وفود العرب على النبي "ص"
المؤلف:
هاشم معروف الحسني
المصدر:
سيرة المصطفى
الجزء والصفحة:
ص618-620
2025-12-08
30
ثم دخلت السنة التاسعة وبدخولها توالت على النبي وفود العرب تعلن اسلامها ، وأرسل هو جباته إلى القبائل لجباية الزكاة فاستقبلتهم أكثر القبائل بالترحاب ، ودفعت لهم زكاة أموالها بنفوس طيبة راضية ، ولم يتخلف عن دفع الزكاة سوى فرع تميم وبني المصطلق .
وجاء في بعض المؤلفات في السيرة ان بني العنبر فخذ من تميم لما جاءهم الجابي اخذوا سيوفهم ونبالهم وطردوه من ارضهم ، فلما بلغ النبي ( ص ) ذلك ارسل عيينة بن حصن على رأس سرية مؤلفة من خمسين فارسا فهاجموا بني العنبر من حيث لا يشعرون ففر الرجال ، وأسر المسلمون منهم نحوا من خمسين ما بين رجل وامرأة وطفل ورجعوا إلى المدينة فأنزلهم النبي في مكان أعده لهم ، وكان من بين تميم جماعة اسلموا ووقفوا إلى جانب النبي في فتح مكة وفي حنين ، ومنهم من لا يزال على الشرك ، فلما بلغهم ما أصاب قومهم من بني العنبر ارسلوا إلى النبي وفدا من أشرافهم فنزلوا المدينة ودخلوا المسجد ونادوا من وراء حجراته ان اخرج إلينا يا محمد ، فنزلت الآية كما يدعي بعض المؤلفين في السيرة .
إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ .
وما كان ليخرج إليهم وهم يخاطبونه بهذا الأسلوب الجاف لولا ان المؤذن قد أذن لصلاة الظهر فلما خرج ذكروا له ما صنع عيينة بأهلهم وما لقومهم من مكانة بين العرب وأرادوا ان يفاخروه فقام خطيبهم عطارد بن حاجب ، وانتدب له النبي من المسلمين ثابت بن قيس ليرد عليه كما رد على شاعرهم حسان بن ثابت وأخيرا قال الأقرع بن حابس : ان هذا الرجل لمؤتى له ، لخطيبه اخطب من خطيبنا ، ولشاعره اشعر من شاعرنا ، ولأصواتهم أعلى من أصواتنا واسلم القوم واعتذروا للنبي واعلنوا الطاعة فرد عليهم قومهم وعفا عنهم .
وجاءه بنو المصطلق ليؤكدوا له إسلامهم واستعدادهم لدفع الزكاة ، وأضافوا إلى ذلك انهم لم يتراجعوا عن الإسلام ولم يقصدوا سوءا مع الجابي فقبل عذرهم ودعا لهم بالخير .
وفي مطلع هذه السنة وفد عروة بن مسعود الثقفي على رسول اللّه ( ص ) وكان غائبا عن الطائف يوم حاصرها النبي ( ص ) فأسلم وسأل النبي ان يرده على قومه ليدعوهم إلى الإسلام فقال له رسول اللّه : انهم قاتلوك ان رجعت إليهم بهذا الأمر ، فقال له عروة يا رسول اللّه انا أحب إليهم من ابكارهم ، وكان معظما بينهم مطاعا ، فرجع إليهم ، فلما اشرف عليهم واظهر لهم دينه ودعاهم إلى الإسلام رموه بالنبل من كل مكان فأصابه أحد سهامهم فقتله ، فقيل له وهو يصارع الموت ما ترى في دمك قال كرامة أكرمني اللّه بها وشهادة ساقها اللّه إلي ولست الا كأحد الشهداء الذين قتلوا مع رسول اللّه قبل ان يرتحل عنكم فادفنوني معهم فدفنوه معهم .
وجاء عن رسول اللّه ( ص ) أنه قال حينما بلغه قتله كما جاء في سيرة ابن هشام : ان مثله في قومه كمثل صاحب ياسين في قومه ، وخلال تلك المدة أسلمت القبائل المحيطة بالطائف ، وكانت تراقب ثقيفا وتقطع الطريق عليها أحيانا فأحسوا بالخطر وأيقنوا مع ذلك ان محمدا لن يتركهم وليس بإمكانهم ان يقاتلوه أو يفلتوا من العقاب ، فاجتمع رأيهم على أن يذهبوا إلى النبي لتدارك الأمور قبل فوات الأوان ، وكان ذلك قبل خروجه إلى تبوك كما ذهب إلى ذلك الطبري وبعض المؤلفين في السيرة .
الاكثر قراءة في حاله بعد الهجرة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة