الإنسان ينتسب الى منظومة اجتماعية كبيرة و متشعبة ، فيحتاجُ إلى تعزيز علاقاتهُ مع الآخرين لكي يحقق جملة من الأهداف و المصالح التي تدور في خاطره ، و هذه الأهداف بطبيعة الحالة تختلف من شخصٍ إلى آخر ، فالغالبية العظمى من الناس يعتقدون بأهمية وجود القرين و الرفيق المقرب ليشاركهم ويقاسمهم أفراحهم و أحزانهم فيتصورونه هو المرشد و الموجه عند الحاجة الى الاستشارة و فهم الواقع.
و هذا النوع من التفكير البسيط لا يطال فقط فئة معينة من المجتمع ، حتى من يدعي انه عالم بأمور الدنيا نرى منه محدودية البصيرة و تأثره بالمحيط بشكل كبير ، و هذه المحدودية في الرؤية لواقع الامور حتى لمن يمتلك نسبة لا بأس بها من العلم ،و تعود اسباب هذا النوع من التفكير الى الهدف من تحصيل المعرفة وكيفية انتقاء العلم النافع من العلم المطروح بصورة مزيفة ، حيث تتشعب اثاره الى قتل روح الانسان من الداخل حتى يصل الى درجة التيه و فقدان الهوية.
حدثني احد الأصدقاء إن له جاراً يعاني من اضطرابات نفسية رغم المميزات التي يتمتع بها ؛ شكل جميل و عقلية فذة مولعة بالأقتصاد و الاستثمار و أموال طائلة إلا نه يعاني من ضيق الافق في التفكير و الرؤية لحقائق الامور ، فعند كل حادثة تلم به او بالمجتمع تراه يصدر الأحكام و القرارات المسبقة دون إخضاعها لفلترة عقلية تمحص الطيب من الخبيث.
و السبب في ذلك إنه أبعد نفسه عن كل حقيقة تغذي بصيرته و نعتقد أن مفتاحها العلم الذي يجب أن نستقيه من منابعه الصافية دون زيف أو تضليل متمثلاً بالفكر المحمدي الأصيل .
الإنسان الواعي يحتاج العلم قريناً في فهم الواقع بعيداً عن التحليلات الشخصية و الاعتماد على الألسن و المؤلفات المشبوهة التي تسعى الى تجفيف منابع الفكر الحقيقي ، و كل هذا يحتاج من الانسان أن يجانب الحق و ينصره ليلاً ونهاراً دون الخضوع و الركون الى الضغوطات التي يمارسها من يملك القوة و السطوة ، فللإنسان قابليات لا يشاركه احد من المخلوقات لو استثمرها بالشكل الصحيح لحصد خير الدنيا و الاخرة.
فعند دراسة هذه الحالة علينا التركيز على مسألة مهمة جداً ، ماذا يحتاج الإنسان كي يعيش السعادة الحقيقية في هذه الحياة؟
هل الأموال و القصور و النساء سر سعادتنا؟!
أم إننا نحتاج الى علم نافع ينير العقول و يفتح لنا آفاق المعرفة لنكون على بصيرة من امرنا لنواجه التحديات التي تلم بنا و ما أكثر المتربصين لمن يوالي محمد وآل محمد...
ألا نحتاج الى و عي و دراية لما يدور حولنا من مؤامرات و خطط بعيدة المدى تهدف الى تمزيق كل من أقر بالولاء للرسول الخاتم و أهل بيته ؟!
الأجدر بنا أن نكون في الطليعة في تحصيل المعارف و اتقانها و ان نكون نحن المصدرين لها لا أن نكون في دائرة الاستهلاك الأعمى حتى لأبسط متطلبات الحياة.
حتى الأساليب التربوية أصبحنا نستوردها من الغرب و نعتمد عليها ، رغم الإرث الفكري الكبير الذي تركه الرسول الأكرم و أهل بيته (صلوات الله عليهم أجمعين) ... نحتاج الى وقفة حقيقية على حقائق الامور حتى نشخص أصل المشكلة لنخرج بحلول موضوعية فاعلة.
نستنتج إن الإنسان بحاجة الى قرين حقيقي يجعله على معرفة و دراية تامة من سر وجوده ، و خير قرين للإنسان هو العلم ، عندما تكون عالماً و مطلعاً على الهدف و الغاية من الوجود سوف تفتح لك افاق كثيرة تجعلك في مأمن من الانحرافات الفكرية التي تولد لنا كل يوم مضاعفات تفتك بالمجتمع و قيمه و تبدد الكثير من الجهود التي يبذلها دعاة الاصلاح و التغيير.
******************************
و قد ورد في كتاب الله و سنة رسوله و عن المعصومين الكثير فيما يتعلق بأهمية العلم:
قال تعالى:
((علم الإنسان ما لا يعلم))
((يرفع الله الذين آمنوا و الذين أُتوا العلم درجات))
((قل هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون))
((الرحمن ،علم القرآن ، خلق الإنسان ، علمه البيان))
((انما يخشى الله من عباده العلماء))
((ولقد آتينا داوود و سليمان علما و قالا الحمد لله))
******************************
وورد عن رسولنا الأكرم محمد (صلى الله عليه واله):
((طلب العلم فريضة على كل مسلم ، الا ان الله يحب بغاة العلم))
((من عمل على غير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح))
((لا خير في العيش الا لرجلين : عالم مطاع ، أو مستمع واع ))
((العلماء رجلان : رجل آخذ بعلمه فهذا ناج ، و عالم تارك لعلمه فهذا هالك))
((من أخذ العلم من اهله و عمل به ندا ، ومن أراد به الدنيا فهي حظه))
((من أفتى الناس بغير علم ، و هو لا يعلم الناسخ من المنسوخ ، و المحكم و المتشابه فقد هلك و أهلك))
******************************
وورد عن إمام المتقين علي (عليه السلام):
((اعلموا ان كمال الدين طلب العلم و العمل به))
((ان الله لم يأخذ على الجهال عهداً بطلب العلم حتى اخذ على العلماء عهداً ببذل العلم للجهال ، لأن العلم كان قبل الجهل))
وورد عن الإمام زين العابدين (عليه السلام):
((لو يعلم الناس ما في طلب العلم لطلبوه و لو بسفك المهج و خوض اللجج))
******************************
وورد عن الإمام الباقر(عليه السلام):
((تعلموا العلم من حملة العلم و علموه اخوانكم))
((زكاة العلم ان تعلمه عباد الله))
((من علم باب هدى فله مثل أجر من عمل به ... و من علم باب ضلال كان عليه مثل أوزار من عمل به))
((حق الله على العباد ان يقولوا ما يعلمون و يقفوا عندما لا يعلمون))
و عن الإمام الصادق (عليه السلام):
((إذا سئل الرجل منكم عما لا يعلم فليقل: لا أدري))
((ان هذا العلم عليه قفل و مفتاحه المسألة))
((اكتبوا فإنكم لا تحفظون حتى تكتبوا))







وائل الوائلي
منذ 4 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN