المرض وما يسبّبه من شقاء وألم في نفسية الإنسان، وما يدبّه فيه من ضعف وشعور سلبي، يسرق منه الابتسامة، ويخنق لديه الأحلام، فتتجمع لدى المريض الرغبة في العلاج، فيطرق أبواب الأطباء والحكماء لعلّه يجد حلّا لمشكلات جسمه، ودواءً نافعاً لكلّ داء يعاني منه، وبعد العناء وطول الانتظار في مجمعات الأطباء، يستبشر المريض بوصول الكشف إليه من قبل الطبيب الذي يصف العلاج له، وأول ما يصل المريض إلى أعتاب الصيدلية حتى يتفاجأ بصوت الصيدلاني وبسؤاله الغريب، أتريد دواءً أصلياً أم غير أصلي؟ فيقع المريض في الحيرة، وممّا يزيد من حيرته ودهشته في الجواب، أنّ أسعار الدواء متفاوتة جداً وباهظة الثمن بين الأصلي وغير الأصلي، وعلى هذا التقسيم للدواء الذي أخذ منحاه الجديد في الصيدليات تتفاوت الأراء وتتجاذب بين أفراد العائلة ,فالعائلة الميسورة تبحث عن الدواء الغالي لانها تعتقد به وتراه ُالوصفة السحرية في العلاج السريع ,بينما في العائلة المحدودة الدخل تميل إلى الدواء الرخيص الثمن لتسد رمقها بدخلها المحدود إلى نهاية الشهر ,وهناك مختصين يجدون ان الدواء أصبح ينقسم إلى ثلاث انوع أصلي، وغير أصلي، ومغشوش، والأخير يكون تداوله نادراً، حيث يتوافر عند الباعة المتجوّلين في بعض المناطق النائية والبعيدة عن الرقابة الصحية, إذ يتمّ استيراده من بعض ضعاف النفوس؛ لأن عملية الغشّ في العقاقير أصبحت سهلة ومتاحة لكلّ تاجر، حيث يتفق مع بعض الشركات الأهلية الموجودة. خارج القطر كالصين التي تمتاز بدقتها في تقليد العُلب الدوائية، وتعرض الشركة الأهلية على التاجر خيارات بتقليل النسب الدوائية الفعّالة مقابل خفض السعر للعقاقير المتفق عليها، وتكون هذه الأدوية غير فعالة ورخيصة الثمن، وهذه الأعمال المخالفة للشرع وللقانون تتسبب في حدوث مضاعفات للمريض الذي يتناولها، كما تُوهم الناس أنّ الصيدلاني له اليد الطولى في ارتفاع سعر الدواء الأصلي، وهذا غير صحيح.
أمّا أسعار العقاقير فتختلف باختلاف الشركات المصنّعة لها، ومن الملابسات التي يقع فيها المريض أنّ كثيراً من الأدوية تحمل اسم الشركة نفسها، ولكنها تُباع بأسعار مختلفة، والسبب في ذلك أنّ هناك شركة تصنع الدواء في بلد أوربي وتمتاز أدويتها بالجودة وبالأسعار العالية, لكن هذه الشركة الأوربية تعطي امتيازاً لإحدى الدول الأخرى مثلا (الهند)، لصناعة الدواء، فيكون الدواء المصنوع فيها أرخص؛ والسبب في ذلك رخص الأيدي العاملة، ووفرتها في الهند. ومن المعروف أنّ في أيّ مجال صناعي يكون التصنيع في الشركة الأم أكثر تقنية من الشركات التي مُنحت الامتياز؛ لذلك يوجد اختلاف في أسعار العقاقير.
و في ظل هذه المعاناة التي يعيشها المريض في بلدنا الجريح العراق , بين الدواء الفعّال، وغير الفعّال، والمغشوش، وجشع التجار، يبقى السؤال، لماذا لا يتمّ تفعيل دور معامل أدوية سامراء التي كانت مثالاً للأدوية النموذجية، ومنذ الحصار الذي حدث في السنوات العجاف ظل دور هذه المعامل شبه معطّل؛ لذلك نتمنى أن تستعيد دعمها، وتعمل بطاقاتها المنتجة، وأن يكون للعراق اكتفاء ذاتي في إنتاج الأدوية ولو بنسبة معينة .
وفاء عمر عاشور







وائل الوائلي
منذ 6 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN