من يطع الرسول فقد أطاع الله
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج3/ص97-99
2025-12-01
15
قال الله الحكيم في كتابه الكريم: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ}[1].
تبيّن هذه الآية أنَّ من يطيع رسول الله فإنَّما يطيع الله، إذ أنَّ رسول الله هو المبعوث من الله، والواسطة بين الناس وخالقهم. وإنَّما تتحقّق إطاعة الموكِّل بإطاعة الوكيل. وإطاعة المنوب عنه بإطاعة النائب، وإطاعة السلطان بإطاعة من يقوم مقامه. وهكذا فإنَّ إطاعة الله تتحقّق بإطاعة رسوله ونبيّه.
ونجد الشيعة فقط من بين الفرق الإسلاميّة المتنوّعة جميعها تتشرّف بإطاعة الله من خلال إطاعة رسوله الكريم، بينما نرى أنَّ سائر الفرق قد تصرّفت في الكتاب والسنّة كيفما شاءت، وبالتالي فإنَّ اعتقاداتها وممارساتها لم توافق كلام الله ورسوله، بل إنَّ آراءها الشخصيّة قد اقحمت في تلك الاعتقادات والممارسات.
وبعد رحلة الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى ربّه سار الشيعة وراء أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب وبقيّة الأئمّة من أهل البيت عليهم السلام عملًا بوصيّة نبيّهم، ورفضوا الأباطيل والأفكار الطائشة السقيمة التي تجرف أغلبيّة الناس بتيّارها، وطرحوها بعيداً منضمين إلى امّة الحقّ وأهل اليقين، ممّا تمخّض عن ظهور فريقين متميّزين يقابل أحدهما الآخر: الشيعة، أتباع أهل البيت؛ والعامّة، أتباع الشيخين ومن تلاهما من الحكّام والسلاطين واحداً بعد الآخر.
يقول الشيعة: لم يرد في الكتاب والسنّة شيء يدعو إلى اتّباع الشيخين، أمّا اتّباع العترة الطاهرة من أهل البيت فقد وردت بشأنه نصوص صريحة متواترة عن رسول الله في مناسبات متنوّعة، ومن تفسير الآيات القرآنيّة ذات العلاقة، والتصريح بشأن نزولها. ويرون أنَّ اتّباع أهل البيت هو السنّة النبويّة ذاتها. والقصد من الجماعة التي أمر النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم المسلمين أن يكونوا فيها ولا يعرضوا عنها هي جماعة الحقّ لا الباطل. في ضوء ذلك فإنَّ الشيعة هم أهل السنّة والجماعة بالمعنى الحقيقيّ، وهم أهل الرفض ونبذ الأفكار الباطلة والبدع المستحدثة أيضاً.
يقول العامّة: نحن أهل السنّة وأهل الجماعة. أمّا أهل السنة فلأنّنا اقتدينا بالصحابة وكرّمناهم واحترمناهم وآمنّا بحُجّيّة أحكامهم. وأمّا أهل الجماعة فلأنّنا نمثّل أغلبيّة المسلمين الذين لم يتّبعوا أهل البيت بعد النبيّ وساروا على ما سنّه الصحابة لهم. ويطلقون على الشيعة لقب الرافضة قاصدين من ذلك أنَّ الشيعة نبذوا سنّة النبيّ وراء ظهورهم، ولم يتّبعوا صحابته وأوجدوا الصدع في كيان المسلمين، وأصبح لهم دين مستقل.[2]
يقول الشيعة: الله حقّ، ورسوله حقّ، وكتابه حقّ، وخلق السماوات والأرض حقّ. قال تعالى: {وَما خَلَقْنَا السَّماءَ والْأَرْضَ وما بَيْنَهُما باطِلًا ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ}.[3]
[1] الآية 80، من السورة 4: النساء.
[2] يبدو أنَّه ليس لهذه المصطلحات تاريخ محدّد، ولكنّ مصطلح الجماعة شاع بعد الصلح مع معاوية، ومصطلح أهل السنّة عرف في عصر الأشعريّ. وبإمعان أكثر، يمكن القول بأنَّ مصطلح أهل السنّة وضع في البداية مقابل المعتزلة الذين يذهبون إلى حجّيّة العقل، على عكس الجماعة والجمهور الذين كانوا من أهل التعبّد البحت. وشاع هذا المصطلح منذ القرن الثاني، أو منذ أواخر القرن الأوّل على نحو الاحتمال. وما شاع منذ عصر الأشعريّ هو مصطلح الأشاعرة الذي اطلق على أهل السنّة والجماعة. أمّا مصطلح السنّة في مقابل الشيعة فقد كان بعد افول نجم المعتزلة في القرن الثالث وبقاء الشيعة فقط من أصحاب العدل والعقل. ويبدو أنَّ مصطلح الجماعة قد ظهر منذ ذلك الوقت الذي ظهر فيه مصطلح السنّة أيضاً. ولم ترد على لسان الأئمّة الأطهار عليهم السلام كلمة «السّنَة» في مقابل «الشيعة».
[3] الآية 27، من السورة 38: ص.
الاكثر قراءة في النبوة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة