القانون العام
القانون الدستوري و النظم السياسية
القانون الاداري و القضاء الاداري
القانون الاداري
القضاء الاداري
القانون المالي
المجموعة الجنائية
قانون العقوبات
قانون العقوبات العام
قانون العقوبات الخاص
قانون اصول المحاكمات الجزائية
الطب العدلي
التحقيق الجنائي
القانون الدولي العام و المنظمات الدولية
القانون الدولي العام
المنظمات الدولية
القانون الخاص
قانون التنفيذ
القانون المدني
قانون المرافعات و الاثبات
قانون المرافعات
قانون الاثبات
قانون العمل
القانون الدولي الخاص
قانون الاحوال الشخصية
المجموعة التجارية
القانون التجاري
الاوراق التجارية
قانون الشركات
علوم قانونية أخرى
علم الاجرام و العقاب
تاريخ القانون
المتون القانونية
القرائن المتعلقة بالقانون الإداري
المؤلف:
حسين سالم محمد جاسم
المصدر:
عبء الاثبات في الدعوى الإدارية
الجزء والصفحة:
ص 105-114
2025-08-27
26
وهي القرائن الواردة في تشريعات القانون العام وهي تتعلق في القانون الإداري لكونها موجودة في النصوص القانونية المطبقة أمام القضاء الإداري وهي متعددة لا حصر لها، ومن أمثلتها قرينة العلم بالقرار الإداري الواردة في قوانين مجلس الدولة في الدول المقارنة وقرينة القرار الإداري الضمني الواردة في قوانين مجلس الدولة والقوانين الأخرى، وأن السبب من اختيار هذه القرائن هو ارتباطها الوثيق في الموضوع وكذلك كثرة التطبيقات العملية لها وما تبرزه من مشاكل تظهر أمام القضاء والتي ينبغي على المشرع معالجتها، وكما يلي:
أولاً: قرينة العلم بالقرار الإداري
تعبر الادارة عن إرادتها المنفردة بالقرارات الإدارية التي تصدرها وهذه القرارات سواء كانت فردية أم تنظيمية يجب لإعمال آثارها أن تسري بحق المخاطبين بها وسريانها مرهون بالعلم بها، وتحقق هذا العلم طبقاً لنصوص قوانين مجلس الدولة في العراق والدول المقارنة يتحدد بوسيلتين هما النشر والتبليغ.
1. النشر
يعرف النشر بأنه ((اتباع الإدارة في الشكليات المقررة لكي يعلم الجمهور بالقرار))(1)، أو هو ((مجموعة من الأفعال بمقتضاها تصل الأحكام الجديدة إلى الكافة)) (2)، ويمكن تعريف النشر بأنه وسيلة قانونية مقتضاها قيام الإدارة في إيصال مضمون القرار إلى علم الكافة، والقول بأنه وسيلة قانونية هو أن نشر القرارات الإدارية التنظيمية" يكون في جريدة الوقائع العراقية، والقول بأنه وسيلة هو أن المشرع افترض العلم بمضمون القرار بمجرد نشره في "الجريدة الرسمية(3)، والنشر يكون وسيلة للعلم بالقرارات الإدارية التنظيمية التي تخاطب عدد غير محدد من الأفراد، ويشترط لأعمال هذه القرينة توفر الشروط التالية:
أ. أن يتم النشر وفق الإجراءات القانونية
مضمونه أن على الادارة اتباع نص القانون إذا كان قد حدد طريقة معينة لنشر القرار، فقد ينص القانون على نشر القرار في الأماكن العامة أو لصقه في مكان محدد، أو نشرة مصلحية، أو نشره في الجريدة الرسمية (4) ، وأن وسائل نشر القرار في فرنسا والتي تعد حجة على المخاطب بالقرار هي (الجريدة الرسمية والنشر الإلكتروني)(5)، والجريدة الرسمية في مصر (6)، فقد قضت المحكمة الإدارية العليا في مصر بأن" (يبدأ ميعاد الدعوى في قرار الاستيلاء من تاريخ نشر القرار في الجريدة الرسمية) (7)، ولم يذهب المشرع العراقي بعيداً عما هو الحال في فرنسا ومصر، فقد الزم المشرع بأن تنشر الأنظمة والتعليمات في الجريدة الرسمية وهي جريدة الوقائع العراقية(8) .
ب. أن يتضمن النشر مضمون القرار بالكامل
وهذا من المسلمات فبانعدامه لا يكون القرار حجة على المخاطب به إذا لم ينشر بالكامل، فيجب أن يحتوي القرار على كافة فقراته المكونة لقوته الإلزامية(9)، والهدف من ذلك أن يلم كل من له مصلحة الطعن بالقرار بشكل كامل حتى يتمكن من معرفة التزاماته فيه، بالإضافة إلى تأثيره على بدء ميعاد سريان القرار فإذا نشر ولم يكن كاملاً واكتمل بعد ذلك فإن الميعاد يبدأ من تاريخ اكتماله (10) ، فقد قضت المحكمة الإدارية العليا في مصر بأن ((النشر المقصود في قانون "مجلس الدولة" هو الذي يكشف عن فحوة القرار الإداري)) (11).
2. التبليغ
الوسيلة الثانية لإيصال القرار الإداري إلى علم المخاطبين به هي التبليغ ويطلق عليها (الإعلان) وهو أيضاً وسيلة قانونية نص عليها المشرع، وأنه يقتصر على القرارات الإدارية الفردية فقط التي تخاطب عدداً محدداً من الأفراد بذواتهم، ويعرف التبليغ بأنه ((الطريقة التي تنقل بها الادارة القرار إلى علم الأفراد)) (12) ، وعرفه الفقه الفرنسي بأنه ((خطاب موجه إلى صاحب الشأن أو صاحب المصلحة لعلمه به)) (13) ، ويعني كذلك ((إيصال مضمون القرار الإداري الفردي إلى علم المخاطبين أو المخاطب به )) (14)، أو هو ((الطريقة التي تحيط الادارة بها صاحب الشأن علماً بالقرار )) (15) وقد اعتبرت المحكمة الإدارية العليا" في مصر بأن ((الأصل في وسائل نشر القرار هو الإعلان (التبليغ) أما النشر ما هو استثناء)) (16)، كل هذه التعاريف اتفقت على الهدف من التبليغ وهو إيصال مضمون القرار إلى علم المخاطب به، ويمكن تعريفه بأنه وسيلة قانونية بواسطته يصل مضمون قرار الإدارة إلى علم المخاطب به، والحقيقة أن الإدارة غير ملزمة بطريقة محددة لتبليغ القرار للفرد، فقد يكون عن طريق البريد أو بطريقة شفهية أو بواسطة محضر مكتوب معد للتبليغ، ومهما تعددت الوسائل فإنها يجب أن تؤدي الغرض المهم منها وهو إيصال العلم بالقرار إلى المخاطب به (17)، وحتى يكون التبليغ صحيحاً يجب أن تتوفر فيه الشروط التالية:
أ. أن يكون التبليغ طبقاً لإجراءات القانون
على الرغم من عدم نص المشرع العراقي على إجراءات التبليغ بقانون مجلس الدولة النافذ، إلا أنه يخضع في إجراءاته إلى القواعد العامة في قانون المرافعات المدنية النافذ، فقد نظم الأخير إجراءات التبليغ في المواد (27 ،13) (18)، وسبب ذلك الخضوع هو نص المشرع على أن هذا القانون يعد مرجعاً لقوانين الإجراءات والمرافعات كافه ما لم يوجد نص يتعارض معه صراحة (19) ، وهذا النص عام لا يفرق بين المراحل التي تسبق إقامة الدعوى أو المراحل التي تليها ، ولكون أن التبليغ موضوع الدراسة هو تبليغ القرارات الإدارية إلى أصحاب الشأن وهو مرحلة تسبق إقامة الدعوى، وبشكل عام فإن التبليغ يجب أن يحتوي على البيانات القانونية وهي اسم جهة الإدارة مصدرة القرار واسم الفرد المخاطب بالقرار وتوقيع الموظف المختص وتاريخ ورقم التبليغ المثبت في سجل الدائرة (20)، وتطبيقاً لذلك قضت المحكمة الإدارية العليا في مجلس الدولة العراقي بأن ((يكون تبليغ المحافظ بقرار استجوابه وفق الإجراءات المرسومة قانوناً ))، فقد نقضت قرار محكمة القضاء الإداري المتضمن تصديق قرار رئيس مجلس محافظة واسط المتضمن إقالة المدعي من منصبه محافظاً لمحافظة واسط، فقد لاحظت المحكمة بأن تبليغ المحافظ بالقرار موضوع الدعوى لم يكن موافقاً للقانون فقد استلم التبليغ نائبه الأول وهو الذي وقع على دفتر الذمة، فهذا الإجراء غير صحيح ومخالفاً القانون لكون أن المشرع قد اشترط لصحة التبليغ أن يسلم إلى الشخص المطلوب تبليغه إذا كان خارج محل إقامته وإليه أو إلى من يسكن معه إذا كان في محل إقامته (21)، فقد أكد هذا القرار على ضرورة اتباع أحكام قانون المرافعات المدنية النافذ" بشأن إجراءات التبليغ.
ب. أن يكون التبليغ مكتوباً
وهذا الإجراء ضروري فالتبليغ المكتوب يتحدد على أساسه بدأ سريان ميعاد رفع الدعوى وهو ما لا يتحقق إذا كان التبليغ بشكل شفهي، إضافة لذلك فإن التبليغ يجب أن يتضمن المعلومات الأساسية المذكورة أعلاه (22) ، فقد قضت المحكمة الإدارية العليا في مصر" بأن ((الإعلان يكون تحريرياً ويصبح أن يكون شفوياً، إلى أن الواقع العملي يشير أن التبليغ في القرارات الإدارية، يكون مكتوباً)) (23).
ت. أن يحرر التبليغ باسم الفرد المخاطب بالقرار ولا يوجه لغيره
فقد ألزم المشرع أن يبلغ المعني شخصياً، والقول بغير ذلك يبطل التبليغ ولا يحتج به على الفرد المخاطب بالقرار (24).
ث. أن يتضمن التبليغ مضمون القرار بالكامل
يجب أن تكون ورقة التبليغ بالقرار للفرد المعني مشتملة على العناصر المكونة للقرار ذات التأثير على مركزه القانوني(25).
3.عبء إثبات قرينة العلم بالقرار
جرى العمل بقضاء مجلس الدولة سواء في فرنسا أو مصر أو العراق على أن عبء إثبات قرينة العلم بالقرار الإداري (النشر أو التبليغ ) يقع على عاتق الإدارة، وأن النشر يكون أيسر بالإثبات من التبليغ (الإعلان) لكون الأخير لم يتطلب له شكلية معينة عكس النشر الذي يتطلبها (26)، وأن مجلس الدولة الفرنسي أجاز قبول أي وسيلة تؤدي إلى حصول التبليغ، فقد أجاز إثباته بطرق الإثبات كافة، وكذا سار القضاء الإداري في مصر فقد قضت المحكمة الإدارية العليا" بأن ((يقع عبء إثبات النشر أو الإعلان على عاتق الإدارة ولا مانع من قبول كل وسيلة تؤدي إلى حصول الإعلان)) (27) ، وفي العراق فقد قضت المحكمة الإدارية العليا في مجلس الدولة العراقي" بأن ((يثبت تبليغ الموظف بالقرار الإداري بطرق الإثبات كافه))، فقد نقضت المحكمة قرار محكمة قضاء الموظفين القاضي بتصديق الأمر الوزاري لوزير الأعمار والإسكان والبلديات العامة المتضمن عزل المدعية عن وظيفتها، فكلفت المحكمة الإدارية العليا محكمة قضاء الموظفين" التحقق من تاريخ تبلغ الموظفة بقرار العزل وفق طرق الإثبات كافة (28) يتضح من القرار أن محكمة قضاء الموظفين عليها أن تتحقق من تاريخ التبليغ بقرار العزل وأن هذا العبء يقع على دائرة المدعية.
