إن مفردة " الوطن" تطلق على أكثر من مصداق ، فيقال الوطن ويقصد به البيت الذي يسكن فيه الإنسان ، ويقال الوطن ، وقد يقصد به البلاد التي يكسنها جمع من الناس .
فالإنسان بحكمي الطبع والعقل وحكم الفطرة يحب بيته ويعتبره جزءا منه ويدافع بقوة ضد كل من يعتدي على حرمته وحدوده ، لأنه وجد فيه الراحة والطمأنينة ، ولأنه المكان الذي يعيش فيه بكامل حريته ، ولأنه مسكن أبويه وزوجته وأولاده أو مسكن زوجته وابنائها وهذا مما لاريب فيه.
ومن البديهي أن هذا الإنسان إذا لم يجد في ذلك البيت ما كان يرجو ويأمل من أن تتحقق له فيه السعادة ، وأن يجد الراحة والطمأنينة ، و يتنعّم بالإستقرار ، و يأمن فيه على حياته وحياة عائلته وممتلكاته ، فإن حبه واعتزازه ببيته رغما عنه سيقل شيئا فشيئا ويبدأ بالتفكير عن بيت آخر يحقق له مايبتغيه ويأمله ويرجوه ويتمناه.
-وهكذا الحال- فيما يخص الوطن بالمعنى الثاني ، فالمواطن يأمل ويرجو ويتمنى أن يجد في وطنه مايحقق له أحلامه ، وما يوفر له الحياة الحرة الكريمة ، ويأمل أن يعيش بكامل حريته وكرامته ، وأن يكون له مستقبلا زاهرا في هذا البلد أو الوطن ، ولكن ما هو الحال فيما لوخابت ظنون المواطن ؟ ، وما هي النتيجة لو حصل العكس من ذلك ؟ ، فالبطبع أن الإنسان ينفر من كل مايسبب له الأذى ، فإذا ماعاش الإنسان مرارة الفقر و الحرمان ، ومرارة الظلم والإضطهاد ، و رعب الخوف والقلق ، وألم حرب الأعصاب ، فإنه حتما سيفّكر بوطن آخر لولا إضطراره لحبه لهذا الوطن ، فإنما ذلك لأنه مسقط رأسه ، ولأنه موطن آبائه واجداده ، ومسكن عائلته ، وألبوم صور ذكرياته ، فإنه يجبر بذلك على البقاء فيه والدفاع عنه.
ولو أخذنا مثالا على ذلك نجد أن العراق وحيث أنه بلد الانبياء والأوصياء ، وأنه بلد المقدسات ، وانه بلد الخيرات ، وأنه بلد الحضارة ، فإن الإنسان فيه رغم مايتعّرض له وعلى طول الأيام من آلآم المحن وتواتر النكبات ، وعلى جميع الأصعدة ومختلف مجالات الحياة ، إلّا أن حبه لوطنه لايكاد يفارق جريان الدم في عروقه ، لعلمه أنه وطن الآباء ووطن الأبناء والأحفاد ، وأنه بلد الأنبياء ، وبلد الأئمة المعصومين -عليهم السلام- وفيه الكثير من قبور أولياء الله العظام.
ومن هنا فعلى أصحاب الكلمة المسموعة ، وأصحاب الصوت والصورة، وأصحاب الأقلام الهادفة أن يشمّروا عن سواعدهم لترسيخ حب الوطن-حب العراق- في نفوس الأجيال ، فالمسؤولية بذلك مسؤلية الجميع ، وأن يجتهدوا بأن يكون الولاء للوطن فحسب ولمصلحة الشعب الأصيل بجميع مكوناته وطوائفه ، ومصلحة الشعب العامة هي توفر الأمن والأمان وتحقق العيش بحرية وكرامة وعزة وسلام ، وأن يتطور الوطن في مختلف المجالات كاالمجال العلميّ والمجال التربويّ والمجال الصناعي .
وليس من الصحيح أن يقول الفرد هذه ليست من مسؤولياتي ! ، لأن النبي الخاتم محمد-صلى الله عليه وآله_ وضع لكم قاعدة المسؤولية الشاملة وهي(كلكّم راعٍ) ثم (وكلكّم مسؤول)؟ مسؤول عن ماذا ؟ (عن رعيته) ، فالأب مسؤول عن ترسيخ حب الوطن في نفوس عائلته ، وشيخ العشيرة مسؤول عن ترسيخ حب الوطن في نفوس أفراد عشيرته ، والمعلم مسؤول عن ترسيخ حب الوطن في نفوس تلاميذه ، وكذلك المدرّس مسؤول عن ترسيخ حب الوطن في نفوس طلابه ، والأستاذ الجامعيّ مسؤول عن ترسيخ حب الوطن في نفوس طلبته ، والخطيب مسؤول عن ترسيخ حب الوطن في نفوس مستمعيه ، والكاتب مسؤول عن ترسيخ حب الوطن في نفوس من يقرأ كلماته ، وصاحب القناة الفضائية مسؤول عن ترسيخ حب الوطن في نفوس مشاهديها ، وهكذا تكبر المسؤولية في تلك المهمة وتكبر أكثر على عاتق المسؤوول الرسميّ ، فإن ((حــــــــــــــــب الوطن من الإيمـــــــــــــــــــان))، فمن لايحب وطنه قد يُشكُّ في كمال إيمانه.
فالعوامل التي ترسّخ حب الوطن في نفوس الأجيال كثيرة ومن أبرزها :
1. تحقق العيش بحياة حرة كريمة وعزة تامة.
2. تحّسن المستوى الإقتصادي بما ينسجم ومتطلبات وإحتياجات الإنسان ومن يعوله.
3. وجود المقدسات و الرموز الدينية والرموز الحضارية.
4. شياع حب الوطن في نفوس أغلب السكان.
5. الإعلام سواء أكان إعلاما مرئيا أو إعلاما مسموعا أو إعلاما مكتوبا .
الكاتب : مهند سلمان السهلاني







وائل الوائلي
منذ 5 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN