من طبيعة الانسان الانسجام الاجتماعي مع افراد مجتمعه الذي كوّنه الله تعالى على طِبق قانون وميزان اجتماعي محكم ، وهذا المجتمع يعطي للإنسان حرية اختلاطه وتصرفاته وجميع توسعاته في كل النشاطات الاجتماعية.
وهنا نلاحظ ان كلمة (مجتمع) تدل على جماعة وافراد اي: هناك وحدة متكاملة من الافراد تدير دفّة الحياة الاجتماعية في نفس هذه الوحدة{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}[الحجرات 13]،اي ان هذا المجتمع او الوحدة المتكاملة تُعين بعضها بعضاً على مسير الحياة بشكل صحيح {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ}[البقرة251].
إذاً نحن في حالة العمل الجماعي وعندما يكون افراد هذه الجماعة متماسكين من حيث الفكر والنشاط يكون انتاج العمل اكثر رصانة واكثر قوة واندفاع.
هذا امر طبيعي ويدركه العاقل من خلال التصور فقط ويتيقن به من خلال مسير سكّة الحياة ،وكلما زاد الانسان في تعقله زاد في قوة ادارة دفّة المجتمع.
كما قلنا ان الانسان حرٌّ في جميع تصرفاته ونشاطاته ولكن لكل شيء حدود ،كما ان للإنسان صفات حميدة وممدوحة وصفات غير حميدة (منبوذة) مثل الشجاعة فهي من الصفات الحميدة ، واذ ان الشجاعة هي صفة تكون متوسطة ما بين صفة (الجُبْنِ) و(الرعونة) كما نقل عن الامام الكاظم ( عليه السلام)"خير الامور اوسطها"، و كذلك الصفات الباقية عند الانسان مثل الكرم وهو ما بين البخل والاسراف.. كذلك الحرية للشخص الواحد في المجتمع فإن الاخذ بالحرية المطلقة تؤدي في المجتمع الى الانحراف الاخلاقي والفكري ، كما في الدول الغربية وغيرها من الدول التي اخذت شعار مطلق الحرية ، والتي ادى بها الى بروز ظواهر الانحراف الاخلاقي مثل زواج المثليين والعياذ بالله وفتح مقرات لممارسة الامور التي لا يقبل بها العاقل ولا الجاهل ، والتي ينبذها كل مجتمع موجود سواء كان اسلاميا أم غير اسلامي.
اما دور الاسلام في الحرية فإنه لا يسلب من الفرد حريته ونشاطاته ؛ فإن الاسلام لم يحرم الامور الترفيهية للإنسان بما يرضي الله تعالى ، فإنه لم يحرم علينا الرياضة والخروج الى الحدائق العامة و ممارسة الهوايات سواء كانت رياضية او فنية مثل الرسم والتمثيل المحتشم -الغير خارج عن مبادئ الدين الاسلام- وما يتبع ذلك من الفنون و المهارات التي لا تخرج عن مبادئ الدين الاسلامي.
وانما الدين الاسلامي وضع بعض القيود للحرية التي بها سعادة كل المجتمعات كافة وجميع القيود التي وضعها الاسلام هي قيود يقتنع بها العقل والفطرة والضمير.
لان الدين الاسلامي هو قانون متكامل لمسير المجتمعات وقاعدة رصينة للنظام العام للامة الاسلامية {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا}الكهف آية(1)،كما جاء في الحديث أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : " إنما بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق " .
ولو كان لكل فرد من المجتمع الحرية المطلقة في افعاله ونشاطاته فإن المجتمع في هذه الحالة يسمى مجتمع متهور يسير على مزاج حب (الانا)(الانانية الشخصية)_اذ حال لسان المتهور هو" انه لو فعلتُ هذا القبيح من العمل ما المانع فإن لي حريتي الشخصية!!!"
ومثل هكذا مجتمعات تنحدر الى التسافل التدريجي اللاإرادي بحكم العقل والوجدان.
هذا ما ينهانا عنه ديننا الحنيف وهو الذي وجهنا الى ما هو صواب ويسعى في سعادتنا كأفراد محترمين اصحاب قيم اخلاقية واصحاب تضحية من اجل الاصلاح في المجتمع كما فعل الامام الحسين (عليه السلام)الذي ضحّى بالغالي والنفيس وضحى بنفسه وبأعز ما يحب ، ضحى بعائلته وولده وسبي نسائه الطاهرات وكل ذلك من اجل ماذا؟ من اجل الاصلاح في امة جده رسول الله(صلى الله عليه وآله) وليس هذا بالأمر الهيّن ؛ فإنه سلام الله عليه وضع قواعد اساسية لمسيرة الدين الاسلامي بشكل مستقيم، وسلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين (عليهم السلام) .







وائل الوائلي
منذ 4 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN