كيف اسيطر عليك دون ان تشعر ...
نبدأ بمثال بسيط: عندما تزور صديقا لك في بيته ويسألك: (تشرب شاي أو قهوة؟) فأنه يستحيل أن يخطر ببالك أن تطلب عصيرا –مثلا- وهذا الوضع نسميه (أسلوب التأطير)
فهو قد يجعل عقلك ينحصر في اختيارات محددة فرضت عليك لا ارادياً ومنعت عقلك من البحث عن جميع الاختيارات المتاحة، بعضنا يمارس هذا الاسلوب بدون أدراك وبعضنا يفعله بهندسة وذكاء، القوة الحقيقية عندما نمارس هذا الاسلوب بقصد وعندما أجعلك تختار ما أريد أنا بدون ان تشعر أنت (كيف)
تقول أم لطفلها: ما رأيك هل تذهب للفراش الساعة الثامنة ام التاسعة؟ سوف يختار الطفل الساعة التاسعة وهو ما تريده الام مسبقاً دون أن يشعر الطفل أنه مجبر لفعل ذلك بل يشعر انه هو من قام بالاختيار
ونفس الاسلوب يستخدم في السياسة والحروب والازمات، ففي حرب العراق سنة 2003 كانت المعركة الفاصلة معركة المطار فقامت وسائل الاعلام بتعبئة الطرفين على ان المعركة الحاسمة هي (معركة المطار) فأصبحت جميع وحدات القوات المسلحة العراقية تترقب هذه المعركة وعندما سقط المطار شعر الجميع ان العراق كله سقط وماتت الروح المعنوية بالرغم انه في ذلك الوقت لم يسقط سوى المطار
كذلك ما حصل سنة 2014 كانت مناوشات بين الجيش العراقي في الموصل وبين فصائل مسلحة ارهابية (داعش) وما ان انسحب الجيش من بعض النقاط المرابط عليها حتى قامت وسائل الاعلام بتعبئة الجماهير داخليا وخارجيا ان الموصل قد سقطت بيد داعش علما لم يكن هناك معارك دامية (سقطت الموصل بهورنات سيارات البيك اب الداعشية ذات الدفع الرباعي والهوسات المؤيدة والتكبيرات المعروفة لدى الدواعش ومن لف لفهم) حتى تهيكلت قوات الجزيرة بأجمعها وبدأت بالتقهقر والانسحاب التكتيكي الى محافظة صلاح الدين وحدث في هذه المحافظة بنفس الاجراءات الموصلية فأثرت في نفوس طلاب قاعدة سبايكر وحدثت جريمة العصر (مجزرة سبايكر) كان نتيجتها استشهاد نحو 2000 شاب عراقي قضوا نحبهم ظلماً وقهراً وصبراً
الان تلعب وسائل الاعلام نفس اللعبة في مجتمعاتنا المنهمكة بالجهل وانعدام الوعي، هذا اسلوب واحد من عدد كبير من الاساليب التي تجعلك لا ترى إلا (ما أريد أنا) يعتبر هذا الاسلوب قوي في قيادة الاخرين والرأي العام من خلال وضع خيارات وهمية تقيد تفكير الطرف الاخر وجاء هذا السياق في القرآن الكريم، قال تعالى: (قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلاَ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَ سَبِيلَ الرَّشَادِ) غافر29
نرى هنا ان فرعون طاغية زمانه يخاطب اتباعه ويستخدم معهم (اسلوب التأطير)
هكذا الاعلام دائما يضع الحدث في إطار يدعم به القضية التي يريدها، لذلك انتبه لكل سؤال يقال لك أو خبر أو معلومة تصلك فإنه قد يسلبك عقلك وقرارك وقناعاتك، وهكذا نرى كثير من المذيعين ومقدمي البرامج يضع ضيفه في الزاوية والصف الذي يريده، لذلك كلما زاد وعي الانسان ومعرفته استطاع ان يخرج من هذه الاطر والقيود وهذه الاطر هي لعبة الاعلام والسياسة والكتاب الذين يعملون في التأثير في الرأي العام لكي يقودونك الى ما يريدون هم







وائل الوائلي
منذ 4 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN