لا تخلو القوى المسيطرة على العالم من التَّدبير والتَّخطيط لأجل الحيلولة دون ظهور مصلح عالمي ينقاد إليه عامة البشر أو أكثرهم فيهدم قصور الظالمين ويخرّب عروشهم ويكدّر عيشهم، كما فعل موسى -عليه السلام- بفرعون بعدما صار فرعون يستحيي النساء، ويذبح كلَّ ولد يُولد وقد غفل عن نشوء موسى -عليه السلام- في قصره وترعرعه بين يديه.
ولعلَّ واحداً من تلك التدابير والخطط هي تضييع القضية وذلك ببعث من يدعو الناس إلى نفسه، أو يدّعي المهدوية، والبعض منهم من بني هاشم ومن السادة الوجهاء وغيرهم، ويتكاثر عددهم فإذا جاء المهدي -عليه السلام- مع هؤلاء المدعين لا يعرف ولا يعلم الناس أي من أي.
والتَّدبير الآخر والأدق في التَّمويه هو بعث من يدعي المهدوية مدعوماً ببعض القدرات كالسحر والاتصال بالجن والرياضة فينجذب إليه الناس ويتكالبون عليه، ثمَّ يقوم اُولئك المدبرون بتخريبه وفضحه وبيان زيفه وكذبه، وهكذا تتكرر العملية فيمل الناس ويحصل عندهم اليأس حتى إذا جاء الإمام المهدي -عليه السلام- ظنه الناس واحداً من اُولئك الكذابة، ويظلون بانتظار افتضاحه وانكشاف زيفه، والحال أنَّه الإمام وهم لا يعلمون، فليس الإخبار ببعض الغائبات بعسير، وقد يخبرك به بعض المتصلون بالجن الذين يقعدون مقاعد للسمع كما جاء في القرآن الكريم.
ولا تغرّك الشّعارات الخلابة ولا المعادية للظالمين، ولا حتى الاشتباك معهم، فإنَّ السياسة اليوم أعقد من أي زمان، وعليك أن تنظر في كلِّ حدث من هو المنتفع النهائي فهو المدبّر والفاعل حتى لو كان نفس المضروب أو حزب المقتول فربما أنفسهم يقتلون رئيسهم؛ ليرتفعوا.
ولو كنت ممن مخضته الدهور وعاين بعض الحقائق وعرف بعض الأسرار لعلمت أننا نعيش في عالم رهيب، قد زلت فيه أقدام من لم يحُتمل فيه ذلك، فإن الشخص مهما ارتفع لا يكون معصوما وقد يخطأ، فلا تتبع تبعية عمياء لخطوات رجل غير معصوم أياً كان حتى إذا انحرف عن الطريق انحرفت معه وخرجت عن الطريق، بل عليك أن تسمع الكثير من الكثير وتختار الصحيح بنفسك كما عليك أن تعتمد على جمهرة من الفقهاء العدول الجامعي لشرائط التقليد، فإنهم حجة علينا في عهد غيبة مولانا -عليه السلام- من دون الحصر على أحدهم وإلغاء الآخرين.
فهذا هو السبيل الحق.
اسمع من العلماء المعروفين واسمع من الفقهاء المنزوين عن مباهج الدنيا، البعيدين عن زخارف الدنيا، المعرضين عن الرئاسات والسياسات الماكرة، غير المتلهفين على الدنيا، من الذين يذكّرك الله رؤيتهم، وحاول أن تجتهد في أعمال تعرفها حقة ولا تستصغرها، كالصلاة والصوم والعبادة، والزيارات، ومساعدة الفقراء والمحتاجين، وإحياء شعائر الدين، وأحياء ذكر أهل البيت (عليهم السلام) وذكر الله سبحانه وتعالى، فاكثروا من ذكر الله سبحانه فإن ذكره حسن على كل حال
(وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) الأنفال: 45. ، وليعمل كلُّ إنسان بما يقربه من محبة أهل البيت-عليهم السلام- فإنهم الوسيلة للنجاة في الدنيا والآخرة.







وائل الوائلي
منذ 5 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN