حادثة بئر معونة
المؤلف:
هاشم معروف الحسني
المصدر:
سيرة المصطفى "ص"
الجزء والصفحة:
ص432-439
2025-11-15
58
لقد تركت معركة أحد آثارا سيئة تحمل المسلمون نتائجها وأضعفت هيبتهم في مكة وخارجها ، وكان المشركون قد أحسوا بالانفراج بعد الضيق وبعد الخوف اللذين جرتهما عليهم معركة بدر الكبرى ، وكان من نتائج هزيمة المسلمين في أحد ان طمع فيهم الأعراب من كل حدب وصوب ، بالرغم من أن النبي ( ص ) قد عمل كل ما في وسعه لإعادة هيبة المسلمين ، وبالرغم من ذلك فلولا معركة أحد ما كانت هذيل لتجرؤ على قتل الوفد الذي أرسله النبي ( ص ) للدعوة إلى الاسلام وإرشاد المسلمين إلى أصوله وفروعه فيما هو معروف في كتب السيرة بيوم الرجيع الذي غدر فيه المشركون بستة أو سبعة من خيار المسلمين ، وبعدها بمدة يسيرة حادثة بئر معونة التي قتل فيها أربعون من خيار المسلمين كما جاء في تاريخ الطبري وسيرة ابن هشام وغيرهما .
وجاء في سيرة النبي من أعيان الشيعة للسيد الأمين وفي رواية ثانية للطبري ان الوفد كان مؤلفا من سبعين رجلا لم يفلت منهم سوى رجل واحد .
وكان السبب لهذه الحادثة ان عامر بن مالك بن جعفر ملاعب الأسنة المعروف بأبي براء من بني صعصعة وفد على النبي بالمدينة واهدى له هدية فأبى ان يقبلها الرسول منه وقال له اني لا أقبل هدية مشرك ، ودعاه إلى الاسلام وأخبره بما له ان أسلم عند اللّه من الثواب والأجر العظيم ، وقرأ عليه شيئا من القرآن فامتنع عن الاسلام ، ولكنه لم يكن متعصبا على المسلمين ولا كارها للاسلام ، وقال للنبي ( ص ) ان امرك الذي تدعو إليه حسن وجميل ، فلو بعثت رجالا من أصحابك إلى أهل نجد يدعونهم إلى الاسلام رجوت ان يستجيبوا لك ، فلم يستجب له النبي ، وخاف على أصحابه ان يغدروا بهم كما غدرت هذيل بوفده بالأمس .
واصر أبو براء ملاعب الأسنة على ارسال الوفد وأدخلهم في جواره وتعهد بمساعدتهم إذا همّ أحد بهم بسوء ، وكان محترما في قومه لا يخاف من اجاره عادية أحد عليه كما يدعي الأخباريون فاستجاب له النبي ( ص ) عند ذلك وأرسل معه أربعين رجلا من خيار المسلمين وقيل سبعين كما في رواية ثانية للطبري عن انس بن مالك ، أرسلهم النبي بقيادة المنذر بن عمرو فساروا حتى نزلوا بئر معونة وهو مكان متوسط بين بني سليم وبني عامر .
وقد أرسل معهم النبي كما جاء في كتب السيرة كتابا إلى عامر بن الطفيل فأرسله إليه الوفد مع حرام بن ملحان أحد المسلمين ، فلما أتاه بالكتاب لم ينظر بما فيه وامر بقتل الرسول ودعا بني عامر لقتال المسلمين فامتنعوا عليه ، وقالوا إن أبا براء قد أجارهم ونحن لن نخفر ذمة لأبي براء فاستنجد عليهم قبائل بني سلم وهم عصية ورعل وذكوان فأجابوه إلى ذلك وخرجوا معه إلى المسلمين على حين غفلة فأحاطوا بهم من كل جانب ، ودافع المسلمين عن أنفسهم دفاع المستميت فقتلوا عن آخرهم ولم ينج منهم سوى كعب بن زيد من بني النجار فإنهم تركوه وبه رمق ، فانسل من بين القتلى وعاش إلى أن قتل في معركة الخندق إلى جانب المسلمين .
