باب الراء
المؤلف:
ابن السّراج النحوي
المصدر:
الأصول في النحو
الجزء والصفحة:
ج3، ص: 167-157
2025-08-04
360
باب الراء الراء فيها تكرير في مخرجها فاذا قلت : راشد وفراش لم تمل لانهم كأنهم تكلموا براءين مفتوحتين فصارت بمنزلة الفاف وتقول : هذا حمار ورأيت حمارا فلا تمثيل ولو كان غير الراء لا ملت وأما في الجر فتميل الالف كان أول الحرف مكسورا أو مفتوحا أو مضموما لانها كأنها حرفان مكسوران فإنما تشبه القاف مفتوحة وذلك قولك: من حمارك ومن عوارك ومن المعار ومن الدوار(1) وجميع المستعلية اذا كانت الراء مكسورة بعد الالف غلبت الراء وذلك قولك قارب وغارم وهذا طارد قويت على هذه الالف اذ كنت إنما تضع لسانك في موضع استعلاء ثم تنحدر فإن كان المستعلي بعد الراء لم تمل تقول هذه ناقة فارق(2) وأينُق مفاريق فتنصب كما فعلت ذلك حين قلت : ناعق ومنافق ومناشيط وقالوا : من قرارك فغلب الراء المكسورة الراء المفتوحة كما غلبت الحرف المستعلي وقوم من العرب يقولون الكافرون والكافر والمنابر لبعد الراء ولم تقوقوة المستعلية لأنها من موضع اللام وهي قريبة من الياء، ألا ترى أن الألثغ يجعلها ياء، وقوم آخرون نصبوا الألف في النصب، والرفع ، وأمالوا في الجرّ (3)، ومَنْ قالَ: مررتُ بالحِمَارِ فلم يمل، قال: مررتُ بالكَافِر فنصبَ الألف، قال(4): وقد قال قوم ترضى عربيتهم : مررتُ بِقَادرٍ ،قَبلُ سمعنا مَنْ نثقُ بهِ مِنَ العرب يقول وَهُوَ هُدبة ابن خشرم (5) : عَسَى اللَّهَ يُعْنِي عَنْ بِلادِ ابْنَ قَادِرٍ بمنهمر جَوْنِ الرِّبَابِ سَكُوبِ (6) والأجود ترك الإمالة(7)، ومَنْ يقولُ: مررتُ بكافِرٍ أكثرممن يقولُ : بقادر (8)، ومِنَ العرب مَنْ يقولُ : مررتُ بحمار قاسم ، فينصبون للقاف، ومَنْ قالَ : بالحِمَارِ قبلُ قالَ مررتُ بِفَارٍّ قَبْلُ، وقال: كانت قوارير (9) قوارير مِنْ فِضَّةٍ، ومَنْ قالَ : جَادٌ(10)، لم يقل: هَذا فَار، لقوة الراءِ هُنَا، وتقول : هذه دَنَانيرُ ، كما قلت كَافِرٌ ، ودَنَانيرُ، أجدر لأن الراء أبعد، والذين يقولون : هَذا دَاع في الوَقفِ، فلا يميلون، لأنهم لم يلفظوا بالكسرة (11)، يقولون : مررتُ بحِمار، لأنَّ الراء كأنها عندهم مضعفة، راء(12) مكسورة قبل راء، ومَنْ قالَ أَرادَ أَن يُضرِبَها ،قَاسِمٌ قالَ: أَراد أَن يَضْرِبَها رَاشد، والراء أضعفُ (13)، ورأيتُ عِفْراً مِثلُ عِلْقَاً، وعِيرا مثلُ : ضيقا، وهذا عمران مثلُ حمقان، وقوم يقولون : رأيتُ عِفْرَا، يشبهونها (14) بألف «حُبلى» وقالوا : رأيت غيرا، وقالوا : النِغْرانُ (15) وَعِمران ، ولم يقولوا: يرقان(16)، وقالوا : هَذا جرابٌ وذَا فَراس لما كانت الكسرة أولاً والألف زائدة شبهت، بنغْرَانٍ . واعلم : أنهم يشبهون الهاء بالألف فيميلون، يقولون : ضربتُ ضَرْبَة، وأخذتُ إخذه . ذكر الفتحة الممالة نحو الكسرة : يقولونَ مِنَ الضَّررِ، ومِنَ البعرِ، ومِنَ الكِبَر، ومن الصغر، قياسُ هَذا الباب أن تجعل (17) مما يلي الفتحة بمنزلة ما يلي الألف، وتقولُ: مِنْ عَمْرٍو، فتميل فتحة العين، لان الميم ساكنة، وتقولُ : مِنَ المُحَاذِر فتميل فتحة الذال ، وتقول : رأَيتُ خَبَطَ الريف، كما قالوا: مِنَ المَطرِ، ورأيتُ خبط فرند(18)، وحُكِي الإشمام في الضمةِ، هَذا خَبَطُ رياح ، ومِن المُنقُرِ (19)، وقالَ: مَررتُ بعير (20) ، فَلَم يُشم لأنها تخفى مع الياء، ومررتُ بعير، لأن العين مكسورة، ويقولون: هذا ابنُ ثَورٍ، وَمَنْ لَم يُمَلْ بِمَالِ قاسم ، لَمْ يُمل: خَبَطَ رياح (21) : ومَنْ قالَ : مِنْ (22) عَمْرو، والنَّعْرِ فَأَمالَ، م يُمل [ مِن ] (23) الشَّرقِ، لأنَّ بعدَ الراءِ حرفاً مستعلياً، وَيَحْسِبُ لا يكونُ فيه إلا الفتح في الياء والنون والهمزة. واعلم: أنهم ربما أمالوا على غير قياس، وإِنَّما هُوَ شَاةٌ، وذلك: الحجاج إذا كان اسماً، وأكثر العرب ينصبهُ، والناسُ تُميلُه مَنْ لا يقولُ: هَذا مَالٌ، وهم أكثرُ العَربِ، وإن جميع ما يُمالُ تَرْكُ إِمالتِه جَائز، وليس كُلُّ مَنْ أَمالَ شيئاً وافق الآخر فيهِ مِنَ العرب (24) فإذا رأيت عربياً قد أمال شيئاً وامتنع منه آخر فلا تُرِينَّ أَنْهُ غَلط .
ذكر عدةِ ما يكون عليه الكلمُ: مَا جاءَ على حرف قبل الشيء الذي جاء به. الواو للعطف، وليس فيه دليل أن أحدهما قبل الآخر، والفاء كالواو غير أنها تجعل ذلك بعضَهُ أثر بعض، وكافُ الجر للتشبيه(25)، ولام الإضافة، ومعناه الملك واستحقاق الشيء، باءُ الجر للإلزاق والاختلاط، وواو القسم كالباء، والتاء في القسم بمنزلتها، والسين في «سيفعل» قال(26) الخليل: إنَّها جواب «لَنْ (27) والألفُ للاستفهام، ولام اليمين في لأفعلن»، واللام في الأمر : ليقم زيد، ما جاءَ بعد علامة للإضمار وهي الكاف والتاء والهاء(28) ، وقد تكون الكافُ غير اسم، للمخاطبة فقط نحو: ذاك، والتاء تكون بمنزلتها للخطاب فقط وهي التي في انت ما جاء على حرفين : من الأسماءِ : يَدٌ، ودَمٌ ، ودَدُ (29) ، وسَة (30)، ومن الأفعال : خُذْ، وكل، ومر، وبعضُهم يقولُ: أُوكُلْ، كما أَنَّ بعضهم يقول في «غد»: عدو، وما لحقته الهاءُ مِنَ الأسماء نحو: ثَبَةٍ (31) ، ولِيَّةٍ ، وشِيَةٍ (32) ، ورِيَّةٍ ، وَعِدَةٍ، ولا يكونُ شَيء على حرفين صفةً من (33) حيث قل (34) في الاسم. ومِن الحروف: أم، وأَوْ، وهَلْ للاستفهام، ولم نَفْيُ فَعَلَ، وَلَنْ: نفي سيفَعلُ، وإن للجزاء، وتكون لغواً في «ما إِنْ تَفعلُ» وتكون كافةٌ لِمَا» في لغة (35) أهل الحجاز، كما تكفُ «إِنَّ الثقيلة، وتجعلها من حروف الابتداء، وما : هو يفعل إذا نفي الحال، وتكون «كليس» وتوكيداً لغواً، وقد يغير كان في الحرف عن عمله، نحو: إنّما، وكأنما ،ولعلَّما جعلتهن بمنزلة حروف الابتداء، ومن ذلك حيثما صارت بمجيئها بمنزلة «إنْ» فهي مغيرة في الموضعين، إلا أنها تكف العامل عن عمله، ويعمل ما كان لا يعمل قبل مجيئها، وتكون «إنْ» كما في معنى لَيسَ «ولا» تكونُ (36) كما في التوكيد واللغو، لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الكِتابِ ) (37) [أي](38): لأن يعلم، ونفي لقوله : يفعل، ولم يقع الفعلُ. وقد تُغيرُ الشيء عَنْ حالهِ كَمَا تَفعلُ «ما» وذلك قولك: «لولا» صارت [لو ] (39) في معنى آخر، وهلا صيِّرتها في معنى آخر، وتكون (40) ضِدًّا لِنَعَمْ وبَلى، و«أن تكونُ بمنزلة لام القسم في قولك: والله أن لو فَعَلْتَ وتوكيداً في «ما» أنْ فَعَلَ وقد تلغى «إنْ» مع «ما» إذا كانت اسماً، وكانت حيناً، قال الشاعر :
ورج الفتى للخير ما إنْ رأَيْتَهُ عَنِ السِّنِ خيراً لا يزالُ يَزيدُ(41) كي جواب لقولهِ : لِمَهُ، «بل» لترك شيء من الكلام وأخذ في غيره. «قَدْ» جواب لقوله : لما يَفْعل . وزعم (42) الخليل : أَنَّ هَذا لقوم ينتظرون(43) الخبر، وما في الماء مغيرة عن حال «لم» كما غيرت لو إذا قلت (44) «لوما» ألا تَرَى أَنَّكَ تقول: «لما» ولا تتبعها شيئاً، ولا تقول ذلك «لَمْ» وتكونُ «قَدْ» بمنزلة «ريما» (45) «لو» لِمَا كانَ سيقعُ لوقوع غيره. ياه، تنبيه (46). من: لابتداء الغاية في الأماكن، وكتبتُ مِنْ فلانٍ إلى فلانٍ فهذا في الأسماء أيضاً غير الأماكن، ويكونُ في التبعيض، وتدخل للتوكيد بمنزلة «ما» إلا أنها تجر، وذلك ما أتاني من رجل وكذلك: ويحه من رجل أكدتهما» لأنَّه يمن موضع تبعيض، فأراد أنه لم يأته بعضُ الرجال، والناس. وأراد في «وَيْحَهُ التعجب مِنْ بعض الرجال. هَذا لفظ سيبويه . قال : وكذلك: لي ملؤهُ مِنْ عَسل. وهو أفضلُ مِنْ زِيدٍ وإِنَّما أراد أن يفضله على بعض، وجعل «زيداً» الموضع الذي ارتفع منه أو سفل، وكذلك: أخزى الله الكاذب مني ومنك إلا أَنَّ هَذا، وأفضلُ منك، لا يستغني عن «من» فيهما (47) ، لأنها توصل الأمر إلى ما بعدها وقد تكون باء الإضافة بمنزلتها في التوكيد وذلك: ما زيد بمنطلق (48) ، وكذلكَ : كفى بالشيب واعظاً (49) ورأيته من ذلك الموضع ، جعلته غاية رؤيتِكَ، كما جعلته غاية، حيث أردت الابتداء والمُنتهى، وأل : تعرفُ الاسم (50) مذ: ابتداء غاية الأيام والأحيان ولا تدخلُ مُذ على ما تدخل عليهِ مِنْ وكذلكَ مِنْ في مذ(51). في : للوعاء، عَنْ، لما عدا الشيء (52). ما جاء على حرفين : من الأسماء غير المتمكنة، وهي تجيء أكثر من المتمكنة، ذَا وَذِهْ، معناهما أنك بحضرتهما، أنا علامة المضمر، وَهُوَ وَهيَ : كَمْ: وهي للمسألة عن العددِ. مَنْ : للمسألةِ عَنِ الأناسي، ويكون بها الجزاء للأناسي . ويكون بمنزلة «الذي» للأناسي: نا مثل «مَنْ» إِلَّا أَنَّ «ما» مبهمةٌ تقع على كُلّ شيءٍ، وأن بمنزلة «الذي» مع صلتها فتصير: تريد أن تفعل بمنزلة الفعل، قط معناها الاكتفاء مع للصحبة، مذ، فيمن رفع بها بمنزلة، إِذَا وحيثُ عَنْ»: اسمٌ إِذا قلت : مِنْ (53) عَنْ يَمِينِكَ عَلَى : معناها :
الإتيان من فوق(54) اذ لما مضى من الدهر وهي ظرف بمنزلة مع وأما ما هو في موضع الفعل فقولهم مه صه حل للناقة سا للحمار.
___________________
1-كأنك قلت : فُعالل وفَعالل وفِعالل
2-الفارق: الناقة التي أخذها المخاض فانفرقت وانفردت.
(3) انظر: الكتاب 2/268
(4) أي: سيبويه، انظر: الكتاب 2/269
(5) انظر: الكتاب 2/269، والذي يثق به سيبويه هو أبو زيد الأنصاري.
(6) من شواهد الكتاب 2/269، على إمالة الألف من قادر وإن كان قبلها الحرف المستعلي وهو القاف المانع من الإمالة لقوة الراء المكسورة على الإمالة وكذلك استشهد به 478/1 على تجريد خبر «عسى» من «أن». والمنهمر: السائل والجون الأسود والرباب السحاب الأبيض أو ما تدلى من السحاب دون سحاب فوقه السكوب المنصب. وانظر المقتضب 3/48، والشعر والشعراء ،2/667وحماسة البحتري / 7، والكامل للمبرد / 112، وشرح الحماسة 2/678، وشرح السيرافي 5/362وارتشاف الضرب / 1235 ، وابن يعيش ،117/7 ، والحجة لأبي علي 306/1.
(7) في المقتضب للمبرد 3/48 فإن وقع قبل الألف حرف من المستعلية وبعد الألف الراء المكسورة حسنت الإمالة التي كانت تمتنع في «قاسم» ونحوه من أجل الراء وذلك قولك : هذا قارب وكذلك إن كان بين الراء وبين الألف حرف مكسور إذا كانت مكسورة تقول مررت بقادر یا فتی ...
(8) لأنها من حروف الاستعلاء.
(9) في الأصل «قواريراً» وجاء في سورة الإنسان : {16 قواريرا من فضة قدورها تقديراً}.
(10) في الأصل «جار» وانظر: الكتاب 2/270
(11) يعني كسرة العين .
(12) في (ب) ياء وهو خطأ.
(13) أي : أن الراء أضعف من العين .
(14) في «ب» شبهوها .
(15) النفران: نفر، غلا جوفه وغضب، والنفرُ : الغضبان.
(16) برقان جمع ،برق، لم يقولوا هذا لأنه من الحروف المستعلية.
(17) في «ب» ما يلي .
(18) فرند: السيف وجوهره .
(19) المنقر: جمع مناقير على غير قياس الخشبة التي تنقر للشراب، البئر الصغيرة الضيقة الرأس أو الكثيرة الماء البعيدة القعر الحوض.
(20) عير حمار الوحش
(21) انظر الكتاب 2/271
(22) في الأصل منه والتصحيح من اب.
(23) زيادة من «ب».
(24) من العرب ساقط في «ب».
(25) في سيبويه :2/304وكاف الجر التي تجيء للتشبيه وذلك قولك : أنت كزيد. (26) في (ب) زعم .
(27) انظر: الكتاب 2/304
(28) نحو الكاف في رأيتك وغلامك والتاء التي في فعلت وذهبت والهاء التي في عليه .
(29) دد: اللهو، وعند بعضهم الحسن، ومن معانيه الحين من الدهر. ولعل الحسن
محرف من الحين .
(30) سه : هو الاست محذوف ،العين وهذا من الشاذ، ولم يأت من الأسماء ما حذفت عينه إلا هذا الحرف، وانظر: المنصف 1/61
(31) ثبة جمع ،ثبات الجماعة وسط الحوض، لأن الماء يجمع في وسطه. العصبة من الفرسان .
(32) شية : يقال: وشى يشي وشياً وشية الثوب، حسنه بالألوان ونمنمه ونقشه والكلام : كذب فيه .
(33) من: ساقط من «ب».
(34) قل : ساقط في «ب».
(35) في (ب) قول.
(36) في (ب) وتكون «لا».
(37) الحديد : 29 .
(38) أضفت كلمة «أي» لإيضاح المعنى .
(39) أضفت كلمة «لو» لإيضاح المعنى .
(40) الضمير في تكون يعود على «لا».
(41) مر تفسيره في هذا الجزء / 174 .
(42) في «ب» وقد زعم.
(43) انظر الكتاب 2/307
(44) أضفت كلمة «لو» إذا قلت لإيضاح المعنى .
(45) كقول الهذلي :
قد أترك القرن مصفراً أنامله كان أثوابه مجت بفرصاد قال سيبويه : كأنه قال: ربما .. لأن فيها توقعاً. وانظر: الكتاب 2:307
(46) انظر الكتاب 2/307
(47) في الأصل فيها».
(48) انظر: الكتاب 2/ 307
(49) زيادة من (ب).
(50) كقولك : القوم، والرجل.
(51) انظر: الكتاب 2/308
(52) قال سيبويه : وأما «عن» فلما عدا الشيء وذلك قولك : أطعمه عن جوع، جعل
الجوع منصرفاً تاركاً له قد جاوزه.
(53) لأن من لا تعمل إلا في الأسماء.
54-يريد أن معنى على معنى فوق وأن الجر دخله لأنه قدره نكرة غير مضاف الى شيء في النية وبقاؤه على الضم أكثر لتضمنه معنى الاضافة كقبل وبعد .
الاكثر قراءة في موضوعات أخرى
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة