قد يروي لك التاريخ في صفحاته الصفراء العتيقة زمان عاش فيه حاكم ما ، فترى في تلك الصفحات العبارات المرموقة تتراشق حول اسم ذلك الحاكم وكرمه وشجاعته وحميته !! حتى تظن ان الله لم يخلق غيره بهذه الصفات الحميدة التي نقلها التاريخ عنه .
ولكن .. هل يجب علينا ان نسلم بكل ما جاء به التاريخ ؟
منذ مئات السنين وهذه الامة تمضي ويمضي معها التاريخ بحروفه التي دُونها الكتّاب منذ نشأتها وانطلاقها وعندما نتورق صفحات التاريخ الاسلامي نجد في فصوله كثيرا ما يسلط الضوء بكثافة على بعض الشخصيات التي لا يسجل لها الا القتل والحرب والخراب ويحجب الاضواء عن بعض الشخصيات التي لا يُحجب ضياؤها بغربال ! فتجد المؤرخين يُظهرون حبر اقلامهم في خدمة السلطات وتجف محابر الكتّاب في مناقب السلطان الجائر ،ومن هنا ندرك حجم الجور الذي يرتكبه هؤلاء بحق هذه الامم بسبب ما يترتب على ما يدونوه مستقبلا ، ! فمنذ ذلك الوقت والسلاطين تسعى الى ان تنشئ لنفسها قاعدة اعلامية ترتكز عليها دولتهم ويدخلون فيها التاريخ من اوسع ابوابه ، وكذلك ضرب كل من يعترض مصالحهم اعلاميا من خلال الاقلام التي وظفوها لخدمة مناصبهم ، وهذا ما نجده في عهد الحكم الاموي الذي تزعمه معاوية بن ابي سفيان فالمراجع للتاريخ الاسلامي يجد في معاوية ما لا يجده في غيره من الروايات والاقوال التي تعظمه وتجل قدره ، فنصيب معاوية من التاريخ فاق قدر وجلالة اقرب الصحابة لرسول الله (ص) واعظمهم منزلة فهذا يدل على ان هذا الحكم قد انشأ بجبروته وسطوته على كل مفاصل الامة قاعدة اعلامية ينطلق بها للتاريخ ، ولم يكتف معاوية بإبراز نفسه فقط ، بل نجده غيب الكثير من الصحابة ودثر دورهم الفعال في المجتمع الاسلامي لأسباب سياسية ! ، بغض النظر على الانحرافات العقائدية التي زرعها الامويون في التراث الاسلامي بواسطة مؤرخي البلاطات الاموية ! لذلك تجد اليوم كثيرا من القضايا اخفيت بسبب السياسة الاموية وتلاعبهم بالتاريخ الاسلامي واخفائهم لكل ما يعارض منهجهم الدموي والخبيث. وها نحن اليوم نعاني من ذلك الدس الذي دس في تاريخنا من قبل طغاة الحكم الاموي وقد بانت بصماته في كثير من القضايا التاريخية التي لا نجد فيها سبيل للواقع الذي يحاكي حدوثها.
لذلك حرصا على الباحث عندما يريد الخوض في قضية من القضايا التي سجلها التاريخ خصوصا القضايا الدينية ، عليه ان يعي حقيقة القضايا التاريخية ويدرس الاجواء التي تحيط بتلك القضايا وخصوصا الاجواء السياسية ، وان يعتمد الطريق السليم الذي يمثله ثقات النقل الذين لم تلوثهم لوثة التحزب او الانجرار خلف السلطان تملقا وطمعا بالمال. كي يقف على حقيقة الاحداث ومدى صحتها وعدم تأثرها بالأجواء الخارجية التي تحرف مسارها لمصالح شخصية .







وائل الوائلي
منذ 4 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN