الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
يعقوب المنصور
المؤلف:
أحمد بن محمد المقري التلمساني
المصدر:
نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب
الجزء والصفحة:
مج4، ص:380-382
2024-01-15
1225
يعقوب المنصور
ولما مات يوسف قام بالأمر بعده ابنه الشهير يعقوب المنصور
ابن يوسف بن عبد المؤمن فقام بالأمر أحسن قيام ولما مات يوسف المذكور
رثاه أديب الأندلس أبو بكر يحيى بن مجبر بقصيدة طويلة أجاد فيها وأولها :
جل الأسى فأسل دم الأجفان ماء الشؤون لغير الشان
ويعقوب المنصور هو الذي أظهر أبهة ملك الموحدين ورفع راية الجهاد
ونصب ميزان العدل وبسط الأحكام الشرعية وأظهر الدين وأمر بالمعرف
ونهى عن المنكر وأقام الحدود على القريب والبعيد وله في ذلك أخبار
وفيه يقول الأديب أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب الكانمي الأسود الشاعر المشهور:
أزال حجابه عني وعيني تراه من المهابة في حجاب
وقربي تفضله ولكن بعدت مهابة عند اقرابي
وكثرت الفتوحات في أيامه وأول ما نظر فيه عند صيرورة الأمر إليه بلاد
الأندلس فنظر في شأنها ورتب مصا لحها وقرر المقاتلين في مراكزهم ورجع
إلى كرسي مملكته مراكش المحروسة وفي سنة 586 بلغه أن الإفرنج ملكوا
مدينة شلب وهي من غرب الأندلس فتوجه إليها بنفسه وحاصرها وأخذها
وأنقذ في الوقت جيشا من الموحدين والعرب ففتح أربع مدن مما بأيدي
الإفرنج من البلاد التي كانوا أخذوها من المسلمين قبل ذلك بأربعين سنة وخافه صاحب طليطلة وسأله الهدنة والصلح فهادنه خمس سنين وعاد إلى مراكش
وأنشد القائد أبو ( بكر بن ) عبد الله بن وزير الشلبي وهو من أمراء
كتائب إشبيلية قصيدة يخاطب بها يعقوب المنصور فيما جرى في وقعة مع الفرنج
كان الشلبي المذكور مقدما فيها:
ولما تلاقينا جرى الطعن بيننا فمنا ومنهم طائحون عديد
وجال غرار الهند فينا وفيهم فمنا ومنهم قائم وحصيد
فلا صدر إلا فيه صدر مثقف وحول الوريد للحسام ورود
صبرنا ولا كهف سوى البيض والقنا كلانا على حر الجلاد جليد
ولكن شددنا شدة فتبلدوا ومن يتبلد لا يزال بحيد
فولوا وللسمر الطوال بهامهم ركوع وللبيض الرقاق سجود
رجع إلى أخبار المنصور بعد هدنة الإفرنج:
ولما انقضت مدة الهدنة ولم يبق منها إلا القليل خرج طائفة من الإفرنج في
جيش كثيف إلى بلاد المسلمين فنهبوا وسعوا وعاثوا عيثا فظيعا فانتهى الخبر
إليه فتجهز لقصدهم في جيوش موفرة وعساكر مكتبة واحتفل في ذلك
وجاز إلى الأندلس سنة 591 فعلم به الإفرنج فجمعوا جمعا كثيرا من أقاصي
بلادهم وأدانيها وأقبلوا نحوه وقيل : إنه لما أراد الجواز من مدينة سلا مرض
مرضا شديدا وبئس منه أطباؤه فعاث الأذفونش في بلاد المسلمين بالأندلس
وانتهز الفرصة وتفرقت جيوش المسلمين بسبب مرض السلطان فأرسل
الأذفونش يتهدد ويتوعد ويرعد ويبرق ويطلب بعض الحصون المتاخمة
له من بلاد الأندلس وخلاصة الأمر أن المنصور توجه بعد ذلك إلى لقاء
النصارى وتزاحف الفريقان فكان المصاف شمالي قرطبة على قرب قلعة
رباح في يوم الخميس تاسع شعبان سنة 591 فكانت بينهم وقعة عظيمة استشهد فيها جمع كبير من المسلمين
وحكي أن يعقوب المنصور جعل مكانه تحت الأعلام السلطانية الشيخ أبا يحيى
ابن أبي حفص عم السلطان أبي زكريا الحفصي الذي ملك بعد ذلك إفريقية
وخطب له ببعض الأندلس فقصد الإفرنج الأعلام ظنا أن السلطان تحتها
فأثروا في المسلمين أثرا قبيحا فلم يرعهم إلا والسلطان يعقوب قد أشرف عليهم
بعد كسر شوكتهم فهزمهم شر هزيمة وهرب الأذفونش في طائفة يسيرة
وهذه وقعة الأرك الشهيرة الذكر
وحكي أن الذي حصل لبيت المال من دروع الإفرنج ستون ألفا وأما
الدواب على اختلاف أنواعها فلم يحصر لها عدد ولم يسمع بعد وقعة الزلاقة
بمثل وقعة الأرك هذه وربما صرح بعض المؤرخين بأنها أعظم من وقعة الزلاقة
وقيل : إن فل الإفرنج هربوا إلى قلعة رباح فتحصنوا بها فحاصرها
السلطان يعقوب حتى أخذها وكانت قبل للمسلمين فـأخذها العدو فردت في
هذه المرة ثم حاصر طليطلة وقاتلها أشد قتال وقطع أشجارها وشن الغارات
على أرجائها وأخذ من أعمالها حصونا وقتل رجالها وسبي حريمها وخرب
منازلها وهدم أسوارها وترك الإفرنج في أسوأ حال ولم يبز إليه أحد من المقاتلة
ثم رجع إلى إشبيلية وأقام إلى سنة 593 فعاد إلى بلاد الفرنج وفعل فيها
الأفاعيل فلم يقدر العدو على لقائه وضاقت على الإفرنج الأرض بما رحبت
فطلبوا الصلح فأجابهم إليه لما بلغه من ثورة الميرقي عليه بإفريقية مع قراقوش
مملوك بني أيوب سلاطين مصر والشام
ثم توفي السلطان يعقوب سنة 595 وما يقال إنه ساح في الأرض
وتخلى عن الملك ووصل إلى الشام ودفن بالبقاع لا أصل له وإن حكى ابن
خلكان بعضه وممن صرح ببطلان هذا القول الشريف الغرناطي في شرح
مقصورة حازم وقال : إن ذلك من هذيان العامة لولوعهم بالسلطان المذكور