الشيخ الانصاري والشيخ خنفر رحمهما الله :
كان الشيخ الأنصاري رحمه الله طالب علم ثم اصبح مدرسا فمرجعا عاما للتقليد يرجع اليه الملايين من المسلمين وتجبى اليه الاموال الكثيرة ،وعندما مات لم تزد تركته على سبعة عشر تومانا مع انه كان يعيل زوجة واطفالا وكذلك امه التي تعيش معه ، كما كان يأتيه الضيوف من كل مكان .
وكان يعاصر الشيخ الانصاري عالم جليل القدر يدعى الشيخ محسن خنفر ، وكان رحمه الله أكبر سنا منه وان كان دونه في المنزلة العلمية.
مرض ( الشيخ خنفر) أخر ايام حياته مرضا ألزمه داره ، فأخبره الشيخ الانصاري بذلك ، فتألم ودعا له، ولما اعوز الشيخ خنفر بعض المال ارسل له الشيخ الانصاري كيسا من الذهب – وكان عمدة الاموال يومئذ الذهب والفضة وكانت تجبى في اكياس – لكي يأخذ حاجته منه.
وفعلا فان الشيخ خنفر لم يكن ليأخذ أكثر من دينار وثلاثة أرباع الدينار – اي مثقالا من الذهب وثلاث ارباع المثقال – ثم ارجع الباقي وقال: ابلغوا شكري للشيخ مرتضى واخبروه انني أخذت كفايتي.
وعندما توفي الشيخ خنفر بعد مدة وجيزة تبين ان ما اخذه كان فعلا بمقدار حاجته لما تبقى من حياته .
اذا كانت تلك الاموال الضخمة ترد على الشيخ الأنصاري ولكنه لم يترك اكثر من سبعة عشر تومانا ، وكذلك الشيخ خنفر قد اكتفى بما يسد عوزه واخذ كفايته فقط، فهذا يعني انهما (رحمهما الله ) قد ارتقيا الى درجات رفيعة في سلم أكمل الايمان.
والوصول الى هذا يتطلب عملا كبيرا يسبقه عزم اكيد وتوكل على الله سبحانه وتعالى ، وذلك لان المغريات الدنيوية والشهوات كثيرة وليست بالقليلة .
ومن هذه الشهوات والمغريات : شهوة المال ، وشهوة والاكتناز ، وشهوة والحكم ، وشهوة والرئاسة، وشهوة والتفوق والغرور، وشهوة والتظاهر بالعلم ،شهوة الجنس، وشهوة القوة والسلطة، وشهوة الكلام، وشهوة الطعام والشراب، وشهوة الراحة والاسترخاء وغيرها .
من الصعب على الانسان السيطرة على النفس والتخلي عن هذه الشهوات والمغريات بسهولة وبدون مقاومة .
يجب على الانسان التوجه الى الله سبحانه وتعالى والطلب منه ان يبلغ بإيمانه اكمل الايمان، وان نتعظ بالعلماء الاتقياء .
وذلك لان العلماء لم يرتقوا الى تلك المرتبة الرفيعة دفعة واحدة بل على دفعات ومراحل واولها هذه المراحل هي طلب العون من الله سبحانه وتعالى ان يبلغهم بإيمانهم الى الكمال ، فأعانهم الله سبحانه وتعالى ،فهو سبحان تعالى (باسط اليدين بالعطية).
فعلى الانسان العيش بتواضع والرضا والقناعة بما هو موجود ومقسوم النَّأْيَ بالنفس عن مغريات وشهوات ،فان النفس لا تتغير نحو الافضل او الأسواء دفعة واحدة ، وانما بالتدريج ، فعن امير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: (النفس مجبولة على سوء الادب ، والعبد مأمور بملازمة حسن الادب ، والنفس تجري بطبعها في ميدان المخالفة ، والعبد يجهد بردها عن سوء المطالبة ، فمتى أطلق عنانها فهو شريك في فسادها ، ومن أعان نفسه في هوى نفسه فقد أشرك نفسه في قتل نفسه) ولذا شدد على ترويض النفس حتى لا تتمادى في غيها .







وائل الوائلي
منذ 5 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN