

التوحيد

النظر و المعرفة

اثبات وجود الله تعالى و وحدانيته


صفات الله تعالى


الصفات الثبوتية

القدرة و الاختيار

العلم و الحكمة

الحياة و الادراك

الارادة

السمع و البصر

التكلم و الصدق

الأزلية و الأبدية

الصفات الجلالية ( السلبية )

الصفات - مواضيع عامة

معنى التوحيد و مراتبه


العدل

البداء

التكليف

الجبر و التفويض

الحسن و القبح

القضاء و القدر

اللطف الالهي

مواضيع عامة


النبوة

اثبات النبوة

الانبياء

العصمة

الغرض من بعثة الانبياء

المعجزة

صفات النبي

النبي محمد (صلى الله عليه وآله)

مواضيع متفرقة

القرآن الكريم


الامامة

الامامة تعريفها ووجوبها وشرائطها

صفات الأئمة وفضائلهم ومودتهم

العصمة

امامة الامام علي عليه السلام

إمامة الأئمة الأثني عشر

الأمام المهدي عجل الله فرجه الشريف

الرجعة


المعاد

تعريف المعاد و الدليل عليه

المعاد الجسماني

الموت و القبر و البرزخ

القيامة

الثواب و العقاب

الجنة و النار

الشفاعة

التوبة


فرق و أديان

علم الملل و النحل ومصنفاته

علل تكون الفرق و المذاهب

الفرق بين الفرق

الشيعة الاثنا عشرية

أهل السنة و الجماعة

أهل الحديث و الحشوية

الخوارج

المعتزلة

الزيدية

الاشاعرة

الاسماعيلية

الاباضية

القدرية

المرجئة

الماتريدية

الظاهرية

الجبرية

المفوضة

المجسمة

الجهمية

الصوفية

الكرامية

الغلو

الدروز

القاديانيّة

الشيخية

النصيرية

الحنابلة

السلفية

الوهابية


شبهات و ردود

التوحيـــــــد

العـــــــدل

النبـــــــوة

الامامـــــــة

المعـــاد

القرآن الكريم

الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام)

الزهراء (عليها السلام)

الامام الحسين (عليه السلام) و كربلاء

الامام المهدي (عليه السلام)

إمامة الائمـــــــة الاثني عشر

العصمـــــــة

الغلـــــــو

التقية

الشفاعة والدعاء والتوسل والاستغاثة

الاسلام والمسلمين

الشيعة والتشيع

اديان و مذاهب و فرق

الصحابة

ابو بكر و عمر و عثمان و مشروعية خلافتهم

نساء النبي (صلى الله عليه واله و سلم)

البكاء على الميت و احياء ذكرى الصاحين

التبرك و الزيارة و البناء على القبور

الفقه

سيرة و تاريخ

مواضيع عامة

مقالات عقائدية

مصطلحات عقائدية


أسئلة وأجوبة عقائدية


التوحيد

اثبات الصانع ونفي الشريك عنه

اسماء وصفات الباري تعالى

التجسيم والتشبيه

النظر والمعرفة

رؤية الله تعالى

مواضيع عامة

النبوة والأنبياء

الإمامة

العدل الإلهي

المعاد


القرآن الكريم

القرآن

آيات القرآن العقائدية

تحريف القرآن

النبي محمد صلى الله عليه وآله

فاطمة الزهراء عليها السلام

الاسلام والمسلمين

الصحابة


الأئمة الإثنا عشر

الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام

أدلة إمامة إمير المؤمنين

الإمام الحسن عليه السلام

الإمام الحسين عليه السلام

الإمام السجاد عليه السلام

الإمام الباقر عليه السلام

الإمام الصادق عليه السلام

الإمام الكاظم عليه السلام

الإمام الرضا عليه السلام

الإمام الجواد عليه السلام

الإمام الهادي عليه السلام

الإمام العسكري عليه السلام

الإمام المهدي عليه السلام

إمامة الأئمة الإثنا عشر

الشيعة والتشيع

العصمة

الموالات والتبري واللعن

أهل البيت عليهم السلام

علم المعصوم


أديان وفرق ومذاهب

الإسماعيلية

الأصولية والاخبارية والشيخية

الخوارج والأباضية

السبئية وعبد الله بن سبأ

الصوفية والتصوف

العلويين

الغلاة

النواصب

الفرقة الناجية

المعتزلة والاشاعرة

الوهابية ومحمد بن عبد الوهاب

أهل السنة

أهل الكتاب

زيد بن علي والزيدية

مواضيع عامة

البكاء والعزاء وإحياء المناسبات


احاديث وروايات

حديث اثنا عشر خليفة

حديث الغدير

حديث الثقلين

حديث الدار

حديث السفينة

حديث المنزلة

حديث المؤاخاة

حديث رد الشمس

حديث مدينة العلم

حديث من مات ولم يعرف إمام زمانه

احاديث متنوعة

التوسل والاستغاثة بالاولياء

الجبر والاختيار والقضاء والقدر

الجنة والنار

الخلق والخليقة

الدعاء والذكر والاستخارة

الذنب والابتلاء والتوبة

الشفاعة

الفقه

القبور

المرأة

الملائكة


أولياء وخلفاء وشخصيات

أبو الفضل العباس عليه السلام

زينب الكبرى عليها السلام

مريم عليها السلام

ابو طالب

ابن عباس

المختار الثقفي

ابن تيمية

أبو هريرة

أبو بكر

عثمان بن عفان

عمر بن الخطاب

محمد بن الحنفية

خالد بن الوليد

معاوية بن ابي سفيان

يزيد بن معاوية

عمر بن عبد العزيز

شخصيات متفرقة

زوجات النبي صلى الله عليه وآله

زيارة المعصوم

سيرة وتاريخ

علم الحديث والرجال

كتب ومؤلفات

مفاهيم ومصطلحات


اسئلة عامة

أصول الدين وفروعه

الاسراء والمعراج

الرجعة

الحوزة العلمية

الولاية التكوينية والتشريعية

تزويج عمر من ام كلثوم

الشيطان

فتوحات وثورات وغزوات

عالم الذر

البدعة

التقية

البيعة

رزية يوم الخميس

نهج البلاغة

مواضيع مختلفة


الحوار العقائدي

* التوحيد

* العدل

* النبوة

* الإمامة

* المعاد

* الرجعة

* القرآن الكريم

* النبي محمد (صلى الله عليه وآله)

* أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)

* فضائل النبي وآله

* الإمام علي (عليه السلام)

* فاطمة الزهراء (عليها السلام)

* الإمام الحسين (عليه السلام) وكربلاء

* الإمام المهدي (عجل الله فرجه)

* زوجات النبي (صلى الله عليه وآله)