4. قوة قرينة العلم بالقرار الإداري في الإثبات
إن قرينه العلم بالقرار الإداري المتكونة من وسيلتي (النشر والتبليغ)، هي قرينة قانونية قاطعة لا تقبل إثبات العكس، وأن القاضي يعتمد عليها في الإثبات دون البحث عن دليل آخر (29) ، وأن القرينة المتحصلة من التبليغ تكون أقوى في الإثبات من القرينة المتحصلة عن طريق النشر ذلك لأن التبليغ يؤدي إلى العلم الحقيقي بالقرار كونه يوجه إلى الفرد المعني شخصياً وهو ما لا وجود له في النشر لأن النشر يتم عن طريق الجريدة الرسمية (30).
ثانياً: قرينة القرار الإداري الضمني
تقوم الإدارة في سبيل أداء نشاطها في الحفاظ على الصالح العام وضمان سير المرافق العامة بانتظام واطراد" بإصدار قرارات إدارية للغرض المتقدم بهدف إحداث آثار قانونية في مراكز الأفراد، والأصل أن الإدارة غير ملزمة بأي شكل تصدر به قراراتها إلا إذا الزمها القانون بذلك، فقد تكون صريحة ومكتوبة أو شفوية، وقد تتخذ الادارة موقف الصمت تجاه الظروف التي تواجهها ولا تعبر عن إرادتها ويستمر هذا الصمت خلال المدة القانونية فيعتبر بمثابة قرار أداري ضمني بالقبول أو الرفض (31)، وقد أوردت محكمة القضاء الإداري في مصر معنى القرار الإداري الضمني بتعبيرها" أن (( كلما اتخذت الإدارة مسلكاً يستفاد منه وجود قرار ضمني يتمثل في موقف معين تتخذه الإدارة حيال أمر محدد تكشف عنه ظروف الحال دون افصاح صريح من جانبها )) (32)، ويقصد بالقرار الإداري أنه عمل قانوني يصدر عن سلطة إدارية، وأن القرار الإداري الضمني يقصد به (الموقف الذي تكشف ظروف الحال دون إفصاح على أن الإدارة تتخذه حيال أمر معين)(33)، وهو تعريف عام وواسع، وأن القرار الإداري الضمني في الحقيقة هو سكوت الإدارة وليس موقف إذ معنى الأخير عام يشمل السكوت ،والإفصاح ، أو هو "(تعبير عن موقف سلبي للإدارة، فهي لا ترد على طلب المواطن ولا تعلن عن ارادتها ازاءه) (34) وهذا غير دقيق أيضاً وهو ليس تعبير سلبي عليه يمكن تعريفه بأنه ((القرار الذي يتمثل بسكوت الادارة عن إجابة الطلبات المقدمة لها بالرفض أو القبول خلال المدة التي يحددها القانون))(35)، وهو عكس القرار الإداري السلبي الذي يتمثل بعدم قيام الإدارة بما يجب عليها القيام به قانوناً، ومن خلال التعريف تتبين عناصر القرار الإدارة الضمني، والتي هي:
1. تقديم الطلب
يشترط لقيام قرينة القرار الإداري الضمني أن يكون هناك طلب مقدم إلى الجهة الإدارية من قبل الفرد صاحب المصلحة بالطعن في القرار، وأن هذا الطلب يمكن أن يكون مكتوباً أو شفهياً فهو غير محدد بشكل معين إلا إذا نص القانون على غير ذلك وبالتالي وجوب الالتزام به (36)، إلا أن غرف العمل الإداري قد جرى على أن يكون الطلب مكتوباً، وأن النصوص القانونية المنظمة الإجراءات التقاضي سواء في فرنسا أو مصر أو العراق تفيد بأن الطلب المقدم إلى الإدارة مكتوباً، على الرغم من عدم تحديدها لشكل معين يقدم به الطلب، فقد جاء في قانون مجلس الدولة الفرنسي لسنة 1945 بأن فوات مدة أربعة أشهر على تقديم الطلب إلى الادارة دون أن يصدر قرار بشأنه يعتبر قراراً ضمنياً بالرفض (37)، أما المشرع المصري فقد اعتبر مرور مدة الستين يوماً على تقديم طلب التظلم دون إجابة الإدارة قراراً ضمنياً بالرفض (38)، وعد المشرع العراقي تقديم طلب التظلم شرط لإقامة الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري وعند عدم الإجابة عليه جاز للمتظلم الطعن أما هذه المحكمة، خلال ستين يوماً من تاريخ الرفض الحقيقي أو الحكمي (39)، يفهم من هذه النصوص وجوب تقديم الطلب للجهة الإدارية ويجب أن يتضمن هذا الطلب المعلومات الأساسية التي توضح قصد صاحب المصلحة (40) ، كما لا يشترط أن يكون للجهة الإدارية سلطة مقيدة تجاه موضوع الطلب تبرر سكوتها (41).
2. صمت الإدارة عن الإجابة على الطلب المقدم إليها
والشرط الثاني والأهم هو سكوت جهة الإدارة عن الإجابة على الطلب، فبدونه لا قيام لقرينة القرار الإداري الضمني، وأن هذا السكوت مقترن بمدة قانونية وهذه المدة تختلف حسب نص المشرع عليها في التشريعات الإدارية التي تنظم إجراءات التقاضي، ففي فرنسا فإن مدة سكوت الإدارة عن إجابة الطلب هي أربعة أشهر، إلا أن المشرع في قانون مدونة العلاقات بين الإدارة والأفراد والتي تضمنت إجراءات الطعن أمام المحاكم الإدارية قد أمر بأن صمت الإدارة عن الطلب المقدم إليها مدة شهرين يعتبر في الأصل قراراً بالقبول وبالرفض استثناء وذلك في حالات تعلق القرار بحق مالي أو بمسائل تدخل في النظام العام(42)، وقد اعتبر المشرع المصري مرور مدة الستين يوماً على تقديم طلب التظلم دون إجابة الإدارة عليه بمثابة قرار ضمني بالرفض (43)، أما المشرع العراقي فقد عد سكوت الإدارة مدة (30) يوماً عن إجابة طلب التظلم هو بمثابة قرار اداري ضمني بالرفض (44)، وكذلك الحال في سكوت الإدارة مدة (30) عن إجابة طلب الاستقالة المقدم من الموظف هو قرار إدارة ضمني بقولها (45).
