أقرأ أيضاً
التاريخ: 2025-03-10
![]()
التاريخ: 12-9-2016
![]()
التاريخ: 25-9-2018
![]()
التاريخ: 19-11-2019
![]() |
(مسألة)
تؤخذ الجزية من أهل الكتاب وبذلك يرتفع عنهم القتال والاستعباد، ويقرّون على دينهم، ويسمح لهم بالسكنى في دار الإسلام آمنين على أنفسهم وأموالهم، وهم اليهود والنصارى والمجوس بلا إشكال ولا خلاف، بل الصابئة أيضا على الأظهر، لأنّهم من أهل الكتاب على ما تدلّ عليه الآية الكريمة وهي قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 62] والجزية توضع عليهم من قبل النبي الأكرم صلى الله عليه وآله أو الإمام عليه السلام حسب ما يراه فيه من المصلحة كمّا وكيفا، ولا تقبل من غيرهم كسائر الكفّار بلا خلاف، فإنّ عليهم أن يقبلوا الدعوة الإسلامية أو يقتلوا، وتدلّ عليه غير واحدة من الآيات الكريمة، منها قوله تعالى {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ} [محمد: 4].
ومنها قوله تعالى {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ } [الأنفال: 39] وغيرهما من الآيات، وبعموم هذه الآيات يرفع اليد عن إطلاق معتبرة مسعدة بن صدقة الدالّة بإطلاقها على عدم اختصاص أخذ الجزية بأهل الكتاب، فقد روي عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: «إنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلّم إذا بعث أميرا له على سرية أمره بتقوى اللّه عزّ وجل في خاصة نفسه ثم في أصحابه العامة- إلى أن قال:- وإذا لقيتم عدوا للمسلمين فادعوهم إلى إحدى ثلاث، فإن هم أجابوكم إليها فاقبلوا منه وكفوا عنه، وادعوهم إلى الإسلام فإن دخلوا فيه فاقبلوا منهم وكفوا عنهم ، وادعوهم إلى الهجرة بعد الإسلام فإن فعلوا فاقبلوا منهم وكفوا عنهم- إلى أن قال - فإن أبوا هاتين فادعوهم إلى إعطاء الجزية عن يد وهم صاغرون» الحديث «1».
(مسألة)
الظاهر أنّه لا فرق في مشروعيّة أخذ الجزية من أهل الكتاب بين أن يكون في زمن الحضور أو في زمن الغيبة لإطلاق الأدلة وعدم الدليل على التقييد، ووضعها عليهم في هذا الزمان إنّما هو بيد الحاكم الشرعي كمّا وكيفا حسب ما تقتضيه المصلحة العامّة للأمّة الإسلاميّة.
(مسألة)
إذا التزم أهل الكتاب بشرائط الذمة يعاملون معاملة المسلمين في ترتيب أحكامهم عليهم كحقن دمائهم وأموالهم وأعراضهم، وإذا أخلّوا بها خرجوا عن الذمّة على تفصيل ... «2»
(مسألة)
إذا ادّعى الكفّار أنّهم من أهل الكتاب ولم تكن قرينة على الخلاف سمعت في ترتيب أحكام أهل الذمة عليهم وعدم الحاجة فيه إلى إقامة البيّنة على ذلك. نعم، إذا علم بعد ذلك خلافها كشف عن بطلان عقد الذمة.
(مسألة)
الأقوى أنّ الجزية لا تؤخذ من الصبيان والمجانين والنساء، وذلك لمعتبرة حفص بن غياث التي تدلّ على كبرى كلّية، وهي أنّ أيّ فرد لم يكن قتله في الجهاد جائزا لم توضع عليه الجزية، فقد سأل أبا عبد الله عليه السلام عن النساء كيف سقطت الجزية عنهنّ ورفعت عنهن؟ قال: فقال: «لأنّ رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن قتل النساء والولدان في دار الحرب- إلى أن قال- ولو امتنعت أن تؤدي الجزية لم يمكن قتلها، فلمّا لم يمكن قتلها رفعت الجزية عنها- إلى أن قال- وكذلك المقعد من أهل الذمّة والاعمى والشيخ الفاني والمرأة والولدان في أرض الحرب، فمن أجل ذلك رفعت عنهم الجزية» «3».
وتدلّ على ذلك في خصوص المجانين معتبرة طلحة بن زيد الآتية.
وأمّا المملوك سواء كان مملوكا لمسلم أو كان لذمي فالمشهور أنّه لا تؤخذ الجزية منه، وقد علّل ذلك في بعض الكلمات بأنّه داخل في الكبرى المشار إليها آنفا، وهي أنّ من لم يجز قتله لم توضع عليه الجزية، ولكنّ الأظهر أنّ الجزية توضع عليه، وذلك لمعتبرة أبي الورد، فقد روى الشيخ الصدوق بسنده المعتبر عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي الورد، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: سألته عن مملوك نصراني لرجل مسلم عليه جزية؟ قال: «نعم، إنّما هو مالكه يفتديه إذا أخذ يؤدّي عنه» «4» وروى قريبا منه بإسناده عن أبي الورد نفسه «5» إلّا أنّ في بعض النسخ في الرواية الثانية (أبا الدرداء) بدل (أبي الورد) والظاهر أنّه من غلط النساخ.
ونسب هذا القول إلى الصدوق في المقنع وإلى العلّامة في التحرير.
وأمّا الشيخ الهمّ والمقعد والأعمى فالمشهور بين الأصحاب أنّه تؤخذ الجزية منهم لعموم أدلة الجزية وضعف رواية حفص، ولكنّ الأقوى عدم جواز أخذها منهم، فإنّ رواية حفص وإن كانت ضعيفة في بعض طرقها إلّا أنّها معتبرة في بعض طرقها الأخر وهو طريق الشيخ الصدوق إليه، وعليه فلا مانع من الاعتماد عليها في الحكم المزبور.
(مسألة)
إذا حاصر المسلمون حصنا من حصون أهل الكتاب فقتل الرجال منهم وبقيت النساء، فعندئذ إن تمكّن المسلمون من فتح الحصن فهو، وإن لم يتمكنوا منه فلهم أن يتوسلوا إلى فتحه بأيّة وسيلة ممكنة، ولو كانت تلك الوسيلة بالصلح معهن إذا رأى ولي الأمر مصلحة فيه، وبعد عقد الصلح لا يجوز سبيهنّ لعموم الوفاء بالعقد، فما قيل من جواز إظهار عقد الصلح معهنّ صورة وبعد العقد المزبور يجوز سبيهنّ فلا دليل عليه، بل هو غير جائز، لأنّه داخل في الغدر.
وأما إذا فتحه المسلمون بأيديهم فيكون أمرهنّ بيد ولي الأمر، فإن رأى مصلحة في إعطاء الأمان لهنّ وأعطاه لم يجز حينئذ استرقاقهنّ، وإن رأى مصلحة في الاسترقاق والاستبعاد تعيّن ذلك.
(مسألة)
إذا كان الذمّي عبدا فأعتق وحينئذ إن قبل الجزية ظلّ في دار الإسلام، وإن لم يقبل منع من الإقامة فيها واجبر على الخروج إلى مأمنه، ولا يجوز قتله ولا استعباده على أساس أنّه دخل دار الإسلام آمنا.
(مسألة)
... عدم وجوب الجزية على المجنون مطبقا، وأمّا إذا كان أدواريّا فهل تجب عليه أو لا؟ أو فيه تفصيل؟ وجوه، وعن شيخ الطائفة الشيخ الطوسي- قدس سره- اختيار التفصيل بدعوى أنّه يعمل في هذا الفرض بالأغلب، فإن كانت الإفاقة أكثر وأغلب من عدمها وجبت الجزية عليه، وإن كان العكس فبالعكس.
ولكنّ هذا التفصيل بحاجة إلى دليل ولا دليل عليه، فالعبرة حينئذ إنّما هي بالصدق العرفي، فإن كان لدى العرف معتوها لم تجب الجزية عليه وإلّا وجبت، ففي معتبرة طلحة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «جرت السنة أن لا تؤخذ الجزية من المعتوه، ولا من المغلوب عليه عقله» «6».
نعم، لو أفاق حولا كاملا وجبت الجزية عليه في هذا الحول على كل حال.
(مسألة)
إذا بلغ صبيان أهل الذمة عرض عليهم الإسلام، فإن قبلوا فهو، وإلّا وضعت الجزية عليهم، وإن امتنعوا منها أيضا ردّوا إلى مأمنهم ولا يجوز قتلهم ولا استعبادهم باعتبار أنهم دخلوا في دار الإسلام آمنين.
(مسألة)
المشهور بين الأصحاب قديما وحديثا هو أنه لا حدّ للجزية، بل أمرها إلى الإمام عليه السّلام كمّا وكيفا حسب ما يراه فيه من المصلحة، ويدلّ على ذلك- مضافا إلى عدم تحديدها في الروايات- ما في صحيحة زرارة: أن أمر الجزية إلى الإمام عليه السّلام، يأخذ من كل إنسان منهم ما شاء على قدر ما يطيق «7».
(مسألة)
إذا وضع ولي الأمر الجزية على رؤوسهم لم يجز وضعها على أراضيهم، حيث إنّ المشروع في الشريعة المقدسة وضع جزية واحدة حسب إمكاناتهم وطاقاتهم المالية التي بها حقنت دماؤهم وأموالهم، فإذا وضعت على رؤوسهم انتفى موضوع وضعها على الأراضي وبالعكس.
و صحيحتا محمد بن مسلم ناظرتان إلى هذه الصورة فقد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أرأيت ما يأخذ هؤلاء من هذا الخمس- إلى أن قال- وليس للإمام أكثر من الجزية إن شاء الإمام وضع على رؤوسهم وليس على أموالهم شيء، وإن شاء فعلى أموالهم وليس على رؤوسهم شيء الحديث.
وقال: سألته عن أهل الذمة ماذا عليهم مما يحقنون به دماءهم وأموالهم ؟ قال: «الخراج، وإن أخذ من رؤوسهم الجزية فلا سبيل على أرضهم، وإن أخذ من أرضهم فلا سبيل على رؤوسهم» «8».
و أمّا إذا وضع وليّ الأمر قسطا من الجزية على الرؤوس وقسطا منها على الأراضي فلا مانع فيه، على أساس أنّ أمر وضع الجزية بيد ولي الأمر من حيث الكم والكيف، والصحيحتان المزبورتان لا تشملان هذه الصورة فإنّهما ناظرتان إلى أنّ وضع الجزية كملا إذا كان على الرؤوس انتفى موضوع وضعها على الأراضي وبالعكس، وأمّا تبعيض تلك الجزية ابتداء عليهما معا فلا مانع منه.
(مسألة)
لولي الأمر أن يشترط عليهم- زائدا على الجزية- ضيافة المارّة عليهم من العساكر أو غيرهم من المسلمين حسب ما يراه فيه مصلحة، من حيث الكم والكيف، على قدر طاقاتهم وإمكاناتهم المالية، وما قيل من أنّه لا بدّ من تعيين نوع الضيافة كماً وكيفاً بحسب القوت والإدام ونوع علف الدوابّ وعدد الأيّام فلا دليل عليه، بل هو راجع إلى ولي الأمر.
(مسألة)
ظاهر فتاوى الأصحاب في كلماتهم أنّ الجزية تؤخذ سنة بعد سنة وتتكرر بتكرر الحول ولكنّ إثبات ذلك بالنصوص مشكل جدّا، فالصحيح أنّ أمرها بيد الإمام عليه السلام، وله أن يضع الجزية في كلّ سنة وله أن يضعها في أكثر من سنة مرة واحدة حسب ما فيه من المصلحة.
(مسألة)
إذا أسلم الذمّي قبل تماميّة الحول أو بعد تماميّته وقبل الأداء سقطت عنه بسقوط موضوعها، فإنّ موضوعها حسب ما في الآية الكريمة وغيرها هو الكافر، فإذا أصبح مسلما ولو بعد الحول سقطت الجزية عنه ولا تجب عليه تأديتها، ولا فرق في ذلك بين أن يكون هو الداعي لقبوله الإسلام أو يكون الداعي له أمرا آخر.
(مسألة)
المشهور بين الأصحاب أنّه لو مات الذمّي وهو ذمّي بعد الحول لم تسقط الجزية عنه وأخذت من تركته كالدين، ولكن ذلك مبني على أن يكون جعل الجزية من قبيل الوضع كجعل الزكاة والخمس على الأموال، ولازم ذلك هو أن الذمّي لو مات في أثناء الحول مثلا لأخذت الجزية من تركته بالنسبة، وهذا وإن كان مذكورا في كلام بعضهم إلّا أنّه غير منصوص عليه في كلمات المشهور، ومن هنا لا يبعد أن يقال إنّها ليست كالدين الثابت على ذمّته حتى تخرج من تركته بعد موته مطلقا، بل المستفاد من الدليل هو أنّ الواجب عليه إنّما هو الإعطاء عن يد وهو صاغر، فإذا مات انتفى بانتفاء موضوعه، وبذلك يظهر حال ما إذا مات في أثناء الحول، بل هو أولى بالسقوط.
(مسألة)
يجوز أخذ الجزية من ثمن الخمور والخنازير والميتة من الذمّي حيث أنّ وزره عليه لا على غيره، وتدلّ عليه صحيحة محمّد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن صدقات أهل الذمّة وما يؤخذ من جزيتهم من ثمن خمورهم وخنازيرهم وميتتهم ؟ قال: «عليهم الجزية في أموالهم، تؤخذ من ثمن لحم الخنزير أو خمر، فكل ما أخذوا منهم من ذلك فوزر ذلك عليهم وثمنه للمسلمين حلال، يأخذونه في جزيتهم» «9».
(مسألة)
لا تتداخل جزية سنين متعدّدة إذا اجتمعت على الذمّي بل عليه أن يعطي الجميع إلّا إذا رأى ولي الأمر مصلحة في عدم الأخذ.
______________
(1) الوسائل ج 11 باب 15 من جهاد العدو، حديث 3.
(2) [ ذكره في فصل شرائط الذمة من كتاب الجهاد في منهاج الصالحين الذي يتضمن فتاواه قدس سره ].
(3) الوسائل ج 11 باب 18 من أبواب جهاد العدو، الحديث 1.
(4) الفقيه ج 3 باب نوادر العتق، الحديث 9.
(5) الوسائل ج 11 باب 49 من جهاد العدو، الحديث 6.
(6) الوسائل ج 11 باب 18 من جهاد العدو، حديث 3.
(7) الوسائل ج 11 باب 68 من جهاد العدو، حديث 1.
(8) الوسائل ج 11 باب 68 من جهاد العدو، حديث 2، 3.
(9) الوسائل ج 11 باب 70 من جهاد العدو، الحديث 1.
|
|
للعاملين في الليل.. حيلة صحية تجنبكم خطر هذا النوع من العمل
|
|
|
|
|
"ناسا" تحتفي برائد الفضاء السوفياتي يوري غاغارين
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|