الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
مسؤوليات المعلم / تحرير العقل من أغلاله
المؤلف:
أ. د. عبد الكريم بكَار
المصدر:
حول التربية والتعليم
الجزء والصفحة:
ص 177 ــ 179
2025-08-15
16
إن الأسر في البيوت والمعلمين في المدارس يشتغلون على جهاز واحد، ويعملون من أجل أهداف واحدة - وإن اختلف المستوى، ولكن انتشار بعض المفاهيم الخاطئة حول مهام المعلمين ومسؤولياتهم، والحاجة إلى بلورة أفكار محددة، دعت إلى كتابة هذه الحروف الصغيرة هنا.
إن مسؤوليات المربين والمعلمين، تزداد اتساعا، لاتساع حاجات العيش في زماننا الصعب، ولكثرة المشكلات التي تواجه الشباب في ميادين الحياة المختلفة؛ فعمل المعلم اليوم مزيج من مهام الأب والقائد ومدير المشروع والناقد والمستشار والشارح!، ومن أهم المسؤوليات التي نعتقد أن على المعلم أن يضطلع بها:
ـ تحرير العقل من أغلاله: العادات العقلية ظروف شرطية للكفاية الفكرية، فهي تحدد للعقل التخوم والمدارات التي سيعمل فيها، كما أنها تحول دون شروده وبحثه في مسائل لا تلائم الواقع. وعلى الرغم من أهمية ذلك، فإن العادة عندما تصبح نسقا مطردا رتيبا، فإنها تغلق الباب في وجه التفكير، وتصده إلى درجة أن الحاجة إلى التفكير تنعدم، أو تصبح غير ممكنة (1).
من الواضح أن نوعية الثقافة، وأشكال المقولات التي (تقولب) عقلية المرء، هي التي تحدد آفاق فكره، كما تحدد طبيعة امتصاصه للمعارف، وطبيعة تحليلها والاستفادة منها؛ ولذا فإن كل ثقافة لا تخضع للتمحيص والمراجعة على نحو مستمر، يمكن أن تتحول إلى أغلال تكبل العقل، وتحوله من أداة تحرر وارتقاء إلى أداة تكرس الأخطاء وتنتجها، ولنضرب مثالين لتوضيح ما نريد:
أ- حين يعتقد شخص أو أهل بلد (الولاية) في شخص، فإن طبيعة ذلك الاعتقاد، تولد عددا من عادات التفكير لديهم؛ فإذا قال بعض الناس: إن ذلك الشخص ليس بِولي، ساد توقع بأن أذى ما سيحل بذلك الجاحد. وإذا أكل ذلك الولي في بيت قوم، وأصابهم بعد ذلك خير، فببركة أكله عندهم. وإذا عمل عملا مخالفا، لأحكام الشريعة، فإن الناس يكذّبون الناقل، أو يقولون: إنه واهم في رؤيته، أو إن ذلك العمل ليس محرّما، وقد يكون فعله ليخفف من وتيرة اعتقاد الناس بصلاحه... وهكذا يكون اعتقاد أهل ذلك البلد بولاية ذلك الشخص، قد حدد أفق التفكير والتحليل والتعامل مع المعلومات الواردة. ومع مرور الأيام يعمم العقل هذا الأسلوب ليستخدمه في حالات كثيرة أخرى، مما يؤدي إلى ترسيخ عادات فكرية ونفسية ذرائعية وخرافية!
ب- أكثر ظواهر الحياة تتحكم في وجودها وتطورها عوامل داخلية وأخرى خارجية، فحين ينهزم جيش في معركة ما، فإن الشيء المألوف أن تحدث الهزيمة نتيجة قصور ذاتي وضعف داخلي، ونتيجة ضغط جيش الأعداء، لكن حين تكون عقلية الجيش المهزوم مشوهة، فإنه قد يقول: إنه لم يهزم، وإنه حقق مكاسب هائلة، وحين يقر بالهزيمة، فإنه يرد أسبابها إلى العوامل الخارجية فقط؛ فقوة عدوه، وليس ضعفه، هي السبب فيما حصل!!
ولا يخفى أن كثيرين من أبناء الأمة يرون أن ما حصل من فتن واحتراب في تاريخنا الإسلامي، كان بسبب عناصر مدسوسة، أو تآمر أممي. وسقوط الدولة العثمانية كان بسبب تآمر أوربا. وقوة الاقتصاد اليهودي في فلسطين السليبة بسبب المعونات الأمريكية... وهكذا فكل شيء عندنا على ما يرام، والسبب في مصائبنا هم الآخرون!! ونجد بعد هذا أن من مستلزمات (التفسير التآمري) للواقع والتاريخ اللجوء الدائم إلى عادة (الانتقاء) الذي يمكن العقل من القيام بعمله وفق الثقافة (التآمرية) السائدة. فإذا جاء نص يؤكد القصور الذاتي في حدث تاريخي فاجع، كان ذلك النص مكذوبا، أو بحاجة إلى تمحيص... وإذا جاء نص يؤكد وجود تآمر خارجي، فإنه يقبل دون تردد!!
إن مهمة المعلم أن يحرر عقول الطلاب من كل المقولات والطروحات والأنماط والعادات الخرافية والعنصرية والإقليمية والقبلية، ويقوم إلى جانب ذلك بتأسيس العقلية المنهجية السببية التي أرسى قواعدها القرآن الكريم، وعليه أن يستعين بالخبرات التي خلفها كفاح البشرية ضد استعباد الثقافات المحدودة للعقول، وضد أشكال التحيز والرؤى المشوهة والأحكام المبتَسرة... وحتى يستطيع المعلم أن يفعل ذلك فإن عليه أن يثقف نفسه على نحو مستمر بثقافة عالمية، تمكنه من الموازنة الصحيحة، وتخرجه من سجن الخبرات الفجة والقراءات الناقصة للماضي والحاضر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ قاموس (جون ديوي للتربية): 142.
الاكثر قراءة في التربية العلمية والفكرية والثقافية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
