أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-12-26
![]()
التاريخ: 25-2-2019
![]()
التاريخ: 23-10-2019
![]()
التاريخ: 8-1-2021
![]() |
قد علمت أن المقصد الأقصى في جميع الأحوال و الأخلاق هو الوسط و ما ذكر في فضايل الجوع ربّما يومي إلى أنّ الافراط فيه مطلوب و هيهات و لكن من أسرار حكمة الشريعة أنّ كل ما يطلب الطبع فيه الطرف الاقصى و كان فيه فساد جاء الشرع بالمبالغة و المنع منه على وجه يؤمي عند الجاهل إلى أن المطلوب مضادة ما يقتضيه الطبع بغاية الامكان ، و العالم يدرك أن المقصود هو الوسط لأنّ الطبع إذا طلب غاية الشبع فالشرع ينبغي أن يطلب غاية الجوع حتّى يكون الطبع باعثا و الشرع مانعا فيتقاومان و يحصل الاعتدال و لما بالغ النبي (صلى الله عليه واله) في الثناء على قيام اللّيل و صيام النهار ثم علم من حال بعضهم أنه يصوم الدّهر كلّه و يقوم الليل كله نهى عنه.
فاذا عرفت هذا فاعلم أن الأفضل بالاضافة إلى الطبع المعتدل أن يأكل بحيث لا يحسّ بثقل المعدة و لا يحسّ بألم الجوع بل ينسى بطنه فلا يؤثر فيه أصلا فان مقصود الأكل بقاء الحياة و قوة العبادة، و ثقل الطعام يمنع العبادة و ألم الجوع أيضا يشغل القلب و يمنع منها ، فالمقصود أن يأكل أكلا معتدلا بحيث لا يبقى للأكل فيه أثر ليكون متشبها بالملائكة ، فانّهم مقدّسون عن ثقل الطعام و ألم الجوع ، و إليه الاشارة بقوله تعالى : {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا } [الأعراف : 31] , و القوام فيه أن لا ياكل طعاما حتّى يشتهيه و يرفع يده عنه و هو يشتهيه.
وأما شهوة الفرج فانّما سلطت على الانسان لبقاء النسل و دوام الوجود و لان يدرك لذته فيقيس بها لذّات الآخرة فان لذة الوقاع لو دامت لكانت أقوى لذات الأجسام كما أنّ ألم النار أعظم آلام الجسد ، فالترهيب و الترغيب يسوقان الخلق إلى سعادتهم و ليس ذلك إلّا بألم محسوس و لذة مدركة فهذه فائدتها ، و لكن فيها من الآفة ما يهلك الدين و الدنيا إن لم تضبط و لم تقهر ولم تردّ إلى حدّ الاعتدال فانّ لها أيضا إفراطا و تفريطا.
فافراطها ما يقهر العقل حتّى يصرف همة الرّجل إلى التمتع بالنسآء و الجواري فيحرم عن سلوك طريق الاخرة ، أو يقهر الدين حتّى يجر إلى اقتحام الفواحش و قد ينتهي هذه الشهوة بمن غلب و همه على عقله إلى العشق البهيمي الذي ينشأ من استيلاء الشهوة فيسخر الوهم العقل لخدمة الشهوة و قد خلق العقل ليكون مطاعا لا ليكون خادما للشهوة محتالا لأجلها ، وهو مرض قلب فارغ لا همة له و إنما يجب الاحتراز من أوائله بترك معاودة النظر و الفكر و إلا فاذا استحكم عسر دفعه.
وتفريط هذه الشهوة إما بالعفة الخارجة عن الاعتدال أو بالضّعف عن امتناع المنكوحة و هو أيضا مذموم و انما المحمود ان تكون معتدلة و مطيعة للعقل و الشرع في انبساطها و انقباضها و مهما افرطت فكسرها يكون بالجوع و النكاح قال رسول اللّه (صلى الله عليه واله): «معاشر الشباب عليكم بالباءة فمن لم يستطع فعليه بالصوم فان الصوم له و جاء»(1).
اعلم أن هذه الشهوة أغلب الشهوات على الانسان و أعصاها عند الهيجان على العقل إلا أن مقتضاها قبيح يستحيى منه و يخشى من اقتحامه ، و امتناع أكثر النّاس عن مقتضاها إما لعجز أو لخوف أو لحياء أو لمحافظة على حشمة ، و ليس في شيء من ذلك ثواب ، فانه ايثار حظ من حظوظ النّفس على حظ آخر نعم من العصمة أن لا يقدر ففي هذه العوايق فائدة و هو دفع الاثم فان من ترك الزنا اندفع عنه اثمه باي سبب كان تركه و إنما الفضل و الثواب الجزيل في تركه خوفا من اللّه تعالى مع القدرة عليه و ارتفاع الموانع و تيسّر الأسباب لا سيّما عند صدق الشهوة ، و هذه درجة الصّديقين.
و لذ لك قال رسول اللّه (صلى الله عليه واله) : «من عشق فعف و كتم فمات فهو شهيد»(2), و قال : «سبعة
يظلّهم اللّه يوم لا ظلّ إلا ظله ، وعد منهم رجلا دعته امرأة ذات حسب و جمال إلى نفسها فقال : إني أخاف اللّه رب العالمين و قصة يوسف و امتناعه عن زليخا مع القدرة و رغبتها معروفة و قد أثنى اللّه تعالى بذلك عليه في كتابه و هو امام كل من وفق لمجاهدة الشيطان في هذه الشهوة العظيمة قال اللّه تعالى : {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [النور : 30](3).
و قال النبي (صلى الله عليه واله) : «النظرة سهم مسموم من سهام إبليس فمن تركها خوفا من اللّه أعطاه اللّه ايمانا يجد حلاوته في قلبه»(4)، و قال «اتقوا فتنة الدنيا و فتنة النساء فان أول فتنة بني اسرائيل كانت من النساء»(5).
_______________
1- العوالي : ج 1 , ص 257 , ح 27 , و صحيح البخاري : ج 7 , ص 3 , و احياء علوم الدين : ج 3 , ص 96.
2- احياء علوم الدين : ج 3 , ص 100.
3- احياء علوم الدين : ج 3 , ص 100.
4- احياء علوم الدين : ج 3 , ص 97.
5- احياء علوم الدين : ج 3 , ص 97.
|
|
للعاملين في الليل.. حيلة صحية تجنبكم خطر هذا النوع من العمل
|
|
|
|
|
"ناسا" تحتفي برائد الفضاء السوفياتي يوري غاغارين
|
|
|
|
|
بمناسبة مرور 40 يومًا على رحيله الهيأة العليا لإحياء التراث تعقد ندوة ثقافية لاستذكار العلامة المحقق السيد محمد رضا الجلالي
|
|
|