لقد توعَّد الله تعالى المعرضين عن التوبة والإنابة إليه بالعذاب الأليم، وأمر الله سبحانه وتعالى عباده بالمبادرة الى التوبة قبل حلول الأجل ونزول الموت ، وما دام ابن ادم حيا ، فان باب التوبة مشرع لديه ، فيمكنه ان يصلح ماضيه ويضع نفسه في طريق السعادة والتكامل ، وان يتوب توبة نصوحة .
والتوبة النصوح هي: الندم المثمر بالإقلاع عن الذنب والعزم على عدم العودة إليه.
ويؤكد الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم):
((ان الله تعالى يتوب على عبده قبل سنة من موته ، بل سنة كثير، وإنه يتوب عليه قبل شهر، بل شهر كثير ، وانه يتوب عليه قبل اسبوع من موته، بل اسبوع واحد كثير، وانه يتوب عليه قبل يوم ، بل يوم كثير، وانه يتوب على ابن ادم قبل لقائه ملك الموت ان تاب واستغفر....)))1).
اي ان الله سبحانه تعالى يقبل التوبة من عبده المذنب حتى قبل ان ينظر الى عالم الاخرة بلحظة ، ولكن لا ينبغي التسويف في التوبة ايكالها الى الغد وما بعده، اذ ما هي الضمان لديه في ان يبقى حيا الى الغد؟ وهل الذين ماتوك كانوا يعلمون بموعد انقضاء آجالهم.
وان من المستحسن ان يزور الانسان القبور ، ليعلم ان اهلها نائمون تحت اكداس من التراب، وكان فيهم من هو اعلم واذكى واغنى واقوى واكثر – او اقل – عمرا منه .
فكل واحد منهم كان يمني نفسه العديد من الاماني ، ولكن ماهي النهاية التي انتهى اليها ؟ وهل حقق جميع الموتى أمانيهم؟
فعلى العبد ان يتقي الله سبحانه وتعالى ما دامه في وقت الإمهال، وعلى العباد المبادرة بالتوبة النصوح قبل حلول الآجال، قبل إسبال الحجاب وطي الكتاب على ما فيه، بادروا قبل طلوع الشمس من المغرب، فإنها آية من أكبر الآيات الدالة على قيام الساعة، فبادروا بالتوبة - يا عباد الله - امتثالاً لأمر الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ} (2).
ومهما عملت أيها العبد من الذنوب والخطايا، ثم تبت منها، فإن الله يغفرها ولا يبالي، فاسمع قول الله جل وعلا: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (3).
فعند نزول العذاب، يبدأ الإنسان يتحسر ويندم في حين لا ينفع الندم، ويقول فيما أخبر الله عنه: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حسرتي عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}(4) قال الله تعالى رداً عليها: {بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ} (5).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - الكافي :ج1،ص244،ح2.
2- التحريم:8.
3 - الزمر:53.
4 - الزمر:56 – 58.
5- الزمر:59.







وائل الوائلي
منذ 5 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN