حجة الوداع
المؤلف:
الشيخ ابي علي الفضل بن الحسن الطبرسي
المصدر:
إعلام الورى بأعلام الهدى
الجزء والصفحة:
ج1, ص259-261.
4530
خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) من المدينة متوّجّهاً إلى الحجّ في السنة العاشرة لخمس بقين من ذي القعدة، وأذّن في الناس بالحجّ، فتجهّز الناس للخروج معه، وحضر المدينة من ضواحيها ومن جوانبها خلق كثير، فلمّا انتهى إلى ذي الحليفة ولدت هناك أسماء بنت عميس محمّد بن أبي بكر، فأقام تلك الليلة من أجلها، وأحرم من ذي الحليفة، وأحرم الناس معه، وكان قارناً للحجّ بسياق الهدي ساق معه ستّاً وستّين بدنة.
وحجّ علي (عليه السلام) من اليمن وساق معه أربعاً وثلاثين بدنة، وخرج بمن معه من العسكر الذي صحبه إلى اليمن ومعه الحلل التي أخذها من أهل نجران، فلمّا قارب رسول الله (صلى الله عليه وآله) مكّة من طريق المدينة قاربها أمير المؤمنين (عليه السلام) من طريق اليمن فتقدّم الجيش إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فسرّ رسول الله بذلك وقال له: «بم أهللت يا عليّ؟». فقال: «يا رسول الله إنّك لم تكتب إليّ بإهلالك، فعقدت نيّتي بنيّتك وقلت: اللهمّ إهلالاً كإهلال نبيّك». فقال (صلى الله عليه وآله) : «فأنت شريكي في حجّي ومناسكي وهديي، فأقم على إحرامك وعد على جيشك وعجّل بهم إليّ حتّى نجتمع بمكّة».
وقد روي أيضاً عن الصادق (عليه السلام): أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ساق في حجّته مائة بدنة، فنحر نيّفاً وستّين، ثمّ أعطى عليّاً فنحر نيّفاً وثلاثين، فلمّا رجع علي (عليه السلام) إلى جيشه وجد الناس قد لبسوا تلك الحلل، فقال للذي استخلفه عليهم: « ويحك ما دعاك إلى ما فعلت من غير إذن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ » قال: إنّهم سألوني أن أدفعها إليهم فيتجملوا بها ويحرموا فيها.
فقال: «بئس ما فعلوا وبئس ما فعلت».
فانتزعها (عليه السلام) من القوم وشدّها في الأعدال، فكثرت شكاية القوم عليّاً، فنادى منادي رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ارفعوا ألسنتكم عن شكاية عليّ فإنّه أخشن في ذات الله.
ولمّا قدم النبيّ (صلى الله عليه وآله) ومكّة وطاف وسعى نزل عليه جبرئيل (عليه السلام) ـ وهو على المروة ـ بهذه الآية {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ } [البقرة: 196] فخطب الناس وحمد الله وأثنى عليه، وقال: «دخلت العمرة في الحجّ هكذا إلى يوم القيامة ـ وشبّك بين أصابعه ـ ثمّ قال (عليه السلام): لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي».
ثمّ أمر مناديه فنادى: من لم يسق منكم هدياً فليحلّ وليجعلها عمرة ، ومن ساق منكم هدياً فليقم على إحرامه؛ وقام إليه رجلٌ من بني عديّ وقال: يا رسول الله أتخرجنّ إلى منى ورؤسنا تقطر من الماء فقال (عليه السلام): «إنّك لن تؤمن بها حتّى تموت»؛ فقام إليه سراقة بن مالك بن جعشم فقال: يا رسول الله ألعامنا هذا أم للأبد؟ قال: «لا، بل لأبد الأبد».
فأحلّ الناس أجمعون، إلاّ من كان معه هدي.
الاكثر قراءة في حاله بعد الهجرة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة