أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-7-2020
![]()
التاريخ: 6-9-2016
![]()
التاريخ: 5-9-2016
![]()
التاريخ: 18-8-2016
![]() |
من ألوان الدليل الاستقرائي أن ندرس عددا كبيرا من الاحكام الشرعية فنجد أنها تشترك جميعا في اتجاه واحد، فنكتشف قاعدة عامة في التشريع الإسلامي عن طريقها. ولنذكر على سبيل المثال لهذا الدليل محاولة ذكرها الفقيه الشيخ يوسف البحراني في كتابيه الحدائق والدرر النجفية تستهدف إثبات قاعدة عامة عن طريق الاستقراء، وتلك القاعدة العامة هي القاعدة القائلة بمعذورية الجاهل، أي إن كل جاهل إذا ارتكب خطأ نتيجة لجهله بالحكم الشرعي فلا تترتب على ذلك الخطأ تبعة.
وقد استدل الفقيه البحراني على هذه القاعدة بحالات كثيرة في الفقه ثبت شرعا أن الجاهل بالحكم معذور فيها، واستكشف عن طريق استقراء تلك الحالات القاعدة القائلة بمعذورية الجاهل شرعا في جميع الحالات.
وتلك الحالات التي أقام عليها الفقيه البحراني استقراءه واستنتاجه للقاعدة العامة هي الحالات التي نصت عليها الادلة التالية :
(أولا) ما دل من الشرع في أحكام الحج على أن الجاهل معذور، فمن لبس وهو محرم ثوب لا يجوز له لبسه جهلا منه بالحكم لا شيء عليه.
(وثانيا) ما دل في أحكام الصوم على أن الجاهل معذور، فمن صام في السفر وهو لا يدري أن الصوم في السفر غير جائز صح صومه ولا شيء عليه.
(وثالثا) ما دل في أحكام النكاح على أن الجاهل معذور، فمن تزوج امرأة في عدتها جهلا منه بحرمة ذلك لم تحرم عليه بالحرمة المؤبدة نظرا إلى جهله، بل كان له أن يتزوجها من جديد بعد انتهاء عدتها.
(ورابعا) ما دل في أحكام الحدود على أن الجاهل معذور، فمن شرب الخمر جهلا منه بحرمته لا يحد.
(وخامسا) ما دل في أحكام الصلاة على أن من صلى أربعا وهو مسافر جهلا منه بوجوب القصر صحت صلاته ولم يجب عليه القضاء. فكل حالة من هذه الحالات قرينة إثبات ناقصة بالنسبة إلى القاعدة العامة القائلة بمعذورية الجاهل شرعا في جميع الحالات. وبتجمع تلك القرائن يقوى في نفس الفقيه احتمال القاعدة العامة ووثوقه به.
ومثال آخر: وهو أنا حين نريد أن نعرف اشتمال الاقتصاد الإسلامي على القاعدة القائلة: إن العمل في الثروات الطبيعية أساس للملكية، قد نستعرض حالات عديدة من العمل ثبت أن العمل فيها أساس للملكية، فنستنتج من استقراء تلك الحالات صحة القاعدة العامة، إذ نرى مثلا أن العمل في إحياء الارض ينتج ملكيتها، والعمل في إحياء المعدن ينتج ملكيته، والعمل في حيازة الماء ينتج ملكيته، والعمل في اصطياد الطائر ينتج ملكيته، فنستدل باستقراء هذه الحالات على قاعدة عامة في الاقتصاد الإسلامي، وهي أن العمل في الثروات الطبيعية أساس للملكية. وموقفنا من الاستقراء يتلخص في التمييز بين القطعي منه وغيره، فإذا كان قطعيا أي أدى إلى القطع بالحكم الشرعي فهو حجة، لانه يصبح دليلا قطعيا ويستمد حجيته من حجية القطع، وإذا لم يكن قطعيا فلا حجية فيه مهما كانت قوة الاحتمال الناجمة عنه، لأننا عرفنا سابقا أن كل دليل غير قطعي ليس حجة ما لم يحكم الشارع بحجيته، والشارع لم يحكم بحجية الاستقراء الذي لا يؤدي إلى العلم.
القياس خطوة من الاستقراء:
وقد تؤخذ خطوة واحدة من خطوات الاستقراء ويكتفى بها في الاستدلال كما إذا اكتفينا بحالة واحدة من الحالات التي أقام صاحب الحدائق عليها استقراءه وجعلنا منها دليلا على كون الجاهل معذورا في سائر الحالات الاخرى. ويسمى هذا ب القياس عند أبي حنيفة وغيره من فقهاء السنة الذين يكتفون في الاستدلال على ثبوت حكم لموضوع بثبوت حكم من نفس النوع على موضوع واحد مشابه له، ولا يكلفون أنفسهم بتتبع موضوعات مشابهة عديدة واستقراء حالات كثيرة. فبينما كان الاستقراء يكلفنا بملاحظة حالات كثيرة يعذر فيها الجاهل لكي نصل إلى القاعدة العامة القائلة: إن كل جاهل معذور ، لا يكلفنا القياس الحنفي إلا بملاحظة حالة واحدة واتخاذه دليلا على إثبات حكم من نفس النوع لسائر الحالات الاخرى. وما دام الاستقراء ليس حجة ما لم يحصل منه القطع بالحكم الشرعي فمن الطبيعي أن لا يكون القياس حجة، لانه خطوة من الاستقراء فصلت عن سائر الخطوات.
|
|
التوتر والسرطان.. علماء يحذرون من "صلة خطيرة"
|
|
|
|
|
مرآة السيارة: مدى دقة عكسها للصورة الصحيحة
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|