أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-8-2016
![]()
التاريخ: 1-8-2016
![]()
التاريخ: 1-8-2016
![]()
التاريخ: 23-8-2016
![]() |
قد فصّل شيخنا الأعظم الأنصاري(رحمه الله) فيه بين ما إذا كان الدليل عليه من الأخبار أو العقل، وقال: إنّ عدّ الاستصحاب من الأحكام الظاهرية الثابتة للشيء بوصف كونه مشكوك الحكم نظير أصل البراءة وقاعدة الاشتغال مبنى على استفادته من الأخبار، وأمّا بناءً على كونه من أحكام العقل يعني به ما استقرّ عليه بناء العقلاء فهو دليل ظنّي اجتهادي نظير القياس والاستقراء على القول بهما، وحيث إنّ المختار عندنا هو الأوّل ذكرناه في الاُصول العمليّة المقرّرة للموضوعات بوصف كونها مشكوكة الحكم، لكن ظاهر كلمات الأكثر كالشيخ والسيّدين والفاضلين والشهيدين وصاحب المعالم كونه حكماً عقليّاً، ولذا لم يتمسّك أحد هؤلاء فيه بخبر الأخبار (انتهى).
فيظهر من صريح كلامه أنّ الاستصحاب عنده من الاُصول إن كان الدليل عليه هو الأخبار، ومن الأمارات إن كان الدليل عليه هو العقل، وإنّ مختاره هو الأوّل، لكن لابدّ قبل تعيين ما هو الصحيح في المسألة من بيان الفرق بين الأمارة والأصل العملي.
فنقول: المعروف فيه أنّ الأصل ما أخذ في موضوعه الشكّ، وأنّ الأمارة ما يكون طريقاً إلى الواقع من دون أخذ الشكّ في موضوعه.
وذكر بعض أنّ الأصل ما يكون الشكّ مأخوذاً في موضوعه، وأنّ الأمارة ما يكون الشكّ مأخوذاً في مورده.
والحقّ هو أنّ الشكّ مأخوذ في موضوع كلّ من الأصل والأمارة من دون فرق بين الموضوع والمورد، والشاهد عليه قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] الوارد في حجّية الرجوع إلى أهل الخبرة، حيث إنّ «لا تعلمون» يساوق معنى الشكّ، ولا كلام في أنّ الرجوع إلى أهل الخبرة من الأمارات، بل لا معنى لنفي الشكّ عن موضوع الأمارات فإنّها على كلّ حال واردة في ظرف الشكّ ومقيّدة به، سواء ورد التصريح به في العبارة أو لم يرد، والفرق بين المورد والموضوع لا معنى محصّل له.
بل الصحيح في الفرق بينهما أنّ الأمارة ما تكشف عن الواقع في الجملة، ولأجل ذلك جعلت لها الحجّية عند الشرع أو العقلاء من أهل العرف فصار كشفها الناقص بمنزلة الكشف التامّ، وأمّا الأصل فليس له كشف عن الواقع بل هو حكم جعل لمجرّد رفع الحيرة والترديد في مقام العمل، سواء كان الدليل عليه العقل أو النقل.
وإن شئت قلت: إنّ هنا موضوعاً وحكماً وعلّة للحكم، فالموضوع في كلٍّ من الأمارات والاُصول هو الشكّ بالمعنى الأعمّ من الظنّ، كما أنّ الحكم في كليهما هو الحجّية، ولكن العلّة في الأمارات هى الكاشفيّة عن الواقع في الجملة، بينما العلّة في الاُصول هى مجرّد رفع الحيرة في مقام العمل، فالفرق بينهما إنّما هو في مقام علّة الحجّية فحسب.
إذا عرفت هذا فنقول: الظاهر أنّ التفصيل المزبور من الشيخ الأعظم(رحمه الله) في غيره محلّه لأنّ للعقلاء أيضاً اُصولا وأمارات فإنّهم يجرّون البراءة مثلا في الأحكام الجارية بين الموالي وعبيدهم وبين الحكّام ورعاياهم والرؤساء والمرؤوسين، وفي الموضوعات في الجرائم والمسائل الحقوقيّة، مع أنّه لا نزاع في أنّ البراءة من الاُصول العمليّة، فمجرّد كون الدليل بناء العقلاء لا يكون دليلا على الأمارية بل يوافق كون المورد أصلا أو أمارة، فلابدّ إذن من ملاحظة كيفية بناء العقلاء وخصوصيته حتّى يتبيّن أنّ نظرهم هل هو إلى جهة الكشف حتّى يكون المورد أمارة، أو إلى مجرّد رفع الحيرة حتّى يكون المورد من الاُصول؟ وسيأتي بيان هذا بالنسبة إلى الاستصحاب فانتظر.
بقي هنا شيء:
وهو أنّ المحقّق النائيني(رحمه الله) فرّق في الاُصول العمليّة بين المحرزة منها وغير المحرزة وقال: ليس معنى الأصل المحرز كونه طريقاً إلى المؤدّي، بل معناه هو البناء العملي على أحد طرفي الشكّ على أنّه هو الواقع وإلغاء الطرف الآخر، فالمجعول في الأصل المحرز هو الجهة الثالثة من العلم الطريقي، وهى الحركة والجري العملي نحو المعلوم، فالإحراز في باب الاُصول المحرزة غير الإحراز في باب الأمارات، فإنّ الإحراز في باب الأمارات هى إحراز الواقع مع قطع النظر عن مقام العمل، وأمّا الإحراز في باب الاُصول المحرزة فهو الإحراز العملي في مقام تطبيق العمل على المؤدّي، فالفرق بين الإحرازين ممّا لا يكاد يخفى. وأمّا الاُصول غير المحرزة فالمجعول فيها مجرّد التطبيق العملي على أحد طرفي الشكّ من دون البناء على أنّه هو الواقع، فهو لا يقتضي أزيد من تنجيز الواقع عند المصادفة والمعذورية عند المخالفة، وهو الذي كان يقتضيه العلم من الجهة الرابعة. (انتهى)(1).
أقول: هذا التقسيم ممّا لا محصّل له، لأنّ حجّية الاستصحاب إمّا أن تكون ناشئة عن كشفه للواقع أو لا، فعلى الأوّل يكون أمارة لا أصلا، وعلى الثاني يكون أصلا لا أمارة، وليس هنا شقّ ثالث، وما قد يقال من «أنّ الاستصحاب عرش الاُصول وفرش الأمارات» كلام شعري.
وأمّا ما أفاده(رحمه الله) من أنّ الإحراز في باب الاُصول المحرزة غير الإحراز في باب الأمارات إلى آخر ما ذكره فهو أيضاً ممّا لا يرجع إلى محصّل، فإنّ الإحراز العملي تعبير يوهم التناقض فإنّ الإحراز لا يكون في مقام العمل، وإنّما الإحراز في مقام العلم والظنّ، والموجود في مقام العمل ليس إلاّ البناء على أحد الطرفين، فحينئذ لا فرق بين الاستصحاب وغيره من الاُصول بناءً على عدم كشفه عن الواقع.
وأمّا قاعدة الفراغ والتجاوز فسيأتي إن شاء الله تعالى من الأمارات وإن كانت متأخّرة عن أمارات اُخر، كما أنّ البيّنة مقدّمة على اليد وإن كانت كلتاهما من الأمارات.
وما قد يقال من أنّ لازم ذلك كون مثبتات قاعدة الفراغ حجّة مع أنّ ظاهرهم عدم الالتزام به مدفوع بأنّ حجّية مثبتات الأمارات مقيّدة بقيود خاصّة ستأتي الإشارة إليها إن شاء الله عن قريب.
_______________
1. فوائد الاُصول: ج4، ص486، طبع جماعة المدرّسين.
|
|
التوتر والسرطان.. علماء يحذرون من "صلة خطيرة"
|
|
|
|
|
مرآة السيارة: مدى دقة عكسها للصورة الصحيحة
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|