ان النية روح العمل وحقيقته ، وتوقف نفع العمل عليها دون العكس ، وكون الغرض الاصلي من العمل تأثير القلب بالميل الى الله عز وجل، فهي خير من العمل ، بمعنى ان العمل اذا جزء الى اجزائه يكون الجزء القلبي (اي النية) خير من الجزء الجسماني ( اي ما يصدر من الجوارح).
فان ميل القلب انما يحصل عند جزم النية، وان عاق عن العمل عائق( فلن ينال الله لحومها ولا دماء ها ولكن يناله التقوى منكم) فان التقوى صفة من صفات القلب وورد ان من هم بحسنة ولم يعملها كتبت له الحسنة، لان هم القلب هو الميل الى الخير وانصرافه عن الهوى ، وهو غاية الاعمال الحسنة وان الاتمام بالعمل يزيدها تأكيدا ففي الحديث المشهور (نية المؤمن خير من عمله ، ونية الكافر شر من عمله وكل عامل يعمل على نيته) .
أن المؤمن ينوي خيرات كثيرة خارجة عن قدرته وهو يثاب بها بدون عمل فنيته بهذا الاعتبار خير من عمله لأن ثواب النية أكثر من ثواب العمل .
ومن المعاني الصحيحة للحديث: ان المؤمن بمقتضى ايمانه وخيرات كثيرة لا يوفق لعملها، اما لعدم تمكنه من الوصول الى اسبابها ، او لعدم مساعدة الوقت على عملها ،او لممانعة رذيلة نفسانية عنها بعد الوصول الى اسبابها، كالذي ينوي ان اتاه الله مالا ينفقه في سبيلة ، اثم اتاه الله المال فيمنعه البخل عن الانفاق ، فهذا نيته خير من عمله .
وكذلك المؤمن الذي ينوي دائما ان تقع عبادته على احسن الوجوه، لان ايمانه يقتضي ذلك، ثم اذا اشتغل بها لا يتيسر له ذلك ، ولا يأتي بها كما يريد .
والى هذا اشاره الامام الباقر (عليه السلام) حيث قال : نية المؤمن خير من عمله ، وذلك لأنه ينوي الخير ويأمل من الخير ما لا يدركه ، ونية الكافر شر من عمله، وذلك لان الكافر ينوي الشر ويأمل من الشر ما لا يدركه.
وقيل للصادق(عليه السلام) : سمعتك تقول: نية المؤمن خير من عمله ، فكيف تكون النية خير من العمل؟ قال (عليه السلام) (لان العمل انما رياء للمخلوقين، والنية خالصة لرب العالمين، فيعطي الله عز وجل على النية ما لا يعطي على العمل.
ثم قال ان العبد لينوي من نهاره ان يصلي بالليل فتغلبه عينه فينام، فيثبت الله له صلاته ويكتب نفسه تسبيحا ويجعل نومه صدقة).
وأن نية المؤمن اعتقاد الحق وإطاعة لله سبحانه وتعالى لو خلد في الدنيا وهي خير من عمله إذ ثمرتها الخلود في الجنة ،بخلاف عمله فإنه لا يوجب الخلود فيها ،ونية الكافر اعتقاد الباطل ومعصية لله سبحانه وتعالى لو خلد فيها وهي شر من عمله إذ ثمرتها الخلود في النار بخلاف عمله .
أن العمل ليس أشق من النية بل الأمر بالعكس لأن النية ليست مجرد التلفظ مخصوص وحصول معناه في القلب بل حصولها متوقف على تنزيه الظاهر والباطن عن الرذائل كلها وتوجه القلب إلى الله سبحانه وتعالى بالكلية وإعراضه عن جميع ما سواه وتطهير العمل عن جميع ما يوجب نقصه وفساده ولا ريب في أن النية على هذا الوجه أشق من العمل كما يدل عليه ما روى عن الامام علي (عليه السلام) « أن تصفية العمل أشد من العمل وتخليص النية من الفساد أشد على العاملين من طول الجهاد ».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*ينظر: جامع السعادات ، المولى محمد مهدي النراقي.







وائل الوائلي
منذ 5 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN