ د ، فأقسم بألفات القدود ، وهمزات الجفون السود ، وحامل الأرواح مع الألواح : بالغدو والرواح ، لولا بُعد مزارك، ما أمنت غائلة ما تحت إزارك ، ثم إني حققت الغرض ، وبحثت عن المشكل الذي عرض ، فقلت : للخواطر " انتقال ، ولكل مقام مقال، وتختلف الحوائج باختلاف الأوقات ، ثم رفع اللبس خبر
الثقات ..
ومنها « وتعرفت ما كان من مراجعة سيدي لحرفة التكتيب والتعليم
والحنين إلى العهد القديم، فسررت باستقامة حاله ، وفضل ماله ، وإن لاحظ
93
اللاحظ ، ما قال الجاحظ 1 ، فاعتراض لا يرد ، وقياس لا يطرد ، حبذا والله عيش التأديب ، فلا بالضنك ولا بالحديب ، معاهدة الإحسان ، ومشاهدة الصور الحسان " . يميناً إن المعلمين ، لسادة المسلمين ، وإني لأنظر منهم خطرت على المكاتب ، أمراء فوق المراتب ، من كل مسيطر الدرة ، متقطب الأسرة ، متنمر للوارد تنمر الهرة ، يغدو إلى مكتبه ، كالأمير في موكبه ، حتى إذا استقل في فرشه 3 ، واستوى على عرشه ، وترنم بتلاوة قالونه وورشه، أظهر للخلق احتقاراً ، وأزرى بالجبال وقاراً ، ورفعت إليه الخصوم ، ووقف بين يديه الظالم والمظلوم ، فتقول : كسرى في إيوانه ، والرشيد في أوانه ، أو الحجاج بين أعوانه ، فإذا استولى على البدر السَّرَار ، وتبين للشهر الغرار ، تحرك إلى الخرج ، تحرك العود إلى الفرج ، أستغفر الله مما يشق على سيدي . سماعه
،
و تشمئز من ذكره طباعه ، شيم اللسان ، خلط الإساءة بالإحسان ، والغفلة من ، صفات الإنسان ، فأي عيش كهذا العيش ؟ وكيف حال أمير هذا الجيش ؟ طاعة معروفة ، ووجوه إليه مصروفة ، فإن أشار بالإنصات ، لتحقق القصات
،
فكأنما طمس على الأفواه ، ولأم بين الشفاه ، وإن أمر بالإفصاح، وتلاوة الألواح ، علا الضجيج والعجيج ، وحف به كما حف بالبيت الحجيج ، وكم بين ذلك من رشوة تدس ، وغمزة لا تحس ، ووعد يستنجز ، وحاجة تستعجل وتحفز ، هنا الله سيدي ما خوّله ، وأنساه بطيب أخراه أوله ، وقد بعثت بدعابتي ويفسح لها في إجلال قدره ، والثقة بسعة صدره ، فليتلقاها بيمينه ، مع المرتبة بينه وبين خدينه ، ويفرغ لمراجعتها وقتاً من أوقاته عملا بمقتضى دينه ،هذه و فضل يقينه