3. مضي المدة القانونية
حتى يكون القرار الإداري الضمني مكتمل الوجود وبالتالي يمكن اعتباره قرينة قانونية، يجب أن تمضي مدة قانونية على تقديم الطلب واستمرار صمت الادارة عن الإجابة، فكما مر في الشرط الثاني فإن صمت الإدارة بمدة قانونية وهي تختلف باختلاف التنظيم القانوني لها، فقد فرق المشرع الفرنسي بين المدة في القرار الضمني بالرفض والمدة في القرار الضمني بالقبول، ففي الأولى يجب مرور أربعة أشهر على تقديم الطلب واستمرار صمت الإدارة تجاهه، أما الثانية فقد ترك أمر تحديدها للقوانين الخاصة فمثلاً تحديد مدة شهرين للإدارة لإصدار ترخيص بالبناء عند تقديم طلب بها، ومدة أسبوع بخصوص فصل العامل لأسباب اقتصادية (46). أما المشرع المصري فقد عد صمت الإدارة على تقديم طلب التظلم (60) يوماً دون إجابة هو قرار اداري ضمني بالرفض (47). أما المشرع العراقي فقد حدد مهلة (30) يوماً بالنسبة للتظلم
فقط، أما ما عداه من الطلبات فلم يضع مدة محددة لها أخضعها للسلطة التقديرية للإدارة (48). بقيت مسألة غاية الأهمية مفادها ما هي القوة القانونية لقرينة القرار الإداري الضمني في الإثبات؟ بمجرد توافر عناصر وجود القرار الإداري الضمني تظهر قرينة القرار الإداري الضمني، وتكون من القرائن القانونية التي يعتمد عليها القضاء الإداري في الإثبات، وأن قوتها تختلف في القضاء الإداري المصري عنه في القضاءين الفرنسي والعراقي، حيث يذهب القضاء الإداري في فرنسا إلى عد قرينة القرار الإداري الضمني من القرائن القانونية القاطعة التي لا تقبل إثبات العكس (49)، لان سكوت الإدارة عن إجابة الطلب أدى إلى قيام قرار إداري ضمني مما لا يمكنها إثبات عكس ذلك (50) ، أما مذهب القضاء الإداري المصري فإنه قد عد قرينة القرار الإداري الضمني قرينة قانونية غير قاطعة تقبل إثبات العكس بمجرد قيام دليل ينفي هذه القرينة، وذلك في حالة المدة مرور في التظلم فإذا قدمت الإدارة ما يثبت على قيامها بفحص التظلم ودراسته، تؤدي الأخيرة قيام قرائن أخرى تنفي قرينة القرار الإداري الضمني (51)، فقد قضت المحكمة الإدارية العليا بأن ((المسلك الإيجابي الذي ينفي قرينة القرار الإداري الضمني لرفض التظلم ليس في بحث التظلم وإنما في إجابة المتظلم إلى طلبه وهو لا يتم إلا عن طريق المسلك الإيجابي للإدارة مصدرة القرار )) (52).
أما المشرع العراقي فقد ساير موقف المشرع الفرنسي وقد عد قرينة القرار الإداري الضمني قرينة قانونية قاطعة غير قابلة لإثبات العكس، ويستفاد ذلك من نص المادة (7، سابعاً، ب) من قانون مجلس الدولة النافذ" والتي أقرت بأن عدم الإجابة على التظلم أو رفضه صراحة أو حكماً يكون على صاحب المصلحة تقديم الطعن أمام المحكمة خلال (60) يوماً من تاريخ رفض التظلم (53) وتطبيقاً قضت محكمة القضاء الإداري في مجلس الدولة العراقي برد دعوى المدعي وتصديق قرار قائم مقام الدجيل المتضمن احتجازه مدة (10) ايام في مديرية شرطة الدجيل طبقاً لقرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (154) لسنة 2001، فقد قدم المدعي التظلم من القرار بتاريخ 2007/6/11 ، إلى المدعي عليه إلا أن الأخير لم يجيب على التظلم مما يعد ذلك قرار اداري ضمني بالرفض، وأن المدعي أقام دعواه في 2008/1/21 ، بين ما تكون الدعوى قد أقيمت خارج المدة القانونية"(54).
______________
1- سليمان محمد الطماوي، النظرية العامة للقرارات الإدارية، دار الفكر العربي مصر ط1 1957 ، ص 438 .
2- حسني درويش عبد الحميد نفاذ وسريان القرار الإداري، معهد الكويت للدراسات القضائية والقانونية، ط1، 2020، ج 2، ص 45.
3- المادة (2، خامساً) من قانون النشر في الجريدة الرسمية العراقي رقم (87) لسنة 1977.
4- سليمان محمد الطماوي، القضاء الإداري الكتاب الثالث قضاء التأديب دار الفكر العربي، مصر، القاهر، ط3، 1987 ، ص 453.
5- أحمد عبد زيد الشمري، اجراءات التقاضي الاداري امام محاكم مجلس الادولة ادراة المركز العربي مصر القاهرة ط1 2022 ، ص 340.
6- المادة (24) من قانون مجلس الدولة المصري رقم (47) لسنة 1972.
7- قرار المحكمة الإدارية العليا في مصر في 2001/6/24 ، نقلاً عن أحمد عبد زيد الشمري، مصدر سابق، ص 431 .
8- المادة (2، خامساً) من قانون النشر في الجريدة الرسمية العراقي رقم (78) لسنة 1972.
9- مصطفى أبو زيد فهمي وماجد راغب الحلو، الدعاوى الإدارية، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، مصر، ط، 2005، ص129.
10- د. محمد حسن جاسم محسن الإثبات بالقرائن أمام القضاء الإداري، أطروحة دكتوراه، كلية القانون، جامعة ،بابل، 2019، ، ص 94.
11- قرار المحكمة الإدارية العليا في مصر في 22 مايو 2007 ، نقلاً عن أحمد عبد زيد الشمري، مصدر سابق، ص 342.
12- سليمان محمد الطماوي، القضاء الإداري ورقابته لأعمال الإدارة، ص 454.
13- أحمد عبد زيد الشمري، مصدر سابق، ص 346.
14- غازي فيصل مهدي وعدنان عاجل عبيد، القضاء الإداري منشورات مكتبة دار السلام القانونية الجامعة النجف الاشرف العراق ط 4، 2020 ، ص 232.
15- علي سعد عمران، القضاء الاداري، مكتبة دار السلام القانونية، العراق، النجف الأشرف، ط، 2016م ، ص 206.
16- قرار المحكمة الإدارية العليا في مصر، في 1961 ، نقلاً عن ماجد راغب الحلو، القضاء الإداري المكتبة القانونية لدار المطبوعات الجامعية، مصر، الإسكندرية، ط، 1995 ، ص 65.
17- د. محمد حسن جاسم محسن الإثبات بالقرائن أمام القضاء الإداري، أطروحة دكتوراه، كلية القانون، جامعة ، بابل، 2019 ، ص96.
18- لفته هامل العجيلي شرح قانون المرافعات المدنية، دار المسلة، بغداد ،العراق، ط1، 2023، ص 143.
19- المادة (1) من قانون المرافعات المدنية العراقي رقم (83) لسنة 1969.
20- ماجد راغب الحلو، دعاوي القضاء الإداري، ص 64.
21- القرار رقم (243 ، قضاء إداري، تمييز، 2020 في 2020/1/30 ) قرارات مجلس الدولة وفتاواه لعام 2020 مجلس الدولة جمهورية العراق، ص 402 .
22- د. محمد حسن جاسم، الإثبات بالقرائن أمام القضاء الإداري، ص 98 ، رائد محمد يوسف، نفاذ القرارات الإدارية بحق الأفراد، وسالة ماجستير في القانون العام جامعة الشرق الأوسط، كلية الحقوق، 2013، ص 55.
23- أحمد عبد زيد الشمري، مصدر سابق، ص 349.
24- المادة (18) من قانون المرافعات المدنية العراقي رقم (83) لسنة 1969.
25- رأفت ،فوده أصول وفلسفة قضاء الإلغاء، دار النهضة العربية مصر القاهرة، ط، 2018،2017 ، ص 448.
26- سليمان محمد الطماوي، القضاء الإداري ورقابته لأعمال الإدارة دار الفكر العربي، القاهرة، مصر، ط3، 1961 ، ص356.
27- مصطفى أبو زيد فهمي وماجد راغب الحلو، الدعاوى الإدارية، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، مصر، ط، 2005 ، ص 126.
28- القرار رقم (393 ، قضاء موظفين، تمييز، 2017 في 2019/6/20) قرارات مجلس الدولة وفتاواه لعام 2019، مجلس الدولة جمهورية العراق، ص 362 .
29- مرعي محمد عبد الله الفلاح، الإثبات بالقرائن أمام القضاء الإداري، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، مصر، ط، 2019، ص 436 .
30- د. محمد حسن جاسم محسن الإثبات بالقرائن أمام القضاء الإداري، أطروحة دكتوراه، كلية القانون، جامعة ،بابل، 2019 ، ص 102.
