أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-8-2016
![]()
التاريخ: 9-7-2020
![]()
التاريخ: 29-8-2016
![]()
التاريخ: 8-8-2016
![]() |
إذا كانت للّفظ حقيقة واحدة يجب حمله عليها عند الإطلاق ، وإن كانت له الحقائق الثلاث قدّمت الشرعيّة ، ومع عدمها أو تعذّر الحمل عليها ، قدّمت العرفيّة ، ومع العدم أو التعذّر ، يحمل على اللغويّة.
ثمّ إنّ العرفيّة العامّة تقدّم على الخاصّة ، كما أنّ الخاصّة تقدّم على اللغويّة.
وهذا التفصيل هو المشهور بين القوم ، بل لم نعثر على مخالف سوى بعض المتأخّرين من الأخباريين حيث قال :
إنّ المستفاد من أخبارهم عليهم السلام أنّه مع عدم العلم بما هو المراد من الخطاب الشرعي ، يجب الفحص والتفتيش والسؤال ، ومع العجز عن الظفر بالمراد ، يجب رعاية الاحتياط ، على أنّ العرف العامّ غير منضبط ؛ لاختلاف عرف الناس وعاداتهم ، والعرف الخاصّ مختلف ، فيلزم اختلاف الأحكام الشرعيّة باختلافه (1).
أقول : تحقيق الحقّ في هذا الأصل يتوقّف على بيان امور :
[ الأمر ] الأوّل : لا شبهة في تقدّم العرف العامّ على اللغة بشرط تحقّقه ؛ لأنّه أعرف عند الناس، وهم عند الإطلاق لا يفهمون غيره ، والحكيم لا يتكلّم الناس إلاّ بما يفهمونه.
ويدلّ عليه قوله تعالى : {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} [إبراهيم: 4] ، وما ورد عن بعض الصادقين عليهما السلام : « أنّ الله أجلّ من أن يخاطب مع قوم ، ويريد منهم خلاف ما هو بلسانهم وما يفهمونه » (2).
وبما ذكرنا اندفع ما ذكر هذا البعض من أنّ العرف العامّ غير منضبط ؛ لأنّ كلامنا في العرف الذي كان منضبطا وثابتا.
ويتفرّع عليه : حمل الألفاظ التي لها معان عرفيّة ولغويّة على معانيها العرفيّة ، سواء وقعت في كلام الشارع ، أو في كلامنا في الأيمان والنذور والتعليقات وغيرها ، كحمل الدابّة على الفرس لا على ما يدبّ على الأرض ، وحمل الراوية على المزادة (3) لا على الجمل الذي يحمل عليه الماء ، وحمل الغائط على الحدث المخصوص لا على المطمئنّ من الأرض.
ويتفرّع عليه أيضا : أنّه إذا حلف أن لا يشرب ماء زيد عن عطش أن يحنث بشرب الماء مطلقا وإن لم يكن عطشانا ، وبالأكل من أمواله أيضا ؛ لأنّ المفهوم منه عرفا اجتناب مائه مطلقا ، وأمواله كذلك. وذكر الماء ، والتقييد بالعطش للمبالغة وإن كان معناه لغة الاجتناب عن الماء عند العطش.
[ الأمر ] الثاني : لا شبهة أيضا في تقدّم العرف العامّ على الخاصّ ؛ لأنّه أعرف وأغلب. وهذا في صورة كون اللفظ صادرا عن الشارع ، وكون المخاطب جميع الناس ، أو غير من له العرف الخاصّ ، ظاهر. وأمّا في صورة كون المخاطب من له العرف الخاصّ ، أو صدور اللفظ منه في الأيمان وأمثالها ، فالحقّ وجوب الحمل على العرف العامّ أيضا ؛ لأنّه إن لم يكن أعرف عنده ، فلا شبهة في كونه أغلب وأشهر ، ويجب حمل اللفظ على ما هو أغلب. والظاهر أنّه أعرف عنده أيضا.
[ الأمر ] الثالث : وجه تقدّم العرف الخاصّ على اللغة ظاهر إذا كان المخاطب أهل العرف المذكور ، أو صدر اللفظ منه ؛ لأنّه أعرف عنده من اللغة. وأمّا إذا كان غيره ، أو جميع الناس، فالحقّ وجوب الحمل حينئذ على اللغة ؛ لكونها أعرف.
[ الأمر ] الرابع : قيل في وجه تقدّم الحقيقة الشرعيّة على سائر الحقائق بأنّها طارئة وناسخة لها، فيجب حمل اللفظ عليها دونها (4).
أقول : الأمر كذلك ؛ لأنّ ثبوت الحقيقة الشرعيّة موقوف على أن يستعمل الشارع اللفظ في معناه الشرعي استعمالا يغلب على استعماله في معانيه العرفيّة واللغويّة ، فبعد ذلك يلزم تبادر المعنى الشرعي عند الإطلاق ، وقبل ذلك لم يثبت حقيقة شرعيّة.
وإذا عرفت ذلك ، تعلم أنّ كلّ لفظ له الحقائق الثلاث أو الحقيقة الشرعيّة مع إحداهما ، يجب حمله عند الإطلاق على حقيقته (5) الشرعيّة ، سواء وقع في كلام الشارع أو غيره ، كحمل الدينار على الدينار من الذهب ؛ لأنّه مقتضاه شرعا ولغة ، دون غيره من الفضّة والفلوس ، كما هو مقتضاه العرفي في بعض البلاد.
نعم ، إن علم بالقرائن والأمارات أنّ المراد معناه العرفي ، يحمل عليه ، وكذا الحكم في الطهارة والصلاة والزكاة وغيرها.
وفروع هذا الأصل كثيرة ؛ وكيفيّة التفريع عليك ظاهرة.
وقد وقع الخلاف في أنّه إذا وقع التغاير بين اصطلاح المعصوم والراوي ، فهل يقدّم الأوّل ، أو الثاني؟ وذلك كالرطل ، فهل يحمل على المدني الذي هو اصطلاح المعصوم ، أو العراقي الذي هو اصطلاح الراوي ، أعني ابن أبي عمير؟ والترجيح لا يخلو عن إشكال ، ولا بدّ من الرجوع إلى القرائن ، إلاّ أنّ الحمل على الأوّل عند فقدها لا يخلو عن رجحان ما ، وغير خفيّ أنّ هذا لا ينافي القطع بتقدّم الحقيقة الشرعيّة على العرفيّة ؛ لأنّ المراد من اصطلاح المعصوم عرف بلده لا ما صار من استعمال الشارع حقيقة ، فتقدّم الثاني قطعا لا ينافي الشكّ في تقدّم الأوّل.
_____________
(1) راجع الحدائق الناضرة 1 : 121.
(2) لم نجده في المجاميع الروائيّة ، ونقله البهبهاني أيضا في الفوائد الحائريّة : 105.
(3) « المزادة » : وعاء يحمل فيه الماء في السفر ، كالقربة ونحوها. المعجم الوسيط : 409 ، « ز ي د ».
(4) قاله الوحيد البهبهاني في الفوائد الحائريّة : 99 ، الفائدة 8 ، و 113 ، الفائدة 5.
(5) في « ب » : « الحقيقة ».
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
بالصور: ممثل المرجعية العليا الشيخ عبد المهدي الكربلائي يؤم جموع المؤمنين في صلاة عيد الفطر المبارك داخل الصحن الحسيني الشريف
|
|
|