الإطـار الفلسفـي لإستراتيجيـة المـوارد البـشريـة
المؤلف:
د . سعد علي حمود العنزي د . احمد علي صالح
المصدر:
إدارة رأس المال الفكري في منظمات الاعمال
الجزء والصفحة:
ص105 - 107
2025-09-16
206
أولاً: الإطار الفلسفي لإستراتيجية الموارد البشرية
يشير الباحثون إلى وجود ثلاث عقبات أساسية في تردي النظرة للمضمون الفكري والفلسفي الذي كان ينبغي أن تظهر عليه إستراتيجية الموارد البشرية، متمثلة بالعقبة الأولى، والتي يمكن إيجازها إن الإدارة العليا للمنظمة كانت تنظر لإستراتيجية الموارد البشرية ليس كأسبقية عليا، بقدر ما تشكل توجهاً أو نظرة قصيرة الأمد فقط لإدارة العاملين، وهذا مفهوم مستند إلى موضوع القوة والرقابة من دون أن تأخذ الدور الفاعل لها، كما إن العقبة الثانية تجسدت في افتقار إدارة الموارد البشرية للمعرفة والمهارة الضرورية لتنفيذ برامج إدارة الموارد البشرية داخل المنظمة، عن العقبة الثالثة التي تجسدت في فقدان إدارة الموارد البشرية القدرة على إثبات تأثيراتها بعيدة الأمد، نتيجة فقدان الإدارة للوسائل التي تتلمس بها، وتقيس من خلالها مخرجات إدارة الموارد البشرية.
وعلى نفس الوصف تقريباً جاءت إشارة 2003 ,Bratton & Gold) (122) إلى أنه إذا كانت هناك موارد غير بشرية متماثلة ومتوافرة لدى المنظمات المتنافسة متمثلة بالمواد الأولية والمصانع والتكنولوجيا والعدد والآلات، فان الاختلاف فيما بين هذه المنظمات يجب أن ينسب إلى اختلافات الأداء بين الأشخاص.
في إطار هذه الأهمية التي اكتسبتها الموارد البشرية، فقد وصف (23 :1998 ,Torrington & Hall )إستراتيجية الموارد البشرية بأنها تتمثل بالفلسفة المركزية والأساسية في كيفية إدارة الأشخاص وتنظيمهم، وترجمة ذلك في سياسات وممارسات تحقق التعاون والانسجام بين الجميع داخل المنظمة. وهذا التوجه الفلسفي لفهم مضمون إستراتيجية الموارد البشرية سانده كتاب آخرون أمثال (1981) Hendry & Petting) ; (1983 ,Handy et al, 1989) ;(Baired et al). وقد ذهب (Baired) وزملاؤه، إلى ابعد من وصفت (Hall) وزميلها عندما أفادوا بأنه لا يمكن أن توجد إستراتيجية تنظيمية بدون شمولها للموارد البشرية.
ولعل هذا الدور الذي احتلته فلسفة الموارد البشرية، يستند أساساً إلى مكونات فكرية لها فلسفة خاصة، فالجوهر الفكري لإستراتيجية الموارد البشرية، يستند إلى فلسفة السلوك البشري بصورته العامة، ذلك السلوك الموجه من قبل الإدارة لإنجاز أهداف العمل. فالإدارة العليا تبذل جهدها في سبيل خلق حالة المعيارية والتلاؤم بين ثقافة العاملين الخاصة وثقافة المنظمة، حتى إذا ما كان هناك تعارض بين هاتين الثقافتين، فان إستراتيجية المعيارية الاجتماعية التنظيمية Organizational Social) (Normalization، لابد لها أن تستخدم ضغطها الثقافي المؤسسي، لكي تذوب فيه ثقافات العاملين ولاسيما الداخلين الجدد. وهذا معروف عنه بأنه مدخل تقليدي، يجري في ضوئه تحديد السياسات والإجراءات الشخصية التي تقع على كاهل إدارة الموارد البشرية، بهدف تقوية السلوك المساند للأهداف التنظيمية، وكونه مدخلاً تقليدياً في تكوين المنظور الفكري لإستراتيجية الموارد البشرية، فإن 1987: Schular & Jackson قد وصفوه جيداً مستندين في وصفهم إلى فلسفة (Porter) التي جاء بها عام (1978)، والتي ركزت على إستراتيجيات الأعمال الثلاث، التي هي إستراتيجية قيادة الكلفة وقيادة التمايز وإستراتيجية الإبداع. ولقد حدد الباحثان نمط السلوك الشخصي للعاملين، ودور إستراتيجيات الموارد البشرية في توجيه ذلك السلوك، ويبدو واضحاً من معطيات الجدول (1) التحول في السلوك الشخصي استناداً لكل إستراتيجية، وبما يشير إلى انه لا توجد إستراتيجية للموارد البشرية جيدة أو سيئة، بقدر ما حــدد (19 :1998 ,Gomez et al) إن المحتوى أو المضمون هو الذي يحدد الإطار الفكري الذي تستند إليه الإستراتيجية، وهذا يجعل من حالة التلاؤم هي الضرورة التي تبنى عليها الأطر الفكرية لإستراتيجية الموارد البشرية، فقد نظر المدخل التقليدي إلى هذه الإستراتيجية من خلال التركيز على الكلفة والرقابة، كما أفاد بذلك Bratton & Gold, 2003: : 474، وهو المدخل الذي يطلق عليه بالمدخل الصلد (Hard Approach)، ليضع الباحث وزملاءه مدخل التركيز على التعلم والالتزام بديلاً لفهم المضمون الفكري لإستراتيجية الموارد البشرية والذي يطلق عليه بالمدخل المرن (Soft Approach).
إن هذا الاتجاه له قوة تأثيرية بين مجمل الآراء السائدة اليوم في النظر لفلسفة الموارد البشرية، فالمدخل الصلد الذي ركز كثيراً على الإستراتيجية والنظام والهيكل، وهو بحسب رأي (7 :1998 ,Ivancevich) مدخل موجه نحو الفعل (Action) والشخصية والاتكال المتبادل بين العاملين. واليوم من الصعب على المنظمة أن تركز على العمل بهذه البساطة، في الوقت الذي أخذت فيه فلسفة الموارد البشرية تركز على الأهمية الخطيرة للأشخاص في تكوين ميزة المنظمة، وهذه الميزة التي هي نتاج تنفيذ الإستراتيجية، إذ تقوم كما أشار إلى ذلك (34 :1994 ,No et al ) المنظمة بدعم ميزتها من خلال دعم وتعزيز وسائل التنفيذ، والتي من أهمها الموارد البشرية، وإذا كان هذا التصور عن الموارد البشرية من أنها وسائل تنفيذ الإستراتيجية ، فكيف سيكون التفكير عندما يلاحظ أن الأشخاص اصبحوا هم الميزة التنافسية في إطار اقتصاد المعرفة؟ وهل إن إستراتيجية إدارة الموارد البشرية ستظل تنبثق عن إستراتيجية الأعمال، أو إن إستراتيجية المنظمة تبنى على أساس ما يمتلك العاملين من قدرات إستراتيجية تقود إلى خلق ميزة مستدامة ؟
فعلى أساس هذه المنطلقات الفكرية والفلسفية لإستراتيجية الموارد البشرية، إن مفهوم (1998:23 ,Torrington & Hall) سالف الذكر، يبقى مفهوما عاماً في وصفه لإستراتيجية الموارد البشرية، ولاسيما عندما يقارن هذا المفهوم بما جاء به 19981 ,Schuler et al) في وصف قدرات المنظمات الناجحة، عندما وصفها بالمنظمات التي تمتلك تخطيطاً منتظماً لمواردها البشرية، وذلك باختيار العاملين المناسبين في المكان والوقت والجودة والكفاءة اللازمة، وهذا الوصف لدور وأهمية الموارد البشرية سيحدد الدور الإستراتيجي له في إطار الإستراتيجية العامة للمنظمة وكما سيحدد ذلك في الفقرات القادمة.
الاكثر قراءة في استراتيجية ادارة الموارد البشرية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة