إجراءات طرح موضوع عام للمناقشة في النظام الدستوري البريطاني
المؤلف:
محمد عبد الكاظم عوفي
المصدر:
مسؤولية الحكومة السياسية في دستور جمهورية العراق لسنة 2005
الجزء والصفحة:
ص93-96
2025-12-11
51
يعتبر طرح موضوع عام للمناقشة والذي يسمى في بريطانيا بالاقتراح بالتأجيل "motion for adjournment " ، الوسيلة الثانية من وسائل الرقابة البرلمانية التي يملكها اعضاء البرلمان تجاه الحكومة ، حيث يستعمل الاعضاء تلك الوسيلة كأداة للحصول على شعبية لوجهة نظرهم أو اقتراحاتهم من خلال نشر تلك الآراء والاقتراحات في وسائل الأعلام والرأي العام بما يؤدي إلى كسب رضا ناخبيهم هذا من جانب الاعضاء الذين يشكلون الأغلبية البرلمانية ، كما تعد هذه الوسيلة أداة مهمة للمعارضة أيضا لاستخدامها كأداة فعالة بما يسبب حرجا للحكومة المدعومة من تلك الأغلبية(1). وهذا الاقتراح يمثل بديلا عن نظام الاستجواب غير المعروف في النظام الدستوري البريطاني . أما بالنسبة لأجراءات هذا الاقتراح فقد نصت على بعضها المادة (24) من النظام الداخلي لمجلس العموم والأخرى استقر عليها العمل في البرلمان البريطاني وفقا للأعراف الدستورية وكما يلي :-
أولا : الشروط المطلوبة في الطلب المتعلق بالاقتراح بالتأجيل :- يشترط في الطلب المقدم من قبل اعضاء البرلمان البريطاني إلى رئاسة البرلمان لاقتراح التأجيل لمناقشة موضوع عام نوعين من الشروط وهما : الشروط الموضوعية والشروط الشكلية .
1- الشروط الموضوعية :- وتتمثل تلك الشروط بما يأتي :-
أ- إن يكون الموضوع المقترح تأجيله مما يدخل في اختصاصات الحكومة أو احد الوزراء :- حيث إن من أهم شروط الطلب المقدم للاقتراح بالتأجيل للمناقشة العامة إن يكون متعلقا بشأن من الشؤون التي تدخل في اختصاص الوزير الاول أو احد الوزراء لأن هناك موضوعات لا يمكن إن تكون محلاً لأي مناقشة عامة مع الحكومة أو احد الوزراء عنها ، ومن بين تلك الموضوعات الاختصاصات التي يمارسها الملك منفرداً عن الحكومة ، كما تمنع الأعراف الدستورية البريطانية المناقشات التي تتعلق بالأسرة الحاكمة والسيادة وغيرها كحق العفو الخاص ومنح الرحمة للمحكومين بالإعدام . كذلك تخرج أعمال السلطة القضائية واختصاصاتها عن نطاق الرقابة البرلمانية بما فيها حق الاقتراح بالتأجيل استنادا لمبدأ الفصل بين السلطات واستقلال القضاء.
ب- يجب إن لا يؤدي الاقتراح إلى الاضرار بالمصالح العليا للبلاد :- لإن الغرض من الاقتراح بالتأجيل هو التعاون بين البرلمان من جانب والحكومة أو احد الوزراء من جانب أخر للوصول لأفضل سياسة ، ومن حق الحكومة رفض بعض المواضيع لمساسها بالصالح العام كتلك التي تهدد سرية الحياة الدبلوماسية أو الأسرار العسكرية(2).
ج- يجب إن يكون الاقتراح متعلق بأمر محدد ذي أهمية عامة :- حيث إن المناقشة يجب إن تكون مقصورة على الامور المراد الاستفهام عنها والتي لم يفلح السؤال البرلماني في توضيحها ودون أي تعليق وإن لا يكون له صفة شخصية ، ويترتب على هذا الشرط وجوب إن لا يكون هذا الطلب متعلقا بالمصالح الخاصة لمقدميه ، وإنما يجب إن يكون الهدف من تقديمه هو تحقيق المصلحة العامة لا غير وألا فقد الطلب احد شروطه الموضوعية وهو شرط العمومية ، ومن ثم استبعاده وعدم النظر فيه وهذا الشرط مستفاد من القواعد العرفية الدستورية البريطانية(3).
د- إن يتضمن الاقتراح على وجه التحديد الموضوع المراد مناقشته :- وهذا الشرط أيضا من الشروط الموضوعية التي قد نصت عليها المادة (24) من النظام الداخلي لمجلس العموم ، حيث يشترط لقبول التأجيل وجوب إن يكون الموضوع من المواضيع المحددة تحديدا دقيقا وله أهمية تستوجب النظر فيه بصفة مستعجلة والأسباب التي يستند أليها العضو في تقديم الاقتراح من خلال أعطائه فرصه لبيان ذلك لمدة لا تزيد على ثلاث دقائق . ولا يجوز تقديم اقتراح بخصوص موضوع سبق للمجلس إن ناقشه وفصل فيه في نفس الدورة التشريعية ، ألا اذا طرأت وقائع أو ظروف جديدة تجيز طرح موضوع عام للمناقشة من جديد ، وألا بخلاف ذلك جاز للبرلمان رفضه واستبعاده(4).
2- الشروط الشكلية : وهذه الشروط تتمثل بما يأتي :-
أ- يجب إن يقدم الاقتراح بالتأجيل الى رئيس المجلس من قبل العدد المسموح به :- لا يشترط إن يكون الاقتراح مكتوبا وإنما يمكن إن يقدم بشكل شفوي ، كما يجب إن يقدم الاقتراح بالتأجيل الى رئيس مجلس العموم (Speaker) من قبل أحد اعضاء المجلس (وغالبا ما يكون رئيس أو احد اعضاء المعارضة) في الأيام من الاثنين الى الخميس من خلال النهوض من مكانه عند بدء الأعمال العامة للمجلس ، ويقبل الرئيس الاقتراح اذا وجد بانه صالح للمناقشة ، وأما اذا رفض الاقتراح فأن على هذا العضو الحصول على موافقة ومساندة عدد لا يقل عن أربعين عضوا لطلب الاقتراح ، واذا كان العدد اقل من أربعين ولكن ليس اقل من عشرة ، فللمجلس استطلاع رأي الاعضاء المعارضين والمؤيدين له ليقرر ما اذا كان هذا الاقتراح مقبولا أم لا(5).
ب- يجب إن لا يتضمن الاقتراح عبارات غير لائقة :- فلا يجوز إن يتضمن الاقتراح عبارات تسيء للحكومة أو الوزراء بما يتنافى مع الغرض من طرح موضوع عام للمناقشة ، بحيث لا يؤدي للتهجم على الحكومة أو الوزير، وقد جرى العرف في بريطانيا على رفض الاقتراحات التي تتضمن مساسا بالآداب البرلمانية أو تحتوي تعنيفا أو تشتمل على عبارات نابية أو ألفاظ غير لائقة(6).
ج- انتهاء الوقت المحدد للأسئلة :- من الشروط والإجراءات الشكلية عدم قبول الاقتراح بالتأجيل ألا بعد الانتهاء من جميع الاسئلة التي طرحت عند بداية جدول الأعمال(7). وذلك لان الاقتراح بالتأجيل يتصل أصلا بسؤال لم يستوف في نظر العضو أغراضه لذلك طلب المناقشة فيه(8).