31- Aurelien Desgree. Le silencede Administration Recherhe surla de cision implicit. these De Doctorat de. L'unirersite de Nantes. 2021. p2.
32- قرار محكمة القضاء الإداري في مصر في 1957/4/9 ، نقلاً عن يحيى جلال عبد الله، الرقابة القضائية على القرارات الضمنية للإدارة، مطبعة يادكار، السليمانية، العراق، ط1، 2020، ص 41.
33- رأفت فوده، عناصر وجود القرار الإداري، دار النهضة العربية مصر القاهرة، ط، 2010، ص89.
34- دايم نوال القرارات الإدارية الضمنية والرقابة القضائية عليها رسالة ماجستير جامعة أبو بكر بلقايد، تلمسان، كلية الحقوق والعلوم السياسية الجزائر، 2010، ص8.
35- د. محمد حسن جاسم الإثبات بالقرائن أمام القضاء الإداري، ص78.
36- مرعي محمد عبد الله الفلاح، الإثبات بالقرائن أمام القضاء الإداري، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، مصر، ط، 2019 ، ص 413.
37- محمد علي محمد عطا الله، الإثبات بالقراءة في القانون الإداري والشريعة الإسلامية، أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق جامعة أسيوط، مصر، 2001، ص201.
38- المادة (24) من قانون مجلس الدولة المصري رقم (47) لسنة 1972.
39- المادة (7، سابعاً، ب) من قانون مجلس الدولة العراقي رقم (65) لسنة 1979.
40- مرعي محمد عبد الله الفلاح، الإثبات بالقرائن أمام القضاء الإداري، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، مصر، ط، 2019، ص 414.
41- دايم نوال القرارات الإدارية الضمنية والرقابة القضائية عليها رسالة ماجستير جامعة أبو بكر بلقايد، تلمسان، كلية الحقوق والعلوم السياسية الجزائر، 2010، ، ص19.
42- المادة (231_1_2_3_4) من مدونة العلاقات بين الافراد والإدارة الفرنسي 2016/1/1.
43- المادة (24) من قانون مجلس الدولة المصري رقم (47) لسنة 1972.
44- المادة (7 ، سابعاً، ب) من قانون مجلس الدولة العراقي رقم (65) لسنة 1979.
45- المادة (35 ،2) من قانون الخدمة المدنية العراقي رقم (24) لسنة 1960.
46- مرعي محمد عبد الله الفلاح، مصدر سابق، ص 416.
47- محمد علي محمد عطا الله، الإثبات بالقراءة في القانون الإداري والشريعة الإسلامية، أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق جامعة أسيوط، مصر، 2001 ، ص 204.
48- د. محمد حسن جاسم، الإثبات بالقرائن أمام القضاء الإداري، ص 84.
49- مرعي محمد عبد الله الفلاح، مصدر سابق، ص 418.
50- قصاب ماحي، الرقابة القضائية على القرار الإدارة الضمني رسالة ماجستير معهد الحقوق والعلوم السياسية المركز الجامعي، الجزائر، 2017، ص33.
51- محمد علي محمد عطا الله، الإثبات بالقراءة في القانون الإداري والشريعة الإسلامية، أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق جامعة أسيوط، مصر، 2001 ، ص215.
52- حكم المحكمة الإدارية العليا في مصر في 1984/1/3 ، نقلاً عن مرعي محمد عبد الله الفلاح، مصدر سابق، ص 419.
53- د. محمد حسن جاسم محسن الإثبات بالقرائن أمام القضاء الإداري، أطروحة دكتوراه، كلية القانون، جامعة ،بابل، 2019 ، ص 86.
54- قرار محكمة القضاء الإداري في العراق، (18 ، قضاء أداري، 2008 في 2008/3/26)، قرارات مجلس الدولة وفتاواه لعام 2008 ، مجلس الدولة جمهورية العراق، ص 534
الاكثر قراءة في القانون الاداري
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
