الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
بناء المدن وعمرانها / البلدية (الخدمات العامة)
المؤلف:
الشيخ عبد الله الجوادي الطبري الآملي
المصدر:
مفاتيح الحياة
الجزء والصفحة:
ص461ــ465
2025-09-09
39
عمران المدينة والقرية عبر تقديم الخدمات العامة من المتطلبات العامة للمجتمع وقد حظيت هذه المسألة باهتمام وافر في الثقافة الإسلامية. وتعدّ الخدمات العامة إحدى مصارف الأموال الشرعية الواجبة (الخمس والزكاة) والأموال العامة، وتأمين هذه النفقات من قبل الأفراد يتم عن طريق الأعمال الخيرية والصدقات الجارية، ومعلوم ما لهذه الأعمال من ثواب دنيوي وأخروي كما جاء تفصيل ذلك في الأحاديث والروايات، والتي تحدثت أيضاً عن الثواب العظيم الذي ينطوي عليه الإنفاق في مجال تأسيس المراكز العلمية والثقافية والعبادية والصحية والعلاجية وكذلك تأسيس المرافق العامة مثل الشوارع والجسور والمرائب، حيث سنشير إلى بعض تلك الأحاديث والروايات.
طبعاً الأشياء التي كانت في الماضي تمثل احتياجات الناس في السفر والحضر قد تغيّرت وحلّت محلّها أشياء أخرى غيرها، بيد أن تغيّر الموضوعات والمصاديق في هذه الحالات ليس له تأثير على أحكامها؛ فمثلاً كان الناس في الماضي يحتاجون إلى مضائف الطريق أثناء السفر، واستحداثها كان يندرج ضمن - الأعمال الخيرية، وفي عصرنا الحاضر فإنّ احتياجات الناس عبارة عن محطات الاستراحة التي تحتوي على إمكانيات ترفيهية مناسبة في المدن والقرى وكذا الأماكن المشابهة لها وهي من المبرّات العظيمة السائدة في يومنا.
بيت المال أو الأموال العامة
إن أموال بيت مال المسلمين عبارة عن مجموع المداخيل العامة التي تجبى من الناس مثل الزكاة والخمس والفيء والأنفال والضرائب والخراج والجزيـة وما شابه والتي تعد من الثروات العامة، وتقع على عاتق الحكومة الإسلامية مهمة المحافظة عليها وصيانتها.
وفي هذا السياق تعمل الحكومة الإسلامية على توجيه هذه الأموال نحو الاحتياجات الدفاعية والنفقات التنفيذية، بالإضافة إلى صرفها في مجال الخدمات العامة للمجتمع وتشييد المرافق الترفيهية وشق الطرق والشوارع واستحداث المتنزهات وتأمين الإضاءة ومصارف المياه وتأسيس المراكز التعليمية والثقافية والعبادية والصحية... وغيرها، حيث يساعد كل من هذه المرافق بشكل حيوي على تأمين جانب من احتياجات المواطنين المادية والمعنوية، وطبعاً يتسنّى من خلال تشغيل هذه الأموال العامة تغيير صورة المدينة الإسلامية إلى الواقع المنشود؛ وبناء عليه، تؤمن الأموال العامة جزءاً من الخدمات العامة في المدن والقرى، ما يحتم على المواطنين دفعها والالتزام بها. وقد أولت التعاليم الإسلامية اهتماماً كبيراً بأموال بيت المال وكيفية صيانة الأموال العامة وتفاصيل عن مصارفها.
والحقيقة إن الاستفادة من أموال بيت المال تحكمها قوانين خاصة، ويشكل مبدأ التوزيع العادل للثروات العامة إحدى الأسباب الرئيسية وراء قيام الحكومة والسلطة التنفيذية، وليس لأحد أن يستفيد من بيت المال لأغراض شخصية إلا بالحق؛ الأمر الذي يفسّر القوانين المشدّدة التي وضعها الشارع المقدس للحؤول دون سوء استغلال الأموال العامة، وإلزام المسؤولين بتشديد المراقبة عليها. وتعاليم الإسلام وأئمة الدين حول أهمية بيت المال وضرورة التوزيع العادل لهذه الأموال كثيرة لدرجة لا يمكن الإحاطة بها جميعاً في هذا المقام، لذا نكتفي بسرد بعض الأحاديث والروايات على سبيل المثال لا الحصر:
توخي الدقة والاحتياط في إنفاق الأموال العامة
روي أنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (سلام الله عليه) كَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ: أَدِقُوا أَقْلَامَكُمْ وَقَارِبُوا بَيْنَ سُطُورِكُمْ وَاحْذِفُوا عَنِّي فُضُولَكُمْ وَاقْصِدُوا قَصْدَ الْمَعَانِي وَإِيَّاكُمْ وَالإِكْثَارَ، فَإِنَّ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ لا تَحْتَمِلُ الإِضْرَار(1).
وفي عهده إلى مالك الأشتر يشرح الإمام أمير المؤمنين (سلام الله عليه) سبب تأكيـده على ضرورة توخي الحيطة والدقة في صرف أموال بيت المال لأنها من مصاديق الحق العام، وأن للناس سهم فيها، حيث ورد في نهج البلاغة: وَمِنْ كِتَابٍ لَهُ (سلام الله عليه) كتبهُ لِلأَشْتَرِ النَّخَعِيُّ لمّا وَلَّاهُ عَلَى مِصْرَ:... إِيَّاكَ وَالاسْتِئثَارَ بِمَا النَّاسُ فِيهِ أسْوَة(2).
وفي كلام آخر له (سلام الله عليه) حول وجـوه أخرى للأموال العامة: المُسْلِمُونَ
شُرَكَاء فِي ثَلاثَة: في الكَلأ [مراعي] والماء والنَّار [الطاقة](3).
الإنفاق من المال الشخصي وليس من بيت المال أو الأموال العامة
إن تجنّب التصرف في أموال بيت المال على قدر من الأهمية بحيث حتى الأنبياء لم يستثنوا من تحذير اجتنابها، ففي ذلك قال الإمام أمير المؤمنين علي (سلام الله عليه): أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى دَاوُدَ (سلام الله عليه) أَنَّكَ نِعْمَ الْعَبْدُ لَوْلَا أَنَّكَ تَأْكُلُ مِنْ بَيْتِ المالِ وَلا تَعْمَلُ بِيَدِكَ شَيْئاً. قَالَ: فَبَكَى دَاوُدُ (سلام الله عليه) أَرْبَعِينَ صَبَاحاً، فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى الْحَدِيدِ أَنْ لِنْ لِعَبْدِي دَاوُدَ، فَأَلَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ الحديدَ، فَكَانَ يَعْمَلُ كُلَّ يَوْمٍ دِرْعاً فَيَبِيعُهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَعَمِلَ ثَلَاثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ دِرْعاً فَبَاعَهَا بِثَلاثِمِائَةٍ وَسِتِّينَ أَلْفَا وَاسْتَغْنَى عَنْ بَيْتِ المالِ(4).
مواصفات خازن بيت المال
إذن، في ضوء أهمية صيانة الأموال العامة، فإنّ من يتولى مسؤولية خزانة بيت المال لا بد أن يكون شخصاً ثقة. كتب أمير المؤمنين علي (سلام الله عليه) إلى متولي الزكاة والأموال العامة قائلاً: وَلا تَأْمَنَنَّ عَلَيْهَا إِلَّا مَنْ تَشِقُ بِدِينِهِ رَافِقاً بِمَالِ المُسْلِمِينَ حَتَّى يُوَصِّلَهُ إِلى وَلِيّهِمْ فَيَقْسِمَهُ بَيْنَهُمْ وَلَا تُوَكَّلْ بِهَا إِلَّا نَاصِحاً شَفِيقاً وَأَمِيناً حَفِيظا(5).
مصارف بيت المال
الواجب هو المحافظة على بيت المال من الهدر ومنع التصرف غير المسؤول فيه؛ بيد أن بعض الضرورات تقتضي هذا التصرف؛ من قبيل دفع رواتب الموظفين في الأجهزة التنفيذية والعسكرية والدفاعية والقضائية، وكذلك تقتضيه النفقات الضرورية لإدامة معيشة المحتاجين واليتامى بالإضافة إلى الخدمات العامة. قال أمير المؤمنين علي (سلام الله عليه): لابدَّ مِنْ إِمَارَةٍ وَرِزْقٍ لِلأَمِيرِ وَلَا بُدَّ مِنْ عَرِيفٍ وَرِزْقِ لِلْعَرِيفِ وَلا بُدَّ مِنْ حَاسِبٍ وَرِزْقِ لِلْحَاسِبِ وَلا بُدَّ مِنْ قَاضٍ وَرِزْقِ لِلْقَاضِي وَكَرِهَ أَنْ يَكُونَ رِزْقُ الْقَاضِي عَلَى النَّاسِ الَّذِينَ يَقْضِي لَهُمْ وَلَكِنْ مِنْ بَيْتِ المال(6).
عن حبيب بن أبي ثابت حول الإنفاق على اليتامى من أموال بيت المال: جَاءَ إلى أمير المؤمِنِينَ (سلام الله عليه) عَسَلٌ وَتِينٌ مِنْ هَمْدَانَ وَحُلْوَانَ فَأَمَرَ الْعُرَفَاءَ أَنْ يَأْتُوا بِالْيَتَامَى فَأَمْكَنَهُمْ مِنْ رُءُوسِ الْأَزقَاقِ يَلْعَفُونَهَا وَهُوَ يَقْسِمُهَا لِلنَّاسِ قَدَحاً قَدَحاً، فَقِيلَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! مَا هُمْ يَلْعَقُونَهَا؟ فَقَالَ: إِنَّ الْإِمَامَ أَبُو الْيَتَامَى وَإِنَّمَا أَلْعَقْتُهُمْ هَذَا بِرِعَايَةِ الْآبَاءِ(7).
طبعاً مسألة مراعاة المحبة والعاطفة مقترنة بالالتزام بشروط الصحة وهو ما فعله الإمام (سلام الله عليه).
آثار هدر بیت المال
قال النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله): إِذَا عَمِلَتْ أُمَّتِي خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةٌ حَلَّ بِهِمُ الْبَلاءُ: - إِذَا كَانَ الْفَيْءُ دُوَلاً وَالأَمَانَةُ مَغنَما وَالصَّدَقَةُ مَغْرَماً وَأَطَاعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَعَصَى أُمَّهُ وَبَرَّ صَدِيقَهُ وَجَفَا أَبَاهُ وَارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ فِي المَسَاجِد و...(8).
وعنه (صلى الله عليه وآله)) أيضاً: خَمْسَةٌ لَعَنتُهُمْ وَكُلُّ نَبِيٍّ مُجَابِ: الزَّائِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَالتَّارِكُ لِسُنَّتِي وَالمُكَذِّبُ بِقَدَرِ اللهِ وَالْمُسْتَحِلُّ مِنْ عِتْرَتِي مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَالْمُسْتَأْثَرُ بِالْفَيْءِ وَالْمُسْتَحِلُّ لَه(9).
وقال الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه):... فَالْأَمْطَارُ هِيَ الَّتِي تُطَبّقُ الأَرْضَ... وَبِهَا يَسْقُطُ عَنِ النَّاسِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْبُلْدَانِ مَؤُونَةٌ سِيَاقِ الْمَاءِ مِنْ مَوْضِعِ إِلَى مَوْضِعِ وَمَا يَجْرِي فِي ذَلِكَ بَيْنَهُمْ مِنَ التَّشَاجُرِ وَالتَّظَالمِ حَتَّى يَسْتَأْثِرَ بِالماءِ ذَوُو الْعِزَّةِ وَالْقُوَّةِ وَيُحْرِمَهُ الضُّعَفَاءَ(10).
__________________________
(1) كتاب الخصال، ص310.
(2) نهج البلاغة، الكتاب 53.
(3) الجامع الصغير، ج 2، ص 668.
(4) الكافي، ج 5، ص 74.
(5) نهج البلاغة، الكتاب 25.
(6) دعائم الإسلام، ج 2، ص 538.
(7) الكافي، ج 1، ص 406.
(8) إرشاد القلوب، ص71.
(9) الكافي، ج 2، ص 293.
(10) توحيد المفضل، ص 149 - 150؛ بحار الأنوار، ج 3، ص 126.
الاكثر قراءة في آداب عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
