الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
رسالة من الفشتالي
المؤلف:
أحمد بن محمد المقري التلمساني
المصدر:
نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب
الجزء والصفحة:
مج6، ص: 56-59
2024-05-28
1118
رسالة من الفشتالي
ومحاسن صاحبنا المذكور في النظم والنثر يضيق عنها هذا التأليف وكنت أثبت منها جملة في غير هذا الموضع
ولما أحس بعزمي على الرحلة الى الحجاز واقتضائي من سلطان المغرب في
وعده لي بها النجاز كتب الي من حضرة مراكش وأنا حينئذ بفاس ما
صورته بعد سطر الافتتاح
يا نسمة عطست بها أنف الصبا فتضمخت بعبيرها قنن الربى
هبي على ساحات أحمد واشرحي شوقي الى لقياه شرحا مطنبا
وصفي له بالمحنى من أضلعي قلبا على جمر الغضا متقلبا
بان الاحبة عنه حي قد توى منهم وآخر قد نأى وتغيبا
فعساك تسعد يا زمان بقربهم فأقول أهلا باللقاء ومرحبا
السيادة التي سواها الله من طينة الشرف والحسب وغرس دوحتها الطيبة
بمعدن العلم الزاكي المحتد والنسب سيادة العالم الذي تمشي تحت علم فتياه
56
العلماء الأعلام ، وتخضع لفصاحته وبلاغته صيارفة النثر والنظام ، وحملة الأقلام ، كلما خط أو كتب ، وإذا استطار بفكره الوقاد سواجع السجع انثالت عليه من كل أو كارها ونسلت من كل حدب ، وحكت بانسجامها السيل والقطر في صبب ، الفقيه العالم العلم ، والمحصل الذي ساجلت العلماء لتدرك في مجال الإدراك شأوه فلم ، سيدنا الفقيه الحافظ حامل لواء الفتيا ، ومالك المملكة في المنقول والمعقول من غير شرط ولا ثنيا ، أبو العباس سيدي أحمد بن محمد المقري أبقاه الله تعالى للعلم يفتض أبكاره ، ويجني من روضه اليانع ثماره ، سلام الله عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ، كتبه المحب الشاكر عن ود راسخ العماد ، ثابت الأوتاد مزهر الأغوار والأنجاد ، ولا جديد إلا الشوق الذي تحن إلى لقياكم ركائبه وترتاح ، وتحوم على مورد الأنس بكم حوم ذات الجناح على العذب القراح ، جمع الله تعالى الأرواح المؤتلفة على بساط السرور وأسيرة الهنا ، وأتاح للنفوس من حسن محاضرتكم قطف المشتهى وهو غض الجنى وقد اتصل بالمحب الودود الرقيم الذي راقت من سواد النقش وبياض الطرس شياته ، وأرانا معجز أ أحمد فبهرت آياته ، وختيا سقط الزند لما أشرقت من . فكركم آياته ، فأطربنا بتغريد طيور همزاته على أغصان ألفاته ، وعوذنا بالسبع المثاني بناناً أجادت نثر زهراته على صفحاته، ثم مررنا بتضاعيفه بسوق الرقيق ، فرمنا السلوك على منحاها فعمي علينا الطريق ، وقلنا : واها على سوق ابن نباتة وكساد رقيقها ، واستلاب البهجة عن نفيس دررها وأنيقها ، لا كسوق نفق فيها سوق الغزل ، وعلا كعب الرامح والأعزل ، وتضافر على سحر النفوس والألباب هاروت الجد وماروت الهزل ، وقد ألقينا السلاح وجنحنا للسلم ، وتهيأنا للسباحة سماء
فوقفنا بساحل اليم ، وسلمنا لمن استوت به سفينة البلاغة على الجودي . فأبنا والحمد لله على السلامة بالفهامة والعي ، وقلنا : ما لنا وللإنشاء ، فهو فضل الله
يؤتيه من يشاء وعذراً أيها الشيخ عن البيت الذي عطست به أنف الصبا فقذفت به البديهة
57
من الفم ، وشرقت به صدر قناة القلم ، كما شرقت صدر القناة من الدم . وأما ما تحمل الرسول من كلام ، في صورة ملام ، لا بل مدام ، أترع به من سلاف المحبة كأس " وجام ، فلا وربك ما هي إلا نفحة نفحت ، لا سموم لفحت ، هززنا بها جذع أدبكم كي يتساقط علينا رطباً جنيا ، ويهمي ودقه على الربع المحيل من أفكارنا وسمياً وولياً ، فجاد وأروى ، وأجاد فيما روى ، وأحيا من القرائح ميتاً كان حديثاً يُروى ، وطرساً بين أنامل الأيام ينشر ويطوى ، أحيا الله تعالى قلوبنا بمعرفته و نواسم رحمته ، وعرج بأرواحنا عند الممات إلى المحل الأخص بالمؤمن من حضرته . وأهدي السلام ، المزري بمسك الختام ، إلى الفقيهين الأمجدين ، الصدرين الأنجدين ، الفذين التوأمين ، الفاضلين المجيدين ، فارسي البراعة واليراعة ، ورئيسي الجماعة في هذه الصناعة ، رضيعي لبان الأدب وواسطتي عقده ، ومُجيلي قدحه المعلى وموريتي زنده ، الممتعين بشميم عراره ورنده ، الكارعين بالبحر الفياض من هزله وجده ، الآتيين بالجنس والفصل من رسمه وجده ، الكاتب البارع أبي الحسن سيدي علي ابن أحمد الشامي ، والكاتب البليغ أبي عبد الله سيدي محمد بن علي الوجدي ' ، وأقرر لهما الود المستحكم المعاقد ، الصافي المناهل العذب الموارد ، وأني قائم بورد الثناء عليكم وعليهما لدى المقام العلي ، الإمامي الناصري ، دام سلطانه ، و تمهدت أوطاره وأوطانه وتنهي إليكم أن الفقيه المحب الأستاذ سيدي محمد بن يوسف " طلق. اللسان بالشكر ، صادح على أيك الثناء عن تلكم السيادة بما واليتموه به من جزيل الإحسان ، وقابلتموه به عند الورود والصدر من البشر والكرامة وجميل الامتنان ، والسلام التام معاد عليكم ، ورحمة الله تعالى وبركاته ، وبه وجب الكتب إليكم ،
58
والله سبحانه يرعاكم ، في يوم الخميس موفي عشرين من محرم الحرام فاتح سبعة وعشرين وألف ، المحب الودود الشاكر عبد العزيز بن محمد الفشتالي لطف الله تعالى به ، وخار له بمنه وكرمه » انتهى ومن أراد شيئاً من أخباره فعليه بكتابي الموسوم بـ ( روضة الآس العاطر الأنفاس في ذكر من لقيته من أعلام مراكش وفاس » وقد بلغتني وفاته رحمه الله تعالى وأنا في مصر بعد عام ثلاثين وألف ، رحمه الله تعالى ؛ فلقد كان أوحد عصره ، حتى إن سلطان المغرب كان يقول : إن الفشتالي نفتخر به على ملوك الأرض ، ونباري به لسان الدين ابن الخطيب ، رحم الله تعالى الجميع.