Logo

بمختلف الألوان
في وطنٍ تئنُّ روحه من ثِقل الأيام، وتتوقُّ أجياله إلى فجرٍ يمحو ظلام اليأس، انبعث نورٌ من قلب مدينة مقدسة، نورٌ يملأ الوطن ضياءً، وأيدٍ أمينة تعانق آماله واحلامه. سطع نور العتبة العباسية المقدسة، التي لطالما كانت مَوئِلاً للعلم والمعرفة، لتتجاوز دورها الديني وتصبح حاضنة حقيقية للطاقات الشابة،... المزيد
أخر المواضيع


مرحبا بكَ زائرنا العزيز
نتمنى أن تكون في تمام الصحة والعافية

تحذير! هل انت متأكد من حذف هذا المقال مع الردود عليه ؟
إذا حملت جنازة فاعلم بأنك بعدها محمول

منذ 3 شهور
في 2025/08/18م
عدد المشاهدات :1595
حسن الهاشمي
اذا مررت بجنازة فاعلم ان صاحبها على حالتين لا ثالث لهما، إما ان يكون مطمئنا راضيا مرضيا وافدا الى رب كريم ومبشرا بالجنة والرضوان بين الخلائق أجمعين، وإما أن يكون مضطربا كاللبن المهزوز داخل القربة لاستخراج الزبدة منه، وهو حال العاصي لما ينتابه من خوف وهلع إزاء ما ينتظره من مصير أسود يوم الحساب، والمشي خلف الجنازة ينبغي أن يكون منطلقا نحو التغيير لا مجرد مواساة لأصحاب العزاء، فالمواساة للنفس تكون مقدمة على المواساة المجردة، ولا يكون ذلك الا من خلال تقمّص الماشي بالسكينة والوقار والايغال في التفكّر والاستبصار والاعتبار؛ لكي يسعى الانسان أن يكون مطمئنا لا مضطربا اذا ما شيل على آلة الحدباء في قابل الأيام.
الاطمئنان والاضطراب عند أتباع أهل البيت (عليهم السلام) يرتبطان بحالة القلب والإيمان والعمل، وقد تناولتهما روايات أهل البيت بعمق روحي وتربوي منقطع النظير، فالاطمئنان هو سكون القلب وثباته على الحق، وارتباطه الوثيق بالله تعالى، ويتحقق عبر المعرفة بالله والمعرفة بأوليائه الذين نصّبهم الله تعالى لتبيان حقائق الدين للبشرية جمعاء، فالعمل الصالح والذكر الدائم لله تعالى وأولياءه، والثقة المطلقة بوعد الله، والاتباع الراشد لأهل البيت عليهم السلام، هذه الأمور لا غيرها هي التي تجلب للقلب الاطمئنان والدعة والراحة النفسية، قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } الرعد: 28. عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (البر ما سكنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما لم تسكن إليه النفس، ولم يطمئن إليه القلب، وإن أفتاك المفتون) كنز العمال للمتقي الهندي: ٧٢٧٤.
اما الاضطراب هو قلق القلب، وضعف اليقين، والتذبذب في المواقف، وقد يظهر عند الشدائد والفتن؛ بسبب ضعف الفهم أو الغفلة أو الذنوب أو التأثر بالشبهات والانحرافات، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إنما سمي القلب من تقلبه، إنما مثل القلب مثل ريشة بالفلاة تعلقت في أصل شجرة تقلبها الريح ظهر البطن) كنز العمال للمتقي الهندي: ١٢١٠. فالمؤمن الحقيقي يطمئن باتباع الحق، ويهتدي بنور أهل البيت (ع) أما الاضطراب الذي يعشعش في قلب العاصي، فهو علامة نقص الايمان واليقين، ويُعالج بالعلم، والعمل، والارتباط الروحي بأئمة الهدى الذين نصّبهم الله تعالى ليستنقذوا العباد من الجهالة وحيرة الضلالة الى الهدى ونور الاستقامة.
الرسول الاعظم (صلى الله عليه وآله) أوصانا بضرورة التحلي بالاطمئنان والتخلي عن الاضطراب وتداعياته الوخيمة، نرى ذلك جليا لمّا مر الرسول واصحابه بجنازة تمخض كما يمخض الزق وقال معقبا: (عليكم بالسكينة عليكم بالقصد في المشي بجنائزكم) كنز العمال للمتقي الهندي: ٤٢٨٨٥. والجدير بالذكر ان العبارة "تمخّض كما يُمخَض الزقّ" وردت في بعض الروايات لوصف حال الميّت حين يُحمل على النعش (أو السرير)، وخاصة مَن لم يكن على استقامة أو كان غافلاً في حياته، والزقّ: وعاء يُصنع من الجلد، يُستعمل لحفظ السوائل كاللبن قديماً، ومتى يُمخَض الزقّ يمخض عندما يُهزّ ويُحرّك بقوّة لخلط ما فيه وهو تقريب لتمخّض الميّت: أي تأرجح على النعش واضطرب كما يهتز الزقّ، وهذا كناية عن الاضطراب والخوف والرهبة من المصير.
والعبارة "عليكم بالسكينة عليكم بالقصد في المشي بجنائزكم" هي توجيه نبوي يحمل بين طياته الاعتبار من المشي وراء الجنائز ولا يكون ذلك الا بالسكينة والهدوء والوقار وعدم الاضطراب، والاعتدال بالمشي، أي لا سرعة مفرطة ولا بطء مُخِلّ، وبذلك النبي (ص) كان ينهى عن الركض أو المشي السريع عند تشييع الجنازة، ويدعو إلى الخشوع والتأمل، لأن الموقف يتعلّق بالآخرة، وهو تذكير بالموت، ويُراد من المشي بالجنازة أن يكون وقورا، متزنا، يليق بحرمة الميت ومهابة الموقف، ورد عن الإمام علي (عليه السلام): (العمل العمل، ثم النهاية النهاية، والاستقامة الاستقامة، ثم الصبر الصبر، والورع الورع، إن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم) نهج البلاغة: الخطبة 176. فالمشي بجنازة الميت ينبغي أن يكون بسكينة واعتدال، تعظيما للميت، وتذكيرا للحي بالمصير.
هذه الصورة تذكّرنا بأن الميت عند انتقاله إلى القبر، إن كان غير صالح، يُقابل بالضيق والعذاب، فيظهر عليه ذلك الاضطراب عند نقله، وكأنّه يُصارع مصيره، وقد يكون في المقابل، الميت الصالح يُنقل بسكينة وطمأنينة، كيف لا وهو يفد الى رحيم بزاد التقوى ومحبة أهل البيت عليهم السلام وهما تكفيانه من المسائلة والعذاب، بل انه يغدق عليه بالرحمة والرضوان ويبشر بالروح والجنان، كما ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (أول ما يبشر به المؤمن روح وريحان وجنة نعيم، وأول ما يبشر به المؤمن أن يقال له: أبشر ولي الله برضاه والجنة قدمت خير مقدم، قد غفر الله لمن شيعك، واستجاب لمن استغفر لك، وقبل من شهد لك) كنز العمال للمتقي الهندي: 42355.
الميت حدد مصيره بعمله وانتهى أجله وهو ينتظر الحساب جراء عمله، ولكن الطامة الكبرى هو ان لا يعتبر الماشي وراء جنازته، لا يعتبر بالمصير الذي ينتظره نعم الميت ينتظر منا اكرامه بالتسريع في دفنه ومواراته الثرى، عن الإمام الصادق (عليه السلام): (إذا حملت جنازة فكن كأنك أنت المحمول، أو كأنك سألت ربك الرجوع إلى الدنيا لتعمل، فانظر ماذا تستأنف، ثم قال: عجبا لقوم حبس أولهم على آخرهم، ثم نادى مناد فيهم بالرحيل وهم يلعبون) الزهد للحسين بن سعيد: ٥٠ / ١٣٣ و ٧٧ / ٢٠٨. ان الناس إذا حضروا جنازة وتهيّأوا لدفن الميت، لكنهم تأخروا أو تقاعسوا عن الدفن أو التشييع، فكأن الميت (أولهم) حُبس وانتُظر به بسبب تأخر الباقين (آخرهم) وفيه لوم وتعجب من تأخير دفن الميت، لأنه ينافي الكرامة، ويطيل الموقف على الحاضرين، يدعو الحديث إلى الإسراع في تجهيز ودفن الميت وتجنّب التأخير غير المبرر، لأن ذلك يُعدّ إهمالًا لحق الميت.
نعم ان اكرام الميت دفنه، ولكن الأهم من ذلك الاتعاظ من الموت واعداد العدة لذلك اليوم الذي لا مفر منه: "ثم نادى منادٍ فيهم بالرحيل وهم يلعبون" عبارة استخدمت بأسلوب أدبي أو وعظي لتصوير الموت المفاجئ والغفلة عنه، ومعناها: "نادى منادٍ": كناية عن مَلَك الموت أو صوت القدَر الذي يُعلن انتهاء الأجل "فيهم بالرحيل": أي يأمرهم بمغادرة الدنيا "وهم يلعبون": أي في لحظة غفلة ولهو وانشغال بالدنيا دون استعداد للآخرة، وهو تصوير بليغ لحال أناس غافلين عن الموت، مشغولين باللعب أو الملذات، فجاءهم الموت فجأة دون توبة أو استعداد، وتلك هي الطامة الكبرى التي ينبغي ان لا نقع في شراكها، فالدنيا ماكرة، تخدعك بـشراكها الخفية؛ فتأخذك من حيث لا تشعر، وتسرق عمرك وأنت تظن أنك تمضي نحو النجاح، فإذا بك في شباك الغفلة والفراغ والندم، فكن فطنا، ولا تمدّ يدك لكل ما يُعرض عليك، فإن بعض ما يلمع، ليس ذهبا، بل سمٌّ في عسل. قال تعالى: (أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ أَوْ أَمْنَ أَهْلُ الْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ) الأعراف: 9798.
حين يسقط القناع: قراءة نفسية في تغيّر الصديق الطيّب
بقلم الكاتب : حنين ضياء عبدالوهاب الربيعي
كان يبدو صديقًا حقيقيًا، قريبًا للروح، تتحدث إليه فيفهمك دون أن تشرح كثيرًا. عاش بينك زمنًا من المودّة والصدق الظاهري، حتى ظننت أن صداقتكما من النوع الذي لا يتبدّل. لكنك كنتَ مخدوعًا أو بالأحرى كنت ترى الوجه الذي أراد أن يُريك إياه. فجأة تغيّر. صار يتصرف بسوء، يتحدث عنك في غيابك، يذكرك بأقبح الكلام،... المزيد
المزيد من المقالات الإجتماعية

المزيد من المقالات الثقافية

كان اسمها (زينب)  ويقال إن للإنسان نصيبا من اسمه،وهي كذلك،ترتدي الخُلق وتنطق... المزيد
ونحنُ في المشتاةِ ندعو الجَفَلَىٰ لا تُرى الآدِبَ فينا يُنتَقَرُ طرفة بن العبد... المزيد
مازلتُ غريقا في جيبِ الذكرياتِ المُرّةِ، أحاولُ أن أخمدها قليلا ؛لكنّ رأسها... المزيد
رُوَّادُ الولاء : شعراء أضاءوا بالحقِّ فطُمِسَ نورُهم لطالما تهادت على بساط... المزيد
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه،... المزيد
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد... المزيد
في زاوية السوق، جلس رجل أشيب، يضم كفيه الفارغتين إلى صدره كمن يحمي كنزًا لا يُرى. كان اسمه...
حين نتحدث عن الأجناس الأدبية التي تتصدر المشهد الثقافي العربي عامة، والعراقي خاصة، نُشَخِّص...
في رحاب الكاظمية المقدسة، وُلد جابر بن جليل كرم البديري الكاظمي عام 1956، ليكون نجمًا متألقًا...
كان يتذمر،والشكوی تضحك في فمه كيف يعلِّمني صبيٌّ علی كلٍّتلميذٌ صغير  وسأعيد تربيته أنا...


منذ 15 ساعة
2025/11/16
سلسلة مفاهيم في الفيزياء الجزء السادس والسبعون: كون داخل الكون: العوالم المتعددة...
منذ 15 ساعة
2025/11/16
منذ سنوات برزت ظاهرة من قبل بعض جماهير الاندية الكبيرة ضد نادي الزوراء وانتشرت...
منذ 15 ساعة
2025/11/16
في عالم سريع الإيقاع يزداد فيه الضغط والعمل والسهر أصبحت مشروبات الطاقة جزءاً من...
رشفات
( مَن صبر أُعطي التأييد من الله )