* الخلفاء والملوك بعد الرسول ومشروعية سلطتهم

* العـصمة

* التقيــة

* الملائكة

* الأولياء والصالحين

* فرق وأديان

* الشيعة والتشيع

* التوسل وبناء القبور وزيارتها

* العلم والعلماء

* سيرة وتاريخ

* أحاديث وروايات

* طُرف الحوارات

* آداب وأخلاق

* الفقه والأصول والشرائع

* مواضيع عامة
عقيدتنا في المهدي (عجل الله فرجه الشريف)
المؤلف:
آية الله السيد محسن الخرّازي
المصدر:
بداية المعارف الإلهية في شرح عقائد الإمامية
الجزء والصفحة:
ج2، ص 132 - 170
2025-12-22
35
إنّ البشارة بظهور المهديّ من ولد فاطمة في آخر الزمان ليملأ الأرض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا ثابتة عن النبيّ ـ صلى الله عليه وآله ـ بالتواتر ، وسجّلها المسلمون جميعا فيما رووه من الحديث عنه على اختلاف مشاربهم ، وليست هي بالفكرة المستحدثة عند (الشيعة) دفع إليها انتشار الظلم والجور ، فحلموا بظهور من يطهّر الأرض من رجس الظلم ، كما يريد أن يصوّرها بعض المغالطين غير المنصفين.
ولو لا ثبوت (فكرة المهدي) عن النبيّ على وجه عرفها جميع المسلمين وتشبعت في نفوسهم واعتقدوها لما كان يتمكن مدّعو المهديّة في القرون الأولى كالكيسانيّة والعبّاسيين ، وجملة من العلويّين وغيرهم من خدعة الناس ، واستغلال هذه العقيدة فيهم ، طلبا للملك والسلطان ، فجعلوا ادعاءهم المهديّة الكاذبة طريقا للتأثير على العامّة وبسط نفوذهم عليهم.
ونحن مع إيماننا بصحّة الدين الإسلامي ، وأنّه خاتمة الأديان الإلهية ، ولا نترقب دينا آخر لإصلاح البشر ، ومع ما نشاهد من انتشار الظلم واستشراء الفساد في العالم على وجه ، لا تجد للعدل والصلاح موضع قدم في الممالك المعمورة ، ومع ما نرى من انكفاء المسلمين أنفسهم عن دينهم وتعطيل أحكامه وقوانينه في جميع الممالك الإسلامية ، وعدم التزامهم بواحد من الألف من أحكام الإسلام ، ونحن مع كلّ ذلك لا بدّ أن ننتظر الفرج بعودة الدين الإسلامي إلى قوّته وتمكينه من إصلاح هذا العالم المنغمس بغطرسة الظلم والفساد.
ثم لا يمكن أن يعود الإسلام إلى قوّته وسيطرته على البشر عامّة ، وهو عليه اليوم وقبل اليوم من اختلاف معتنقيه في قوانينه وأحكامه وفي أفكارهم عنه ، وهم على ما هم عليه اليوم وقبل اليوم من البدع والتحريفات في قوانينه والضلالات في ادعاءاتهم.
نعم لا يمكن أن يعود الدين إلى قوّته إلّا إذا ظهر على رأسه مصلح عظيم يجمع الكلمة ، ويردّ عن الدين تحريف المبطلين ، ويبطل ما الصق به من البدع والضلالات بعناية ربّانيّة وبلطف إلهي ، ليجعل منه شخصا هاديا مهديّا ، له هذه المنزلة العظمى والرئاسة العامّة والقدرة الخارقة ، ليملأ الأرض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا. والخلاصة أنّ طبيعة الوضع الفاسد في البشر البالغة الغاية في الفساد والظلم مع الإيمان بصحة هذا الدين وأنّه الخاتمة للأديان يقتضي انتظار هذا المصلح «المهديّ (ع)» ، لإنقاذ العالم ممّا هو فيه.
ولأجل ذلك آمنت بهذا الانتظار جميع الفرق المسلمة ، بل الامم من غير المسلمين غير أنّ الفرق بين الإمامية وغيرها هو أنّ الإمامية تعتقد أنّ هذا المصلح المهدي هو شخص معيّن معروف ولد سنة 256 هجرية ولا يزال حيّا هو ابن الحسن العسكري واسمه (م ح م د).
وذلك بما ثبت عن النبي وآل البيت من الوعد به وما تواتر عندنا من ولادته واحتجابه.
ولا يجوز أن تنقطع الإمامة وتحول في عصر من العصور وإن كان الإمام مخفيّا ليظهر في اليوم الموعود به من الله تعالى الذي هو من الأسرار الإلهية التي لا يعلم بها إلّا هو تعالى.
ولا يخلو من أن تكون حياته وبقاؤه هذه المدة الطويلة معجزة جعلها الله تعالى له ، وليست هي بأعظم من معجزة أن يكون إماما للخلق وهو ابن خمس سنين يوم رحل والده إلى الرفيق الأعلى ولا هي بأعظم من معجزة عيسى إذ كلّم الناس في المهد صبيّا وبعث في الناس نبيا.
وطول الحياة أكثر من العمر الطبيعي ، أو الذي يتخيل أنه العمر الطبيعي ، لا يمنع منها فن الطب ولا يحيلها ، غير أنّ الطبّ بعد لم يتوصل إلى ما يمكنه من تعمير حياة الإنسان.
وإذا عجز عنه الطب فإنّ الله تعالى قادر على كلّ شيء ، وقد وقع فعلا تعمير نوح ، وبقاء عيسى ـ عليهما السلام ـ كما اخبر عنهما القرآن الكريم ... ولو شكّ الشاك فيما أخبر به القرآن فعلى الإسلام السلام.
ومن العجب أن يتساءل المسلم عن إمكان ذلك ، وهو يدّعي الإيمان بالكتاب العزيز.
وممّا يجدر أن نذكره في هذا الصدد ونذكّر أنفسنا به ، أنّه ليس معنى انتظار هذا المصلح المنقذ (المهدي ـ عليه السلام ـ) ، أن يقف المسلمون مكتوفي الأيدي فيما يعود إلى الحقّ من دينهم ، وما يجب عليهم من نصرته والجهاد في سبيله ، والأخذ بأحكامه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
بل المسلم أبدا مكلّف بالعمل بما انزل من الأحكام الشرعيّة ، وواجب عليه السعي لمعرفتها على وجهها الصحيح بالطرق الموصلة إليها حقيقة ، وواجب عليه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ما تمكّن من ذلك وبلغت إليه قدرته (كلّكم راع وكلّكم مسئول عن رعيته). فلا يجوز له التأخر عن واجباته بمجرّد الانتظار للمصلح (المهدي ـ عليه السلام ـ) والمبشّر الهادي.
فإنّ هذا لا يسقط تكليفا ولا يؤجل عملا ولا يجعل الناس هملا كالسوائم (أ).
____________________________________________
(أ) يقع البحث في مقامات :
أحدها : أنّ مقتضى ما مرّ من ادلّة لزوم الإمامة والعصمة ، هو عدم خلوّ كلّ عصر وزمان عن وجود الإمام المعصوم سواء قام بالسيف أو لم يقم ، ظهر أو لم يظهر ، وعليه فنعتقد بوجود الإمام المعصوم الحيّ في كلّ زمان.
وبهذا الأمر الثابت يظهر بطلان المذاهب التي أهمل أصحابها هذا الأصل الأصيل كالزيدية الذين قالوا بإمامة كلّ فاطميّ عالم زاهد خرج بالسيف مع ادعاء الإمامة (1) فإنّهم أهملوا العصمة بما اعتقدوا وذهبوا إليه ، هذا مضافا إلى أنّ بعض الأئمة الذين لم يشهروا سيفهم ، كعلي بن الحسين والإمام الباقر والإمام الصادق إلى الإمام الثاني عشر ممّن نصّ النبيّ ـ صلى الله عليه وآله ـ والأئمة الاول على إمامتهم ، فاشتراط القيام بالسيف اشتراط شيء في قبال نصّ النبيّ ـ صلى الله عليه وآله ـ على إمامتهم ، ألا ترى ما روي في كتب الفريقين عن النبيّ ـ صلى الله عليه وآله ـ في الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ :
هذان ولداي إمامان قاما أو قعدا ، ولو كان القيام بالسيف شرطا لما صدر ذلك عن النبيّ ـ صلى الله عليه وآله ـ قال العلّامة الحليّ ـ قدس سره : كلام الزيدية باطل من وجوه ، الأوّل : قولهم بعدم العصمة ، وهم يشاركون كلّ من خالف الإمامية في هذه المقالة إلى أن قال : الخامس ليس القيام بالسيف شرطا لقوله ـ عليه السلام ـ في الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ هذان ولداي إمامان قاما أو قعدا ، ولو كان القيام بالسيف شرطا لما صحّ نفيه عنهما كالعلم والعدالة (2).
ومما ذكر يظهر أيضا بطلان مذهب الفطحية ، الذين قالوا بإمامة عبد الله بن جعفر ، وهكذا بطلان مذهب الإسماعيلية الذين قالوا بإمامة إسماعيل بن جعفر ، مع أنّهما ليسا بمعصومين ، وليسا بداخلين فيما نصّ النبيّ والأئمة السابقة ـ عليهم الصلوات والسّلام ـ على إمامتهم.
ثانيها : أنّ مقتضى الأخبار المتواترة إنّ الأئمة ـ عليهم السلام ـ هم الاثنا عشر ، لا أقل ولا أكثر ، ولازم ذلك أيضا بطلان اعتقاد من ذهب إلى الأزيد ، كالزيدية ، أو إلى الأقلّ كالكيسانية الذين قالوا بإمامة عليّ ـ عليه السلام ـ وبعده الحسن ثم الحسين ثم محمّد بن الحنفية ، وقالوا : إنّه الإمام المنتظر أعني المهديّ الذي يملأ الأرض عدلا ، وهو إلى الآن مستتر في جبل رضوى بقرب المدينة (3).
هذا مضافا إلى إهمالهم العصمة وإعراضهم عن النصوص الخاصّة من النبيّ والأئمة الماضين على أشخاص الأئمة اللاحقين عليهم السلام.
ومما ذكر يظهر أيضا بطلان مذهب الناووسية ، الذين وقفوا على إمامة الإمام جعفر الصادق ـ عليه السلام ـ وبطلان مذهب الواقفية الذين وقفوا على إمامة الإمام موسى الكاظم ـ عليه السلام ـ وعليه فالحقّ هو مذهب الاثنى عشرية الذين قالوا بإمامة اثني عشر ، كما نصّ النبيّ والأئمة الأول ـ صلوات الله عليهم ـ على أشخاصهم.
ثالثها : أنّ فكرة وجود الإمام في كلّ عصر وزمان ليست فكرة حديثة ، بل هي أمر له سابقة من لدن خلقة البشر ، لما عرفت من إقامة البراهين التامّة على لزوم الارتباط بين الخلق وخالقه بالنبوّة أو الإمامة ، وأكّدها النبيّ صلى الله عليه وآله بجملات ، منها : من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة الجاهلية (4) فالاعتقاد بالإمامة كان مبتنيا على أساس قويم برهاني ، بل فكرة كون الأئمة في الإسلام اثني عشر ، وفكرة كون الأئمة الأحد عشر ـ عليهم السلام ـ من نسل النبيّ ونسل علي وفاطمة ، ونسل الحسين ـ عليهم السلام ـ وبعض خصوصيات أخر أمر سماويّ أخبر به الأنبياء السالفة ونبيّنا ـ صلى الله عليه وآله ـ بالتواتر من الأخبار.
روى في منتخب الأثر عن كفاية الأثر بإسناده إلى أمّ سلمة قالت : قال : رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : لمّا اسري بي إلى السماء ، نظرت فإذا مكتوب على العرش لا إله إلّا الله محمّد رسول الله ، أيدته بعليّ ، ونصرته بعليّ ، ورأيت أنوار عليّ وفاطمة والحسن والحسين ، وأنوار علي بن الحسين ومحمّد بن عليّ وجعفر بن محمّد وموسى بن جعفر وعليّ بن موسى ومحمّد بن عليّ ، وعليّ بن محمّد ، والحسن بن عليّ ، ورأيت نور الحجّة يتلألأ من بينهم كأنّه كوكب درّي ، فقلت يا رب من هذا؟ ومن هؤلاء؟ فنوديت يا محمّد هذا نور عليّ وفاطمة ، وهذا نور سبطيك الحسن والحسين ، وهذه أنوار الأئمة بعدك من ولد الحسين مطهّرون معصومون ، وهذا الحجّة الذي يملأ الأرض (الدنيا نخ) قسطا ، وعدلا (5) وعليه ففكرة ظهور الإمام الثاني عشر ـ أرواحنا فداه ـ وغلبته على الظلم والجور ، وإقامته للعدل والقسط والحكومة الإلهية الإسلامية في جميع أقطار الأرض ، أمر سماوي أخبر به الأنبياء السابقة ونبيّنا محمّد ـ صلى الله عليه وآله ـ والأئمة الأطهار ـ صلوات الله عليهم ـ بالتواتر ، ووقع كما أخبروا من دون ريب وشبهة ، بل يمكن إقامة البرهان عليه بما يلي :
قال العلّامة الطباطبائي ـ قدس سره ـ في «الشيعة في الاسلام» تحت عنوان بحث في ظهور المهدي ـ عجل الله فرجه ـ من وجهة نظر العامّة : وكما أشرنا في بحث النبوّة والإمامة وفقا لقانون الهداية الجارية في جميع أنواع الكائنات ، فالنوع الإنساني منه مجهّز بحكم الضرورة بقوة (قوّة الوحي والنبوّة) ترشده إلى الكمال الإنساني والسعادة النوعيّة ، وبديهي أنّ الكمال والسعادة لو لم يكونا أمرين ممكنين وواقعين للإنسان الذي تعتبر حياته حياة اجتماعية لكان أصل التجهيز لغوا وباطلا ، ولا يوجد لغو في الخلقة مطلقا.
وبعبارة اخرى أنّ البشر منذ أن وجد على ظهر البسيطة كان يهدف إلى حياة اجتماعية مقرونة بالسعادة ، وكان يعيش لغرض الوصول إلى هذه المرحلة ، ولو لم تتحقق هذه الامنية في الخارج ، لما منّى الإنسان نفسه بهذه الامنية ، فلو لم يكن هناك غذاء لم يكن هناك جوع ، وإذا لم يكن هناك ماء لم يكن عطش ، وإذا لم يكن تناسل لم تكن علاقة جنسية.
فعلى هذا وبحكم الضرورة (الجبر) فإنّ مستقبل العالم سيكشف عن يوم يهيمن فيه العدل والقسط على المجتمع البشري ، ويتعايش أبناء العالم في صلح وصفاء ومودّة ومحبّة ، تسودهم الفضيلة والكمال وطبيعي أنّ استقرار مثل هذه الحالة بيد الإنسان نفسه ، والقائد لمثل هذا المجتمع سيكون منجي العالم البشري ، وعلى حدّ تعبير الروايات سيكون المهديّ (6).
وكيف كان فنذكر من الروايات الكثيرة المتواترة رواية واحدة ، وهي ما رواه في فرائد السمطين عن عبد الله بن عباس قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : إنّ خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي لاثنا عشر ، أوّلهم أخي وآخرهم ولدي قيل : يا رسول الله ومن أخوك؟ قال : عليّ بن أبي طالب ، قيل : فمن ولدك؟ قال : المهديّ الذي يملأها قسطا وعدلا ، كما ملئت جورا وظلما والذي بعثني بالحقّ بشيرا لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يخرج فيه ولدي المهديّ ، فينزل روح الله عيسى بن مريم فيصلّي خلفه ، وتشرق الأرض بنور ربّها ، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب (7).
قال الشهيد السيد محمّد باقر الصدر ـ قدس سره ـ : «إن فكرة المهديّ بوصفه القائد المنتظر لتغير العالم إلى الأفضل قد جاءت في أحاديث الرسول الأعظم عموما ، وفي روايات أئمة أهل البيت خصوصا ، وأكّدت في نصوص كثيرة بدرجة لا يمكن أن يرقى إليها الشك ، وقد احصي أربعمائة حديث عن النبيّ ـ صلى الله عليه وآله ـ من طرق إخواننا أهل السنّة كما احصي مجموع الأخبار الواردة في الإمام المهديّ من طرق الشيعة والسنّة ، فكان أكثر من ستة آلاف رواية. هذا رقم إحصائي كبير لا يتوفر نظيره في كثير من قضايا الإسلام البديهيّة التي لا شكّ فيها لمسلم عادة» (8).
ثم مما ذكر يظهر وجه ضعف القول بأنّ فكرة ظهور المهديّ مستحدثة عند الشيعة ، هذا مضافا إلى ما أشار إليه في المتن من أنّه لو لا ثبوت فكرة المهديّ عن النبيّ ـ صلى الله عليه وآله ـ على وجه عرفها جميع المسلمين وتشبّعت في نفوسهم واعتقدوها لما كان يتمكن مدّعو المهديّة في القرون الاولى كالكيسانية والعبّاسيين وجملة من العلويين ، وغيرهم من خدعة الناس ، واستغلال هذه العقيدة فيهم طلبا للملك والسلطان ، فجعلوا ادعاءهم المهديّة الكاذبة طريقا للتأثير على العامّة وبسط نفوذهم عليهم.
ثم لا يخفى عليك قصور ما أفاده المصنّف من أنّ طبيعة الوضع الفاسد في البشر البالغة الغاية في الفساد والظلم مع الإيمان بصحّة هذا الدين ، وأنّه الخاتمة للأديان يقتضي انتظار هذا المصلح (المهديّ) لإنقاذ العالم مما هو فيه ، ولأجل ذلك آمنت بهذا الانتظار جميع الفرق المسلمة الخ.
فإنّ مجرد طبيعة الوضع الفاسد يقتضي إظهار مصلح وإخراجه حتّى يتمكّن به إصلاح العالم مما هو فيه ولا يدلّ على وقوع هذا الإصلاح إلّا بضميمة ما بشّر الله به في الكتاب العزيز من غلبة الدين الإسلامي على جميع الأديان كقوله : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) أو بضميمة بشارة النبيّ والأئمة الماضين ـ عليهم السلام ـ بوقوع هذا الأمر وحتميته ، وهذا هو السبب في إيمان جميع الفرق المسلمة بذلك الانتظار لا مجرد طبيعة الوضع الفاسد فلا تغفل.
رابعها : أنّ الفرق بين الإمامية وغيرها من الفرق المسلمة ، بل الامم من غير المسلمين ، هو أنّ الامامية تعتقد بوجود هذا المصلح ، وأنّه المهديّ بن الحسن العسكريّ ، ومتولد في سنة 256 هجرية ، ولا يزال حيّا.
والدليل عليه هو أمران ، أحدهما : الروايات الدالّة على خصوص شخصه ، وأنّه ثاني عشر من الأئمة ، وأنّه التاسع من ولد الحسين ـ عليه السلام ـ ونحو ذلك ، فإنّ مثل هذه الروايات الكثيرة المتواترة تدلّ على وجوده وإلّا لم يكن تاسعا من ولد الحسين أو ثاني عشر من الأئمة الذين لا تخلو الأرض منهم ، وهذه الروايات نقلت قبل وجوده وشاعت وكانت محفوظة ومسطورة في الجوامع.
قال الشهيد السيد محمّد باقر الصدر ـ قدس سره ـ في ذيل قوله ـ صلى الله عليه وآله ـ : «الخلفاء والامراء اثنا عشر» : «قد أحصى بعض المؤلفين رواياته فبلغت أكثر من مائتين وسبعين رواية مأخوذة من أشهر كتب الحديث عند الشيعة والسنّة ، بما في ذلك البخاري ومسلم والترمذي وأبي داود ومسند أحمد ومستدرك الحاكم على الصحيحين ، ويلاحظ أنّ البخاري الذي نقل هذا الحديث كان معاصرا للإمام الجواد والإمامين الهادي والعسكري ـ عليهم السلام ـ» (9).
وثانيهما : هو ما أشار إليه في المتن حيث قال : وما تواتر عندنا من ولادته واحتجابه ، ولا يجوز أن تنقطع الإمامة وتحوّل في عصر من العصور وإن كان الامام مخفيا الخ.
ولقد أفاد وأجاد الشهيد السيد محمّد باقر الصدر ـ قدس سره ـ حيث قال : «إنّ المهديّ حقيقة عاشتها امة من الناس ، وعبّر عنها السفراء والنوّاب طيلة سبعين عاما من خلال تعاملهم مع الآخرين ، ولم يلحظ عليهم أحد كلّ هذه المدّة تلاعبا في الكلام أو تحايلا في التصرّف ، أو تهافتا في النقل ، فهل تتصور ـ بربّك ـ أنّ بإمكان أكذوبة أن تعيش سبعين عاما ، ويمارسها أربعة على سبيل الترتيب ، كلّهم ينفقون عليها ويظلون يتعاملون على أساسها وكأنها قضيّة يعيشونها بأنفسهم ويرونها بأعينهم دون أن يبدر منهم أيّ شيء يثير الشكّ ، ودون أن يكون بين الأربعة علاقة خاصّة متميّزة تتيح لهم نحوا من التواطؤ ، ويكسبون من خلال ما يتّصف به سلوكهم من واقعية ثقة الجميع ، وإيمانهم بواقعية القضيّة ، التي يدّعون أنّهم يحسّونها ويعيشون معها ـ إلى أن قال ـ : وهكذا نعرف أنّ ظاهرة الغيبة الصغرى ، يمكن أن تعتبر بمثابة تجربة علمية لإثبات ما لها من واقع موضوعي ، والتسليم بالإمام القائد بولادته وحياته وغيبته وإعلانه العام عن الغيبة الكبرى التي استتر بموجبها عن المسرح ، ولم يكشف نفسه لأحد» (10).
هذا مضافا إلى إخبار الإمام العسكري ـ عليه السلام ـ بولادته لأصحابه ورؤية جمع منهم إياه ، قبل وفاة أبيه كأحمد بن اسحاق وغيره ، وظهور المعجزة على يده ، وقد ذكر الطبرسيّ ـ قدس سره ـ جمعا كثيرا ممّن رآه في حال غيبته ، ووقف على معجزاته من الوكلاء وغيرهم ، وقال : «وأمّا غيبته الصغرى منها فهي التي كانت فيها سفراؤه موجودين وأبوابه معروفين لا تختلف الإمامية القائلون بإمامة الحسن بن عليّ فيهم ، فمنهم أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري ومحمّد بن علي بن بلال وأبو عمرو عثمان بن سعيد السمّان وابنه أبو جعفر محمّد بن عثمان وعمر الأهوازي وأحمد بن اسحاق وأبو محمّد الوجناني وإبراهيم بن مهزيار ومحمّد بن إبراهيم في جماعة اخرى ربّما يأتي ذكرهم عند الحاجة إليهم في الرواية عنهم ، وكانت مدة هذه الغيبة اربعا وسبعين سنة ، وكان أبو عمرو عثمان بن سعيد العمري بابا لأبيه وجدّه من قبل ، وثقة لهما ، ثم تولى الباقية من قبله ، وظهرت المعجزات على يده الخ» (11).
وقال الشيخ المفيد ـ قدس سره ـ في ذيل باب من رأى الإمام الثاني عشر ، وطرف من دلائله وبيّناته ، وأمثال هذه الأخبار في معنى ما ذكرناه كثيرة ، والذي اقتصرنا عليه منها كاف فيما قصدناه (12).
وقال أيضا في ذيل باب (دلائله ومعجزاته) : «والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ، وهي موجودة في الكتب المصنّفة المذكورة فيها أخبار القائم ـ عليه السلام ـ وإن ذهبت إلى إيراد جميعها طال بذلك الكتاب ، وفيما أثبته منها مقنع ولله الحمد والمنّة» (13).
هذا مع رؤية جمع كثير إياه ـ عليه السلام ـ في حال غيبته الكبرى ، وقد تصدّى بعض الأعلام لذكر قصصهم ، ويكفيك النجم الثاقب ، ولنا طرق صحيحة لرؤية بعض الأعزة الكرام ، واتصالهم معه ، أرواحنا فداه ، وسنشير إليها عند المناسبة.
قال في منتخب الأثر في ذيل الفصل الخامس الباب الأوّل في معجزاته في غيبته الكبرى : «وقد ذكر في البحار حكايات كثيرة جدا في ذلك ، وهكذا ذكر المحدّث النوري في دار السلام ، وجنّة المأوى ، والنجم الثاقب ، والفاضل الميثمي العراقي في دار السلام ، وغيرهم من المحدّثين والعلماء معجزات كثيرة تتجاوز عن حدّ التواتر قطعا ، وأسناد كثير منها في غاية الصحّة والمتانة رواها الزهاد والأتقياء من العلماء. هذا مع ما نرى في كلّ يوم وليلة من بركات وجوده ، وثمرات التوسل والاستشفاع به ممّا جرّبناه مرارا» (14) وقال أيضا في ذيل الفصل المذكور الباب الثاني فيمن رآه في غيبته الكبرى : «واعلم أنّ ما ذكرناه في هذا الفصل ليس إلّا قليلا من الحكايات والآثار المذكورة في الكتب المعتبرة والاكتفاء به ؛ لعدم اتساع هذا الكتاب لأزيد منه مضافا إلى أنّ هذه الآثار والحكايات بلغت في الكثيرة حدا يمتنع إحصاؤها وقد ملئوا العلماء كتبهم عنها ، فراجع البحار والنجم الثاقب وجنّة المأوى ، ودار السلام المشتمل على ذكر من فاز بسلام الإمام ، والعبقريّ الحسان وغيرها ، حتّى تعرف مبلغا من كثرتها ، ومن تصفّح الكتب المدوّنة فيها هذه الحكايات التي لا ريب في صحّة كثير منها لقوّة إسناده ، وكون ناقليه من الخواصّ ، والرجال المعروفين بالصداقة والأمانة والعلم والتقوى يحصل له العلم القطعيّ الضروريّ بوجوده ـ عليه السلام ـ» (15).
خامسها : أنّ مسألة الغيبة للإمام الثاني عشر ـ أرواحنا فداه مما نصّ عليه النبيّ ـ صلى الله عليه وآله ـ والأئمة الأطهار ـ عليهم السلام ـ قبل ولادته وغيبته وإليك بعض هذه الأخبار.
قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : «المهديّ من ولدي يكون له غيبة وحيرة تضل فيهما الامم ، يأتي بذخيرة الأنبياء فيملأها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما» (16).
وقال ـ صلى الله عليه وآله ـ أيضا : «طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي وهو يأتمّ به في غيبته قبل قيامه ، ويتولّى أولياءه ، ويعادي أعداءه ذاك من رفقائي وذوي مودّتي ، وأكرم أمّتي يوم القيامة» (17).
وقال أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ : «للقائم منّا غيبة أمدها طويل ، كأني بالشيعة يجولون جولان النعم في غيبته ، يطلبون المرعى فلا يجدونه ، ألا فمن ثبت منهم على دينه لم يقس قلبه لطول أمد غيبة إمامه فهو معي في درجتي يوم القيامة» (18).
وقال الإمام الحسن بن عليّ ـ عليهما السلام ـ : «إذا خرج ذاك التاسع من ولد أخي الحسين ابن سيدة الإماء ، يطيل الله عمره في غيبته ، ثم يظهره بقدرته في صورة شاب ابن دون أربعين سنة ، ذلك ليعلم أنّ الله على كل شيء قدير» (19).
وقال الإمام الحسين بن عليّ ـ عليهما السلام ـ : «قائم هذه الامة هو التاسع من ولدي ، وهو صاحب الغيبة وهو الذي يقسّم ميراثه وهو حي» (20).
روى المفضل عن الصادق ـ عليه السلام ـ أنّه قال : «إنّ لصاحب هذا الأمر لغيبتين ، أحدهما أطول من الاخرى» الحديث.
قال الشيخ الطوسي بعد نقل هذا الحديث : «ويدلّ أيضا على إمامة ابن الحسن ـ عليه السلام ـ وصحّة غيبته ما ظهر واشتهر من الأخبار الشائعة الذائعة عن آبائه ـ عليهم السلام ـ قبل هذه الأوقات بزمان طويل من أنّ لصاحب هذا الأمر غيبة وصفة غيبته ، وما يجري فيها من الاختلاف ، ويحدث فيها من الحوادث ، وأنّه يكون له غيبتان إحداهما أطول من الاخرى ، وأنّ الاولى تعرف فيها أخباره ، والثانية لا تعرف فيها أخباره ، فوافق ذلك على ما تضمنته الأخبار ، ولو لا صحّتها وصحّة إمامته ، لما وافق ذلك ، لأنّ ذلك لا يكون إلّا بإعلام الله على لسان نبيه» (21).
وقال أمين الإسلام الطبرسيّ ـ قدس سره ـ : «ومن جملة ثقات المحدّثين والمصنّفين من الشيعة الحسن بن محبوب الزراد ، وقد صنّف كتاب المشيخة الذي هو في اصول الشيعة أشهر من كتاب المزني وأمثاله ، قبل زمان الغيبة بأكثر من مائة سنة تذكر فيه بعض ما أوردناه من أخبار الغيبة ، فوافق الخبر الخبر وحصل كلّ ما تضمنه الخبر بلا اختلاف» (22). فأخبار الغيبة متواترة ومسطورة في الكتب قبل ولادته ـ عليه السلام ـ قال المحقّق اللاهيجي ـ قدس سره ـ : إنّ وجوب غيبة الإمام الثاني عشر متواتر عن النبيّ ، وكلّ واحد من الأئمة عليهم الصلوات والسّلام (23).
قال المحقّق القميّ ـ قدس سره ـ : «إنّ كثيرا من جوامع الشيعة الفت قبل ولادة جنابه ـ عليه السلام ـ فهذه الأخبار مضافا إلى كونها متواترة ومفيدة لليقين ، تكون مقرونة بالإعجاز ؛ لاشتمالها على الأخبار بتولّده ووقوع ما أخبروا به» (24).
ثم إنّ الغيبة الصغرى وقعت من سنة 260 الهجرية إلى سنة 329 ، وهي تقرب من سبعين سنة ، والغيبة الكبرى وقعت من سنة 329 ودامت إلى يومنا هذا سنة 1409 الهجرية ، وتدوم إلى يوم الظهور عجّل الله تعالى فرجه الشريف ، وجعلنا من أعوانه وأنصاره بلطفه وكرمه ، ولعلّ الغيبة الصغرى وقعت على ما لها من نوع ارتباط خاصّ بين نوّابه الخاصّة وبين المؤمنين به تمهيدا لوقوع الغيبة الكبرى التي لا صلة بينه وبين المؤمنين ولو بعنوان النيابة الخاصّة ، وإنّما كانت وظيفة المؤمنين فيها هو الرجوع إلى النّواب العامّة.
قال الشهيد السيد محمّد باقر الصدر ـ قدس سره ـ : «وقد لوحظ أنّ هذه الغيبة إذا جاءت مفاجأة حقّقت صدمة كبيرة للقواعد الشعبية للإمامة في الامة الإسلامية ؛ لأنّ هذه القواعد كانت معتادة على الاتصال بالإمام في كل عصر والتفاعل معه ، والرجوع إليه في حلّ المشاكل المتنوعة ، فإذا غاب الإمام عن شيعته فجأة ، وشعروا بالانقطاع عن قيادتهم الروحيّة والفكريّة سبّبت هذه الغيبة المفاجأة ، الإحساس بفراغ دفعيّ هائل قد يعصف بالكيان كلّه ، ويشتّت شمله ، فكان لا بدّ من تمهيد لهذه الغيبة لكي تألفها هذه القواعد بالتدريج ، وتكيّف نفسها شيئا فشيئا على أساسها ، وكان هذا التمهيد هو الغيبة الصغرى ، التي اختفى فيها الإمام المهديّ عن المسرح العام ، غير أنّه كان دائم الصلة بقواعده وشيعته عن طريق وكلائه ونوّابه ، والثقات من أصحابه ، الذين يشكّلون همزة الوصل بينه وبين الناس المؤمنين بخطّه الإمامي» (25).
ثم إنّ النوّاب الخاصة في الغيبة الصغرى أربعة ، وهم : أبو عمرو عثمان بن سعيد العمري (بفتح العين وسكون الميم) وأبو جعفر محمّد بن عثمان بن سعيد العمري وأبو القاسم حسين بن روح النوبختي وأبو الحسن علي بن محمّد السمري ، وهم الأجلاء الكرام والوجوه العظام.
قال الشيخ الطوسي ـ قدس سره ـ : «فأمّا السفراء الممدوحون في زمان الغيبة ، فأوّلهم من نصبه أبو الحسن علي بن محمّد العسكري ، وأبو محمّد الحسن بن علي بن محمّد ابنه ـ عليه السلام ـ وهو الشيخ الموثوق به أبو عمرو عثمان بن سعيد العمري ، وكان أسديا الى أن نقل في حقّه عن الإمام عليّ بن محمّد الهادي ـ صلوات الله عليه ـ أنّه قال : هذا أبو عمرو الثقة الأمين ما قاله لكم فعنّي يقوله ، وما أدّاه إليكم فعنّي يؤديه ، وإلى أن نقل في حقّه وابنه عن أبي محمّد الحسن ـ عليه السلام ـ واشهدوا على أنّ عثمان بن سعيد العمري وكيلي ، وأنّ ابنه محمدا وكيل ابني مهديكم ـ إلى أن قال ـ : وكانت توقيعات صاحب الأمر ـ عليه السلام ـ تخرج على يديّ عثمان بن سعيد وابنه أبي جعفر محمّد بن عثمان إلى شيعته وخواصّ أبيه أبي محمّد بالأمر والنهي والأجوبة عمّا تسأل الشيعة عنه إذا احتاجت إلى السؤال فيه بالخطّ الذي كان يخرج في حياة الحسن ـ عليه السلام ـ فلم تزل الشيعة مقيمة على عدالتهما إلى أن توفي عثمان بن سعيد رحمه الله ، وغسّله ابنه أبو جعفر ، وتولى القيام به ، وحصل الأمر كلّه مردودا إليه ، والشيعة مجتمعة على عدالته وثقته وأمانته ؛ لما تقدم له من النصّ عليه بالأمانة ، والأمر بالرجوع إليه في حياة الحسن وبعد موته في حياة أبيه عثمان ـ رحمه الله إلى أن قال ـ : خرج التوقيع إلى الشيخ أبي جعفر محمّد بن عثمان بن سعيد العمري ـ قدّس الله روحه ـ في التعزية بأبيه ـ رضي الله عنه ـ وجاء في التوقيع المذكور : أجزل الله لك الثواب ، وأحسن لك العزاء ، رزئت ورزئنا ، وأوحشك فراقه وأوحشنا ، فسرّه الله في منقلبه ، وكان من كمال سعادته أن رزقه الله ولدا مثلك يخلفه من بعده ، ويقوم مقامه بأمره ويترحم عليه ، وأقول الحمد لله ، فإنّ الأنفس طيبة بمكانك وما جعله الله عزوجل فيك وعندك ، أعانك الله وقوّاك وعضدك ووفّقك وكان لك وليا وحافظا وراعيا.
ثم قال الشيخ ـ قدس سره : والتوقيعات تخرج على يده إلى الشيعة في المهمّات طول حياته بالخطّ الذي كانت تخرج في حياة أبيه عثمان لا يعرف الشيعة في هذا الأمر غيره ، ولا يرجع إلى أحد سواه ، وقد نقلت عنه دلائل كثيرة ومعجزات الإمام (التي) ظهرت على يده وامور أخبرهم بها عنه زادتهم في هذا الأمر بصيرة ، وهي مشهورة عند الشيعة وقدّمنا طرفا منها ، فلا نطوّل بإعادتها ، إلى أن روي أنّه لمّا حضرت أبا جعفر محمّد بن عثمان العمري الوفاة ، كان جعفر بن أحمد بن متيل جالسا عند رأسه وأبو القاسم بن روح جالسا عند رجليه ، فالتفت إلى جعفر بن أحمد بن متيل وقال : امرت أن اوصي إلى أبي القاسم الحسين بن روح ، فقام جعفر بن أحمد بن متيل من عند رأسه ، وأخذ بيد أبي القاسم وأجلسه في مكانه وتحوّل بنفسه إلى عند رجليه.
إلى أن قال : لمّا اشتدت حاله اجتمع جماعة من وجوه الشيعة ـ إلى أن قال ـ : فدخلوا على أبي جعفر ـ رضي الله عنه ـ فقالوا له : إن حدث أمر فمن يكون مكانك؟ فقال لهم : هذا أبو القاسم الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي ، القائم مقامي ، والسفير بينكم وبين صاحب الأمر ، والوكيل له ، والثقة الأمين ، فارجعوا إليه في اموركم ، وعوّلوا عليه في مهمّاتكم فبذلك امرت ، وقد بلّغت.
إلى أن قال الشيخ : وكان أبو القاسم ـ رحمه الله ـ من أعقل الناس عند المخالف والموافق ـ إلى أن قال ـ : وأوصى أبو القاسم إلى أبي الحسن علي بن محمّد السمري ـ رضي الله عنه ـ فقام بما كان إلى أبي القاسم فلمّا حضرته الوفاة حضرت الشيعة عنده ، وسألته عن الموكّل بعده ، ولمن يقوم مقامه؟ فلم يظهر شيئا من ذلك وذكر أنّه لم يؤمر بأن يوصي إلى أحد بعده في هذا الشأن الى أن قال : فأخرج إلى الناس توقيعا قبل وفاته نسخته :
بسم الله الرحمن الرحيم يا علي بن محمّد السمري ، أعظم الله أجر إخوانك فيك ، فإنّك ميت ما بينك وبين ستة أيام ، فاجمع أمرك ولا توص إلى أحد ، فيقوم مقامك بعد وفاتك ، فقد وقعت الغيبة التامّة ، فلا ظهور إلّا بعد إذن الله تعالى ذكره ، وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جورا ، وسيأتي شيعتي من يدّعي المشاهدة ، ألا فمن ادّعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذّاب مفتر ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم قال الشيخ : قال راوي الخبر : فنسخنا هذا التوقيع ، وخرجنا من عنده ، فلمّا كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود بنفسه ، فقيل له : من وصيّك من بعدك؟ فقال : لله أمر هو بالغه وقضى ، فهذا آخر كلام. سمع منه رضي الله عنه وأرضاه» (26).
فالمستفاد من ملاحظة الكلمات المذكورة هو ظهور تسالم الشيعة على نيابتهم الخاصّة ، ووجه ذلك : ما عرفت من ظهور الكرامات والمعجزات على أيديهم بحيث بكشف عن صلتهم مع الإمام الثاني عشر أرواحنا فداه.
هذا مضافا إلى ما ورد في وثاقتهم وجلالتهم ، وكيف كان فقد تمهّدت جامعة الشيعة بعد مضيّ زمان النوّاب الأربعة أن تصطبر لطيلة الغيبة الكبرى لإمامها الثاني عشر ـ أرواحنا فداه ـ حتّى يظهر بإذن الله تعالى.
سادسها : أنّ السبب في الغيبة ليس من ناحية الله تعالى ولا من ناحية الإمام الثاني عشر ـ عليه السلام ـ لأنّ كمال لطفه تعالى يقتضي ظهور وليّه ، كما أنّ مقتضى عصمة الإمام الثاني عشر ـ أرواحنا فداه ـ هو أن لا يغيب عن وظائفه وهداية الناس وإرشادهم ، ولذلك قال المحقّق الخواجه نصير الدين الطوسيّ ـ قدس سره ـ على ما حكي عنه : «ليست غيبة المهدي ـ عليه السلام ـ من الله سبحانه ، ولا منه ـ عليه السلام ـ بل من المكلّفين والناس ، وهي من غلبة الخوف وعدم تمكين الناس من إطاعة الإمام ، فإذا زال سبب الغيبة وقع الظهور» (27).
وأيضا قال الفاضل المقداد : «وأمّا سبب خفائه : فإما لمصلحة استأثر الله بعلمها ، أو لكثرة العدو ، وقلّة الناصر ؛ لأنّ حكمته تعالى وعصمته ـ عليه السلام ـ لا يجوز معهما منع اللطف ، فيكون من الغير المعادي ، وذلك هو المطلوب» (28).
ويؤيد ذلك ما ورد عن مولانا أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ أنّه قال : «واعلموا أنّ الأرض لا تخلو من حجّة لله ، ولكنّ الله سيعمي خلقه منها بظلمهم وجورهم ، وإسرافهم على أنفسهم» (29).
فالغيبة ناشئة من تقصير الناس ، وقد يوجه ذلك بأنّ إقامة العدل العام العالميّ تتوقف على قبول نصاب من عامّة الناس في أقطار العالم لإقامة العدل العالمي الإلهي من ناحية الرجل الإلهي ، ولمّا يحصل هذا النصاب وإن قرب الناس إلى قبوله ، لازدياد إحساس أنّ البشر من دون إمداد غيبي لا يتمكن من الإصلاح العالمي ولو أخذوا بالمؤتمرات والمجالس المعدّة للقيام بالعدل والإصلاح ، فإنّ هذه المؤتمرات والمجالس عجزت عن ذلك المقصد العالي ؛ لأنهم ليسوا أهلا له.
هذا مضافا إلى سلطة المفسدين من الدول القويّة عليهم ، ولذلك بسط الظلم والفساد في النظام العالمي ، وكلّما ازدادت الأيام زادت المفاسد والمظالم في أقطار الأرض ، ولا ترفع تلك إلّا بأن يرجع أهل العالم في أقطار الأرض عن انحرافهم إلى الصراط المستقيم ، ويستعدّون لقبول العدل الإلهي العالمي حتّى يظهر الله تعالى وليّه الأعظم ـ أرواحنا فداه ـ لإقامة العدل وإزالة الجور ، وإليه يؤول ما أشار إليه المحقّق اللاهيجي ـ قدس سره ـ حيث قال : إذا كان الإمام المعصوم موجودا وغائبا فليس علينا بيان سبب غيبته بالتفصيل ، نعم يعلم إجمالا أنّ السبب في غيبته ليس من جانبه ؛ لأنّه معصوم ، ويمتنع ترك الواجب منه ، مع أنّ الظهور والقيام بأمر الإمامة وإقامة الشرائع من الواجبات ، فسبب غيبة الإمام من طرف رعيته لعدم نصرتهم إياه ، فإذا تحقّقت مظنة النصرة من قبل الرعيّة وجب ظهوره (30).
ولقد أفاد وأجاد الشهيد السيد محمّد باقر الصدر ـ قدس سره ـ حيث قال : «وعلى هذا الضوء ندرس موقف الإمام المهدي ـ عليه السلام ـ لنجد أنّ عملية التغيير التي اعدّ لها ترتبط من الناحية التنفيذيّة كأيّ عملية تغيير اجتماعي اخرى ، بظروف موضوعية تساهم في توفير المناخ الملائم لها ، ومن هنا كان من الطبيعي أن توقّت وفقا لذلك ، ومن المعلوم أنّ المهدي لم يكن قد أعدّ نفسه لعمل اجتماعي محدود ولا لعملية تغيير تقتصر على هذا الجزء من العالم أو ذاك ؛ لأنّ رسالته التي ادّخر لها من قبل الله سبحانه وتعالى ، هي تغيير العالم تغييرا شاملا واخراج البشرية كلّ البشرية من ظلمات الجور إلى نور العدل ، وعملية التغيير الكبرى هذه لا يكفي في ممارستها مجرّد وصول الرسالة والقائد الصالح ، وإلّا لتمّت شروطها في عصر النبوّة بالذات ، وإنّما تتطلب مناخا عالميا مناسبا وجوّا عامّا مساعدا يحقق الظروف الموضوعية المطلوبة لعملية التغيير العالمية.
فمن الناحية البشرية يعتبر شعور إنسان الحضارة بالنفاد عاملا أساسيا في خلق ذلك المناخ المناسب لتقبل رسالة العدل الجديدة ، وهذا الشعور بالنفاد يتكون ويترسّخ من خلال التجارب الحضارية المتنوعة التي يخرج منها إنسان الحضارة مثقلا بسلبيات ما بنى مدركا حاجته إلى العون ملتفتا بفطرته إلى الغيب أو إلى المجهول» (31).
هنا سؤال وهو : إنّا نسلم أنّ القيام بالعدل العالمي يتوقف على قبول الناس لذلك وقبولهم يرتبط بشعور حاجتهم إلى الاستمداد من الغيب ، ولكن ذلك لا يوجّه غيبته عن الناس ، لإمكان أن يعيش بينهم ، ويصبر حتّى يجد الظرف الصالح لإقامة العدل الإلهي.
والجواب عنه : أنّ الإمام ـ عليه السلام ـ إن ظهر قبل الموعد فإن اتقى عن حكومة الجور فهو لا يناسبه ، وإن لم يتق فهم قتلوه ، فالغيبة مانعة عن قتله ، وهذا أمر تدلّ عليه الأخبار :
منها : ما عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ قال : «قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : لا بدّ للغلام من غيبة، فقيل له : ولم يا رسول الله؟ قال : يخاف القتل» (32).
ومنها : ما عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ أنّه قال : «صاحب هذا الأمر تعمى ولادته على (هذا) الخلق لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج» (33).
قال الشيخ الطوسي ـ قدس سره ـ : «لا علّة تمنع من ظهوره ـ عليه السلام ـ إلّا خوفه على نفسه من القتل ؛ لأنّه لو كان غير ذلك لما ساغ له الاستتار ، وكان يتحمّل المشاق والأذى ، فإنّ منازل الأئمة وكذلك الأنبياء ـ عليهم السلام ـ إنّما تعظم لتحمّلهم المشاقّ العظيمة في ذات الله تعالى.
فإن قيل : هلّا منع الله من قتله بما يحول بينه وبين من يريد قتله؟ قلنا : المنع الذي لا ينافي التكليف هو النهي عن خلافه والأمر بوجوب اتباعه ونصرته ، وإلزام الانقياد له ، وكلّ ذلك فعله تعالى ، وأمّا الحيلولة بينهم وبينه فإنّه ينافي التكليف وينقض الغرض ؛ لأنّ الغرض بالتكليف استحقاق الثواب ، والحيلولة تنافي ذلك ، وربّما كان في الحيلولة والمنع من قتله بالقهر مفسدة للخلق ، فلا يحسن من الله فعلها» (34).
وأمّا كون الغيبة موجبة لامتحان الخلق وتمحيصهم كما افيد في بعض الأخبار عن موسى بن جعفر ـ عليهما السلام ـ : «إذا فقد الخامس من ولد السابع من الأئمة فالله في أديانكم ، لا يزيلنكم عنها أحد ، يا بني إنّه لا بدّ لصاحب هذا الأمر من غيبة ، حتّى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به ، إنّما هي محنة من الله امتحن الله بها خلقه» (35) وغيره فهو بيان فائدة الغيبة لا سببها ، ولذلك قال الشيخ ـ قدس سره ـ : «وأمّا ما روي من الأخبار من امتحان الشيعة في حال الغيبة وصعوبة الأمر عليهم واختبارهم للصبر عليه ، فالوجه فيها الأخبار عما يتفق من ذلك من الصعوبة والمشاق ـ إلى أن قال ـ : بل سبب الغيبة هو الخوف على ما قلناه ، وأخبروا بما يتفق في هذه الحال ، وما للمؤمن من الثواب على الصبر على ذلك ، والتمسك بدينه إلى أن يفرّج الله (تعالى) عنهم» (36).
سابعها : أن جميع أبعاد وجود الإمام لطف فوجوده في نفسه مع قطع النظر عن سائر أبعاده لطف ؛ لأنّه وجود إنسان كامل في النظام الأحسن ، وهو مما يقتضيه علمه تعالى به ورحمته المطلقة وكماله المطلق ، هذا مضافا إلى أنّ مقتضى تماميّة الفاعل وقابلية القابل كما هو المفروض في وجود أئمتنا ـ عليهم السلام ـ هو لزوم وجودهم وإلّا لزم الخلف ، إمّا في تمامية الفاعل أو قابلية القابل ، والأوّل محال لعدم العجز والنقصان والبخل فيه تعالى ، والثاني خلاف المفروض فإنّ قابلية الأئمة ـ عليهم السلام ـ لكمال الإنسانية واضحة وبديهية عند الشيعة الإمامية وفي لسان الأخبار فتدوم الخلافة الإلهية بوجودهم ، كما دلّ في قوله تعالى : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) على استمرار هذه الخلافة الإلهية ، ولذا استدل الإمام الصادق والإمام الكاظم ـ عليهما السلام ـ في موثقة اسحاق بن عمّار على استمرار الخلافة وعدم انقطاعها بقوله تعالى : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) وقالا : وأنّ الله عزوجل إذا قال قولا وفي به (37).
ويؤيده ما ورد في الحديث القدسي عنه تعالى أنّه قال : «كنت كنزا مخفيّا فأحببت أن اعرف ، فخلقت الخلق لكي اعرف» (38) ؛ إذ يعلم منه أنّ الباعث على إيجاد الإنسان هو المعرفة الكاملة به تعالى ، فليكن في كلّ وقت فرد بين آحاد الإنسان يعرفه كما هو حقّه ، ولا يحصل ذلك في غير النبيّ والإمام ، فلا بدّ من وجود النبيّ أو الإمام بين الناس حتّى تحصل المعرفة الكاملة به تعالى كما هو حقه.
ولعلّ إليه ترجع الروايات الدالّة على أنّه لو لا محمّد وآله ـ عليهم السلام ـ لما خلق الله الخلق ، كما قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : «يا علي لو لا نحن ما خلق الله آدم ولا حوّاء ولا الجنّة ولا النار ولا السماء ولا الأرض» (39).
ويؤكّد ذلك ما استفيض من الأخبار الدالّة على أنّ الأئمة ـ عليهم السلام ـ علّة غائية للخلقة كما ورد «نحن الذين بنا يمسك الله السماء أن تقع على الأرض إلّا بإذنه ، وبنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها ، وبنا ينزل الغيث وينشر الرحمة ويخرج بركات الأرض ، ولو لا ما في الأرض منّا لساخت بأهلها» (40) وورد من الناحية المقدّسة على يد محمّد بن عثمان ... وإنّي لأمان لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء (41).
قال العلّامة المجلسي ـ قدس سره ـ : «ثبت بالأخبار المستفيضة أنّهم العلل الغائية لإيجاد الخلق ، فلو لا هم لم يصل نور الوجود إلى غيرهم ، وببركتهم والاستشفاع بهم ، والتوسل إليهم ، يظهر العلوم والمعارف على الخلق ، ويكشف البلايا عنهم ، فلو لا هم لاستحق الخلق بقبائح أعمالهم ، أنواع العذاب» (42) وإلى غير ذلك من شواهد الأخبار وهذا كلّه بالنسبة إلى أصل وجوده ثم إنّ تصرّفه أيضا لطف سواء كان ظاهريا أو باطنيا وسواء كان في الإنس أو الجن ، أو غيرهما ، فإذا منع مانع عن ظهوره للناس بحيث يستر ويغيب فلا يضرّ بكونه لطفا من جهة أو جهات اخر ، فإنّ المانع يمنعه عن نوع من أنواع لطف أبعاد وجوده.
هذا مضافا إلى أنّ تصرّفه في الناس لا يتوقف جميع أنواعه على الظهور ، بل له أن يتصرف في بعض الامور مع غيبته عن الناس.
قال العلّامة الطباطبائي ـ قدس سره ـ : «إنّ وظيفة الإمام ومسئوليته لم تنحصر في بيان المعارف الإلهية بشكلها الصوري ولم يقتصر على إرشاد الناس من الناحية الظاهرية ، فالإمام فضلا عن تولّيه إرشاد الناس الظاهري يتصف بالولاية والإرشاد الباطني للأعمال أيضا ، وهو الذي ينظم الحياة المعنويّة للناس ، ويتقدم بحقائق الأعمال إلى الله جلّ شأنه ، وبديهي أنّ حضور أو غيبة الإمام الجسماني في هذا المضمار ليس له أي تأثير ، والإمام عن طريق الباطن يتصل بالنفوس ويشرف عليها وإن بعد عن الأنظار ، وخفي عن الأبصار ، فإنّ وجوده لازم دائما وإن تأخّر وقت ظهوره وإصلاحه للعالم (43). بل إتمام الحجّة به على المتمرّدين متوقف على وجوده بخلاف ما إذا لم يكن موجودا فإنّ تعذيب الناس حينئذ قبيح لعدم إتمام الحجة من الله عليهم (45).
على أنّ غيبته عن الناس لا يستلزم غيبته عن جميع آحادهم ، بل له أن يظهر لبعضهم وإرشاده لهم ، كما ثبت ذلك بالتواتر من الحكايات الواردة في تشرّفهم بخدمته وحلّ مشاكلهم واهتدائهم بهدايته ، كما لا يستلزم غيبته عن الجنّ من الخلق ، مع أنّه إمام لهم فإنّهم أيضا محجوجون بوجوده ـ فبمثل ما ذكر يظهر أنّ لطف وجود الإمام لطف مضاعف ولطف على لطف ، كما هو نور على نور ، وعليه ففوائد وجوده في زمن الغيبة واضحة ، فلا وجه للقول بأنّه لا فائدة لوجوده بعد ما غاب عن الناس ، وهذا أمر اشير إليه في الأخبار أيضا وإليك بعضها :
روى الأعمش عن الصادق ـ عليه السلام ـ قال : «لم تخل الأرض منذ خلق الله آدم من حجّة لله فيها ظاهر مشهور أو غائب مستور ، ولا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجة لله فيها ، ولو لا ذلك لم يعبد الله ، قال سليمان : فقلت للصادق ـ عليه السلام ـ : فكيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور؟ فقال : كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب» (46).
ثامنها : أنّ مسألة طول عمر الإمام الثاني عشر ـ أرواحنا فداه ـ سهلة ، لمن اعتقد بالمعجزات وخوارق العادات ؛ إذ الامتناع العادي لا يمنع عن إمكانه كسائر المعجزات ، فإنّ العلل والأسباب لا دليل على انحصارها في الأسباب العادية الموجودة المألوفة.
قال العلّامة الطباطبائي ـ قدس سره ـ : «لكنّ الذي يطالع الأخبار الواردة عن الرسول الأعظم في خصوص الإمام الغائب ، وكذا سائر أئمة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ سيلا حظ أنّ نوع الحياة للإمام الغائب تتصف بالمعجزة خرقا للعادة ، وطبيعي أن خرق العادة ليس بالأمر المستحيل ، ولا يمكن نفي خرق العادة عن طريق العلم مطلقا.
لذا لا تنحصر العوامل والأسباب التي تعمل في الكون في حدود مشاهدتنا والتي تعرّفنا عليها ، ولا نستطيع نفي عوامل اخرى وهي بعيدة كلّ البعد عنّا ، ولا علم لنا بها ، أو أنّنا لا نرى آثارها وأعمالها ، أو نجهلها ، ومن هذا يتضح إمكان إيجاد عوامل في فرد أو أفراد من البشر ، بحيث تستطيع تلك العوامل أن تجعل الإنسان يتمتع بعمر طويل جدا قد يصل إلى الألف أو آلاف من السنوات ، فعلى هذا فإنّ عالم الطب لم ييأس حتّى الآن من كشف طرق لإطالة عمر الإنسان» (47).
ولكن لا يذهب عليك أنّ عدم اليأس عن كشف طرق للإطالة ، لا يخرج طول عمر الإمام ، الثاني عشر عن كونه خارق العادة ؛ لأنّ طول العمر المذكور بدون كشف طرق الإطالة غير طبيعي ، سيّما إذا بقي على صورة رجل له أقلّ من أربعين سنة كما في بعض الأخبار ، وعليه فطول عمره ـ عليه السلام ـ إعجاز أخبر به النبيّ والأئمة الأطهار ـ عليهم صلوات الله وسلامه ـ بالتواتر ، وأجمع الأصحاب على الإيمان به كسائر المعجزات بلا كلام.
ولقد أفاد وأجاد المصنّف ـ قدس سره ـ حيث قال : «ولا يخلو من أن تكون حياته وبقاؤه هذه المدّة الطويلة معجزة جعلها الله تعالى له ، وليست هي بأعظم من معجزة أن يكون إماما للخلق ، وهو ابن خمس سنين يوم رحل والده إلى الرفيق الأعلى ، ولا هي بأعظم من معجزة عيسى ، إذ كلّم الناس في المهد صبيّا وبعث في الناس نبيا» إلى آخر ما قال.
نعم يزيد مثل هذه المعجزة على سائر المعجزات التي ليست من قبيلها من جهة وجود الإمكان العلمي فيها الذي أشار إليه العلّامة الطباطبائي ـ قدس سره ـ بقوله : «فعلى هذا فإنّ عالم الطب لم ييأس حتّى الآن من كشف طرق لإطالة عمر الإنسان» دون سائر المعجزات التي ليست من قبيلها فإنّ العلم التجربي لا يرجو فيها بكشف طرق للنيل إليها ، كإحياء الموتى أو جعل النار بردا وسلاما ، أو جعل صبي أو طفل عالما بجميع العلوم والمغيبات ، وإن كانت هذه الامور ممكنة بالإمكان العقلي ؛ إذ لا يلزم من وجودها تناقض ، ولا اجتماع الضدين ، ولا اجتماع المثلين ، ولقد أفاد وأجاد وأطال الشهيد السيد محمّد باقر الصدر في هذا المجال فراجع (48).
وكيف كان فازدياد الإمكان العلمي في مثل المقام ، وإن لم يوجب تفاوتا في قبول المؤمنين بالله تعالى وقدرته للمعجزات ، ولكن يمكن أن يوجب تفاوتا في تسليم غير المؤمنين من المادّيين ، الذين أشكلوا علينا بطول العمر زائد أعلى المألوف.
تاسعها : أنّ الارتباط مع الإمام الثاني عشر ـ عليه السلام ـ صار منقطا من زمن الغيبة الكبرى ؛ إذ لا يكون له محل معلوم حتى نرجع إليه ، أو نسأل عنه ، أو نتصل معه ونراه ، أو نكتب إليه ونأخذ الجواب ، ولكن المنقطع هو بعض الأنواع من الارتباط الذي كان مألوفا بينه وبين الشيعة ، وبقي أنواع اخر ، وهو أنّه ـ عليه السلام ـ يرانا ولا نراه إلّا إذا يرينا نفسه ويحضر بعض مجالسنا ، ويزور الحسين وسائر الأئمة ـ عليهم السلام ـ ويحجّ ويحضر المواسم ، ويجيب بعض من يليق لجوابه ، وينظر إلى أعمال الشيعة وخواصّه ، ويسرّ من حسناتهم ، ويغضب من سيئاتهم ، ويعين وكلاءه العامّة بالدعاء والإرشاد والتصرّف في قلوبهم ، ويشرف على أحوال الشيعة ، فإذا اتصلوا إليه بالدعاء للفرج والتوسل والاستشفاع به أقبل عليهم ويدعو لهم ، ويطلب من الله تعالى أن يقضي حوائجهم ، وقد ورد في توقيعه ـ عليه السلام ـ إلى الشيخ المفيد : إنّا غير مهملين لمراعاتكم ، ولا ناسين لذكركم ، ولو لا ذلك لنزل بكم اللأواء واصطلمكم الأعداء (49).
وهذه الارتباطات معلومة واضحة ، لمن أمعن النظر في جوامع الحديث والحكايات الواردة في هذه الاتصالات ، وليست هي بقليلة طيلة الغيبة الكبرى ؛ إذ كثير جدا من رآه ومن استشفى به فأشفاه ، ومن استجاب منه فأجاب ، وقد ثبت عندي مع قلة اطلاعي جملة من ذلك في عصري ، وما إليه قريب.
منها : أنّه ـ عليه السلام ـ حضر لإقامة صلاة الميت على أم بعض أصدقاء أبي ـ رحمهماالله ـ بعد تشييعها وتجهيزها في صحن ابن بابويه ـ قدس سره ـ في الري.
ومنها : أنّه حضر في مجلس دعاء الندبة الذي كان يقيمه الشيخ الزاهد العارف المتّقي المرتضى المجدّ ـ قدس سره ـ في طهران.
ومنها : أنّه حضر عند السيد محمّد الفشاركي شيخ مشايخنا في سرّ من رأى لحلّ مشكلته في المسائل العلمية.
ومنها : أنّه حضر في موسم الحج ، وقال لبعض الأخيار من أهل دزفول : إذا رجعت فأبلغ سلامي إلى الشيخ محمّد طاهر ، وقل له : اقرأ هذا الدعاء ، ثم غاب الإمام ونسى بعض الأخيار الدعاء فرجع إلى دزفول ، وذهب إلى بيت الشيخ محمّد طاهر لإبلاغ سلام الإمام المهدي ـ عليه السلام ـ فإذا فرغ من إبلاغ السلام تذكر الدعاء وقال : قال الإمام : اقرأ هذا الدعاء ، ثم نسى الدعاء بعد ما قاله للشيخ ولم يتذكره ، ولمّا استدعى من الشيخ أن يذكر له الدعاء ، قال الشيخ : هو سرّ من الأسرار فلم يتجاوزني ، وغير ذلك من التشرفات.
هذا مضافا إلى إرسال بعض الخواصّ لحلّ بعض مشاكل الشيعة أو إخبارهم ببعض الامور المهمّة ، وغير ذلك من الإمدادات التي هي كثيرة جدا بحيث لو التفت الإنسان إليها حصل له اطمئنان بأنّه لا يكون بعيدا عن سيده ومولاه ، بل يكون تحت ولايته وإمداده وعنايته ، وإنّما علينا التوجه والالتفات إليه والارتباط معه ، كما فسّر في بعض الصحاح قوله تعالى : (رابِطُوا) في الآية الكريمة (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) بالارتباط مع الإمام الثاني عشر ـ عليه السلام ـ.
عاشرها : أنّ رؤية الإمام الثاني عشر ـ عليه السلام ـ وقعت في زمن الغيبة الكبرى لبعض الصالحين ، وقصصهم وحكاياتهم كثيرة جدا ، ومذكورة في الكتب ، منها : النجم الثاقب وجنة المأوى ، ومن أمعن النظر إليها اطمأنّ بوقوعها ولا كلام فيه ، وإنّما الكلام في أنّ مسألة الرؤية هل تنافي قوله ـ عليه السلام ـ في التوقيع الوارد على عليّ بن محمّد السمري ـ قدس سره ـ : «وسيأتي شيعتي من يدّعي المشاهدة ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذّاب مفتر» أم لا تنافي؟ والذي يمكن أن يقال : إنّ ملاحظة صدر هذا التوقيع تكفي لرفع المنافاة ؛ لأنّه يشهد على أنّ المراد نفي من ادعى البابية كبابية النّواب الأربعة ، ولا يظهر منه نفي مطلق الرؤية.
وإليك صدر التوقيع : بسم الله الرحمن الرحيم يا عليّ بن محمّد السمري أعظم الله أجر إخوانك فيك ، فإنّك ميّت ما بينك وبين ستة أيّام فاجمع أمرك ولا توص إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك ، فقد وقعت الغيبة التامّة ، فلا ظهور إلّا بعد إذن الله تعالى ذكره ، وذلك بعد طول الأمد ، وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جورا ، وسيأتي شيعتي من يدّعي المشاهدة ، الخ.
كما احتمله في البحار حيث قال : لعله محمول على من يدّعي المشاهدة مع النيابة وإيصال الأخبار من جانبه ـ عليه السلام ـ إلى الشيعة ، على مثال السفراء لئلا ينافي الأخبار التي مضت وستأتي فيمن رآه ـ عليه السلام ـ والله يعلم (50)
واستظهره السيد صدر الدين الصدر في كتابه «المهدي» حيث قال : «وهذه الكتب تخبرنا عن جماعة أنّهم شاهدوه وتشرّفوا بخدمته ، ولا ينافي ذلك ما ورد من تكذيب مدّعي الرؤية ، فإنّ المراد تكذيب مدّعي النيابة الخاصّة بقرينة صدر الرواية» (51).
وهنا أجوبة اخرى ذكرها العلّامة الحاج ميرزا حسين النوري في جنّة المأوى (52).
هذا مضافا إلى أنّ مثل قوله وسيأتي شيعتي من يدّعي المشاهدة إلخ ، مع قطع النظر عن الصدر لا يفيد إلّا الظن والظن لا يقاوم مع القطع الحاصل من القضايا التي تدلّ على رؤيته ، ولعلّ إليه ينظر ما حكي عن فوائد العلّامة الطباطبائي ـ قدس سره ـ حيث قال : «وقد يمنع أيضا امتناعه (أي امتناع رؤيته) في شأن الخواصّ وإن اقتضاه ظاهر النصوص بشهادة الاعتبار ودلالة بعض الآثار» (53).
الحادي عشر : مسألة الانتظار وقد أكّد في الأخبار على انتظار الفرج وإليك بعضها :
عن ينابيع المودة عن مناقب الخوارزمي عن أبي جعفر عن أبيه عن جدّه عن أمير المؤمنين قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآلهوسلم ـ : «أفضل العبادة انتظار الفرج» (54).
عن الاحتجاج ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي خالد الكابلي عن علي بن الحسين ـ عليهما السلام ـ قال : «تمتد الغيبة بوليّ الله الثاني عشر من أوصياء رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ والأئمة بعده ، يا أبا خالد ، إنّ أهل زمان غيبته القائلون بإمامته ، المنتظرون لظهوره أفضل أهل كلّ زمان ؛ لأنّ الله تعالى ذكره أعطاهم من العقول والإفهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة ، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ بالسيف ، اولئك المخلصون حقّا ، وشيعتنا صدقا والدعاة إلى دين الله سرا وجهرا ، وقال ـ عليه السلام ـ انتظار الفرج من اعظم الفرج» (55).
وعن الخصال الأربعمائة قال أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ «انتظروا الفرج ولا تيأسوا من روح الله ، فإنّ أحبّ الأعمال إلى الله عزوجل انتظار الفرج» (56).
وعن محاسن البرقي عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ قال : «من مات منكم على هذا الأمر منتظرا له ، كان كمن كان في فسطاط القائم عليه السلام» (57)، وعن محاسن البرقي أيضا ، عن عبد الحميد الواسطي قال : «قلت لأبي جعفر ـ عليه السلام ـ أصلحك الله، والله لقد تركنا أسواقنا انتظارا لهذا الأمر ، حتى أوشك الرجل منّا يسأل في يديه ، فقال : يا عبد الحميد، أترى من حبس نفسه على الله لا يجعل الله له مخرجا؟ بلى ، والله ليجعلن الله له مخرجا ، رحم الله عبدا حبس نفسه علينا، رحم الله عبدا أحيا أمرنا قال : قلت : فإن مت قبل أن أدرك القائم ، فقال : القائل منكم إن أدركت القائم من آل محمّد نصرته كالمقارع معه بسيفه ، والشهيد معه له شهادتان» (58).
ولعلّ المراد من ترك الأسواق هو ترك ما لا يليق بالمنتظر.
وعن إكمال الدين عن عمار الساباطي قال : «قلت لأبي عبد الله ـ عليه السلام ـ العبادة مع الإمام منكم المستتر في السرّ في دولة الباطل أفضل ، أم العبادة في ظهور الحق ودولته مع الإمام الظاهر منكم؟ فقال : يا عمّار ، الصدقة في السرّ والله أفضل من الصدقة في العلانية ، وكذلك عبادتكم في السرّ ، مع إمامكم المستتر في دولة الباطل أفضل لخوفكم من عدوّكم في دولة الباطل وحال الهدنة ، ممن يعبد الله في ظهور الحقّ مع الإمام الظاهر في دولة الحقّ ، وليس العبادة مع الخوف في دولة الباطل مثل العبادة مع الأمن في دولة الحق اعلموا أنّ من صلّى منكم صلاة فريضة وحدانا مستترا بها من عدوّه في وقتها فأتمّها ، كتب الله عزوجل له بها خمسة وعشرين صلاة فريضة وحدانية ، ومن صلّى منكم صلاة نافلة في وقتها فأتمّها كتب الله عزوجل له بها عشر صلوات نوافل ، ومن عمل منكم حسنة كتب الله له بها عشرين حسنة ، ويضاعف الله تعالى حسنات المؤمن منكم إذا أحسن أعماله ، ودان الله بالتقية على دينه ، وعلى إمامه وعلى نفسه ، وأمسك من لسانه ، أضعافا مضاعفة كثيرة إنّ الله عزوجل كريم.
قال : فقلت : جعلت فداك قد رغّبتني في العمل ، وحثثتني عليه ، ولكنّني أحبّ أن أعلم : كيف صرنا نحن اليوم أفضل أعمالا من أصحاب الإمام منكم الظاهر في دولة الحقّ ، ونحن وهم على دين واحد ، وهو دين الله عزوجل؟
فقال : إنّكم سبقتموهم إلى الدخول في دين الله ، وإلى الصلاة والصوم والحج وإلى كلّ فقه وخير ، وإلى عبادة الله سرا من عدوّكم مع الإمام المستتر ، مطيعون له ، صابرون معه ، منتظرون لدولة الحق ، خائفون على إمامكم وعلى أنفسكم من الملوك تنظرون إلى حقّ إمامكم وحقّكم في أيدي الظلمة ، قد منعوكم ذلك ، واضطروكم إلى جذب الدنيا وطلب المعاش مع الصبر على دينكم وعبادتكم وطاعة ربّكم والخوف من عدوكم ، فبذلك ضاعف الله أعمالكم فهنيئا لكم هنيئا.
قال : فقلت جعلت فداك فما نتمنى إذا أن نكون من أصحاب القائم ـ عليه السلام ـ في ظهور الحق؟ ونحن اليوم في إمامتك وطاعتك أفضل أعمالا من أعمال أصحاب دولة الحق.
فقال : سبحان الله أما تحبون أن يظهر الله عزوجل الحقّ والعدل في البلاد ، ويحسن حال عامّة الناس ، ويجمع الله الكلمة ويؤلّف بين القلوب المختلفة ، ولا يعصى الله في أرضه ، وتقام حدود الله في خلقه ، ويردّ الحقّ إلى أهله ، فيظهروه حتّى لا يستخفي بشيء من الحقّ مخافة أحد من الخلق.
أما والله يا عمّار لا يموت منكم ميّت على الحال التي أنتم عليها إلّا كان أفضل عند الله عزوجل من كثير ممن شهد بدرا واحدا فابشروا» (59).
وعن إكمال الدين عن محمّد بن الفضيل عن الرضا ـ عليه السلام ـ قال : «سألته عن شيء من الفرج ، فقال : أليس انتظار الفرج من الفرج؟ إنّ الله عزوجل يقول : «فانتظروا إنّي معكم من المنتظرين» (60).
وعن إكمال الدين عن الرضا ـ عليه السلام ـ : «ما أحسن الصبر وانتظار الفرج أما سمعت قول الله تعالى : (وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ) وقوله عزوجل : (فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) فعليكم بالصبر فإنّه إنّما يحبيء الفرج على اليأس فقد كان الذين من قبلكم أصبر منكم» (61).
وعن إكمال الدين ، عن أبي إبراهيم الكوفيّ إلى أن قال : فقال لي أبو عبد الله ـ عليه السلام ـ إلى أن قال : «المنتظر للثاني عشر كالشاهر سيفه وبين يدي رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ يذبّ عنه» (62).
عن غيبة الشيخ الطوسي ـ قدس سره ـ عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : «سيأتي قوم من بعدكم الرجل الواحد منهم له أجر خمسين منكم ، قالوا : يا رسول الله نحن كنّا معك ببدر واحد وحنين ، ونزل فينا القرآن ، فقال : إنّكم لو تحمّلوا لما حمّلوا لم تصبروا صبرهم» (63).
عن غيبة النعماني ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ أنّه قال ذات يوم : «ألا اخبركم بما لا يقبل الله عزوجل من العباد عملا إلّا به ، فقلت : بلى فقال : شهادة أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله ، والإقرار بما أمر الله والولاية لنا ، والبراءة من أعدائنا ، يعني أئمة خاصّة والتسليم لهم ، والورع والاجتهاد والطمأنينة والانتظار للقائم ، ثم قال : إنّ لنا دولة يجيء الله بها إذا شاء ، ثم قال : من سرّ أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر ، فإن مات وقام القائم بعده كان له من الأجر مثل أجر من أدركه فجدّوا وانتظروا هنيئا لكم أيتها العصابة المرحومة» (64) عن غيبة النعماني عن أبي بصير قال : «قلت لأبي عبد الله ـ عليه السلام ـ جعلت فداك متى الفرج؟ فقال : يا أبا بصير ، أنت ممن يريد الدنيا؟ من عرف هذا الأمر فقد فرّج عنه بانتظاره» (65).
وعن تفسير النعماني عن أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ أنّه قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : «يا أبا الحسن ، حقيق على الله أن يدخل أهل الضلال الجنّة وإنّما عني بهذا المؤمنين الذين قاموا في زمن الفتنة على الائتمام بالإمام الخفيّ المكان ، المستور عن الأعيان ، فهم بإمامته مقرون ، وبعروته مستمسكون ، ولخروجه منتظرون موقنون غير شاكّين ، صابرون مسلمون وإنّما ضلّوا عن مكان إمامهم ، وعن معرفة شخصه» الحديث (66).
وعن إكمال الدين عن علي بن محمّد بن زياد قال : كتبت إلى أبي الحسن ـ عليه السلام ـ أسأله عن الفرج ، فكتب إليّ : «إذا غاب صاحبكم عن دار الظالمين فتوقعوا الفرج» (67).
وعن إكمال الدين عن أبي بصير قال : «قال الصادق جعفر بن محمّد ـ عليهما السلام ـ في قول الله عزوجل (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً) قال : يعني يوم خروج القائم المنتظر منّا.
ثم قال ـ عليه السلام ـ : يا أبا بصير طوبى لشيعة قائمنا ، المنتظرين لظهوره في
غيبته والمطيعين له في ظهوره اولئك أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون» (68).
تنبيه: واعلم أنّ الانتظار ليس بمعنى رفض المسئولية والعمل والتعهد ، وإحالة ذلك إلى الإمام المهديّ ـ عليه السلام ـ لقيام الضرورة على بقاء التكاليف ، هذا مضافا إلى التصريح في رواية غيبة النعماني وغيرها ، بلزوم الالتزام بأمر الله والولاية للأئمة والبراءة من أعدائهم ، واختيار الورع والاجتهاد والطمأنينة ، فمن ادعى أنّه من المنتظرين ، ومع ذلك خالف أمر الله أو تولّى لأعداء الله أو أراد غير الأئمة ـ عليهم السلام ـ من الطواغيت ، ولا يكون من أهل الورع ولا يجتهد في العمل بالدين ، وليس له طمأنينة في هذا السبيل وسلب عن نفسه المسئولية وتكاليفه ، فهو من الضالّين المنحرفين ، وليس في الحقيقة من المنتظرين ، وإنّما المنتظر من يصلح نفسه وأصلح الامور ، وينتظر ويتوقع الفرج ، فيما لم يقدر على اصلاحه فالمنتظر لمقدم مولانا الإمام القائم ـ أرواحنا فداه ـ أتى بما عليه وأعدّ نفسه لنصرة الإمام ، ولا يزال مراقبا ، والمراقب هو المعدّ لذلك سيّما إذا انتظر الفرج صباحا ومساء ، فالمنتظرون هم الجند المجند ، والمسئولون المتعهدون ، والصالحون المصلحون ، ومن المعلوم أنّ هؤلاء يحتاجون إلى الصبر والمقاومة ، وأمّا الذين سلبوا عن أنفسهم المسئولية فلا حاجة لهم إلى الصبر ، وتعبير رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ عن الانتظار بالعبادة يناسب انتظار هؤلاء المتعهدين لا الذين رفضوا التكاليف والمسئولية ، كما أنّ الانتظار بالمعنى المذكور يوجب الفرج عن الضلالة والنجاة عن الانحراف عن المسير بحيث إن ظهر الإمام الثاني عشر ـ أرواحنا فداه ـ أمكن له أن يدخل في زمرة ناصريه ، فإيمانه بالإمام قبل ظهوره وانتظاره ينفعه عند ظهوره ، ويصير كما نصّ عليه الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ من مصاديق قوله تعالى : «اولئك أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون».
وهؤلاء المنتظرون هم المستحقّون لما ورد من أنّ المنتظر للثاني عشر كالشاهر سيفه بين يدي رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ يذبّ عنه ، وغير ذلك من الفضائل.
ولقد أوضح ذلك آية الله السيد صدر الدين الصدر ـ قدس سره ـ حيث قال : «الانتظار هو ترقب حصول الأمر المنتظر وتحقّقه ، ولا يخفى ما يترتب على انتظار ظهور المهدي ، من الامور الإصلاحية الراجعة إلى كلّ إنسان ، فضلا عن الهيئة الاجتماعية سيّما الشيعة الإمامية :
الأول : أنّ الانتظار بنفسه من حيث هو رياضة مهمّة للنفس حتى قيل : الانتظار أشدّ من القتل ، ولازمه اشغال القوّة المفكرة وتوجيه الخيال نحو الأمر المنتظر ، وهذا ممّا يوجب قهرا أمرين : الأول : قوة المفكّرة ضرورة توجب ازدياد القوى بالأعمال. الثاني : تمكّن الإنسان من جمعها وتوجيهها نحو أمر واحد ، وهذان الأمران من أهمّ ما يحتاج إليهما الإنسان في معاده ومعاشه.
الثاني : يسهّل وقع المصائب والنوائب ويخفف وطأتها إذا علم الإنسان وعرف أنّها في معرض التدارك والرفع وشتّان بين مصيبة علم الإنسان تداركها وبين مصيبة لا يعلم ذلك ، سيّما إذا احتمل تداركها عن قريب والمهدي ـ عليه السلام ـ بظهوره يملأ الأرض قسطا وعدلا.
الثالث : لازم الانتظار محبة أن يكون الإنسان من أصحاب المهدي وشيعته ، بل من أعوانه وأنصاره ، ولازم ذلك أن يسعى في إصلاح نفسه وتهذيب أخلاقه ، حتّى يكون قابلا لصحبة المهدي ، والجهاد بين يديه ، نعم إنّ ذلك يحتاج إلى أخلاق قلّما توجد بيننا اليوم.
الرابع : الانتظار كما أنّه يبعث إلى إصلاح النفس بل والغير ، كذلك يكون باعثا وراء تهيئة المقدمات والمعدات الموجبة لغلبة المهدي على عدوّه ، ولازمه تحصيل ما يحتاج إليه من المعارف والعلوم سيّما وقد علم أنّ غلبته على عدوّه تكون بالأسباب العاديّة» (69).
ثم إنّ الانتظار أثر الإيمان بمجيء الإمام الثاني عشر ، الذي يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا مع كون ظهوره محتمل في كلّ عصر وزمان وصباح ومساء ، إذ القول بتأخير الظهور مردود بحسب الأخبار ، كما أنّ القول بتوقيته كذلك ، وأمّا ما ذكر من علائم الظهور فهي ليس جميعها من المحتومات ، مع أنّ محتوماتها أيضا قابلة للتغيير كما دلّ عليه بعض الروايات.
هذا مضافا إلى إمكان وقوعها في زمان قليل ، فالانتظار ممكن في كلّ الأحوال ؛ إذ ظهوره لا يكون معلقا بزمان آخر.
__________________
(1) فرق الشيعة : ص 78.
(2) كشف الفوائد : ص 83.
(3) راجع كشف الفوائد : ص 82.
(4) موسوعة الإمام المهدي : ص 9 نقلا عن أحمد بن حنبل في مسنده : ج 2 ص 83 وج 3 ص 446 ، وج 4 ص 960 وغيره من الأعلام فراجع.
(5) منتخب الأثر : ص 114.
(6) الشيعة في الإسلام تعريب بهاء الدين : ص 195.
(7) موسوعة الامام المهدي : ص 70 نقلا عن فرائد السمطين : ج 2 ص 562.
(8) بحث حول المهدي : ص 63 ـ 64.
(9) بحث حول المهدي : ص 65 ـ 66.
(10) بحث حول المهدي : ص 71 ـ 72.
(11) أعلام الورى : ص 416 ـ 425.
(12) إرشاد المفيد : ص 329 ـ 330.
(13) إرشاد المفيد : ص 336.
(14) منتخب الاثر : ص 411.
(15) منتخب الاثر : ص 420.
(16) اثبات الهداة : ج 6 ص 390.
(17) بحار الانوار : ج 51 ص 72.
(18) بحار الانوار : ج 51 ص 109.
(19) بحار الانوار : ج 51 ص 132.
(20) بحار الانوار : ج 51 ص 132.
(21) اثبات الهداة : ج 7 ص 3 ـ 4.
(22) اعلام الورى : ص 416.
(23) سرمايه ايمان : ص 146.
(24) اصول دين : ص 63.
(25) بحث حول المهدي : ص 68.
(26) راجع البحار : ج 51 ص 344 ـ 361.
(27) راجع رسالة الامامة الفصل الثالث : ص 25 نقلا عن كتاب نويد أمن وأمان.
(28) شرح الباب الحادي عشر : ص 52 الطبع الجديد.
(29) مكيال المكارم : ج 1 ص 132 الطبع الحديث.
(30) سرمايه ايمان : ص 152.
(31) بحث حول المهدي : ص 79 ـ 80.
(32) بحار الانوار : ج 52 ص 90.
(33) بحار الانوار : ج 52 ص 95.
(34) بحار الانوار : ج 52 ص 98 ـ 99.
(35) بحار الانوار : ج 52 ص 113.
(36) بحار الانوار : ج 52 ص 100.
(37) تفسير نور الثقلين : ج 1 ص 42 نقلا عن الكافي.
(38) مصابيح الأنوار : ج 2 ص 405.
(39) غاية المرام : ج 1 ص 26 الطبع الثاني.
(40) فرائد السمطين : ج 1 ص 45 بنقل وابستگى جهان به امام زمان : ص 38.
(41) بحار الانوار : ج 52 ص 92.
(42) بحار الانوار : ج 52 ص 93.
(43) الشيعة في الاسلام : ص 199 تعريب جعفر بهاء الدين.
(45) راجع كتاب سرمايه ايمان : ص 152.
(46) بحار الانوار : ج 52 ص 92.
(47) الشيعة في الاسلام : ص 198.
(48) بحث حول المهدي : ص 19 ـ 38.
(49) مكيال المكارم : ج 1 ص 44
(50) بحار الانوار : ج 52 ص 151.
(51) راجع كتاب المهدي ، ص 184 ، الطبع الحديث.
(52) راجع جنة المأوى المطبوعة في خاتمة بحار الانوار : ج 53 ص 318.
(53) راجع جنة المأوى المطبوعة في خاتمة بحار الانوار : ج 53 ص 320.
(54) المهدي : ص 211 الطبع الحديث.
(55) بحار الانوار : ج 52 ص 122.
(56) بحار الانوار : ج 52 ص 123.
(57) بحار الانوار : ج 52 ص 125.
(58) بحار الانوار : ج 52 ص 126.
(59) بحار الانوار : ج 52 ص 127 ـ 128.
(60) بحار الانوار : ج 52 ص 128.
(61) بحار الانوار : ج 52 ص 129.
(62) (63) بحار الانوار : ج 52 ص 129 و 130.
(64) بحار الانوار : ج 52 ص 140.
(65) بحار الانوار : ج 52 ص 142.
(66) بحار الانوار : ج 52 ص 144.
(67) بحار الانوار : ج 52 ص 150.
(68) بحار الانوار : ج 52 ص 149 ـ 150
(69) المهدي : ص 211 ـ 212 الطبع الحديث.
الاكثر قراءة في الأمام المهدي عجل الله فرجه الشريف
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة
الآخبار الصحية

قسم الشؤون الفكرية يصدر كتاباً يوثق تاريخ السدانة في العتبة العباسية المقدسة
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)