وكان عمرو بن أميّة الضمري ورجل من الأنصار من بني عوف قد خرجا يرعيان إبل الوفد ، ولم يكونا على علم بما جرى لأصحابهما لولا انهما وجدا ان الطير تحوم فوق معسكرهم ، فقالا ان لهذه الطير لشأنا فأقبلا لينظرا إليها فإذا قومهما يتخبطون في دمائهم ، والخيل التي اصابتهم لا تزال في مكان المعركة ، فقال الأنصاري لعمرو بن أميّة ما ذا ترى قال : أرى ان نلحق برسول اللّه ونخبره بما جرى ، ثم قال الأنصاري : ما كنت لأرغب بنفسي عن المنذر بن عمرو واسأل الناس عن اخباره ، ثم قاتل حتى قتل وأخذ عمرو بن أمية الضمري أسيرا ، فلما انتسب لهم إلى مضر أطلقه عامر بن الطفيل بعد ان جز ناصيته ، ومضى في طريقه إلى المدينة حتى إذا كان في مكان يدعى قرقرة استظل تحت شجرة وفيما هو تحتها وإذا برجلين قد أقبلا عليه وجلسا تحتها فسألهما من أنتما فانتسبا إلى بني عامر وظنهما من القوم الذين قتلوا أصحابه ، فأمهلهما حتى ناما قام إليهما وقتلهما وهو يعتقد بأنه قد أدرك بعض ثأره من القوم ، وتبين ان معهما جوارا وعهدا من رسول اللّه لم يعلم به عمرو بن أميّة ، وتابع سيره إلى المدينة فأخبر النبي ( ص ) بما جرى لأصحابه وبما صنع مع الرجلين وهما من جماعة أبي براء المعاهدين لرسول اللّه .
وكانت هذه الحادثة أشد وقعا على رسول اللّه وأصحابه من سابقتها وأكثر إيلاما لأنه فقد فيها عددا كبيرا من اخلص أصحابه وقادتهم فترحم عليهم ودعا اللّه سبحانه ان ينتقم من أولئك المجرمين الذين غدروا بأصحابه كما تأثر المسلمون لهذه الكارثة وزادتهم تصميما على الدفاع عن عقيدتهم وعن الرسول مهما كانت التضحيات وعقدوا العزم على المضي في مطاردة أعداء اللّه في كل وجه ومكان .
وقال النبي ( ص ) هذا عمل أبي براء لقد كنت كارها لهذا الأمر ومتخوفا من الغدر ، ولكن ابا براء قد تعهد وأجار .
ويبدو من جميع المؤرخين ان أبا براء كان سليم النية في دعوته تلك ، وقد شق عليه هذا الأمر حتى لقد ذهب ابنه ربيعة وطعن عامر بن الطفيل برمحه حينما وجد أباه متأثرا من تلك الجريمة .
ولكني أشك في براءة أبي براء منها ، فلقد كان أبو براء زعيما مطاعا في قومه ، والعرب يعتبرون الجوار كالنسب إذا لم يكن أوثق منه ، والتاريخ ملئ بالشواهد على أن العرب كانوا يشعلون نار الحرب من اجل عجوز هرمة إذا دخلت في جوارهم فكيف وقد ادخل في جواره سبعين رجلا من أتباع محمد وتعهد له بحمايتهم من كل سوء ، ولم يحدث التاريخ بأنه قد وقف مع هؤلاء الغدرة موقف من يريد ان يثأر لكرامته التي كان العربي يغذيها بأعز ما لديه ويشعل نار الحرب من اجلها مهما كانت التضحيات . اما القتيلان اللذان قتلهما عمرو بن أميّة كما يدعي المؤلفون في السيرة فقد فداهما النبي وذهب إلى بني النضير يستعين بهم على فديتهما ، وفي رواية ثانية ولعلها أرجح من الأولى انه استدان منهم الفدية .
ومن الجائز ان يكون النبي ( ص ) قد رأى من اليهود بعد هذه الحادثة وسابقتها ما أضعف هيبة الإسلام في نفوسهم وخاف ان يبادروه بالشر ، فذهب إليهم ليكشف نواياهم التي يضمرونها له ولأصحابه وحتى يتضح للناس انهم هم البادءون في نقض العهد ، ولما عرض عليهم الاشتراك في دية الرجلين عملا بنصوص المعاهدة التي ابرمها بينه وبينهم رحبوا بهذا الأمر واظهروا استعدادهم للمساهمة وأحسنوا الإجابة فجلس إلى جنب جدار من بيوتهم ، ولكنه كان يراقب حركاتهم وتصرفاتهم فرأى جماعة منهم يتحركون بحركات مريبة ، واتفقوا على أن يصعد رجل منهم إلى سطح البيت ويلقي عليه صخرة من حيث لا يشعر هو ولا أحد من أصحابه ، ولما علم سلام بن مشكم أحد زعمائهم بالأمر نهاهم وحذرهم من ذلك ، وقال لهم انه سيعلم بما انطويتم عليه وفي ذلك نقض للعهد ، وسيكون له الحجة عليكم ، فلم يسمعوا لقوله .
وقبل ان تنفذ المؤامرة التي تطوع لها عمرو بن جحاش بن كعب اخبره الوحي بما عزموا عليه وامره ان يغادر المكان ، ونهض النبي ( ص ) فجأة من مكانه من غير أن يشعر أحد من أصحابه بالغاية التي نهض من اجلها وتوجه إلى المدينة ولم يعد ، واستغرب ذلك أصحابه وخرجوا في اثره يتساءلون ولم يعرفوا السبب إلا بعد ان لحقوا به وأعاد إلى أذهانهم تلك التصرفات والتحركات التي كانت ترسم نواياهم في نفسه والتي اكدها له وحي السماء فأيقنوا بذلك .
ثم ارسل إليهم محمد بن مسلمة وقال له : اذهب إلى اليهود وقل لهم :
ان النبي يقول لكم اخرجوا من هذا البلد ولا تساكنوني فيه بعد ان هممتم بالغدر وقد اجلكم عشرة أيام فمن وجده بعد ذلك ضرب عنقه ، فقالوا يا محمد ما كنا نظن أن يجيئنا بذلك رجل من الأوس ، وكانوا قد تحالفوا قبل الإسلام مع الأوس على الخزرج .
فقال محمد بن مسلمة نفرت القلوب ومحا الاسلام العهود . ومكث القوم على ذلك أياما يتجهزون ليخرجوا من المدينة ، وفيما هم على ذلك وإذا بعبد اللّه بن أبي قد جاءهم وقال لا تخرجوا فإن معي من العرب وممن انضوى إلي من قومي ألفين ، هذا بالإضافة إلى يهود بني قريظة فإنهم سيدخلون معكم ، فبلغ قوله هذا كعب بن أسد كبير بني قريظة وهو الذي عاهد رسول اللّه عنهم ان لا يغدروا به ولا يعينوا عليه أحدا ، فأنكر مقالة عبد اللّه بن أبي وقال : لا ينقض العهد رجل من بني قريظة وأنا حي .
وقال سلام بن مشكم لحيي بن اخطب زعيم بني النضير : يا حيي اقبل هذا الذي قال محمد ، فإنما شرفنا على قومنا بأموالنا قبل ان نقبل منه ما هو شر من ذلك ، فقال وما هو شر من ذلك ، قال اخذ الأموال وسبي الذراري وقتل المقاتلة فأبى عليه ابن اخطب ذلك ، وأرسل حيي بن اخطب إلى رسول اللّه إنا لا نترك دارنا فافعل ما بدا لك ، فكبر رسول اللّه وكبر المسلمون ، وقال لقد عزمت اليهود على الحرب ، وانطلق جدي بن اخطب إلى ابن أبي سلول فوجده جالسا في نفر من أصحابه ، فدخل ابنه عبد اللّه بن عبد اللّه بن أبي وجدي عنده فأخذ سلاحه ثم خرج يعدو وانضم إلى صفوف المسلمين .
قال جدي بن اخطب فأخبرت بذلك كله حيي بن اخطب فقال هذه مكيدة من محمد ، ثم إن رسول اللّه زحف إليهم بمن معه من المسلمين وحاصرهم وكانت رايته مع علي بن أبي طالب ، واعتزلتهم قريظة كما خذلهم عبد اللّه بن أبي وحلفاؤهم من غطفان وانزل اللّه سبحانه بهذه المناسبة :
أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ .
وسار النبي ( ص ) بالناس حتى حاصرهم وقد تحصنوا وقاموا على حصونهم يرمون المسلمين بالنبل والحجارة ، وكان رجل يدعى عزور راميا يبلغ نبله إلى القبة التي بنيت للرسول فحولها المسلمون إلى مكان آخر ، وفقد المسلمون عليا قرب العشاء ، فقال الناس يا رسول اللّه : ما نرى عليا فقال دعوه انه في بعض شأنكم وفيما هم يتحسسون اخباره وإذا به قد أقبل عليهم ومعه رأس اليهودي عزور . وكان قد كمن له علي ( ع ) حين خرج ومعه جماعة من اليهود يتحين الفرصة ليفتك بالمسلمين فشد عليه علي فقتله وفر من كان معه وكانوا تسعة من اليهود ، وبعث معه النبي ( ص ) عشرة من المسلمين فيهم أبو دجانة الأنصاري وسهل بن حنيف فأدركوهم قبل ان يدخلوا الحصن واشتبكوا معهم في معركة أسفرت عن قتل اليهود التسعة فاحتزروا رؤوسهم وحملوها إلى النبي ( ص ) فأصر ان تطرح في بعض آبار بني حطمة ، وأرعب قتل هؤلاء قلوب اليهود وأوهن من عزائمهم .
