مسألة الإخبار بالمغيبات، وعمل ما هو خارق للعادة ليست جديدة ولا عجيبة، بل كانت موجودة من قديم الأيَّام على النحو الأكثر والأوسع، فكان الكهان يخبرون النَّاس بما سيحدث في المستقبل بالإضافة إلى إخبارهم بما حدث في الماضي وما يحدث في الحال، وقد ضعف ذلك بعد بعثة النبي-صلى الله عليه وآله- وتناقص الإخبار بما سيحدث في المستقبل بشكل ملحوظ، وبينما ظل الإخبار بما حدث في الماضي ويحدث في الحال على بعض قوته ولـه طرق معروفة وغير معروفة. سأل ابن أبي العوجاء الإمام الصادق –عليه السلام-: من أين الكهانة؟ ومن أين يخبر النَّاس بما يحدث؟
فقال-عليه السلام-: « إنَّه من وجوه شتَّى: فراسة العين، وذكاء القلب، ووسوسة النَّفس، وفطنة الروح، مع قذف في قلبه؛ لأن ما يحدث في الأرض من الحوادث الظاهرة فذلك يعلمه الشيطان، ويؤديه إلى الكاهن ويخبره بما يحدث في المنازل والأطراف -إلى أن قال- واليوم إنَّما تؤدي الشياطين إلى كهانها أخباراً للناس بما قاتل قتل، ومن غائب غاب، وهم بمنزلة النَّاس صدوق وكذوب»الاحتجاج - الشيخ الطبرسي/ج ٢/ص ٨١.
وحاصل ذلك أنَّ الإخبار بما غاب عن الحس، وحتى القدرة على إتيان بعض الأمور الخارقة للعادة يكون بواسطة الشيطان في اغلب الأحيان، فلا خير فيه، ولذلك صار النبي-صلى الله عليه وآله- والأئمة عليهم السلام- ينهون عن الرجوع إلى الكاهن، والعراف، ويتبرؤون ممن يرجع إليهم.
فلا تغتر أيها المؤمن بمن يخبرك ببعض المغيبات، أو من يريك بعض خوارق العادات، إن هو إلَّا عامل من عمال الشيطان يخبرك بما لا ينفعك؛ لأنه لا يتمكن من تعجيل شيء ولا تأخيره، أو الحيلولة دون حصوله، أو ساحر، والساحر كافر، ولو كان كل من يخبرك بالغيب على حق لكان مرتاضة الهند أحق من غيرهم؛ لأنهم أدق أخباراً وأكثر اطلاعاً. فالمؤمن كيّس عاقل ويكون في غنى عن هذه الاُمور؛ لأنه يتوكل على الله –سبحانه- ويعلم أنَّ جميع ما يصيبه بعين الله –سبحانه-، وأنَّ الله –سبحانه- لا يريد إلَّا خيره، ولا يختار لـه إلَّا ما يصلحه ويصلح له.
إنَّ القوى الشيطانية تستفيد من كلِّ شيء لإطفاء نور الله –سبحانه وتعالى- حتى مثل السحر، والاستعانة بالجن والشياطين، وصناعة بعض الشخصيات المقدسة بحسب الظاهر، وإعدادهم لإغواء النَّاس وإيجاد الهرج والمرج، وبالتالي تضييع قضية الإمام المهدي-عليه السلام- وإطفاء تلك الجذوة المشتعلة في القلوب.







وائل الوائلي
منذ 5 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN