Logo

بمختلف الألوان
في وطنٍ تئنُّ روحه من ثِقل الأيام، وتتوقُّ أجياله إلى فجرٍ يمحو ظلام اليأس، انبعث نورٌ من قلب مدينة مقدسة، نورٌ يملأ الوطن ضياءً، وأيدٍ أمينة تعانق آماله واحلامه. سطع نور العتبة العباسية المقدسة، التي لطالما كانت مَوئِلاً للعلم والمعرفة، لتتجاوز دورها الديني وتصبح حاضنة حقيقية للطاقات الشابة،... المزيد
أخر المواضيع


مرحبا بكَ زائرنا العزيز
نتمنى أن تكون في تمام الصحة والعافية

تحذير! هل انت متأكد من حذف هذا المقال مع الردود عليه ؟
ما وراء الديمقراطية

منذ 4 سنوات
في 2022/03/22م
عدد المشاهدات :3164
هل تعني الديمقراطية حكم الشعب لنفسه، أم أنها وسيلة لتحجيم آرائه وتمكين الحكام من سلطانهم ونفوذهم أضعافًا مُضاعفة
إن الديمقراطية ليست الأمل المنشود، بل إن كل ما تنتجه أمراض وآفات للشعوب والحياة السياسية، كما أنها هي الهادم الأول لكل ما يحلم به أي شعب من تقدم وحياة كريمة، يُشاع في الديمقراطية أن كل صوت انتخابي صوتٌ مسموع عكس ما تبيِّنه الحقائق والمؤشرات، فمدى التأثير الفردي في اختيار أي مرشح في الانتخابات لا يتعدَّى نسبة الواحد إلى مئة مليون، وهو تأثير قليل جدًّا بالمقارنة بحجم الضجة الإعلامية على هذا المبدأ الديمقراطي الشهير، والأعجب من ذلك أن الصوت الذي تُدلي به ليس لقرار أو قانون بصورة مباشرة، بل إن تصويتك هذا يذهب إلى شخصٍ ما أو حزبٍ ما يقوم باتخاذ القرارات وإصدار القوانين نيابةً عنك. وفي أغلب الأحيان يتخلَّى المرشحون عن وعودهم الانتخابية ولا يحقِّقون منها شيئًا وأقصى ما تُمكنك الديمقراطية من فعله أن تجعلك قادرًا على أن تُدلي بصوتك مرة ثانية بعد أربع سنوات، رغم أنك من الممكن أن تكون رافضًا للقرار الذي يُتخذ نيابةً عنك من الأساس مثل القيام بحربٍ ما، أو إعانة دولة أخرى ماديًّا أو عسكريًّا، أو رفع سنِّ التقاعد، أو تغيير المنظومة التعليمية.. إلى آخره. المثير للدهشة حقًّا أن كثيرًا من الناس أصبحوا يعتقدون أن المشاركة في الانتخابات والاستفتاءات هي واجب أخلاقي إذا لم تفعله لا يحق لك أن تعترض أو توضح رأيك المخالف في أي مسألة سياسية أو اقتصادية، وحقيقة الأمر أن هؤلاء الذين لم يشاركوا يرفضون تصديق الوهم الذي تبيعه الديمقراطية للشعوب. الديمقراطية التي تتغنَّى بها الدول المتقدمة ليل نهار هي السبب الرئيس فيما وصلنا إليه من مستويات منحدرة في السياسة والاجتماع والاقتصاد، فلا علاقة لتقدُّمها بالديمقراطية. هنالك نوعان للديمقراطية: الديمقراطية المباشرة وغير المباشرة(التمثيلية)؛ المباشرة التي يتم من خلالها استفتاء الشعب لكل قرار او قانون. أما غير المباشرة هي النظام المتبع في معظم الدول، ففيها يختار الشعب ممثلين عنه يقومون بإصدار القرارات المصيرية وغير المصيرية، ورغم توافر التكنولوجيا الحديثة والآليات التي تيسِّر تطبيق الديمقراطية المباشرة، دائمًا ما يختار السياسيون النظام الآخر ليتحكَّموا في كل شيء دون رقيب فِعلي، متعللين أيضًا بعدم وجود الخبرة الكافية والتعليم المناسب لأن يقرّر الشعب ويختار مختلف القرارات وهذه الحجة باطلة منطقيآ لأن ان صح ادعائها ينقص الخبرة والدراية فنفس الشيئ لدى الشعب غير المؤهل عقليآ لفهم البرنامج الانتخابي المعقد لمختلف المرشحين والسياسين. إن الازدهار في البلاد الديمقراطية ليس له علاقة سببية مع الديمقراطية، بل على العكس تمامًا، فيجب أن يُقال مثلًا إن البلاد الغربية مزدهرة ومتقدمة على الرغم من الديمقراطية، وذلك بسبب طبيعة تلك البلاد الليبرالية القديمة فكانت وما زالت هناك بعض الحريات القليلة التي لا تتدخَّل فيها الدولة حتى الآن لكن بهذا المعدل، من المتوقَّع أن تتحكَّم الحكومة في كل شيء، كذلك الدليل الثاني على عدم وجود علاقة تدعيم بين الديمقراطية والازدهار أن هناك بلادًا أخرى كدول الخليج وسنغافورة، على سبيل المثال، ليس بها ديمقراطية ولكنها دول ثريَّة ومزدهرة، ومن المؤسف القول إن هذا الازدهار في ظل الديمقراطية مهدد بالزوال دائمًا وأبدًا.
فأشاعت ان الديمقراطية محايدة سياسيًّا، أي لا تتدخَّل فيما يخصُّ أفكار وحريات المواطنين، وهذا ليس صحيحًا كُليًّا، إذ إنها من ناحية الأفكار تُعد أيديولوجية شمولية، أي تشمل كل أطياف المجتمع بمختلف عقائدهم ومذاهبهم ولكنها تُحجِّم الحريات بشكل فج، فليس هناك حرية مقدسة في الديمقراطية، كل حياة الأفراد مُعرضة للتدخل الحكومي من جميع النواحي، حريات الأقليات عُرضة للسلب بواسطة الأغلبية والحكومة، الدستور يتم تعديله وفقًا لهوى الأغلبية، لكن دعْنا نُعِد تأكيد مفهوم الحرية الحقيقية؛ إنه ذلك الحق في أن تقرِّر ألا تشارك في النظام ولا تدفع رغمًا عنك كل هذه الضرائب المفروضة عليك من أجل مسارات لا تقدِّم لك نفعًا، بل أحيانًا تضر كالحروب مثلًا.
إن الديمقراطية قد أفسدت جميع مناحي الحياة سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، فبعد أن حلَّت محل الأنظمة السياسية المختلفة مثل الليبرالية والشيوعية والاشتراكية كان من المفترض أن تتجنَّب الديمقراطية الأخطاء التي وقعت فيها تلك المناهج السياسية، لكنها لم تُضِف غير مزيدٍ من التدهور الاجتماعي وسلب الحريات، بل إن الحريات الموجودة حاليًّا لا ترجع إلى الديمقراطية على الإطلاق، وإنما ترجع إلى التراث الليبرالي الداعم للحرية.

لكن هل هناك بديل للديمقراطية من الأساس يُمكن أن يُطبَّق بالطبع يوجد، ولكن بالتدريج، بَدءًا من تقليل دور الحكومة إلى أقل قدر ممكن وعدم إجبار الناس على أنظمة تعليمية وصحية معينة أو اتخاذ القرارات نيابةً عنهم، بل يجب إعطاء الناس الحرية الكاملة في التحكم في حياتهم دون هذا القدر من الإجبار، فإذا أخذنا التعليم مثالًا، فالكلُّ يريد تعليمًا أفضل بلا شك، لكننا لا نحصل على تعليم أفضل.. وما نحصل عليه هو مُدرسون مرهقون وعنفًا في المدارس، وجودة تعليم سيئة، والسبب في ذلك هو الديمقراطية التي تسهم في جعل التعليم يُدار من خلال السياسيين والبيروقراطيين بعقلياتهم العقيمة التي لا تمتلئ إلا بالعمل الإداري والأوراق والمستندات. فإذا كانت الأوراق سليمة إذًا فكل شيء على ما يُرام، فهؤلاء السياسيون يسيطرون على كل تفصيلة في التعليم، يحددون كيف يتم تنظيم التعليم وما ميزانيته، ويتم تقليص دور الأهالي والمُعلمين والطلاب (عناصر المنظومة)، كل ما تُصدره الحكومة هو مجرد خطط ومتطلبات وقواعد وأنظمة والنتيجة لا شيء، لذلك العلاج يكمن في التمكين؛ تمكين المُعلمين وأولياء الأمور والطلاب في تشكيل النظام المناسب وتحديد معالمه. لتخلص من سيطرة الديمقراطية علينا تفعيل فكرة سوق الحكم. تعني فكرة سوق الحكم جعل نظام الحُكم متنوعًا من بلدة إلى أخرى ومن مدينة إلى مدينة، وبالتالي هذا سيدفع مواطني هذه الدولة إلى الهجرة من مدينة بداخلها إلى مدينة أخرى ذات مزايا أكثر، أو الهجرة إذا رغبوا في نظام حُكم مختلف، هذا التنوع سيجبر الحكام على تحمل المسؤولية بضرورة تحسين الأوضاع باستمرار والتطوير من أسلوب حُكمهم لوجود الحافز لأن الحاكم السيئ إذا استمر على صورته السيئة سيفرُّ منه الجميع إلى البلدان المجاورة الأكثر عدلًا ورشادًا، هذا على النقيض من نظام الانتخابات الذي لا يضمن أقل قدر من التنافسية، وفي ظلِّ هذا السوق يستطيع كل إقليم فرض سياساته الخاصة من ناحية الضرائب والموازنات، وكل إقليم يرى السياسة الانسب لتنشيط اقتصادياته ولعل اكبر نموذج يطبق لا مركزية الحكم هو النموذج السويسري لكن يبقى السؤال هل سيقبل الناس مثل هذا النظام الجديد الأكثر حرية هل هم مستعدون للحرية من الأساس تبدو مشكلة حين ما تحاول اقناع الناس بأن أي مجتمع ليس بحاجة الى حكومة او سياسيين. وانهم هم أصل التخلف وركود وان من حق كل إنسان ان يقرر كل ما يخص حياته. من الممكن ان يحتاج هذا التغير وقت مثل كل الانظمة التي انهارت كالشيوعية والفاشية وكل فكرة تحتاج إلى بعض الوقت لطرحها على الناس وبعض الوقت لاثباتها ووقت اخر لزرعها في العقول لأنه من المستحيل ان تكون طريقة مواجهة كل هذه الأزمات التي سببتها الديمقراطية هي مزيد من الديمقراطية.
ختامآ هناك اعتقاد سائد يردِّده كثيرون في وسائل الإعلام في الصحف في كل مكان، وهو أن الأغلبية دائمًا تكون على حق، هذا أيضًا من المبادئ الديمقراطية الفاسدة عقلًا ونقلًا، فإذا كان كثير من الناس يؤمنون بشيء ما فهذا لا يعني بالضرورة أنه صحيح في المطلق، وأكبر شاهد على ذلك هو الاعتقاد قديمًا بأن الحيوانات لا تستطيع الشعور، وأن مجتمع الأرض المسطحة ما زال موجودًا حتى الآن رغم نفيه علميآ، فهل الأغلبية على حق في هذا الوقت ان الدافع الذي يقود اي فرد هو المصالح الفردية الخاصة وبتالي الاغلبية ليست على حق والكل يسعى وراء طموحاته وآماله حتى ولو على حساب الآخرين.

