عقاب أصحاب الايكة
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 4 ص91-92.
2025-06-23
474
عقاب أصحاب الايكة
قال تعالى : {وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ (78) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ (79) وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (80) وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (81) وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ} [الحجر: 78 - 82].
قال علي بن إبراهيم : في قوله تعالى : {وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ} يعني أصحاب الغيضة « 1 » وهم قوم شعيب لَظالِمِينَ « 2 ».
قال الشيخ الطبرسيّ ( رحمه اللّه تعالى ) : وأصحاب الأيكة هم أهل الشجر الذين أرسل إليهم شعيب عليه السّلام ، وأرسل إلى أهل مدين ، فأهلكوا بالصيحة . وأما أصحاب الأيكة فأهلكوا بالظلة التي احترقوا بنارها . . .
ومعنى الآية : أنه كان أصحاب الأيكة لظالمين في تكذيب رسولهم ، وكانوا أصحاب غياض ، فعاقبهم اللّه تعالى بالحر سبعة أيام ، ثم أنشأ سبحانه سحابة فاستظلوا بها ، يلتمسون الروح فيها ، فلما اجتمعوا تحتها ، أرسل منها صاعقة فأحرقتهم جميعا .
فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ أي : من قوم شعيب ، ومن قوم لوط أي : عذبناهم بما انتقمناه منهم . والانتقام : هو المجازاة على جناية سابقة ، وفرق علي بن عيسى بين الانتقام والعقاب بأن الانتقام هو نقيض الإنعام والعقاب هو نقيض الثواب . وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ معناه : وإن مدينتي قوم لوط وأصحاب الأيكة ، بطريق يؤم ويتبع ويهتدى به . . .
وسمي الطريق إماما ، لأن الإنسان يؤمه ، وقيل : معناه وإن حديث مدينتيهما لمكتوب مذكور في اللوح المحفوظ ، أو حديث لوط ، وحديث شعيب . . . فيكون نظير قوله : وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ والمبين : الظاهر .
ثم أخبر سبحانه عن إهلاك قوم صالح فقال : {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ } والحجر : اسم البلد الذي كان فيه ثمود ، وإنما سموا أصحاب الحجر ، لأنهم كانوا سكانه ، كما يسمى الأعراب البوادي أصحاب الصحارى ، لأنهم كانوا يسكنونها . وقيل : إن الحجر اسم لواد كان يسكنها هؤلاء . . . وإنما قال تعالى : الْمُرْسَلِينَ لأن في تكذيب حالهم تكذيب المرسلين ، لأنه كان يدعوهم إلى ما دعا إليه المرسلون ، وإلى الإيمان بالمرسلين ، فكان في تكذيب أحدهم تكذيب الجميع . وقيل : بعث اللّه إليهم رسلا منهم صالح . . . وَآتَيْناهُمْ آياتِنا : أي أتينا أصحاب الحجر الحجج ، والمعجزات ، والدلالات الدالة على صدق الأنبياء . وقيل : أتينا الرسل الآيات ، فَكانُوا عَنْها أي : عن الآيات ، مُعْرِضِينَ أعرضوا عن التفكر فيها ، والاستدلال بها ، وَكانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ أي : وكان قوم صالح في القوة بحيث ينحتون من الجبال بيوتا يسكنونها ، وكانوا آمنين من خرابها وسقوطها عليهم . وقيل : كانوا آمنين من عذاب اللّه . وقيل : آمنين من الموت لطول أعمارهم .
{فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ} أي : فأهلكوا بالصيحة في وقت دخولهم في الصباح فَما أَغْنى عَنْهُمْ أي : فما دفع عنهم العذاب ، ولم يغنهم ما كانُوا يَكْسِبُونَ أي : يجمعون من المال والأولاد ، وأنواع الملاذ « 3 ».
______________
( 1 ) الغيضة : الأجمة ، وهي مغيض ماء يجتمع فينبت فيه الشجر .
( 2 ) تفسير القمي : ج 1 ، ص 377 .
( 3 ) مجمع البيان : ج 6 ، ص 127 - 128 ، وراجع روايات أهل البيت عليهم السّلام في قصة نبي اللّه صالح عليه السّلام في سورة هود : 61 .
الاكثر قراءة في قصة النبي شعيب وقومه
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة