لقد جهد العلماء في دراسة حادثة النوم وما بعد النوم  . وقد تواصلوا الى ان جملة من الظواهر تبدو في البدن مرافقة لحادثة النوم . منها جلاء كمية كبيرة من المحتوى الدموي الموجود في الرأس والدماغ ، ونزوحه الى البقية أجزاء الجسم ، لتتم تنقيته في الرئتين والكليتين ... وبهذا تفسر رغبة المرء الكبيرة الى النوم عندما يفرغ رأسه من الدم نسبياً ، على حساب زيادته في باقي اجزاء الجسم . مثال ذلك بعد الطعام ، فالمعدة عندما تمتلئ بالطعام تجذب كمية كبيرة من الدم الى جهاز الهضم لتقوم بعملية الهضم ، عندها تقل كمية الدم في الرأس ، فيشعر الانسان برغبة في النوم . ويحدث الامر نفسه بعد الخروج من الحمام ، بعد الاتصال الجنسي .

ويفسر العلماء اليوم سبب حدوث النوم بأن تعب الجسم والاعصاب والدماغ يرافقه زيادة في نسبة غاز الفحم في الدم ، فتزيد نسبته في الدم الوارد الى الدماغ ، فيعمل ذلك على اخماله واسكاره وشله ، فلا يعود يقوى على التفكير والقيام بوظائفه الارادية ، فيستعيد بذلك نشاطه وصحته نتيجة زيادة نسبة الاوكسجين في الدم .

وبهذا التعليل نجد الشبه الكبير بين الموت والنوم ، فالنوم مرحلة أولى من الموت ، امكن فيها الجسم ان يتخلص من غاز الفحم المتزايد ، وتبديله بالاوكسجين . أما اذا لم يمكن فعل ذلك افضى النوم الى الموت . وهذه هي الطريقة المتبعة في الاعدام بالغاز (1) .

فسبحان من خلق لنا نعمة النوم لاستجمام الراحة واستعادة النشاط ، وما ذلك الا مظهر من مظاهر تقدير الله وتدبيره ، ورأفته بنا ورحمته لنا : {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ } [الروم : 30].

_____________________

1- لمزيد من الاطلاع حول هذه المعجزة ، راجع كراس (معجزة النوم والاحلام) للمؤلف .