اعضاء معجبون بهذا

حين يسقط القناع: قراءة نفسية في تغيّر الصديق الطيّب
بقلم الكاتب : حنين ضياء عبدالوهاب الربيعي
كان يبدو صديقًا حقيقيًا، قريبًا للروح، تتحدث إليه فيفهمك دون أن تشرح كثيرًا. عاش بينك زمنًا من المودّة والصدق الظاهري، حتى ظننت أن صداقتكما من النوع الذي لا يتبدّل. لكنك كنتَ مخدوعًا أو بالأحرى كنت ترى الوجه الذي أراد أن يُريك إياه. فجأة تغيّر. صار يتصرف بسوء، يتحدث عنك في غيابك، يذكرك بأقبح الكلام،... المزيد
المزيد من المقالات الإجتماعية

المزيد من المقالات الثقافية

كان اسمها (زينب)  ويقال إن للإنسان نصيبا من اسمه،وهي كذلك،ترتدي الخُلق وتنطق... المزيد
ونحنُ في المشتاةِ ندعو الجَفَلَىٰ لا تُرى الآدِبَ فينا يُنتَقَرُ طرفة بن العبد... المزيد
مازلتُ غريقا في جيبِ الذكرياتِ المُرّةِ، أحاولُ أن أخمدها قليلا ؛لكنّ رأسها... المزيد
رُوَّادُ الولاء : شعراء أضاءوا بالحقِّ فطُمِسَ نورُهم لطالما تهادت على بساط... المزيد
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه،... المزيد
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد... المزيد
في زاوية السوق، جلس رجل أشيب، يضم كفيه الفارغتين إلى صدره كمن يحمي كنزًا لا يُرى. كان اسمه...
حين نتحدث عن الأجناس الأدبية التي تتصدر المشهد الثقافي العربي عامة، والعراقي خاصة، نُشَخِّص...
في رحاب الكاظمية المقدسة، وُلد جابر بن جليل كرم البديري الكاظمي عام 1956، ليكون نجمًا متألقًا...
كان يتذمر،والشكوی تضحك في فمه كيف يعلِّمني صبيٌّ علی كلٍّتلميذٌ صغير  وسأعيد تربيته أنا...


منذ 15 ساعة
2025/11/16
سلسلة مفاهيم في الفيزياء الجزء السادس والسبعون: كون داخل الكون: العوالم المتعددة...
منذ 15 ساعة
2025/11/16
منذ سنوات برزت ظاهرة من قبل بعض جماهير الاندية الكبيرة ضد نادي الزوراء وانتشرت...
منذ 15 ساعة
2025/11/16
في عالم سريع الإيقاع يزداد فيه الضغط والعمل والسهر أصبحت مشروبات الطاقة جزءاً من...
رشفات
( مَن صبر أُعطي التأييد من الله )