الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
مخاطبة أبي الحسن المريني
المؤلف: أحمد بن محمد المقري التلمساني
المصدر: نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب
الجزء والصفحة: مج6، ص: 408-409
2024-12-12
217
مخاطبة أبي الحسن المريني
و ما خاطب به تربة السلطان الكبير أبي الحسن المريني لما قصدها عقب ما شرع في جواره وتوسل إلى أغراضه بذلك إلى ولده تعالى الجميع هالسلام عليك ثم السلام، أيتها المولى الهمام، الذي عرف فضله الإسلام، وأوجبت حقه العلماء الأعلام، وخفقت بعز نصره الأعلام ، وتنافست في إنفاذ أمره ونهيه السيوف والأقلام السلام عليك أيتها المولى الذي قسم زمانه بين حكم فصل ، وإمضاء نصل ، وإحراز حصل ، وعبادة قامت من اليقين على أصل . السلام عليك يا مقرر الصدقات الجارية، ومشبع البطون الجائعة وكاسي الظهور العارية ، وقادح زناد العزائم الوارية، ومكتب الكتائب الغازية في سبيل الله تعالى والسرايا السارية السلام عليك يا حجة الصبر والتسليم وملتقى أمر الله تعالى بالخلق المرضي والقلب السليم ، ومفوض الأمر في الشدائد إلى السميع العليم ، ومعمل البنان الطاهر في اكتتاب الذكر
تعالى تربتك وقدسها ، وطيب روحك الزكية وآنسها ، فلقد كنت للدهر جمالاً ثمالاً ، وللمستجير مجيراً ، وللمظلوم ولياً ونصيراً ؛ لقد كنت للمحارب
وللإسلام صدراً، وفي المواكب بدراً، وللمواهب بحراً ، وعلى العباد والبلاد ظلاً ظليلاً وستراً ؛ لقد فرعت أعلام عزك الثنايا ، وأجزلت همتك لملوك الأرض الهدايا . كأنك لم تعرض الجنود ، ولم تنشر البنود ، ولم تبسط العدل المحدود ، ولم توجد الجود ، ولم تزين الرُّكَّع السجود ، فتوسدت الثرى ، وأطلت الكرى ، وشربت الكأس التي يشربها الورى ، وأصبحت ضارع الخـد" ، كليل الحد ،
408
سالكاً سنن الأب والجد ، لم تجد بعد انصرام أجلك ، إلا صالح عملك ، ولا أصبحت لقبرك ، إلا رابح تجرك ، وما أسلفت من رضاك وصبرك ، فنسأل الله تعالى أن يؤنس اغترابك ، ويجود بسحاب الرحمة ترابك ، وينفعك بصدق اليقين ، ويجعلك من الأئمة المتقين ، ويعلي درجتك في عاليين ، ويجعلك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين .
وليهنك أن صير الله تعالى ملكك من بعدك ، إلى نير سعدك ، وبارق رعدك، ومنجز وعدك ، أرضى ولدك ، وريحانة خلدك ، وشقة نفسك ، والسرحة المباركة من غرسك ، ونور شمسك ، وموصل عملك البر إلى رمسك ، فقد ظهر عليه أثر دعواتك ، في خلواتك وأعقاب صلواتك ، فكلمتك والمنة لله تعالى باقية ، وحسنتك إلى محل القبول راقية ، يرعى بك الوسيلة ، ويتمم مقاصدك الجميلة ، أعانه الله تعالى ببركة رضاك على ما قلده ، وعمر بتقواه يومه وغده ، وأبعد في السعد أمده ، وأطلق بالخير يده ، وجعل الملائكة أنصاره والأقدار عدة وإنني أيها المولى الكريم، البر الرحيم ، لما اشتراني ، وراشني وبراني، وتعبدني بإحسانه، واستعمل في استخلاصي خط بنانه ، ووصية لسانه ، لم أجد مكافأة إلا التقرب إليك وإليه برثائك ، وإغراء لساني بتخليد عليائك ، وتعفير الوجنة في حرمك ، والإشادة بعد الممات بمجدك وكرمك ، ففتحت الباب في هذا الغرض ، إلى القيام بحقك المفترض ، الذي لولاه لاتصلت الغفلة أدائه عن و تمادت ، فما يبست الألسن ولا كادت ، متحيزاً بالسبق ، إلى أداء هذا الحق ، بادئاً بزيارة قبرك الذي هو رحلة الغرب ما نويته من رحلة الشرق ، وما أعرضت عنه فأقطعه أثر مواقع الاستحسان ، وقد جمع بين الشكر والتنويه والإحسان ، والله سبحانه يجعله عملاً مقبولاً ، ويبلغ فيه من القبول
مأمولاً، ويتغمد من ضاجعته من سلفك الكرام بالمغفرة الصيبة، والتحيات الطيبة، فنعم الملوك الكبار،
409
والخلفاء الأبرار والأئمة الأخيار الذين كرمت منهم السير وحسنت الأخبار
وسعد بعزمهم الجهادية المؤمنون وشقي الكفار وصلوات الله تعالى عودا
وبدءا على الرسول الذي اصطفاه واختاره فهو المصطفى المختار وعلى آله
وأصحابه الذين هم السادة الأبرار وسلم تسليما