Logo

بمختلف الألوان
في وطنٍ تئنُّ روحه من ثِقل الأيام، وتتوقُّ أجياله إلى فجرٍ يمحو ظلام اليأس، انبعث نورٌ من قلب مدينة مقدسة، نورٌ يملأ الوطن ضياءً، وأيدٍ أمينة تعانق آماله واحلامه. سطع نور العتبة العباسية المقدسة، التي لطالما كانت مَوئِلاً للعلم والمعرفة، لتتجاوز دورها الديني وتصبح حاضنة حقيقية للطاقات الشابة،... المزيد
أخر المواضيع


مرحبا بكَ زائرنا العزيز
نتمنى أن تكون في تمام الصحة والعافية

تحذير! هل انت متأكد من حذف هذا المقال مع الردود عليه ؟
الماس الصناعي: فيزياء التبلور المختبري

منذ 6 شهور
في 2025/05/21م
عدد المشاهدات :3518
بيت القصيد
الهدف من هذا المقال ليس فقط أن تستوعب كيف يُصنع الماس الصناعي، بل أن ترى في هذا الجهد تكاملًا بين فيزياء الحالة الصلبة، الديناميكا الحرارية، فيزياء البلازما، ميكانيكا الكم، والنمذجة الحاسوبية، فكل بلورة يتم توليدها صناعيًا هي تتويج لفهمنا العميق لسلوك المادة تحت الظروف القصوى، وهي أيضًا مثال رائع على كيف يمكن للعلم أن يحاكي الطبيعة بل ويتفوق عليها أحيانًا.
ربما تتساءل الآن ما الذي يجعل قطعة من الكربون النقي، مرتبة في بنية رباعية تكرارية ثلاثية الأبعاد، أن تصبح أحد أصلب المواد المعروفة للبشر الأمر ليس فقط في الكيمياء، بل في فيزياء الحالة الصلبة والبنية البلورية نفسها، حيث تلعب الروابط التساهمية الفائقة بين ذرات الكربون المتناظرة الدور الحاسم، ومن هنا يبدأ حديثنا عن الماس الصناعي، ذاك المنتج الذي أراد العلماء من خلاله تحدي الطبيعة نفسها وإعادة خلق ظروف الأرض الباطنية في مختبرات معاصرة حول العالم، نحن لا نتحدث هنا عن تقليد بصري للماس الطبيعي، بل عن إعادة بناء للتركيب الفيزيائي الدقيق، وهنا يبرز سؤال: كيف يُصنع الماس صناعياً لنبدأ من الأساس الفيزيائي.
أنت تعرف أن الضغط ودرجة الحرارة هما المحددان الأساسيان لتحول الكربون إلى ماس، وهذا ما تحققه التقنية الأولى وهي طريقة الضغط العالي والحرارة العالية (HPHT)، حيث تُوضع قطعة من الغرافيت، أو أحياناً هيدروكربونات، داخل خلايا ضغط صممت لتوليد أكثر من 5 غيغا باسكال من الضغط مع حرارة تفوق 1500 كلفن، هذه القيم ليست اعتباطية بل تم اشتقاقها من معادلات الحالة للكربون في أطواره الصلبة، وتحديدًا من دراسات على خطوط الطور، واحدة من أقدم الدراسات التجريبية التي أرست الأساس لهذا المسار تعود إلى ستانفورد موور وروس ميلز من مختبرات "جنرال إلكتريك" عام 1955، حيث نجحوا في تصنيع أول ماس صناعي حقيقي، وليس مجرد مادة شبيهة، بالاعتماد على خلية بلتونيك سداسية الرأس تخلق تلك الظروف الفيزيائية القاسية المطلوبة لتكوين البنية الماسية.
لكن التقنية الأخرى التي ربما ستشد انتباهك أكثر، خاصة إن كنت تميل إلى فيزياء البلازما والسطوح، هي تقنية ترسيب الأبخرة الكيميائي (CVD)، وفيها لا نحتاج لضغط هائل، بل نستخدم مزيجًا من غازات الكربون (عادة ميثان) والهيدروجين تحت ضغط منخفض، وتُعرّض لبلازما ناتجة عن مجال ميكروويفي موجه بدقة، فتتفكك الروابط داخل الميثان، وتترسب ذرات الكربون فوق ركيزة مسطحة، غالبًا من الماس الصناعي أو السيليكون، ما يعطي فرصة لبناء بلورات ماسية طبقة تلو أخرى، هذه العملية التي قد تبدو بطيئة تُدار بمعادلات نشر حراري وانتقال الكتلة، ولها جذور في تجارب جامعة طوكيو التقنية منذ الثمانينيات بقيادة البروفسور ماسايوكي كاوامورا، وقد طورتها لاحقًا مختبرات جامعة ولاية أريزونا تحت إشراف فيزيائي المواد المتقدمة الدكتور كريستوفر هيتون.
قد تسألني: أين يصنع هذا الماس الآن على نطاق تجاري والإجابة ستفاجئك، فالصين هي اللاعب الأول عالميًا في إنتاج الماس الصناعي، إذ تسيطر وحدها على ما يفوق 90 من السوق العالمية، تحديدًا عبر شركات مثل Zhengzhou Sino-Crystal Diamond التي تعمل بخطوط إنتاج CVD وHPHT واسعة النطاق، تليها الهند والولايات المتحدة، حيث تتصدر شركة Element Six التابعة لـ"دي بيرز" المشهد التقني في أوروبا والولايات المتحدة، كما توجد برامج بحث متقدمة في جامعة كامبريدج بالتعاون مع مختبرات IBM لتحسين الأداء الإلكتروني للماس الصناعي في التطبيقات الكمية
فيزيائيًا، من أهم خصائص الماس الصناعي والتي يجب أن تُفهم من منظار فيزيائي دقيق، هو فجوة الحزمة (band gap) العالية التي تبلغ حوالي 5.5 إلكترون فولت، مما يجعله مادة عازلة للكهرباء بشكل شبه كامل ولكن في الوقت نفسه قادرًا على تحمل حقول كهربائية عالية دون انهيار، بل والأدهى من ذلك، فإن نقاوته البلورية تسمح بإقحام شوائب مضبوطة بدقة مثل شوائب النتروجين المعروفة بمراكز NV (Nitrogen Vacancy centers)، والتي أصبحت الآن حجر الزاوية في أنظمة الحوسبة الكمية ومعالجات الاستشعار الكمومي، وهنا لا يمكن أن نغفل إسهام الدكتور ديفيد أويس في جامعة هارفارد الذي أشرف على أول تجارب تثبيت وتحكم في مركز NV أحادي داخل بلورة ماس صناعي عام 2013، وقد تطورت هذه التقنية اليوم لتُستخدم في المجسات الكمية الدقيقة في جامعة بازل وجامعة ستانفورد.
لنضع الأمور الآن في سياق أوسع، لا يقتصر دور الماس الصناعي على الجماليات أو التطبيقات البسيطة، بل هو اليوم في صميم أبحاث الإلكترونيات عالية القدرة، حيث بدأت معامل توشيبا وبوش في تطوير ترانزستورات من الماس تعمل بكفاءة تحت درجات حرارة تتجاوز 400 درجة مئوية، وهذا لا يمكن أن يحدث إلا بفضل الموصلية الحرارية الفائقة للماس والتي تصل إلى 2200 واط/متر.كلفن، وهي أعلى من أي مادة صلبة معروفة بما في ذلك النحاس.
والآن، ربما تتساءل ما إذا كانت هذه التكنولوجيا في متناول العالم النامي، ومن هنا تبرز مبادرات بارزة مثل مركز النانوفوتونيات في جامعة سنغافورة الوطنية، حيث يشرف البروفسور فينيت شاندرا على مشروع تحويل مخلفات الكربون الصناعي إلى ألماس منخفض التكلفة باستخدام ترددات ميكروية محلية الصنع، في حين تدير جامعة بغداد قسمًا ناشئًا لأبحاث المواد فائقة الصلابة بالتعاون مع معهد بحوث النانو بجامعة شيفيلد البريطانية
حين ننظر إلى الماس الصناعي، فإننا لا نرى مجرد مادة فائقة الصلابة، بل نرى الدليل الأوضح على قدرة الفيزياء على تجاوز حدود الطبيعة ذاتها، فأن نعيد بناء واحدة من أعقد البنى البلورية تحت شروط نولدها نحن في المختبر هو اعتراف ضمني بأن العلم لم يعد يكتفي بالملاحظة، بل أصبح يمارس الخلق، لا بالمعنى الفلسفي، بل بالمعنى الدقيق لصياغة المادة من قوانينها الأساسية، وهذا ما يمنح الماس الصناعي مكانته، ليس كمجرد منتج، بل كإنجاز تجريبي يعكس تراكمًا معرفيًا هائلًا في الديناميكا الحرارية، فيزياء المواد، ميكانيكا الكم، وهندسة الحقول. لذلك، حين تحمل شريحة من الماس الصناعي داخل معالج كمومي أو مستشعر دقيق، فأنت تحمل اختزالًا للعقل البشري وقدرته على تنظيم الذرات لا كما وجدت، بل كما يجب أن تكون. وفي هذا السياق، لا يُعد الماس الصناعي نهاية طموحنا، بل بدايته، بداية لعصر تتقاطع فيه حدود المادة مع حدود التصميم، وتندمج فيه الفكرة مع البنية في معادلة واحدة: الفيزياء تصنع المستقبل.
حين يسقط القناع: قراءة نفسية في تغيّر الصديق الطيّب
بقلم الكاتب : حنين ضياء عبدالوهاب الربيعي
كان يبدو صديقًا حقيقيًا، قريبًا للروح، تتحدث إليه فيفهمك دون أن تشرح كثيرًا. عاش بينك زمنًا من المودّة والصدق الظاهري، حتى ظننت أن صداقتكما من النوع الذي لا يتبدّل. لكنك كنتَ مخدوعًا أو بالأحرى كنت ترى الوجه الذي أراد أن يُريك إياه. فجأة تغيّر. صار يتصرف بسوء، يتحدث عنك في غيابك، يذكرك بأقبح الكلام،... المزيد
المزيد من المقالات الإجتماعية

المزيد من المقالات الثقافية

كان اسمها (زينب)  ويقال إن للإنسان نصيبا من اسمه،وهي كذلك،ترتدي الخُلق وتنطق... المزيد
ونحنُ في المشتاةِ ندعو الجَفَلَىٰ لا تُرى الآدِبَ فينا يُنتَقَرُ طرفة بن العبد... المزيد
مازلتُ غريقا في جيبِ الذكرياتِ المُرّةِ، أحاولُ أن أخمدها قليلا ؛لكنّ رأسها... المزيد
رُوَّادُ الولاء : شعراء أضاءوا بالحقِّ فطُمِسَ نورُهم لطالما تهادت على بساط... المزيد
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه،... المزيد
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد... المزيد
في زاوية السوق، جلس رجل أشيب، يضم كفيه الفارغتين إلى صدره كمن يحمي كنزًا لا يُرى. كان اسمه...
حين نتحدث عن الأجناس الأدبية التي تتصدر المشهد الثقافي العربي عامة، والعراقي خاصة، نُشَخِّص...
في رحاب الكاظمية المقدسة، وُلد جابر بن جليل كرم البديري الكاظمي عام 1956، ليكون نجمًا متألقًا...
كان يتذمر،والشكوی تضحك في فمه كيف يعلِّمني صبيٌّ علی كلٍّتلميذٌ صغير  وسأعيد تربيته أنا...


منذ 21 ساعة
2025/11/16
سلسلة مفاهيم في الفيزياء الجزء السادس والسبعون: كون داخل الكون: العوالم المتعددة...
منذ 21 ساعة
2025/11/16
منذ سنوات برزت ظاهرة من قبل بعض جماهير الاندية الكبيرة ضد نادي الزوراء وانتشرت...
منذ 21 ساعة
2025/11/16
في عالم سريع الإيقاع يزداد فيه الضغط والعمل والسهر أصبحت مشروبات الطاقة جزءاً من...
رشفات
( مَن صبر أُعطي التأييد من الله )