وظل النبي ( ص ) نحوا من عشرين ليلة واليهود محاصرون يتخللها قتال بين الحين والآخر إلى أن دب اليأس في قلوبهم لا سيما وقد قطع النبي بعض نخيلهم كما جاء في بعض الروايات ولما بلغهم ذلك نادوا يا محمد لقد كنت تنهى عن الفساد في الأرض فما بالك اليوم تقطع النخيل وتحرقها فأنزل اللّه تعالى عليه كما يدعي المفسرون :
ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ[1] وكان جميع ما قطعه المسلمون واحرقوه من نخيل لا يتجاوز ست نخلات .
والذي تعنيه الآية ان ما قطع من النخيل وما بقي منها قائما على أصوله كان بأمر اللّه ليغيظ بذلك كفار بني النضير لأنهم كما اغتاظوا لقطع ما قطع منه كذلك سيغتاظون لما بقي منه حيث إنهم يرون انه أصبح لأعدائهم ينتفعون بثمره .
ويمكن أن تكون المصلحة الداعية إلى قطع بعض النخلات هو انه أراد ان يبعث في نفوسهم اليأس في المهادنة والبقاء لأن الذي يربط الانسان بوطنه هو ارضه وماله أكثر من أي شيء آخر ، فإذا ذهب المال تضعف الروابط بين الانسان وبلده ووطنه .
وقد استعمل النبي ( ص ) هذا الأسلوب طمعا في جلائهم وحتى لا يتعرضوا للإبادة بإصرارهم على البقاء ، ومهما كان الحال فقطع النخيل والأشجار المثمرة بذاته وإن لم يكن صالحا ومستحسنا ولكن قد تفرضه المصلحة أحيانا كما في المقام .
ولقد يئس اليهود من تراجع النبي وأيقنوا ان لا سبيل لهم إلا بالخلاص وان بقاءهم يعرضهم لقتل الرجال والنساء ، فلم يجدوا بدا من التوسل بالنبي بصلح يحفظ عليهم أموالهم ودماءهم وذراريهم على أن يخرجوا من المدينة وقد عرض عليهم المسلمون ذلك فأبوا الا القتال والتحدي للمسلمين ، ولكنه بعد موقفهم العدائي المتصلب رفض طلبهم ولم يسمح لهم الا بأنفسهم وما تحمله الإبل من الأمتعة على أن يتركوا الأسلحة التي حملوها لحرب المسلمين فنزلوا على ذلك ، فكانوا يخربون بيوتهم بأيديهم ويأخذون منها ما يستحسن من الأبواب والأدوات حتى لا ينتفع بها المسلمون وحملوا ما اخذوه على ستمائة بعير ووجد النبي من الأسلحة التي تركوها خمسين درعا وخمسين بيضة وثلاثمائة وأربعين سيفا عدا ما تركوه من الأثاث فقسم أكثره بين المهاجرين لأن الكثير منهم كانوا لا يزالون عالة على الأنصار ، ورحل جماعة منهم لخيبر وآخرون إلى بلاد الشام ، وكان ممن التجأ إلى خيبر حيي بن اخطب وسلام بن الحقيق وكنانة بن الربيع ، وثلاثتهم من زعماء بني النضير .
وقد تعرضت سورة الحشر لشيء مما جرى لبني النضير كما تشير إلى ذلك الآيات التالية :
هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ . وَلَوْ لا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا وَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابُ النَّارِ . ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ . ثم إن اللّه سبحانه بعد ان بين احكام ذلك المال الذي استولى عليه المسلمون من بني النضير بدون قتال وعبر عنه بالفيء في مقابل الغنيمة وهي ما يستولي عليه المسلمون بالحرب ، بعد ان بين ذلك أوصى الرسول بفقراء المهاجرين كما جاء في الآية الثامنة من هذه السورة التي كان يسميها ابن عباس سورة بني النضير :
لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ .
وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ .
[1] واللينة واحدة اللين وهو نوع من النخل .
الاكثر قراءة في قضايا عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة