في بدايات هجرتي وغربتي مُكرهاً أيام حكم البعث الفاجر، وانتقالي الى بلاد لم اكن اعرفها بكل حياتي آنذاك ولم تاتي حتى في أحلامي ولم يكن حينها اختياري ان اهاجر الى فنلندا لكن شاءت الاقدار ان ترميني في القطب الشمالي من الكرة الارضية..
بعد ان دخلت تلك البلاد كان اصراري على تعلم اللغة رغم صعوبتها الحقيقية..واتضحت لي بانها أصعب كثيرا من اللغة الانكليزية..لكن بعد اصرار ودراسة مستمرة لمدة عامين تقريبا استطعت ان اتعلم الشيء الكثير من تلك اللغة وبدأت أدير شؤون حياتي بدون مترجم وهكذا الى ان تم تعييني معلما ومترجما بين المدارس الابتدائية والمتوسطة في المدينة التي سكنتها..
حتى لا اطيل ويصبح المقال مملا وطويلا للقاريء الكريم..من خلال دوامي اليومي ..دائما كنت افتش في مكتبة المدرسة واحاول قراءة ما استيطع خلال الفرصة او الاستراحة طبعا جميع الكتب كانت باللغة الفنلندية..
عثرت على كتاب كان بالنسبة لي صدمة واختلطت لدي كل المشاعر والاحاسيس بين التعجب والفرح والحزن ؛ لاني قرأت على غلاف ذلك الكتاب اسم " الحسين عليه السلام " وتعلمون ايها الاحبة ماذا يعني لنا هذا الاسم الكريم والشريف ، وهو يمثل بالنسبة لي كل اليقين في ديني وايماني ولكل من يؤمن بربه حقا ، خصوصا وأنا أعيش كأسير في غربة كل شيء فيها يختلف ، قاسية لاترحم ، وفي بلاد بعيدة كل البعد عن الاسلام وعن معتقداتنا وثقافتنا وعادتنا.... طبعا الكتاب كان مكتوبا باللغة الفنلندية..
لكن الصدمة الاكبر عندما قرأت الجملة كاملة على غلاف الكتاب وكان اسمه (الحسين نبي الشيعة الاثنى عشرية)..لم اتذكر اسم الكاتب وهو مصري الجنسية ، بحثت عن الكتاب عن طريق النت لكني لم اجد له اثرا ..ولم يكن حينها متوفرا لدي جهاز هاتف او حاسوب ما يصور الكتاب..
أخذني الفضول أكثر بدأت أقرأ الكتاب وكان تقريبا لي واضحا ومفهوما لان لغته ايضا كانت ركيكة وليس لغة فنلندية اصيلة يصعب فهمها...طبعا آنذاك ربما لم يكن في فنلندا شيعة وان وجدوا لايتجاوزون العشرات هنا وهناك..
حتى لا اطيل مرة اخرى ، قرات الكتاب ودخلت فيه وجدت فيه من الفوضى في التاريخ والكذب والدجل الشيء الكثير وغير المعقول بل هو عبارة عن كذب وتزييف وتخريف من الجلاد حتى الجلاد ، وكل ذلك ليثبت صاحب الكتاب كفر الشيعة طبعا..
أنا اعترضت شفهيا لدى الادارة حينها وصار نقاش مع المدير والمعلمين وكانوا جميعا بين التصديق بي وربما آخرين لايريدون اظهار مشاعرهم امامي..باعتبار انه كتاب مطبوع ومعتمد عليه لديهم بالاضافة الى علمهم باني شيعي مما يزيد الريبة والشكوك عندهم..
سألني المدير بعد أن رأى اصراري على افتراءات الكاتب والكتاب.. ماذا برايك علينا أن نفعل؟ ..قلت له هل تريدون تعليم الاطفال الصدق أم الكذب..قال لا طبعا الصدق..قلت له اذن هذا الكتاب يجب ان لايبقى في مكتبة المدرسة..
وانا اعطيك حلا لكي تصدقني..الآن اذهب معي الى الطلاب الذين ادرسهم وهم عراقيون شيعة واسالهم واحدا بعد الاخر من هو نبيكم ان اجابك احد وقال لك الحسين عليه السلام فانا اصبح من الكاذبين..
رحب بالفكرة ، وقال رغم ثقتي بما قلت لكني سأجرب وآتي معك.. فعلا جاء معي الى الصف وسأل التلاميذ واحدا بعد الاخر كانوا في الصف الخامس الابتدائي طبعا..جميعهم كان جوابهم " نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) استاذ " .
وبعد المراسلات والتحقيق تم رفع الكتاب من مكتبة المدرسة ومن مكتبة المدينة ايضا والحمد لله..
واستطعت ان اجلب كتب باللغة الانكليزية ووضعتها في مكتبة المدرسة من بعض مؤسسات أهل البيت عليهم السلام في لندن وفي ايران..
بالمناسبة انا سمعت كثيرا كما أنتم عن افتراءات وتزييف بحق مذهب اهل البيت عليهم السلام لكني لم اسمع حينها مثل هذا الاسلوب الممجوج والقبيح في تزييف الحقائق التاريخية.
هذه القصة حدثت عام 1997م من القرن الماضي..
القصة طويلة لكني اختصرتها كثيرا مع الاعتذار للاطالة .







وائل الوائلي
منذ يومين
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN