قصة النبي شعيب عليه السلام مع قومه
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 3، ص325-328.
2025-06-12
538
قصة النبي شعيب عليه السلام مع قومه
قال تعالى : {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (84) وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (85) بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (86) قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (87) قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88) وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ (89) وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ (90) قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ (91) قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (92) وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (93) وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (94) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ } [هود: 84 - 95].
قال علي بن إبراهيم : بعث اللّه شعيبا إلى مدين ، وهي قرية على طريق الشام ، فلم يؤمنوا به ، وحكى اللّه قولهم ، قال : يا شُعَيْبُ أَ صَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا إلى قوله : الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ . قال :
قالوا : إنك لأنت السّفيه الجاهل . فكنّى اللّه عزّ وجلّ قولهم فقال : إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ وإنّما أهلكهم اللّه بنقص المكيال والميزان ، قال : يا قَوْمِ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ .
ثم قال علي بن إبراهيم : ثمّ ذكّرهم وخوّفهم بما نزل بالأمم الماضية ، فقال : يا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صالِحٍ وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ ، قالُوا يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً وكان قد ضعف بصره وَلَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ إلى قوله : إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ . أي انتظروا.
فبعث اللّه عليهم صيحة فماتوا ، وهو قوله : وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ « 1 ».
وقال أبو عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه : إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ . قال : « كان سعرهم رخيصا » « 2 » .
وقال محمد بن الفضيل ، سألت الرضا عليه السّلام عن انتظار الفرج . فقال :
« أوليس تعلم أن انتظار الفرج من الفرج ؟ ثم قال - إن اللّه تبارك وتعالى يقول :
وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ » « 3 ».
وقال الرضا عليه السّلام : « ما أحسن الصبر وانتظار الفرج ، أما سمعت قول اللّه عزّ وجلّ : {وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ } و {فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ} « 4 » فعليكم بالصّبر فإنّه إنّما يجيء الفرج على اليأس ، فقد كان الذين من قبلكم اصبر منكم » « 5 ».
وقال عبد اللّه بن الفضل الهاشميّ : سألت أبا عبد اللّه جعفر بن محمد عليه السّلام ، قال : قلت : فقوله عزّ وجلّ : وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ وقوله عزّ وجلّ : {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ} [آل عمران : 160].
فقال : « إذا فعل العبد ما أمره اللّه عزّ وجلّ به من الطّاعة ، كان فعله وفقا لأمر اللّه عزّ وجلّ ، وسمّي العبد به موفّقا ، وإذا أراد العبد أن يدخل في شيء من معاصي اللّه ، فحال اللّه تبارك وتعالى بينه وبين تلك المعصية فتركها ، كان تركه لها بتوفيق اللّه تعالى ذكره ، ومتى خلى بينه وبين تلك المعصية فلم يحل بينه وبينها حتى يرتكبها ، فقد خذله ولم ينصره ولم يوفّقه « 6 ».
______________
( 1 ) تفسير القميّ : ج 1 ، ص 337 .
( 2 ) تفسير العيّاشي : ج 2 ، ص 159 ، ح 61 .
( 3 ) تفسير العيّاشي : ج 2 ، ص 159 ، ح 62 .
( 4 ) الأعراف : 71 ، يونس : 102 .
( 5 ) كمال الدين وتمام النعمة : ص 645 ، ح 5 .
( 6 ) التوحيد : ص 241 ، ح 1.
الاكثر قراءة في قصة النبي شعيب وقومه
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة