النحو
اقسام الكلام
الكلام وما يتالف منه
الجمل وانواعها
اقسام الفعل وعلاماته
المعرب والمبني
أنواع الإعراب
علامات الاسم
الأسماء الستة
النكرة والمعرفة
الأفعال الخمسة
المثنى
جمع المذكر السالم
جمع المؤنث السالم
العلم
الضمائر
اسم الإشارة
الاسم الموصول
المعرف بـ (ال)
المبتدا والخبر
كان وأخواتها
المشبهات بـ(ليس)
كاد واخواتها (أفعال المقاربة)
إن وأخواتها
لا النافية للجنس
ظن وأخواتها
الافعال الناصبة لثلاثة مفاعيل
الأفعال الناصبة لمفعولين
الفاعل
نائب الفاعل
تعدي الفعل ولزومه
العامل والمعمول واشتغالهما
التنازع والاشتغال
المفعول المطلق
المفعول فيه
المفعول لأجله
المفعول به
المفعول معه
الاستثناء
الحال
التمييز
الحروف وأنواعها
الإضافة
المصدر وانواعه
اسم الفاعل
اسم المفعول
صيغة المبالغة
الصفة المشبهة بالفعل
اسم التفضيل
التعجب
أفعال المدح والذم
النعت (الصفة)
التوكيد
العطف
البدل
النداء
الاستفهام
الاستغاثة
الندبة
الترخيم
الاختصاص
الإغراء والتحذير
أسماء الأفعال وأسماء الأصوات
نون التوكيد
الممنوع من الصرف
الفعل المضارع وأحواله
القسم
أدوات الجزم
العدد
الحكاية
الشرط وجوابه
الصرف
موضوع علم الصرف وميدانه
تعريف علم الصرف
بين الصرف والنحو
فائدة علم الصرف
الميزان الصرفي
الفعل المجرد وأبوابه
الفعل المزيد وأبوابه
أحرف الزيادة ومعانيها (معاني صيغ الزيادة)
اسناد الفعل الى الضمائر
توكيد الفعل
تصريف الاسماء
الفعل المبني للمجهول
المقصور والممدود والمنقوص
جمع التكسير
المصادر وابنيتها
اسم الفاعل
صيغة المبالغة
اسم المفعول
الصفة المشبهة
اسم التفضيل
اسما الزمان والمكان
اسم المرة
اسم الآلة
اسم الهيئة
المصدر الميمي
النسب
التصغير
الابدال
الاعلال
الفعل الصحيح والمعتل
الفعل الجامد والمتصرف
الإمالة
الوقف
الادغام
القلب المكاني
الحذف
المدارس النحوية
النحو ونشأته
دوافع نشأة النحو العربي
اراء حول النحو العربي واصالته
النحو العربي و واضعه
أوائل النحويين
المدرسة البصرية
بيئة البصرة ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في البصرة وطابعه
أهم نحاة المدرسة البصرية
جهود علماء المدرسة البصرية
كتاب سيبويه
جهود الخليل بن احمد الفراهيدي
كتاب المقتضب - للمبرد
المدرسة الكوفية
بيئة الكوفة ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في الكوفة وطابعه
أهم نحاة المدرسة الكوفية
جهود علماء المدرسة الكوفية
جهود الكسائي
الفراء وكتاب (معاني القرآن)
الخلاف بين البصريين والكوفيين
الخلاف اسبابه ونتائجه
الخلاف في المصطلح
الخلاف في المنهج
الخلاف في المسائل النحوية
المدرسة البغدادية
بيئة بغداد ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في بغداد وطابعه
أهم نحاة المدرسة البغدادية
جهود علماء المدرسة البغدادية
المفصل للزمخشري
شرح الرضي على الكافية
جهود الزجاجي
جهود السيرافي
جهود ابن جني
جهود ابو البركات ابن الانباري
المدرسة المصرية
بيئة مصر ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو المصري وطابعه
أهم نحاة المدرسة المصرية
جهود علماء المدرسة المصرية
كتاب شرح الاشموني على الفية ابن مالك
جهود ابن هشام الانصاري
جهود السيوطي
شرح ابن عقيل لالفية ابن مالك
المدرسة الاندلسية
بيئة الاندلس ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في الاندلس وطابعه
أهم نحاة المدرسة الاندلسية
جهود علماء المدرسة الاندلسية
كتاب الرد على النحاة
جهود ابن مالك
اللغة العربية
لمحة عامة عن اللغة العربية
العربية الشمالية (العربية البائدة والعربية الباقية)
العربية الجنوبية (العربية اليمنية)
اللغة المشتركة (الفصحى)
فقه اللغة
مصطلح فقه اللغة ومفهومه
اهداف فقه اللغة وموضوعاته
بين فقه اللغة وعلم اللغة
جهود القدامى والمحدثين ومؤلفاتهم في فقه اللغة
جهود القدامى
جهود المحدثين
اللغة ونظريات نشأتها
حول اللغة ونظريات نشأتها
نظرية التوقيف والإلهام
نظرية التواضع والاصطلاح
نظرية التوفيق بين التوقيف والاصطلاح
نظرية محاكات أصوات الطبيعة
نظرية الغريزة والانفعال
نظرية محاكات الاصوات معانيها
نظرية الاستجابة الصوتية للحركات العضلية
نظريات تقسيم اللغات
تقسيم ماكس مولر
تقسيم شليجل
فصائل اللغات الجزرية (السامية - الحامية)
لمحة تاريخية عن اللغات الجزرية
موطن الساميين الاول
خصائص اللغات الجزرية المشتركة
اوجه الاختلاف في اللغات الجزرية
تقسيم اللغات السامية (المشجر السامي)
اللغات الشرقية
اللغات الغربية
اللهجات العربية
معنى اللهجة
اهمية دراسة اللهجات العربية
أشهر اللهجات العربية وخصائصها
كيف تتكون اللهجات
اللهجات الشاذة والقابها
خصائص اللغة العربية
الترادف
الاشتراك اللفظي
التضاد
الاشتقاق
مقدمة حول الاشتقاق
الاشتقاق الصغير
الاشتقاق الكبير
الاشتقاق الاكبر
اشتقاق الكبار - النحت
التعرب - الدخيل
الإعراب
مناسبة الحروف لمعانيها
صيغ اوزان العربية
الخط العربي
الخط العربي وأصله، اعجامه
الكتابة قبل الاسلام
الكتابة بعد الاسلام
عيوب الخط العربي ومحاولات اصلاحه
أصوات اللغة العربية
الأصوات اللغوية
جهود العرب القدامى في علم الصوت
اعضاء الجهاز النطقي
مخارج الاصوات العربية
صفات الاصوات العربية
المعاجم العربية
علم اللغة
مدخل إلى علم اللغة
ماهية علم اللغة
الجهود اللغوية عند العرب
الجهود اللغوية عند غير العرب
مناهج البحث في اللغة
المنهج الوصفي
المنهج التوليدي
المنهج النحوي
المنهج الصرفي
منهج الدلالة
منهج الدراسات الانسانية
منهج التشكيل الصوتي
علم اللغة والعلوم الأخرى
علم اللغة وعلم النفس
علم اللغة وعلم الاجتماع
علم اللغة والانثروبولوجيا
علم اللغة و الجغرافية
مستويات علم اللغة
المستوى الصوتي
المستوى الصرفي
المستوى الدلالي
المستوى النحوي
وظيفة اللغة
اللغة والكتابة
اللغة والكلام
تكون اللغات الانسانية
اللغة واللغات
اللهجات
اللغات المشتركة
القرابة اللغوية
احتكاك اللغات
قضايا لغوية أخرى
علم الدلالة
ماهية علم الدلالة وتعريفه
نشأة علم الدلالة
مفهوم الدلالة
جهود القدامى في الدراسات الدلالية
جهود الجاحظ
جهود الجرجاني
جهود الآمدي
جهود اخرى
جهود ابن جني
مقدمة حول جهود العرب
التطور الدلالي
ماهية التطور الدلالي
اسباب التطور الدلالي
تخصيص الدلالة
تعميم الدلالة
انتقال الدلالة
رقي الدلالة
انحطاط الدلالة
اسباب التغير الدلالي
التحول نحو المعاني المتضادة
الدال و المدلول
الدلالة والمجاز
تحليل المعنى
المشكلات الدلالية
ماهية المشكلات الدلالية
التضاد
المشترك اللفظي
غموض المعنى
تغير المعنى
قضايا دلالية اخرى
نظريات علم الدلالة الحديثة
نظرية السياق
نظرية الحقول الدلالية
النظرية التصورية
النظرية التحليلية
نظريات اخرى
النظرية الاشارية
مقدمة حول النظريات الدلالية
أخرى
نظرية محاكات اصوات الطبيعة أو Bow wow
المؤلف:
د. ابراهيم أنيس
المصدر:
دلالة الالفاظ
الجزء والصفحة:
ص16- 18
23-8-2017
658
نظرية محاكات اصوات الطبيعة أو Bow wow
أولئك الذين نادوا بهذه النظرية يرجحون أن النشأة الأولي للألفاظ لا تعدو أن تكون تقليداً للأصوات الطبيعية التي سمعها الإنسان الأول، واتخذ منها أسماء لمصدر هذه الأصوات، فنباح الكلب مثلا اتخذ رمزاً يعبر أو يدل على نفس الحيوان. و هكذا يتصور أصحاب هذا الرأي أن الإنسان الأول سمع عواء الذئب و زئير الأسد و مواء الهر، فاتخذ من تلك الأصوات الحيوانية المتباينة أعلاماً للحيوانات نفسها، كما سمع حفيف الشجر و زفير النار و قصف الرعد و خرير الماء و غيرها، فاتخذ منها أسماء لكل الظواهر الطبيعية التي تسمع لها أصوات. و بهذا تكونت له مجموعة كبيرة من الكلمات
ص16
تعد في رأي أصحاب هذه النظرية من أقدم الكلمات في اللغة الإنسانية. ثم يتصورون أن الكلمة في تطورها لاتقف في دلالتها عند حدود مصدرها الأصلي، بل قد تتعداه الى أمر لا صلة له بذلك المصدر، و الى معني جديد لا يكاد يمت الى الدلالة الأصلية بصلة وثيقة و لذلك يجب ألا ندهش حين نري معاجمنا العربية تتضمن في مادة «نباح الكلب» معني جديداً بعيداً عن الكلب و صوته مثل قول صاحب القاموس النبّاح منَاقِفُ صِغَارٌ بيضٌ مَكِّيَّةٌ، تُجْعَلُ في القَلائِد ِ. و كقوله من الفحيح بمعني صوت الأفعي «فحفح = صحح المودة و أخلصها»، و في مادة الثغاء أي صوت الغنم يقول «أتيته فما أثغي = ما أعطي شيئاً». و في بعض الأحيان نري الصلة بين المعني الأصلي و المعني الجديد واضحة مفهومة، كأن يشتق من زئير الأسد كلمة «الزأرة» بمعني الأجمة، و كأن يقال في مادة رغاء الإبل أي صوتها «إن الترغية معناها الإغضاب».
و لذلك لا يصح أن ننساق مع بعض المعترضين على هذه النظرية في تهكمهم عليها بأنها تقف بالفكر الإنساني عند حدود حظائر الحيوانات، و تجعل اللغة الإنسانية الراقية مقصورة النشأة على تلك الأصوات الفطرية الغرزية، لأن وراء هذه الأصوات سورا حصينا عنده في الحقيقة تبدأ لغة الإنسان ذات الدلالات المتميزة المتباينة. فالمعترضون يفترضون في هذا النوع من الأصوات عقما ولا تصلح لأن ينحدر منها تلك الدلالات الإنسانية السامية. ولكن الواقع يبرهن على أن كثيراً من كلمات اللغات الإنسانية قد انحدرت عن تلك الأصوات الغرزية المبهمة ، ثم سمت في تطورها و دلالتها و أصبحت تعبر عن الفكر الإنساني.
و إلا فكيف تصور أن كلمة «الخيل» يشتق منها «الخيلاء»، والجبانة بمعني الصحراء يشتق منها «الجبن»، وأن من «سفهت الطعنة أسرع منها الدم و جف» تجييء «السفاهة» ، الى غير ذلك من تلك الدلالات المجردة التي انحدرت إلينا من المحسوسات! يمكننا إذن أن ندرك أن الكلمات المستقاة من الأصوات الطبيعية قد تتطور في دلالتها حتي تصبح معبرة عن الدلالات الراقية المجردة في الذهن الإنساني.
و يبدو أن «ماكس ميلر» كان زعيم المعارضين لهذه النظرية والساخرين منها، و كان «رينان» يعارضها أيضاً و يتهكم عليها قائلاً: ليس من العقول أو المفهوم أن الإنسان و هو أرقى المخلوقات يقلد أصوات مخلوقات أدني منه و أحط ليستنبط من تلك الأصوات المبهمة الغامضة كلمات لغته الراقية السامية. ولكن «رينان» يتجني على هذه النظرية حين يتصور أن عملية التقليد مقصورة على أصوات الحيوانات، فالإنسان الأول حين بدأ عملية التقليد لم يجعلها مقصورة على أصوات بعينها، فقد كان يقلد
ص17
أصوات الحيوان، و أصوات أخيه الإنسان و أصوات الطبيعة ، و يتخذ من كل هذه الأصوات كلماته أو ألفاظه. فلم يكن الإنسان صامتاً في الوقت الذي كان فيه الحيوان مصوتاً و مهارة الإنسان تظهر في أنه انتقل بتلك الأصوات المبهمة الى دلالات واضحة مشتركة بين أفراد النوع الإنساني، و جعلها تعبر عن مصدر الصوت أي عن الحيوان المنبعث عنه ذلك الصوت.
و لعل أقوي ما يوجه الى هذه النظرية من اعتراض أن اللغات في وضعها الراهن لا تكاد تشتمل إلا على قدر ضئيل جداً من تلك الكلمات الواضحة الصلة بين اللفظ والمدلول، و هي تسمي onomatopoeia . هذا الى أنها قد تختلف باختلاف اللغات حتي في الفصيلة الواحدة. فليس لخرير الماء أو حفيف الشجر أو مواء الهر أو نباح الكلب، في لغات البشر كلمات مشتركة في لفظها أو بعض لفظها.
ص18
م: نظرية محاكات اصوات الطبيعة أو Bow wow
المؤلف: د. ابراهيم أنيس
الكتاب: دلالة الالفاظ، ص16- 18.
___________________
نظرية محاكات اصوات الطبيعة أو Bow wow
أولئك الذين نادوا بهذه النظرية يرجحون أن النشأة الأولي للألفاظ لا تعدو أن تكون تقليداً للأصوات الطبيعية التي سمعها الإنسان الأول، واتخذ منها أسماء لمصدر هذه الأصوات، فنباح الكلب مثلا اتخذ رمزاً يعبر أو يدل على نفس الحيوان. و هكذا يتصور أصحاب هذا الرأي أن الإنسان الأول سمع عواء الذئب و زئير الأسد و مواء الهر، فاتخذ من تلك الأصوات الحيوانية المتباينة أعلاماً للحيوانات نفسها، كما سمع حفيف الشجر و زفير النار و قصف الرعد و خرير الماء و غيرها، فاتخذ منها أسماء لكل الظواهر الطبيعية التي تسمع لها أصوات. و بهذا تكونت له مجموعة كبيرة من الكلمات
ص16
تعد في رأي أصحاب هذه النظرية من أقدم الكلمات في اللغة الإنسانية. ثم يتصورون أن الكلمة في تطورها لاتقف في دلالتها عند حدود مصدرها الأصلي، بل قد تتعداه الى أمر لا صلة له بذلك المصدر، و الى معني جديد لا يكاد يمت الى الدلالة الأصلية بصلة وثيقة و لذلك يجب ألا ندهش حين نري معاجمنا العربية تتضمن في مادة «نباح الكلب» معني جديداً بعيداً عن الكلب و صوته مثل قول صاحب القاموس النبّاح منَاقِفُ صِغَارٌ بيضٌ مَكِّيَّةٌ، تُجْعَلُ في القَلائِد ِ. و كقوله من الفحيح بمعني صوت الأفعي «فحفح = صحح المودة و أخلصها»، و في مادة الثغاء أي صوت الغنم يقول «أتيته فما أثغي = ما أعطي شيئاً». و في بعض الأحيان نري الصلة بين المعني الأصلي و المعني الجديد واضحة مفهومة، كأن يشتق من زئير الأسد كلمة «الزأرة» بمعني الأجمة، و كأن يقال في مادة رغاء الإبل أي صوتها «إن الترغية معناها الإغضاب».
و لذلك لا يصح أن ننساق مع بعض المعترضين على هذه النظرية في تهكمهم عليها بأنها تقف بالفكر الإنساني عند حدود حظائر الحيوانات، و تجعل اللغة الإنسانية الراقية مقصورة النشأة على تلك الأصوات الفطرية الغرزية، لأن وراء هذه الأصوات سورا حصينا عنده في الحقيقة تبدأ لغة الإنسان ذات الدلالات المتميزة المتباينة. فالمعترضون يفترضون في هذا النوع من الأصوات عقما ولا تصلح لأن ينحدر منها تلك الدلالات الإنسانية السامية. ولكن الواقع يبرهن على أن كثيراً من كلمات اللغات الإنسانية قد انحدرت عن تلك الأصوات الغرزية المبهمة ، ثم سمت في تطورها و دلالتها و أصبحت تعبر عن الفكر الإنساني.
و إلا فكيف تصور أن كلمة «الخيل» يشتق منها «الخيلاء»، والجبانة بمعني الصحراء يشتق منها «الجبن»، وأن من «سفهت الطعنة أسرع منها الدم و جف» تجييء «السفاهة» ، الى غير ذلك من تلك الدلالات المجردة التي انحدرت إلينا من المحسوسات! يمكننا إذن أن ندرك أن الكلمات المستقاة من الأصوات الطبيعية قد تتطور في دلالتها حتي تصبح معبرة عن الدلالات الراقية المجردة في الذهن الإنساني.
و يبدو أن «ماكس ميلر» كان زعيم المعارضين لهذه النظرية والساخرين منها، و كان «رينان» يعارضها أيضاً و يتهكم عليها قائلاً: ليس من العقول أو المفهوم أن الإنسان و هو أرقى المخلوقات يقلد أصوات مخلوقات أدني منه و أحط ليستنبط من تلك الأصوات المبهمة الغامضة كلمات لغته الراقية السامية. ولكن «رينان» يتجني على هذه النظرية حين يتصور أن عملية التقليد مقصورة على أصوات الحيوانات، فالإنسان الأول حين بدأ عملية التقليد لم يجعلها مقصورة على أصوات بعينها، فقد كان يقلد
ص17
أصوات الحيوان، و أصوات أخيه الإنسان و أصوات الطبيعة ، و يتخذ من كل هذه الأصوات كلماته أو ألفاظه. فلم يكن الإنسان صامتاً في الوقت الذي كان فيه الحيوان مصوتاً و مهارة الإنسان تظهر في أنه انتقل بتلك الأصوات المبهمة الى دلالات واضحة مشتركة بين أفراد النوع الإنساني، و جعلها تعبر عن مصدر الصوت أي عن الحيوان المنبعث عنه ذلك الصوت.
و لعل أقوي ما يوجه الى هذه النظرية من اعتراض أن اللغات في وضعها الراهن لا تكاد تشتمل إلا على قدر ضئيل جداً من تلك الكلمات الواضحة الصلة بين اللفظ والمدلول، و هي تسمي onomatopoeia . هذا الى أنها قد تختلف باختلاف اللغات حتي في الفصيلة الواحدة. فليس لخرير الماء أو حفيف الشجر أو مواء الهر أو نباح الكلب، في لغات البشر كلمات مشتركة في لفظها أو بعض لفظها.
ص18
م: نظرية محاكات اصوات الطبيعة أو Bow wow
المؤلف: د. ابراهيم أنيس
الكتاب: دلالة الالفاظ، ص16- 18.
___________________
نظرية محاكات اصوات الطبيعة أو Bow wow
أولئك الذين نادوا بهذه النظرية يرجحون أن النشأة الأولي للألفاظ لا تعدو أن تكون تقليداً للأصوات الطبيعية التي سمعها الإنسان الأول، واتخذ منها أسماء لمصدر هذه الأصوات، فنباح الكلب مثلا اتخذ رمزاً يعبر أو يدل على نفس الحيوان. و هكذا يتصور أصحاب هذا الرأي أن الإنسان الأول سمع عواء الذئب و زئير الأسد و مواء الهر، فاتخذ من تلك الأصوات الحيوانية المتباينة أعلاماً للحيوانات نفسها، كما سمع حفيف الشجر و زفير النار و قصف الرعد و خرير الماء و غيرها، فاتخذ منها أسماء لكل الظواهر الطبيعية التي تسمع لها أصوات. و بهذا تكونت له مجموعة كبيرة من الكلمات
ص16
تعد في رأي أصحاب هذه النظرية من أقدم الكلمات في اللغة الإنسانية. ثم يتصورون أن الكلمة في تطورها لاتقف في دلالتها عند حدود مصدرها الأصلي، بل قد تتعداه الى أمر لا صلة له بذلك المصدر، و الى معني جديد لا يكاد يمت الى الدلالة الأصلية بصلة وثيقة و لذلك يجب ألا ندهش حين نري معاجمنا العربية تتضمن في مادة «نباح الكلب» معني جديداً بعيداً عن الكلب و صوته مثل قول صاحب القاموس النبّاح منَاقِفُ صِغَارٌ بيضٌ مَكِّيَّةٌ، تُجْعَلُ في القَلائِد ِ. و كقوله من الفحيح بمعني صوت الأفعي «فحفح = صحح المودة و أخلصها»، و في مادة الثغاء أي صوت الغنم يقول «أتيته فما أثغي = ما أعطي شيئاً». و في بعض الأحيان نري الصلة بين المعني الأصلي و المعني الجديد واضحة مفهومة، كأن يشتق من زئير الأسد كلمة «الزأرة» بمعني الأجمة، و كأن يقال في مادة رغاء الإبل أي صوتها «إن الترغية معناها الإغضاب».
و لذلك لا يصح أن ننساق مع بعض المعترضين على هذه النظرية في تهكمهم عليها بأنها تقف بالفكر الإنساني عند حدود حظائر الحيوانات، و تجعل اللغة الإنسانية الراقية مقصورة النشأة على تلك الأصوات الفطرية الغرزية، لأن وراء هذه الأصوات سورا حصينا عنده في الحقيقة تبدأ لغة الإنسان ذات الدلالات المتميزة المتباينة. فالمعترضون يفترضون في هذا النوع من الأصوات عقما ولا تصلح لأن ينحدر منها تلك الدلالات الإنسانية السامية. ولكن الواقع يبرهن على أن كثيراً من كلمات اللغات الإنسانية قد انحدرت عن تلك الأصوات الغرزية المبهمة ، ثم سمت في تطورها و دلالتها و أصبحت تعبر عن الفكر الإنساني.
و إلا فكيف تصور أن كلمة «الخيل» يشتق منها «الخيلاء»، والجبانة بمعني الصحراء يشتق منها «الجبن»، وأن من «سفهت الطعنة أسرع منها الدم و جف» تجييء «السفاهة» ، الى غير ذلك من تلك الدلالات المجردة التي انحدرت إلينا من المحسوسات! يمكننا إذن أن ندرك أن الكلمات المستقاة من الأصوات الطبيعية قد تتطور في دلالتها حتي تصبح معبرة عن الدلالات الراقية المجردة في الذهن الإنساني.
و يبدو أن «ماكس ميلر» كان زعيم المعارضين لهذه النظرية والساخرين منها، و كان «رينان» يعارضها أيضاً و يتهكم عليها قائلاً: ليس من العقول أو المفهوم أن الإنسان و هو أرقى المخلوقات يقلد أصوات مخلوقات أدني منه و أحط ليستنبط من تلك الأصوات المبهمة الغامضة كلمات لغته الراقية السامية. ولكن «رينان» يتجني على هذه النظرية حين يتصور أن عملية التقليد مقصورة على أصوات الحيوانات، فالإنسان الأول حين بدأ عملية التقليد لم يجعلها مقصورة على أصوات بعينها، فقد كان يقلد
ص17
أصوات الحيوان، و أصوات أخيه الإنسان و أصوات الطبيعة ، و يتخذ من كل هذه الأصوات كلماته أو ألفاظه. فلم يكن الإنسان صامتاً في الوقت الذي كان فيه الحيوان مصوتاً و مهارة الإنسان تظهر في أنه انتقل بتلك الأصوات المبهمة الى دلالات واضحة مشتركة بين أفراد النوع الإنساني، و جعلها تعبر عن مصدر الصوت أي عن الحيوان المنبعث عنه ذلك الصوت.
و لعل أقوي ما يوجه الى هذه النظرية من اعتراض أن اللغات في وضعها الراهن لا تكاد تشتمل إلا على قدر ضئيل جداً من تلك الكلمات الواضحة الصلة بين اللفظ والمدلول، و هي تسمي onomatopoeia . هذا الى أنها قد تختلف باختلاف اللغات حتي في الفصيلة الواحدة. فليس لخرير الماء أو حفيف الشجر أو مواء الهر أو نباح الكلب، في لغات البشر كلمات مشتركة في لفظها أو بعض لفظها.
ص18