المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 7270 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
احكام الاموات
2025-04-14
الأمور التي تحرم على المجنب
2025-04-14
الاغسال المندوبة
2025-04-14
الاستنجاء
2025-04-14
الاحداث التي توجب الغسل او الوضوء
2025-04-14
اقسام الطهارة
2025-04-14



الحالة العامة عند تولي «نيكاو» عرش الملك  
  
61   02:58 صباحاً   التاريخ: 2025-04-13
المؤلف : سليم حسن
الكتاب أو المصدر : موسوعة مصر القديمة
الجزء والصفحة : ج12 ص 166 ــ 174
القسم : التاريخ / العصور الحجرية / العصور القديمة في مصر /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2025-04-11 109
التاريخ: 2024-03-03 1112
التاريخ: 2-10-2016 3036
التاريخ: 2023-09-10 1452

 

تولى الملك بعد موت «بسمتيك» ابنه «نيكاو» في عام 609 ق.م، والواقع أنه ورث عن والده ملكًا ثابت الأركان قائمًا على أسس وطيدة، ولا أدل على ذلك من أن حادث توليه عرش الكنانة قد مر دون قيام أي معارضة أو شغب من قبل أي أمير من الأمراء الإقطاعيين الذين سلبهم والده فيما مضى ملكهم. وقد كان أول ما وجه همه إليه «نيكاو» هو السياسة الخارجية، فبعد سقوط «نينوه» قام أمير آشوري يدعى «آشور بالليت» الثاني في مدينة «حران»، واستولى عليها ولقب نفسه ملكًا هناك عام 611 ق.م، وبقي فيها حتى حوالي عام 606 / 605 ق.م، وقد نشبت بينه وبين «نابوبولصر» ملك بابل حرب ضروس في عام 611 ق.م، وفي عام 610 ق.م استولى الميديون بمساعدة السكتيين على «حران»، وقد اضطر الملك «آشور-بالليت» إلى التقهقر مجتازًا نهر «الفرات». والواقع أن تغيير الجالس على عرش مصر لم يحدث أي تغير في السياسة الخارجية المصرية. وكل ما نعرفه في هذا الصدد أنه في باكورة عام 609 ق.م سار جيش مصري عظيم إلى بلاد آسيا، وانضم إلى الجيش الآشوري، غير أنه لا يمكننا أن نحكم إذا كان ذلك قد حدث في حياة الملك «بسمتيك الأول» أو بعدها بقليل. وعلى أية حال زحف جيش مصري، ومعه الجيش الآشوري في صيف عام 609 ق.م في شهر «دوز»، وعبر نهر الفرات وتغلب الجيشان على فرقة من الجيش البابلي، ولكن مع ذلك لم يظفر الجيشان بالغرض المقصود، وهو استعادة بلدة «حران». وعلى ذلك تحرك «نابوبولصر» بنفسه على رأس جيش لمساعدة حاميته.
ومما يؤسف له جد الأسف أن المصدر الوحيد الذي استقينا منه معلوماتنا عن هذه الحروب، قد وجد مهشَّمًا عند هذه النقطة، ولم يبقَ لنا منه إلا بعض قطع صغيرة لم نستخلص منها شيئًا يذكر (راجع Luckenbill, Ibid. § 1184/5).
أما حوادث السنين التالية لذلك فيحدثنا عنها كتاب العهد القديم (كتاب الملوك الثاني الإصحاح 23 سطر 29) حيث يقول: في أيامه صعد فرعون «نيكاو» ملك مصر على ملك آشور إلى نهر الفرات، فصعد الملك «يوشيا» للقائه فقتله في «مجدو» حين رآه.
ولكن نعلم اليوم من حوليات المؤرخ «جاد» أن الغرض من المشروع المصري في هذه السنة، كان على النقيض تمامًا مما جاء في الرواية اليهودية؛ أي إن «نيكاو» كان قد زحف بجيشه لمعاضدة «آشور بالليت»، ولكن قبل أن نتحدث عن دخول «نيكاو» في ساحة القتال في عام 608 ق.م لا بد أن نلقي نظرة خاطفة على الأحوال في بلاد «يهوذا» وقتئذ؛ لأجل أن نتفهم الموقف على الوجه الأكمل.
كانت مملكة «يهوذا» منذ عهد الملك «سنخرب» وحصاره لبلدة «أورشليم» عام 701 ق.م تابعة لبلاد آشور، غير أنها في السنين العشرة الأخيرة قد أخذت في التألب على «آشور»، ورفضت القيام بما عليها من واجبات؛ وذلك لأن «يهوى» إلهها قد انتقم لها من «نينوه» بما أنزله بها من عقاب، فقد لاقت تلك المدينة العظيمة نهاية محزنة، وقد أثر ذلك الحادث تأثيرًا هائلًا في كل أنحاء العالم، وبخاصة بلاد «يهوذا»، إذ قد أصبحت الثقة بيهوى قوية جدًّا مما يبشر بمستقبل ذهبي لشعبه.
وقد كانت الكارثة التي لحقت بجيش آشور في «حران» عام 609 ق.م في نظر «نيكاو» فرصة سانحة لمضاعفة جهوده لمد سلطانه على البلاد المجاورة له، وذلك أنه كان ينظر إلى مملكة آشور على أنها دولة تقف حاجزًا منيعًا بينه وبين دول آسيا الصغرى العظيمة، التي كانت آخذة في الظهور حديثًا، وعلى ذلك رأى «نيكاو» أنه لا بد من الإبقاء على كيانها؛ ولهذا السبب زحف في باكورة عام 608 ق.م بجيش مصري تحت إمرته متجهًا نحو آسيا بمحاذاة الشاطئ شمالًا. والواقع أن هذا العمل لم يغضب «يهوذا»، ولكن خاف القوم في «أورشليم» من أن يجر ذلك إلى تسلط أجنبي من جديد على بلدهم، كما كانوا يريدون أن تزول بلاد آشور جملة من العالم2 في آنٍ واحد. وقد صحت عزيمة الملك «يوشيا» في المقاومة؛ وذلك لأنه رأى أنه لا يمكنه أن يصبر على تحمل سيادة جديدة، غير أنه بذلك العمل كان قد تجاهل حقيقة واقعة وقتئذ؛ وذلك أنه منذ أكثر من مائة سنة مضت قد قضى على استقلال الولايات الصغيرة، التي كانت تتألف منها «سوريا» و«فلسطين»، وأصبح أمر البت في استقلال مثل هذه الدويلات في يد الدول العظمى؛ ومع ذلك وجدنا أن «يوشيا» قد زحف بجيشه، وقلبه مملوء بالاعتقاد المطلق في مساعدة ربه «يهوى». وقد تقابل جيشه بجيش «نيكاو» في سهل «مجدو» المشهور بالمواقع التاريخية العظيمة التي جرت فيه منذ عهد «تحتمس الثالث». وكتابا الأيام يقدمان لنا معلومات غاية في الأهمية عن هذه الحرب. (راجع أخبار الأيام الثاني الإصحاح 35 سطر 20 … إلخ) حيث يقول:
بعد كل هذا حين هيأ «يوشيا» البيت صعد نحو ملك مصر إلى «كركميش»؛ ليحارب عند «الفرات» فخرج «يوشيا» للقائه (21)، فأرسل إليه رسولًا يقول: ما لي ولك يا ملك «يهوذا». لست عليك أنت اليوم ولكن على بيت حربي والله أمر بإسراعي. فكف عن الله الذي معي فلا يهلكك (23) ولم يحول «يوشيا» وجهه عنه، بل تنكر لمقاتلته ولم يسمع لكلام «نيكاو» من فم الله، بل جاء ليحارب في بقعة «مجدو». وأصاب الرماة الملك «يوشيا» فقال الملك لعبيده: انقلوني لأني جرحت (24) فنقله عبيده من المركبة، وأركبوه على المركبة الثانية التي له وساروا به إلى «أورشليم»، فمات ودفن في قبور آبائه، وكان يهوذا ينوحون على «يوشيا» … إلخ.
ويدل ما جاء في كتاب الأخبار على أن «نيكاو» قد تبادل الحديث مع «يوشيا»، وقد بين له في حديثه أنه لا يريد منه أو من «يهوذا» أي شيء، غير أن مكان المقابلة هذا كان بعيدًا عن حدود ملك يهوذا الشمالية. وهذه كانت حقيقة في أنه لم يأتِ لإخضاع «فلسطين» و«سوريا»، ولكنه جاء لمعاضدة الآشوريين، ولكن «يوشيا» لم يؤمن بذلك ونازله، وكانت العاقبة أن هزم جيشه هزيمة نكراء، وسقط «يوشيا» نفسه في حومة الوغى صريعًا، ثم زحف الجيش المصري بعد ذلك شمالًا، ولكن مما يؤسف له أننا لم نعلم شيئًا عن ذلك الزحف ولا عما وصل إليه «نيكاو» في شمالي «مسوبوتاميا»، وكذلك لا نعلم ما آل إليه أمر الملك «آشور بالليت»، وما أصاب البقية الباقية من ممتلكاته. وقد اضطر «نيكاو» بسبب زحف «يوشيا» أن يدخل بلاد يهوذا، (وقد جاء ذكر ذلك في كتاب الملوك الثاني الإصحاح 23 الأسطر من 31–35)، فاستمع لما جاء فيها:
كان «يهوآحاز» ابن ثلاث وعشرين سنة حين ملك، وملك ثلاثة أشهر في «أورشليم»، واسم أمه «حموطل» بنت «أرميا» من لبنة (32) فعمل الشر في عيني الرب حسب كل ما عمله آباؤه (33) وأسره فرعون «نيكاو» في «ربلة» في أرض «حماة»؛ لئلا يملك في «أورشليم»، وغرم الأرض بمائة وزنة من الفضة ووزنة من الذهب (34) وملك فرعون «نيكاو» «الياقيم» بن «يوشيا» عوضًا عن «يوشيا» أبيه وغير اسمه إلى «يهوياقيم»، وأخذ «يهوآحاز» وجاء إلى مصر فمات هناك؛ (35) ودفع «يهوياقيم» الفضة والذهب لفرعون إلا أنه قوم الأرض لدفع الفضة بأمر فرعون. كل واحد حسب تقويمه. فطالب شعب الأرض بالفضة والذهب ليدفع لفرعون «نيكاو» … وقد أخذ ابن الملك «يوشيا» المسمى «يهوآحاز» أسيرًا في «ربلة»، وهي على ما يظن كانت مقر معسكره، وذلك بعد أن حكم «يهوآحاز» ثلاثة أشهر، ونصب مكانه أخاه «يهوياقيم» وفرض عليه جزية.
والآن يتساءل الإنسان ما الذي كان منتظرًا أن يحدث بعد ذلك؟ لقد أصبحت «سوريا» و«فلسطين» في قبضة مصر، ولما كانت البقية الباقية من الدولة الآشورية لا تزال موجودة، فإن ذلك كان يحتم وجود الجيش المصري في هذه الأصقاع ليديرها، على أن احتلال كل من «سوريا» و«فلسطين» لم يكن إلا مجرد نتيجة للحرب السابقة، وليس بالغرض الأصلي منها.3
ومن جهة أخرى يتساءل المرء هل كان تقهقر مصر من آسيا الصغرى على وجه عام أمرًا ممكنًا؟ فإذا حدث ذلك فإن معناه أن تنزل مصر عن هذا الاقليم الاستراتيجي بالنسبة لبلادها في حال لإحدى دول آسيا الصغرى القوية المنتصرة التي حاربت معها مصر منذ زمن بعيد. والواقع أن احتمال هذا الفرض كان أمرًا يصعب تصوره، إذ لا شك في أن مصر المجاورة لتلك الدول كانت قوية الجانب، وكانت جارتها دولة قوية تنتظر منها مصر الهجوم عليها في كل لحظة بما لديها من قوة وعتاد. وعلى ذلك لم يرَ «نيكاو» بدًّا من بسط سلطانه على «فلسطين» و«سوريا» بصورة فعالة. وقد عرفنا من قبل الخطة التي سلكها مع مملكة «يهوذا». هذا ونعرف من متن مهشم مقدار تسلط «نيكاو» على مدن «فنيقيا»، وخضوعها له وهذه الوثيقة عثر عليها في «صيدا» (راجع Griffith, P. S. B. A. XVI, P. 90-91)، وهي عبارة عن قطعة من لوحة صغيرة من البازلت منقوش عليها اسم «نيكاو».
وتدل شواهد الأحوال على أن نفوذ مصر العالمي في عهد الأسرة الثامنة عشرة، والذي كان قد امتد حتى نهر الفرات قد عاد لها الآن كرة أخرى دون أن يكون «بسمتيك» أو «نيكاو» قد قصدا ذلك فعلًا، كما يدعي بعض المؤرخين، ولا نعلم إذا كان ملك «بابل» المسن «نابوبولصر» الذي استولى على الجزء الجنوبي والجنوبي الغربي من دولة «آشور» قد قام بهجوم على «نيكاو» في سنة 608 ق.م–606 ق.م، ولكن من جهة أخرى نعلم أنه في عام 605 ق.م كان هذا العاهل وهو في شدة مرضه قد أرسل ابنه «نبوخد نصر» لمحاربة «نيكاو»، وقد دارت بينهما حرب في ربيع عام 605 ق.م عند «كركميش» (1) الواقعة على نهر الفرات، وهزم فيها المصريون هزيمة منكرة حتى إنه كان في مقدور «نبوخد نصر» أن يزحف بجيشه حتى تخوم مصر، إذ لم يكن أمامه أية قوة تصده وقتئذ، وقد جاء ذكر ذلك في كتاب الملوك الثاني الإصحاح 24 سطر 7 فاستمع لما يقول:
ولم يعد أيضًا ملك مصر يخرج من أرضه؛ لأن ملك بابل أخذ من مصر إلى نهر الفرات كل ما كان لملك مصر.
وقد كان ذلك فيما بعد هو ما آل إليه أمر «آشور-بالليت» الثاني آخر ملوك آشور، وقد اضطر «نبوخد نصر» إلى أن يكف عن غزو مصر بعد أن كان قد وقف على أبوابها، وذلك بسبب موت والده المفاجئ مما حتم عليه العودة أدراجه إلى بابل، وقد جاء في «أرميا» الإصحاح السادس والأربعين السطر 3، 4 ما يأتي من التهكم اللاذع بعد هزيمة مصر:
أعدوا المجن والترس وتقدموا للحرب (4) أسرجوا الخيل، واصعدوا أيها الفرسان وانتصبوا بالخوذ، اصقلوا الرماح، البسوا الدروع، (5) لماذا أراهم مرتعبين ومدبرين إلى الوراء، وقد تحطمت أبطالهم وفروا هاربين ولم يلتفتوا. الخوف حواليهم يقول الرب: (6) الخفيف لا ينوص والبطل لا ينجو. في الشمال بجانب نهر الفرات عثروا وسقطوا (7) من هذا الصاعد كالنيل، وكأنهار تتلاطم المياه … إلخ.
والآن يتساءل المرء عما ستؤول إليه حالة العلاقات المقبلة بين مصر ودولة «بابل» الجديدة. التي كانت قد زحفت بسرعة حتى تخوم أرض الكنانة، ولم تنجُ منها إلا بمعجزة؟
والواقع أن سياسة «نيكاو» — كما يقول بعض المؤرخين — كانت تسير على نهج سياسة والده «بسمتيك»؛ أي إنها كانت لا ترمي إلى الفتح، بل تنشد المحافظة على الموقف في آسيا الصغرى، وذلك بأن تجعل أي هجوم من هذه الناحية أمرًا مستحيلًا؛ ولذلك فإن «نيكاو» عندما رأى أن دولة آشور قد أصبحت غير قادرة على القيام بذلك وجد من الضروري؛ لتنفيذ سياسته الاستيلاء على «فلسطين» و«سوريا» عنوة، وهذه البلاد كانت وقتئذٍ ضمن أملاك «نبوخد نصر» ملك «بابل». والواقع أن هذا العاهل كان مثله كمثل الملك «نيكاو» قد أجبر على الدخول في حرب مع «آشور»، وقد كان غرض «نبوخد نصر» هو إصلاح ما أُفسد من مملكته التي كانت قد مُزِّقَتْ شر ممزق في المائة سنة الأخيرة، هذا فضلًا عن أنه لم يكن من الرجال الفاتحين. ولا غرابة في ذلك إذ نجد في نقوشه أنه كان يتكلم دائمًا عن مبانيه وورعه وتقاه؛ أما عن حروبه العظيمة وانتصاراته، فإنه لم يكن يشير إليها مرة واحدة. وعندما عقد النية على الذهاب لفتح مصر لم يكن يفكر في أن الطريق التي سلكها من قبله «آشور-بنيبال» كانت طريقًا وعرة محفوفة بالمخاوف، ولكن فضلًا عن ذلك فإن دولة «كلدية» كانت تكتنفها بابل من الشرق ومن الشمال، وكانت وقتئذٍ معها على مصافاة، ولكن من حيث القوة كانت دولة «ميديا» الفتية تفوقها. وحتى في الحروب الطاحنة التي قامت مع «آشور بالليت» و«نيكاو» من قبل البابليين والسكتيين، فقد انتصروا فيها بوجه عام، وقد كان هذا الانتصار ضروريًّا لما هنالك من روابط بين مسوبوتاميا (= أرض «الجزيرة») و«سوريا»؛ لأن «حران» كانت من الأهمية بمكان، وذلك بسبب مشروع تقسيم أملاك آشور القديمة، إذ كان لا بد من أن ينزل عنها لبلاد «ميديا» هذا مع العلم أن صداقة «بابل» مع بلاد «ميديا» أساسها ما كان بينها وبين بلاد آشور من عداء مشترك، ولكن هذه العداوة كانت قد أصبحت من سنة لأخرى مجرد ذكريات تاريخية لا قيمة لها. وعلى ذلك وصل كل من «نيكاو» و«نبوخد نصر» ملك «بابل» إلى اتفاق، وعقدا في هذا الوقت على ما يظهر محالفة رسمية فيما بينهما، كان من شروطها ألا يخرج ملك مصر عن نطاق حدود بلاده من بعد اليوم قط، وقد جاء ذكر هذه المحالفة في كتاب الملوك الإصحاح 24 سطر 7 فاستمع لما جاء فيه:
ولم يعد كذلك ملك مصر يخرج من أرضه؛ لأن ملك بابل أخذ من نهر مصر (وادي العريش) إلى نهر «الفرات» كل ما كان لملك مصر.
أما أول تغيير في العلاقات بين مصر وبابل، فقد ظهر في عام 579 ق.م وذلك أن الملك «يواقيم» صاحب «يهوذا» قد انتقل على حسب مجريات الأمور من المعسكر المصري إلى المعسكر البابلي، ولكنه في هذه الآونة امتنع عن دفع الجزية؛ وذلك لأن اليهود كانوا يعتقدون كثيرًا في قدرة إلههم «يهوى» وقتئذ، وعلى الرغم من الدروس القاسية التي تلقوها في خلال السنين العشرة الأخيرة، فإن اعتقادهم هذا في إلههم لم يتزعزع؛ ولكن بجانب ذلك كانوا يأملون في قوة حقيقية أعلى، فقد انتظروا أن تقوم مصر بثورة على «نبوخد نصر» فتكون لهم نجدة وعونًا، ولكن الملك «نيكاو» لم يفكر في ذلك؛ ومن أجل هذا لما لم يجد «نبوخد نصر» من يقف في وجهه حاصر «أورشليم» واستولى عليها. وكان مصير حلف «يهوياقيم» هو وابنه الذي كان يدعى «يهوياكين» أن أخذ الأخير أسيرًا، ولم يكن قد مضى عليه أكثر من ثلاثة أشهر في الحكم، وكذلك سيق معه 8000 أسير من عظماء القوم، هذا بالإضافة إلى صناع كثيرين، وقد سبق كل أولئك إلى «بابل». وقد نصب الملك «نبوخد نصر» مكان «يهوياكين» عمه «متنيا» وأسماه «صدقيا»، وقد جاء ذكر هذه القصة في كتاب الملوك الثاني الإصحاح 24 الأسطر من 1–17.
(1) في أيامه صعد «نبوخد نصر» ملك بابل، فكان له «يهوياقيم» عبدًا ثلاث سنين، ثم عاد فتمرد عليه (2) فأرسل الرب عليه غزاة الكلدانيين وغزاة الآراميين وغزاة الموابيين وغزاة بني عمون، وأرسلهم على يهوذا ليبيدها حسب كلام الرب الذي تكلم به عن يد عبيده الأنبياء. (3) إن ذلك كان حسب كلام الرب على «يهوذا»؛ لينزعهم من أمامه لأجل خطايا «منسي» حسب كل ما عمل؛ (4) وكذلك لأجل الدم البريء الذي سفكه؛ لأنه ملأ «أورشليم» دمًا بريئًا، ولم يشأ الرب أن يغفر (5) وبقية أمور «يهوياقيم»، وكل ما عمل أما هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك «يهوذا»، (6) ثم اضطجع «يهوياقيم» مع آبائه وملك «يهوياكين» ابنه عوضًا عنه … إلخ.
وتدل شواهد الأحوال على أن «نيكاو» ملك مصر لم يحرك ساكنًا في أثناء ذلك من هذه الناحية، غير أننا من ناحية أخرى نجد أنه قد سلك طريقًا أخرى في تعزيز قوة بلاده، إذ أخذ في إنشاء أسطول بحري عظيم لمصر. والواقع أن هذه كانت سياسة جديدة في تاريخ مصر المتأخر، وتدل الأحوال على أن «نيكاو» أراد أن ينشئ قوة بحرية في البحر الأبيض المتوسط، وكذلك في البحر الأحمر، وذلك ببناء سفن من التي لها ثلاثة (2) صفوف من المجاديف، ثم نجد أنه في السنين الأولى من حكمه قد بدأ بداية حسنة في هذه الناحية لدرجة أن الفينيقيين المعروفين وقتئذ بمهارتهم البحرية قد أصبحوا تحت سلطانه. وعلى ذلك نجد أن «نيكاو» قد عمل على إعادة الطريق المائية، التي يحتمل جدًّا أنها كانت موجودة في عهد الأسرة الثامنة عشرة، بل من عهد «سنوسرت» الأول وهي عبارة عن قناة تأخذ ماءها من فرع النيل البيلوزي بالقرب من مدينة «بوبسطة»، وتوصل ما بين البحرين الأبيض المتوسط والأحمر، ومع ذلك فإن المشروع لم ينفذ حتى نهايته، والظاهر أن عدم انجازه كان يرجع إلى صعوبات فنية، ويقول «هردوت» في ذلك (Herod. II, 158) ما يأتي: كان «نيكاو» بن «بسمتيك» قد أصبح ملكًا على مصر، وقد بدأ أولًا بالقناة التي توصل إلى البحر الأحمر، وهي التي أتمها الملك «دارا» الفارسي فيما بعد وطولها أربعة أيام ووسعها قد حفر؛ ليحمل سفينتين حربيتين جنبًا لجنب (من ذوات ثلاثة الصفوف من المجاديف الواحد منها فوق الآخر)، ويؤتى بالماء لها من النيل ويدخلها من فوق مدينة «بوبسطة» بقليل وتمر بالقرب من المدينة العربية «باتوموس» Patumos، وتصل إلى البحر الأحمر، وقد حفرت أجزاء السهل المصري الذي يقع نحو بلاد العرب أولًا، وفي أعلى هذا السهل يقع الجبل الذي يمتد نحو «منف» وفيه محجران، وعلى طول قاعدة هذا الجبل امتدت القناة طولًا من الغرب إلى الشرق، ثم امتدت إلى المضايق مارة من الجبل نحو السمت ونحو الجنوب في الداخل حتى خليج العرب (البحر الأحمر)، ولكن الجزء الذي يكون العبور فيه أقصر وأسهل ما يكون هو الذي من البحر الشمالي (= البحر الأبيض) إلى البحر الجنوبي، وهو الذي كان يسمى البحر الأحمر؛ أي من جبل «كاسيوس» الذي يفصل مصر عن «سوريا».
ومن هذه النقطة نجد أن المسافة كانت ألف استاد حتى الخليج العربي، وهذه إذن هي أقصر طريق، ولكن القناة كانت أطول من ذلك بكثير؛ لأنها كانت متعرجة، وقد مات في حفرها مائة وعشرون ألف مصري في عهد الملك «نيكاو». وقد أوقف «نيكاو» الحفر في وسط العمل؛ وذلك لأن الوحي الإلهي التالي قد كان عقبة؛ وهو أنه يعمل لأجل همجي، وذلك لأن المصريين كانوا يسمون كل الناس الذين لا يتكلمون لغتهم همجيين (3).
وعلى أية حال فإن «نيكاو» لم ينبذ مشاريعه الشاسعة لمستقبل بلاده، إذ استمر في تنمية أسطوله فأرسل سفنًا حربية يقودها فنيقيون ليقوموا بالرحلة المشهورة حول «لوبيا» (أي: أفريقيا)، وهي الرحلة التي قدم لنا «هردوت» عنها قصة مدهشة (Herod. IV, 42) ، فقد أكد لنا هذا المؤرخ صحة هذه الرحلة عندما قال: كان «نيكاو» ملك مصر هو أول من عرفنا عنه البرهنة على صحة هذا الحادث، وذلك أنه بعد أن أوقف حفر القناة الموصلة من النيل إلى الخليج العربي أرسل بعض الفنيقيين في سفن بأمر منه؛ ليسبحوا عائدين مخترقين أعمدة «هركيل» إلى البحر الشمالي (البحر الأبيض المتوسط) ، وبذلك يعودون إلى مصر. وعلى حسب ذلك قام الفنيقيون من البحر الأحمر وساحوا في البحر الجنوبي، وعندما دخل الخريف ذهبوا إلى الشاطئ وبذروا الأرض في أي جزء اتفق أنهم رسوا فيه، ثم انتظروا حتى زمن الحصاد، وبعد حصد الغلة أقلعوا ثانية، وبعد انتهاء سنتين على تلك الحال كانوا قد لفوا حول أعمدة «هركيل» في السنة الثالثة، ووصلوا إلى مصر وقصوا على ما يظهر لي ما هو غير معقول، ولكن يمكن أن يصدقه آخرون «وهو أنهم بلفهم حول «لوبيا» كانت الشمس على يمينهم. وهذه الملاحظة تبرهن لأهل عصرنا الحالي على صحة هذه الرحلة، ولكن كان لا بد من انتظار أحد عشر قونًا حتى يتسنى للبرتغاليين بقيادة «فاسكودي جاما»؛ ليبدؤوا من جهة مضادة اللف حول أفريقيا الذي تنسب المبادرة به إلى «نيكاو»، وهو الذي أغنى بدرجة عظيمة علم الجغرافيا والتجارة العالمية.
.................................................
1- هذه الموقعة وقعت ما بين خريف 605 ق.م وخريف 604 ق.م (راجع Knietz, P. 160)، ومن الحقائق التي تلفت النظر بصورة عجيبة في هذا العهد أن الملك «نيكاو» قد قدم للإله الإغريقي «أبوللون» Apollon درعًا كان يحملها في هذه الحرب في معبد «ميليه» Milet، ومن ثم نفهم أنه لم يكن «آمون» أو «نيت» الحامي للفرعون وحسب، بل كان «أبوللون» الهليني هو الذي يدير دفة السياسة لملوك «سايس» (Herod. II, 159) أيضًا
2- نظر شكل رقم 1 وتدل على سفينة حربية في العهد الساوي. والأصل في متحف «اللوفر».

 


شكل 1: سفينة مصرية من العهد الساوي

 


3- وسنتحدث عن هذه القناة بالتفصيل في كل عصورها القديمة عند التحدث عن حفرها فعلًا في عهد «دارا» الفارسي — إن شاء الله.




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).