أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-09
![]()
التاريخ: 23-3-2017
![]()
التاريخ: 2024-09-11
![]()
التاريخ: 6-4-2016
![]() |
لم تتفق كلمة فقهاء القانون الدولي العام حيال مسألة المتطلبات الدستورية ، إذ انقسم الفقه في معالجة هذا الموضوع إلى ثلاثة نظريات سنتعرض لها على النحو الآتي :-
النظرية الأولى : تذهب هذه النظرية إلى إن الاتفاقية الدولية التي تبرم من دون مراعاة المتطلبات الدستورية الداخلية تعد اتفاقية باطلة أو قابلة للإبطال ، ومن ثم يرى أنصار هذه النظرية (1) ، ضرورة احترام المتطلبات الدستورية عند عقد الاتفاقيات الدولية ، والأساس القانوني الذي استندت إليه هذه النظرية ، هو إن القانون الدولي ليس له علاقة بتحديد الجهة المختصة بالإبرام ، وإنما يحيل هذا الأمر إلى الجهة الداخلية للدولة ، أي إن المعيار المعتمد في تحديد صلاحية الإبرام ، يتحدد بموجب دستور الدولة أو قوانينها الداخلية ، وليس بموجب قواعد القانون الدولي (2)
ويلاحظ ان أكثرية اعضاء لجنة القانون الدولي يميلون للأخذ بهذا الرأي والى تقرير بطلان ابرام الاتفاقيات الدولية المخالفة للمتطلبات الدستورية (3).
ومن الحجج التي استند إليها أنصار هذه النظرية ، هي إن مراعاة المتطلبات الدستورية في عملية إبرام الاتفاقيات الدولية بعد تجسيداً لفكرة الرقابة الديمقراطية، من خلال الهيأة الدستورية الممثلة للشعب ، إلا إن نقاد هذه النظرية يردون على ذلك ، إذ إن الرقابة حتى تجد فاعليتها يجب أن تكون رقابة سابقة وليست لاحقة، لأنها لو كانت رقابة لاحقة ، لكان ذلك يؤثر في استقرار العلاقات الدولية ، فضلاً عن ذلك إن هذه الرقابة تقتصر على السلطة التشريعية ، وهو حق اذا مورس من دون أسس موضوعية ، سوف يؤدي إلى قبر العديد من الاتفاقيات الدولية المبرمة من السلطة التنفيذية ، وبذلك يؤدي إلى تقويض في اختصاص السلطة التنفيذية في إبرامها الاتفاقيات الدولية (4).
ويردف أنصار هذه النظرية حجة أخرى لتعضيد نظريتهم، وهو إن ترتيب أي اثر قانوني عند مخالفة المتطلبات الدستورية سوف يصلنا إلى نتيجة مفادها الاعتراف بأي اتفاق دولي يعقد صحيحا على وفق منظور القانون الدولي بالاعتراف به في الوقت نفسه بموجب قواعد القانون الدستوري، ومن ثم يكون هذا الاتفاق غير قابل للتطبيق وفي ذلك تناقض واضح ، إلا إن نقاد هذه النظرية يردون على ذلك ، بان هذه الحجة تخلط بين الموافقة التشريعية وإجراءات التنفيذ ، أي بتعبير آخر ليس بالضرورة هنالك توافق بين هذين الإجراءين ، فضلا عن ذلك إن دساتير الدول ليس على نمط واحد في مس ألة استقبال الاتفاقيات الدولية ، أي إن بعض الاتفاقيات لدى بعض الدول تنفذ تنفيذا تلقائيا من دون حاجة لإصدار تشريع بذلك ، وبعضها الآخر يشترط إصدار تشريع قانوني (5)
2- النظرية الثانية : تذهب هذه النظرية إلى عدم الاكتراث بالمتطلبات الدستورية المنظمة لعملية إبرام الاتفاقيات الدولية، وذلك لأن قواعد القانون الدولي لا تهتم بالمتطلبات الدستورية حتى تأخذ الاتفاقية الدولية صحتها في النطاق الدولي ، وإنما المطلوب على وفق منظور القانون الدولي، أن تعرب الهيأة المختصة بالإبرام عن نيتها وإرادتها الالتزام بالاتفاقية المبرمة (6).
ويوضح أنصار هذه النظرية (7) ، أنّ القيود الدستورية المتعلقة بإبرام الاتفاقيات الدولية ، لا شأن للقانون الدولي بها ، لأن القانون الدولي والقانون الداخلي نظامان قانونيان مختلفان لكل منهما نطاقه الخاص، وعلى وفق هذه النظرية لا يهتم القانون الدولي الا بتصرفات الدولة ذات الطبيعة الخارجية، اما تنظيم شؤونها الداخلية فهو مرهون بالحرية المطلقة للدولة ، ومن ذلك توزيع الاختصاصات بين هيئاتها المختلفة والقيود التي تضعها على ممارسة هذا الاختصاصات لذلك يجب التمييز على وفق منظور القانون الدولي بين تكوين إرادة الدولة ، والإعلان أو الإعراب عن تلك الإرادة ، إذ إن تكوين تلك الإرادة يستوجب مراعاة المتطلبات الدستورية المحددة في دستور الدولة وهي مسالة يعنى بها القانون الداخلي، في حين إن الإعراب عن إرادة التعاقد هي من اختصاص من يمثل الدول المتعاقدة في المجال الخارجي ، ولا يعني القانون الدولي بها ايضاً ، سواء تكونت تلك الإرادة تكوينا صحيحا أم وقع تكوينها باطلا على وفق القانون الداخلي ، أي يجب النظر إلى صحة أو بطلان الاتفاقيات المبرمة من وجه النظر الدولية (8).
كذلك من الحجج التي استند إليها أنصار هذه النظرية ، هو إن قواعد القانون الدولي لها الأولوية على القواعد القانونية الداخلية على وفق مذهب وحدة القانون، ومن ثم فان إخضاع القواعد الدولية المتعلقة بإبرام الاتفاقيات الدولية إلى القواعد الدستورية سوف يؤدي إلى تبعية القانون الدولي إلى القانون الداخلي (9)، فضلاً عن ذلك ، أنَّ الأخذ بمفهوم هذه النظرية سيؤدي إلى استقرار في العلاقات الدولية ، وبخلاف ذلك سوف تتدخل الدول المتعاقدة في الشؤون الداخلية لبعضها بعض ، من اجل التأكد من مدى استيفائها للمتطلبات الدستورية (10) ومن بين الحجج التي ساقها أنصار هذه النظرية ايضاً، هو إن استناد الدولة الى مبادئها الدستورية من أجل إبطال الاتفاقية المبرمة ، سيجعل منها دولة مسؤولة مسؤولية دولية بالطريقة نفسها التي ستكون فيها الدولة مسؤولة عن أي خرق دولي ، وذلك لأنها لها كيان قانوني مستقلاً في ظل المجتمع الدولي
النظرية الثالثة :- أخذت هذه النظرية (11) بالاتجاه الأوسط بين النظريتين السابقتين ، أي أنها ميزت بين نوعين من المخالفات للمتطلبات الدستورية ، بين المخالفات الجلية المعروفة بالشكل الواضح ، والمخالفات المشكوك فيها، إذ في الحالة الأولى، يُفترض أن الدول المتعاقدة تكون على علم مسبق بالمخالفة للمتطلبات الدستورية، ومن ثم لا يجوز للدولة التي لم تراع المتطلبات الدستورية في عملية إبرام الاتفاقيات الدولية التمسك بعدم صحة الاتفاقية الدولية ، إلا ذا كانت تلك المخالفة للقانون الداخلي مخالفة جلية (واضحة)، أما المخالفات التي لا تحمل هذا الوصف ، فلا يمكن الاستناد إليها لغرض ابطال الاتفاقية المبرمة عند مخالفتها المتطلبات الدستورية (12).
وتجد هذه النظرية أساسها في مبدأ حسن النية ، الذي يتطلب عدم الاحتجاج بالقواعد الداخلية ، إلا إذا كانت تحمل وصف الوضوح ، وعلى أثر ذلك يحق للدولة أن تدفع بان إبرام الاتفاقية الدولية قد وقع خلافا للمبادئ الدستورية إذا كانت الأخيرة تتجسد في نصوص دستورية واضحة (13).
إلا أن هذه النظرية وجهت اليها انتقادات ، تتمثل بصعوبة وضع معيار ثابت لتحديد المخالفة عما اذا كانت مخالفة جلية للنص الدستوري ، او لا تحمل ذلك الوصف ، وكذلك ان الدولة التي تحاول ابطال الاتفاقية الدولية، سوف يجعلها تتمسك بأي مخالفة وتعدها مخالفة جلية للقواعد الدستورية، واذا ما قبلنا بذلك فإن الدولة المتمسكة بالبطلان ستصبح خصماً وحكماً في أن واحد (14) .
ونذهب الى تأييد هذه النظرية ، لأنها تؤدي إلى استقرار في التعامل الدولي ، إذ قصرت التمسك بالمخالفة للقواعد الداخلية التي تتسم بالوضوح وعليه فإن الاخذ بهذه النظرية سوف يؤدي الى التقليل من التمسك بالبطلان نتيجة لمخالفة الاتفاقية لقواعد الاختصاص الداخلي .
__________
1- يؤسس أنصار هذه النظرية كل من اوبنهايم وشارل روسو والفقيه موريس بوركان و الفقيه الألماني كارل ستراب رأيهم على أساس فكرة الاختصاص فهم يرون إن عملية إبرام الاتفاقية الدولية هي فكرة مرتبطة بالاختصاص ومن يحدد ذلك الاختصاص هو القانون الداخلي للدولة ومن ثم من يتجاوز الاختصاص الممنوح له لا يكون للعمل أي اثر قانوني وتعد الاتفاقية باطلة اذا ما تمت دون مراعاة المتطلبات الدستورية. د. محمد سامي عبد الحميد ، اصول القانون الدولي ( الجماعة الدولية)، ج1، ط6، منشأة المعارف، الاسكندرية ، 2000، ، ص 269.
2- ينظر، د. حامد سلطان احكام القانون الدولي العام في الشريعة الاسلامية، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1974، ، ص 169، ود. محمد طلعت الغنيمي : الغنيمي في قانون السلام ، منشأة المعارف، الاسكندرية ، 1975 ، ص 289-290
3- د. محمد حافظ غائم ، المعاهدات الدولية ، معهد الدراسات العربية ، القاهرة، 1961، ص 69.
4- ينظر، د. محمد سعيد الدقاق : أصول القانون الدولي ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1986، ص 68.
5- ينظر ، حسن عزبه العبيدي، تنظيم المعاهدات في دساتير الدول، أطروحة دكتوراه مقدمة الى كلية القانون، جامعة بغداد ، 1988 ، ص 128-129 .
6- ينظر ، د. منتصر سعيد حموده : القانون الدولي المعاصر ، دار الفكر الجامعي ، الاسكندرية، 2009، ص 99 ود. محمود سامي جنينه : القانون الدولي العام ، ط 2 ، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة ، 1938 ، ص 414 . ود. محمد يوسف علوان : القانون الدولي العام ( المقدمة والمصادر) ، ط 2 ، دار وائل للنشر الاردن ، 2007، ص 203، ود. صلاح الدين عامر ، مقدمة لدراسة القانون الدولي العام ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2007، ص 227-228.
7- من أنصار هذه النظرية ( لا باند وجورج سل وكاريه دي مالبيرج في فرنسا وجيرالد في توموريس في انكلترا ).
8- ينظر ، د. حامد سلطان ود. عائشة راتب ود. صلاح الدين عامر : القانون الدولي العام ،ط 1، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1978 ، ص 150-151. و د. حامد سلطان احكام القانون الدولي العام في الشريعة الاسلامية، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1974، ص 168
ينظر ، خانزاد احمد عبد : ، القانون الدستوري الدولي (دراسة في تأثيرات المتبادلة ما بين قواعد القانون الدستوري وقواعد القانون الدولي - دراسة تحليلية مقارنة ) ، منشورات الحلبي الحقوقية ، ط 1 ، بيروت ، 2011.، ص 99-100 ود. محمد يوسف علوان : مرجع سابق ص 203.
9- د. علي صادق أبو هيف ، القانون الدبلوماسي ، منشاة المعارف، الإسكندرية، من دون سنة طبع ص 40 . ود. محمد سامي عبد الحميد ود. مصطفى سلامة حسين ، دروس في القانون الدولي العام ، دار المطبوعات الجامعية ، الاسكندرية، 1994، ص 206. ود. مصطفى احمد فؤاد ، القانون الدولي العام (القاعدة الدولية ) ، دار الجامعة الجديدة ، الاسكندرية ، 1997، ص 259 - 260
10- د. محمد سعيد الدقاق ، القانون الدولي العام، دار المطبوعات الجامعية الإسكندرية من دون سنة طبع ، ص 98. ود. محمد عبد المطلب الخشن الوضع القانوني لرئيس الدولة في القانون الدولي العام، دار الجامعة الجريدة، الإسكندرية ، 2005 ، ص 160-161.
11- من أنصار هذه النظرية العالم (بادفان وكافالييري وسالفيولي ) ينظر ، د. احمد سرحال : قانون العلاقات الدولية ، ط 2 ، المؤسسة الجامعية للنشر والتوزيع، بيروت ، 1993ء ص 75 .
12- د. محمد عبد المطلب الخشن الوضع القانوني لرئيس الدولة في القانون الدولي العام، دار الجامعة الجريدة، الإسكندرية ، 2005 ، ص 162 . ود. رياض صالح ابو العطا : القانون الدولي العام ، ط 1 مكتبة الجامعة ، الشارقة ، 2010 ، ص153.
13- ينظر، د. احمد ابو الوفا : الوسيط في القانون الدولي العام ، 5 ، دار النهضة العربية، القاهرة، 2010، ص 173. ود. إبراهيم مصطفى مكارم : الشخصية القانونية للمنظمات الدولية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1976 ، ص 300.
14- د. محمد يوسف علوان : القانون الدولي العام ( المقدمة والمصادر) ، ط 2 ، دار وائل للنشر الاردن ، 2007، ص 204.
|
|
دراسة تكشف "مفاجأة" غير سارة تتعلق ببدائل السكر
|
|
|
|
|
أدوات لا تتركها أبدًا في سيارتك خلال الصيف!
|
|
|
|
|
مجمع العفاف النسوي: مهرجان تيجان العفاف يعزز القيم الأخلاقية والثقافية لدى طالبات الجامعات العراقية
|
|
|