الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
مخاطبة لأبي زيان
المؤلف: أحمد بن محمد المقري التلمساني
المصدر: نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب
الجزء والصفحة: مج6، ص:382-385
2024-12-10
282
مخاطبة لأبي زيان
رجع لنثر لسان الدين ابن الخطيب رحمه الله تعالى ومن كلام لسان الدين رحمه الله تعالى ما خاطب به سلطان المغرب
أبا زيان لما تم له الأمر وهو مشتمل على نظم ونثر
ونصه:
يا ابن الخلائف يا سمي محمد يامن علاه ليس يحصر حاصر
أبشر فأنت مجدد الملك الذي لو لاك أصبح وهو رسم داثر
من ذا يعاند منك وارثه الذي بسعوده فلك المشيئة دائر
ألقت إليك يد الخلافة أمرها إذ كنت أنت لها الولي الناصر
هذا وبينك للصريخ وبينها حرب مضرسة وبحر زاخر
من كان هذا الصنع أول أمره حسنت له العقبى وعز الآخر
مولاي عندي في علاك محبة والله يعلم ما تكن ضمائر
قلبي يحدثني بأنك جابر كسري وحظي منك حظ وافر
بثرى جدودك قد حططت حقيبي فوسيلي لعلاك نور باهر
وبذلت وسعي اجتهادي مثلما يلقي لملكك سيف أمرك عامر
فهو الولي لدى الذي اقتحم الردى وقضى العزيمة وهو سيف باتر
وولي جدك في الشدائد عندما خذلت علاه قبائل وعشائر
فاستشد منه النصح واعلم أنه في كل معضلة طبيب ماهر
إن كنت قد عجلت بعض مدائحي فهي الرياض وللرياض بواكر
مولانا وعمدة ديننا ودنيانا الذي سخر الله تعالى البر والبحر بأمره
وحكم فوق السموات السبع بعز نصره واغنى يوم سعده عن سل السلاح
وشهره وفتق عن زهر الصنع الجميل كمامة تسليمه وصبره وقيض له في علم غيبه وزيرا مذخورا لشد أزره وقود الملك إليه على حال حصره الخليفة الإمام الذي استبشر به الإسلام وخفقت بعزه الأعلام ولاح بدر
محياه فافتض الظلام المقتدي بالنبي الكريم سميه في المراشد التي تألق منها
الصبح والمقاصد التي لازمها النجح والتمحيص الذي نبع منه المنح حتى
382
في الهجرة التي جاءه بعدها الفتح، أبو زيان ابن مولانا السلطان ولي العهد ترشيحاً ومآلاً، ومؤمل الإسلام تقلداً للمذهب الصريح وانتحالاً، وأمير المسلمين لو أوسعه القدر إمهالاً، ووسطى عقد البنين خلائق متعددة وخلالاً ، المتحف بالشهادة ولما يعرف بدره هلالاً ، المعوّض بما عند الله تعالى سعادة ألبسته سربالا ، وأبلغته من رضوان الله تعالى آمالاً ، أبي عبد الرحمن ابن مولانا أمير المسلمين عظيم الخلفاء ، وعنصر الصبر والوفاء ، وستر الله تعالى المسدول على الضعفاء ، والمجاهد في سبيل الله تعالى بنفسه وماله ، المنيف على مراكز النجوم بهممه وآماله ، المقدس أبي الحسن ابن موالينا الخلفاء الطاهرين والأئمة المرضيين ، من قبيل بني مرين ، وصفوة الله تعالى في هذا المغرب الأقصى من أوليائه المؤمنين ، وزينة الدنيا وعمدة الدين ، هنأه الله تعالى ما أورثه من سرير الملك الأصيل وخوله من سعادة الدنيا والدين على الإجمال والتفصيل ، وتوجه من تاج العزة القعساء عند اشتباه السبيل ، وعوّضه من قبيل الملائكة عند تشتت القبيل، وجعل قدمه الراسخة ، وآياته الناسخة، وربوته السامية الباذخة، وغرة نصره الشادخة ' ، وأوزعه شكر آلائه، في الخلاص من ملكة أعدائه ، وخطر البحر وعدوان مائه ، وغول السفر ، وارتكاب الغرر ، وثبات أقدام أوليائه الذين ما بدلوا تبديلاً، ولا ارتضوا لقبلة طاعته بعد أن ولوا وجوههم شطرها تحويلاً ، بل صبروا صبراً جميلاً ، وباعوا نفوسهم تتميماً لعقدة إيمانهم وتكميلاً يسلم على مقامكم الذي وسم السعد مشرق جبينه ، وذخيرة قبل الطاعة ليمينه ، وأقسم الدهر بمظاهرة أمره السعيد فبر - والشكر الله تعالى – في يمينه ، عبدكم الذي اعتلق منكم بالوسيلة الكبرى، وقرَّ بملككم عيناً وشرح صدرا، وبذل الجهد وإن قل قدرة وقدرا، والتمس لكم الدعاء علناً وسرا، ابن الخطيب الذي حط رحل اقتصاده بتراب الملوك الكرام جدودكم، محاريب
383
بركم وأسباب وجودكم ، وآبائكم الذين في مظاهرتهم ورعيهم يظهر للناس مخايل هداكم وتدر سحائب جودكم ، ملتحفاً منذ سنتين بأصونة قبورهم وثيابها ، مستظلاً بأفنيتها المعظمة وقبابها ، ممرغاً خده بترابها ، مواصلاً الصراخ يا لمرين ويا ليعقوب متطارحاً على أبوابها ، فلم يتيح الله تعالى له نعرة ترعى الضيف وتحمي الدخيل ، أو حمية تدفع الضيم وتشفي الغليل ، إلا على يدكم
يا أيها الكريم ابن الكريم ابن الكريم، وبطل الميدان في موقف الهول العظيم
المذخور لنصر المظلوم وإنصاف الغريم، وإجالة أقلام الفتح بفتح الأقاليم كتبه مهنئاً بما سنى الله تعالى لملككم من الصنع الذي خرق حجاب العادة، وسع وأرى إعجاز السعادة، معجلاً ذلك بين يدي المبادرة إلى لثم بساطكم الذي شرف وجوهها بلثمه الوجوه، وتخشاه الأملاك الجبابرة وترجوه، وأداء الواجب من القيام بمنظوم ثنائه في الحفل المشهود، وإبلاغ لسان الحمد المجهود ، وإلقاء ما عند العبد من خلوص وجنوح ، وحبّ واضح أي وضوح ، فولي دعوتكم الشيخ أبو ثابت أعزه الله تعالى يقرره ، ويبين مجمله ويفسره ، والعبد واثق بفضل الله تعالى على يديكم ، وملتمس النصر لديكم ، وقاطع أن طلبته بكم تتسنى ، وأنكم سبب عاقبته الحسنى ، إما بالظهور على الوطن الذي تجرأ به المنقلب على ملككم ، ومد اليد إلى نثر سلككم ، ونقص إرثكم المسلم المحرر ، وزلزل وطنكم المؤسس على الطاعة المقرر ، وأضرم النار في بسائطكم وجبالكم ، وأطلق يد الفتنة على بيوت أموالكم متكثراً عليكم بالقلة ، متعززاً بالذلة ، جانياً على داركم بما لا تبيحه الملة ، أو بالشفاعة الجازمة إن لم يتأذن الله تعالى في الانتصاف ، والله يجعل الظهور بكم من الأوصاف ، ويعينكم على جبر الكسير ، وتيسير الأمر العسير ، ويهنيكم منيحة الملك الكبير، ويبقي كلمته في عقبكم بعد تملؤ التعمير ، والسلام 384 ) . »
وله رحمه الله تعالى في مخاطبة السلطان أبي زيان المذكور : « المولى الذي طوق المنن ، وأحيا السنن ، وأنبت الله تعالى حبه في القلوب النبات الحسن ، ناظم كلمة الدين بعد انتشارها ، ومقيل عثارها ، والآخذ بثارها ، والمخلد لآثارها ، السلطان أبو زيان ... إلخ - أبقاكم الله تعالى عالي القدم ، منصور العلم ، ظاهراً على الأمم ، مقصود الحمى كالركن الملتزم . عبد مقامكم الذي آويتموه غريباً ، وأنستموه مريباً ، وأنلتموه على عدوه الدهر نصراً عزيزاً وفتحاً قريباً ، فلم يخش دركاً وتثريباً ، ولا عدم حظوة وشفقة ونعمة وتقريباً ، ابن الخطيب عن ثناء يعطر الآفاق ، ويرقم الأوراق ، ويخلق الجيوب والأطواق ، وحب بهر نوراً وراق ، وجاس اشتهاره الشام والعراق . ويطالع العبد محل مولاه الذي خلف ببابه قلبه وولده ، وصبره وجلده ، وصير وطنه داره الحقيقية وبلده. أنه لما ا قدم على محل أخيه ، المعتد بما أودع الله تعالى من الخلال الشريفة فيه ، مولاي ابن مولاي أبي عبد الله - كفل الله تعالى جميل رعيه وكرم عهده ، وحكم بإعلاء جده ومضاء حده - رعتى الوسيلة ، وصدق المخيلة ، وجلا عند اجتلاء مخاطبتكم أسارير الفضيلة ، فلم يدع حقاً إلا صرفه ، ولا نكرة
إلا عرفه ، ولا نعمة إلا سكبها ، ولا مزية إلا أوجبها ، ولا رتبة إلا أعلاها ولا نعمة إلا أولاها ، وما ذاك يا مولاي وإن تعددت الرسائل والأزمة ، واد كرت القرب بعد أمة ، إلا بوصاتكم التي لا تهمل ، وحرمتكم التي لا تجهل ، وعطف مقامكم الذي اشتهر ، واعتنائكم بعبدكم الذي راق وبهر ، فالعبد عبدكم بكل اعتبار ، وخديمكم وإن نأت الدار ، ومحسوب على نعمه مقامكم الرفيع المقدار ، والأمل في مقامكم غير منقطع السبب ، والأهل والولد تحت كنف مقامكم الأصيل الحسب ، حتى يمن الله تعالى بحج بيته وزيارة رسوله على يديكم ، ويكون قضاء هذا الوطر منسوباً إليكم ، وبعد هذا يستقر القرار ، حيث يختار من يخلق ما يشاء ويختار ، بحول الله تعالى .
385
والعبد يذكر مولاه بما بشره به بين يدي وداعه ، وبمرأى وزيره السعيد
واستماعه ، من انجلاء الحركة عن عزّه وظهوره ، ونجاح أحواله واستقامة أموره ؛ ويهنيه بصدق الوعد ، وإمطار الرعد ، وظهور السعد ، وهي وسيلة إذا عدتِ الوسائل ، وروعيت الذمم الجلائل ، ومثل مولاي من رعى وأبقى ، وسلك التي هي أبر وأتقى ، وما قصر عنه القلم من حق مولاي فالرسول أعزه الله تعالى يتممه ، وما قصر عنه الرسول فالله تعالى يعلمه، وهو جل وعلا يديم أيام مولاي ويبقي مجده، ويتصل سعده، والسلام )