ثانيا :- قبول الاقتراح وتبليغه إلى الشخص الموجه اليه :- بعد قبول الاقتراح يتم تبليغه الى الشخص الموجه اليه ويتم تحديد جلسة لأجراء المناقشة ، حيث يطلب رئيس مجلس العموم من الاعضاء الالتزام بقواعد المناقشة العامة وهي عبارة عن قواعد تسمى الأوامر الدائمة "Standing Orders " ، التي تنظم سير المناقشات في المجلس ، بخلاف الحال في مجلس اللوردات حيث إن رئيس المجلس يرأس المناقشات العامة ولكنه لا يدعو إلى مراعاة النظام لان اللوردات يديرون المناقشات بأنفسهم(9).
ثالثا : انتهاء الاقتراح بالتأجيل :- ينتهي الاقتراح بالتأجيل في بريطانيا بعرض اقتراح مع أو ضد الحكومة أو احد الوزراء ، فاذا كان مع الحكومة أو الوزير فيتم أقفال باب المناقشة والانتقال إلى جدول الأعمال ، وذلك بعد إن تكون الحكومة أو الوزير المختص قد بين ما لديه بخصوص موضوع الاقتراح ، وبعد إن يكون اعضاء المجلس قد ابدوا ما لديهم من ملاحظات وأراء واقتناعهم بإجابة الشخص الموجه اليه طلب المناقشة ، أو بالعكس قد تنتهي تلك المناقشة باصدار قرار أخر كأجراء تحقيق برلماني أو توجيه لوم الى الحكومة وسحب الثقة منها أو من احد الوزراء على النحو الذي سنتناوله في الفصل الثالث(10). علما إن هذه المناقشات تنشر أيضا في تقرير (Hansard)(11).
_______________
1- د. هشام جمال الدين عرفة ، ضمانات اعضاء المجالس النيابية (دراسة مقارنة) ، دون دار ومكان نشر ، 2008، ص 354.
2- د. عبد الله ناصف ، مدى توازن السلطة السياسية مع المسؤولية في الدولة الحديثة ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1981، ص 138.
3- 2- أيهاب زكي سلام ، الرقابة السياسية على أعمال السلطة التنفيذية في النظام البرلماني ، أطروحة دكتوراه ، كلية الحقوق - جامعة القاهرة ، 1983، ص 95.
4- ساجد محمد الزاملي ، وسائل تحريك المسؤولية السياسية للحكومة (دراسة دستورية مقارنة) ، رسالة ماجستير ، كلية القانون - جامعة بغداد ، 1992 ، ص 97.
5- ينظر المادة (24) من النظام الداخلي لمجلس العموم البريطاني .
Standing Order of the House of Commons , public Business 2013, op.cit , p.36.
6- د. سيدني بايلي ، الديمقراطية البرلمانية الانجليزية ، ترجمة فارق يوسف احمد ، مكتبة الانجلو المصرية ، القاهرة ، 1970. ص 104.
7- أيرون الكسندر ، الدستور البريطاني ونظام الحكم في مجموعة الأمم البريطانية ، ترجمة محمد الهمشري وآخرون ، دون دار وسنة نشر ، ص 90.
8- د. سعيد السيد علي ، المسؤولية السياسية في الميزان(دراسة مقارنة) ، دار أبو المجد للطباعة ، القاهرة ، 2008 ، ص 73.
9- د. حامد حمود الخالدي ، الدور الرقابي للبرلمان في المجال المالي في النظام الدستوري الانجليزي والمصري والكويتي ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2009 ، ص 89.
10- 2- أيهاب زكي سلام ، الرقابة السياسية على أعمال السلطة التنفيذية في النظام البرلماني ، أطروحة دكتوراه ، كلية الحقوق - جامعة القاهرة ، 1983 ، ص 111. وكذلك د. محمد فتح الله الخطيب ، دراسات في الحكومات المقارنة ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1966 ، ص 65.
11- S . C . Hawtrey And H . M . Barclay : op.cit , p.109.
الاكثر قراءة في القانون الدستوري و النظم السياسية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة