قد نحاول بأطاريحنا بلوغ الوصف الذي نصف به ذلك الكتاب العظيم بظاهره الانيق ، وباطنه العميق واحتواء عجائبه وبلوغ فضله على الناس اجمعين ، الا اننا مهما اجتهدنا وزادت مؤلفاتنا واطاريحنا لا نبلغ سمو القران ورفعته ، فهو الهاد للناس والعاصم من الضلال والنور الذي يستضاء به في عتمة الليل ، والصراط القويم الذي يسوقك نحو الرشاد ، ذلك الكتاب الالهي الذي كان وسيبقى معجزة الاله الابدية التي تواكب المكان والزمان وتثري الوجود بعطائها القدسي وعلمها الالهي .
ولعل الكثير منا اليوم عند قراءة هذا الكتاب المقدس يحاول ان يعطي لكلماته المقدسة الصفة الطبيعية للكلام المعتاد في الاوساط الاجتماعية ويتعامل معه بنطق دون معنى او ادراك لحقيقته ومصدره الاساسي وفضله على سائر الكلام ، فقد قال (صلى الله عليه وآله وسلم): "فضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه.( 1) ، فنجد الالفاظ تتناثر من اللسان دون ادراك للمعان او تدبر في مضامينها ، وهذا ما يركز عليه القران بدعوته الصريحة والمتكررة الى التدبر والتفقه والتفكر في القران حيث يقول جل من قال : {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: 82] ، فهذا التدبر والتمعن بكلام الله عز وجل يوقف القارئ على مراد الله في كلامه وادراك جوهرية النص المقدس الذي فيه هُدًى في الدنيا والاخرة ، وتحديد هويته الحقيقية واختلافه عن ما ينطق به البشر ، وهذا ما يتجلى في صياغته واسلوبه العجيب وثرائه المعرفي ، فعن علي بن الحسين (عليه السلام): "آيات القرآن خزائن، فكلما فتحت خزانة ينبغي لك أن تنظر ما فيها.(2)
لذلك يحتم علينا ان نكون اول من يدعو الى القران من خلال اكتساب علومه الداخلية بالقراءة التي لا تخلو من التدبر والتفكر بكل مفاصل الكلمات واركان الجمل التي شكلت تلك الآيات المباركة ، وان نكون دعاة الى الله من خلال تعلم مفاهيم الدين واساس الاعتقاد من ذلك الكتاب العظيم ، فعن الرسول الله صلى الله عليه وآله: "من أراد علم الأولين والآخرين فليقرأ القرآن"(3). وعن امير المؤمنين قال : قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: "الله الله في القرآن، لا يسبقكم بالعمل به غيركم"(4).
____________________
(1) بحار الأنوار ج 89 ص 19 باب1 ح 18.
(2) وسائل الشيعة ج4 ص849 ب15 ح2 والكافي ج2 ص609 ح2.
(3) ميزان الحكمة، ج8، ص73
(4) نهج البلاغة، كتاب 47







وائل الوائلي
منذ 4 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN